السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ؛
فأولاً -للتوضيح - : ليس هنالك اختلاف عقدي بين أهل العلم السلفيين في إثبات صفة الرحمة بحمد الله تعالى، فلا نفهم المسألة على أنَّها تعارض أقوال في الاعتقاد ، فالكل متَّفق على إثبات هذه الصفة لله ، ولكن الاختلاف فيما يلي :


هل المعنى الموجود في اسم (الرحمن) هو لجميع الخلق؟ بينما اسم (الرحيم) خاص بالمؤمنين دون غيرهم؟ قولان لأهل العلم، ولكي لا نطيل كثيراً فإنَّ الأظهر هو القول الثاني ، وهو عدم اختصاص اسم (الرحيم) بالمؤمنين ، وبيان ذلك فيما يأتي بارك الله فيكم:


نحن قد عرَّفنا اسم (الرحمن) بأنه : ذو الرحمة الواسعة . وأن اسم (الرحيم) : ذو الرحمة الواصلة ، وهنا سؤال يحتاج إلى تأمُّل: ما معنى ذو الرحمة الواسعة ؟ وما معنى ذو الرحمة الواصلة؟


فقولنا : (ذو الرحمة الواسعة)؛ فهذا الاسم يدلُّ على اتِّصافه بهذه الرحمة.


وأما قولنا: (ذو الرحمة الواصلة)؛ فهذا الاسم يدلُّ على فعله لهذه الرحمة.


وفي هذا المعنى يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (1/42 مجمع) : (وأما الجمع بين الرحمن الرحيم ففيه معنى هو أحسن من المعنيين اللذين ذكرهما -يقصد السهيلي- وهو أن (الرحمن) دالٌّ على الصفة القائمة به - سبحانه -، و(الرحيم) دالٌّ على تعلقها بالمرحوم فكان الأول للوصفوالثاني للفعل.
فالأول : دالٌّ على أن (الرحمة) صفته. والثاني: دالٌّ على أنَّه يرحم خلقه برحمته. وإذا أردت فهم هذا فتأمَّل قوله: (وكان بالمؤمنين رحيماً)، (إنه بهم رؤوف رحيم) ، ولم يجئ قطُّ (رحمن بهم) ، فَعُلِمَ أنَّ (رحمن): هو الموصوف بالرحمة ، و(رحيم) : هو الراحم برحمته ، وهذه نكتة لا تكاد تجدها في كتاب كامل وإن تنفست عندها
مرآة قلبك لم تنجلِ لك صورتها) انتهى كلامه رحمه الله .
وقال الإمام العلامة ابن عثيمين رحمه الله : (قال بعض العلماء: إن (الرحمن) يدل على الرحمة العامة ، و(الرحيم) يدل على الرحمة الخاصة؛ لأن رحمة الله تعالى نوعان؛ رحمة عامة : وهي لجميع الخلق .رحمة خاصة : وهي للمؤمنين ، كما قال تعالى : (وكان بالمؤمنين رحيماً).
وبعضهم قال: (الرحمن) يدل على الصفة، و(الرحيم) يدل على الفعل، فمعنى (الرحمن) يعني : ذو الرحمة الواسعة، والمراد بــ (الرحيم) : إيصال الرحمة إلى المرحوم، فيكون الرحمن ملاحظاً فيه الوصف، والرحيم ملاحظاً فيه الفعل.
والقول الأقرب عندي هو: القول الثاني وهو أن الرحمن يدل على الصفة، والرحيم يدل على الفعل) انتهى كلامه رحمه الله من مقدمة شرح مفصل البيقونية .
وهنا نُقَدِّم نصحيحة إلى إخواننا طلبة العلم ؛ وهي أن يُحاولوا دائماً أن يفهموا : لماذا قال أهل العلم هذا الكلام؟ وبناءً عليه سوف تنفتح لهم من المدارك ما لا يعلمه إلا الله العليم سبحانه.
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين
حامد بن خميس بن ربيع الجنيبي





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©