الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :


فمن المعلوم عند القاصي والداني تلك العلاقة الحميمة بين الأشعرية الجهمية والصوفية القبورية حتى إنك لا تجد أشعرياً إلا وهو صوفي طرقي أيضاً ، لذا جاء هذا المقال


قال الهروي في ذم الكلام 1309 - سمعت أحمد بن أبي نصر يقول: ((رأينا محمد بن الحسين السلمي يلعن الكلابية)).


وهذا إسنادٌ صحيح كله صوفية ، ومحمد بن الحسين السلمي هو أبو عبد الرحمن السلمي صاحب طبقات الصوفية ، وهو من مراجع الأشاعرة المتأخرين المتصوفة كالقشيري صاحب الرسالة ، فهذا الخبر ينزل كالصاعقة على الأشاعرة


وذلك أن ابن كلاب هو شيخ قديم للأشاعرة كما قال ابن حزم ، والكلابية أقرب إلى السنة من الأشاعرة المتأخرين فإن الكلابية يظهرون إثبات الصفات الذاتية على طريقتهم البدعية في الجمع بين الإثبات والنفي فيقولون ( لله يد ليست بجارحة ) مثلاً ، وأما متأخري الأشاعرة فمذهبهم أبلغ في النفي ينفون الصفات الذاتية ويوافقون الجهمية الأوائل في نفي العلو ، بل ويكفرون مثبتي الصفات فهم أحق بهذا اللعن من الكلابية


فإن قيل : كيف يلعنهم وقد نهي عن لعن المعين من أهل الإسلام ؟


فيقال : هذا له تخريجان


التخريج الأول : أنه كان يذهب لتكفير الأشعرية أو الكلابية


وهذا مذهب لجماعة من العلماء فقد كان يذهب إليه أبو إسماعيل الهروي الأنصاري صاحب ذم الكلام ، وكذا ابن عبد الهادي المبرد صاحب جمع الجيوش والدساكر


قال الحاكم في معرفة علوم الحديث 161 - سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : « من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته ، فهو كافر بربه يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه ، وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون ، والمعاهدون بنتن ريح جيفته ، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين ، إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم »


وهذا إسناد صحيح ، والأشاعرة لا يقرون بالعلو ، وأما الكلابية فالصفات الفعلية ينفونها وعامتهم على إثبات العلو ، وقد نقل نص ابن خزيمة هذا ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية


فإن قيل : هذا تكفير عام وليس تكفيراً للأعيان


فيقال : هذا صحيح وكذلك كان تكفير السلف للجهمية وإذا استجازوا التكفير ، فلا ضير في اللعن العام


قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/ 396) : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ تَمِيْمٍ اللَّبْلِيُّ ببَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَوْحٍ بِهَرَاةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَفَّافُ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ إِمْلاَءً، قَالَ:

مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ اللهَ - تَعَالَى - يَعْجَبُ، وَيَضْحَكُ ، وَيَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُوْلُ: (مَنْ يَسْأَلُنِي، فَأُعْطِيَهُ =) ، فَهُوَ زِنْدِيْقٌ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقه، وَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلاَ يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِيْنَ"


وهذا إسناد قوي ، وعامة المتأخرين من الأشاعرة ينكرون هذا كله


فإن قيل : الجهمية كفروهم لأنهم أنكروا وأما الأشاعرة فيؤولون


فيقال : الجهمية الأوائل أيضاً يؤولون


قال الترمذي في جامعه :" وَأَمَّا الجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا: هَذَا تَشْبِيهٌ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ اليَدَ وَالسَّمْعَ وَالبَصَرَ، فَتَأَوَّلَتِ الجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ العِلْمِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ، وَقَالُوا: إِنَّ مَعْنَى اليَدِ هَاهُنَا القُوَّةُ"


ومن نظر في رد الدارمي على المريسي علم أن المريسي كان مؤولاً بل استفاد الأشاعرة من تأويلاته كثيراً


قال شيخ الإسلام في الفتوى الحموية الكبرى ص245 :" وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب كامل «التأويلات» وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتاب كامله الذي سماه «تأسيس التقديس» ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبي علي الجبّائي، وعبد الجبار بن أحمد الهمذاني، وأبي الحسين البصري، وأبي الوفاء بن عقيل، وأبي حامد الغزالي وغيرهم، هي بعينها التأويلات التي ذكرها بشر المريسي التي ذكرها في كتاب كامله، وإن كان قد يوجد في كلام بعض هؤلاء رد التأويل"


وقال اللالكائي في السنة (2/43) :" سياق ما دل من الآيات من كتاب كامل الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة"


والقول بالحكاية أوا لعبارة هو قول الأشعرية والماتردية ، وهذا الكلام يدل على تكفير اللالكائي لهم



وقال الهروي في ذم الكلام 1315 - ((ورأيت يحيى بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة، وكذلك رأيت عمر بن إبراهيم ومشائخنا)).


فهذان شيخان من شيوخ الهروي على التكفير


وقال يوسف ابن عبد الهادي المبرد في جمع الجيوش والدساكر 105 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، يَقُولانِ: وَجَدْنَا أَبَا الْعَبَّاسِ النَّهَاوَنْدِيَّ عَلَى الإِنْكَارِ عَلَى أَهْلِ الْكَلامِ، وَتَكْفِيرِ الأَشْعَرِيَّةِ، وَذَكَرَ أَعْظَمَ شَأْنِهِ فِي الإِنْكَارِ عَلَى أَبِي الْفَوَارِسِ الْقرماسينِيِّ، وَهِجْرَانِهِ إِيَّاهُ لِحَرْفٍ وَاحِدٍ


106 - وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: لَمَّا اشْتَدَّ الْهِجْرَانُ بَيْنَ النَّهَاوَنْدِيِّ وَأَبِي الْفَوَارِسِ، سَأَلُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدِّينَوَرِيَّ، فَقَالَ: لَقِيتُ أَلْفَ شَيْخٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّهَاوَنْدِيُّ


فهذا النهاوندي ومعه ألف على التكفير


وقال السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص155 :" ومنكر القرآن العربي وأنه كلام الله كافر بإجماع الفقهاء ومثبت قرآن لا أوّل له ولا آخر كافر بإجماعهم"


وهذا هو قول الأشاعرة ( أعني الإنكار ) وهو قال هذا الكلام في معرض الرد عليهم


وقال ابن رجب فب ذيل طبقات الحنابلة (1/303) :" عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي المقدسي الفقيه، تقي الدين، أبو محمد: سمع من موسى بن عبد القادر، وابن الزبيدي: والشيخ موفق الدين وغيرهم.

وتفقه علي التقي بن العز، ومهر في المذهب، وعني بالسنة. وجمع فيها. وناظر الخصوم وكفَّرَهم. وكان صاحب جرأة، وتحرق على الأشعرية، فرموه بالتجسيم"


وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية الخلاف في تكفيرهم فقال في تلبيس الجهمية (5/ 150) :" وهو حال من أقر بعامة أسمائه وصفات جزائريةه ، وإنما جحد منها شيئاً يسيراً كما يوجد في بعض الصفاتية كثيراً


وهؤلاء يؤمنون ببعض أسماء الله عز وجل ويكفرون ببعض ، ويؤمنون ببعض الكتاب كامل ويكفرون ببعض لهذا تنازع الناس في إيمانهم وكفرهم "


وقال ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة (4/ 1382) وهو يتكلم عن الأشعرية :" فتأمل هذه الأخوة التي بين هؤلاء وبين المعتزلة الذين اتفق السلف على تكفيرهم ، وأنهم زادوا على المعتزلة في التعطيل "


وصرح بتكفيرهم ابن قدامة المقدسي حيث قال في المناظرة على القرآن ص50 :" وَهَذَا حَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا محَالة فهم زنادقة بِغَيْر شكّ فَإِنَّهُ لَا شكّ فِي أَنهم يظهرون تَعْظِيم الْمَصَاحِف إيهاما أَن فِيهَا الْقُرْآن ويعتقدون فِي الْبَاطِن أَنه لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْوَرق والمداد ويظهرون تَعْظِيم الْقُرْآن ويجتمعون لقرَاءَته فِي المحافل والأعرية ويعتقدون أَنه من تأليف جِبْرِيل وَعبارَته ويظهرون أَن مُوسَى سمع كَلَام الله من الله ثمَّ يَقُولُونَ لَيْسَ بِصَوْت"



وقال ابن الحنبلي في الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة (2/451) :" فهؤلاء الأصناف كلها جهمية وهم كفار زنادقة "


وصرح شيخ الإسلام في درء التعارض أن منكري العلو واقعون في الكفر الأكبر فقال (7/27) :" وجواب هذا أن يقال القول بأن الله تعالى فوق العالم معلوم بالاضطرار من الكتاب كامل والسنة وإجماع سلف الأمة بعد تدبر ذلك كالعلم بالأكل والشرب في الجنة والعلم بإرسال الرسل وإنزال الكتب والعلم بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والعلم بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بل نصوص العلو قد قيل إنها تبلغ مئين من المواضع

والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين متواترة موافقة لذلك فلم يكن بنا حاجة إلى نفي ذلك من لفظ معين قد يقال إنه يحتمل التأويل ولهذا لم يكن بين الصحابة والتابعين نزاع في ذلك كما تنطق بذلك كتب الآثار المستفيضة المتواترة في ذلك وهذا يعلمه من له عناية بهذا الشأن أعظم مما يعلمون أحاديث الرجم والشفاعة

والحوض والميزان وأعظم مما يعلمون النصوص الدالة على خبر الواحد والإجماع والقياس وأكثر مما يعلمون النصوص الدالة على الشفعة وسجود السهو ومنع نكاح المرأة على عمتها وخالتها ومنع ميراث القاتل ونحو ذلك مما تلقاه عامة الأمة بالقبول

ولهذا كان السلف مطبقين على تكفير من أنكر ذلك _ يعني علو الله على خلقه _ لأنه عندهم معلوم بالاضطرار من الدين والأمور المعلومة بالضرورة عند السلف والأئمة وعلماء الدين"


وقال شيخ الإسلام الرد على البكري (2/494) :" و لهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية و النفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر و أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال وكان هذا خطابا لعلمائهم و قضاتهم و شيوخهم وأمرائهم و أصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح و المعقول الصريح الموافق له وكان هذا خطابنا"


فصرح شيخ الإسلام أن قولهم كفري فقوله ( الحلولية ) يريد به من يقول ( الله في كل مكان ) و ( النفاة ) يريد بهم من يقول ( لا داخل العالم ولا خارجه ) ، فمن نسب لشيخ الإسلام أنه لا يكفر الأشاعرة مطلقاً سواءً من قامت عليهم الحجة أم لم تقم فقد غلط عليه



وليعلم أن قول الأشاعرة في الإيمان قول كفري ، وهو أن الإيمان اعتقاد فقط ، وبعضهم يقول تصديق ، بل حقيقة قولهم أنه قول الجهم


قال السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص273 :" ويقولون _ يعني الأشاعرة _ : الإِيمان: التصديق

وعلى أصلهم أن من صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه فهو مؤمن، (لأمرين):

أحدهما: أن أصل الإيمان عندهم المعرفة كما قال جهم.

والثاني: أن الكلام معنى في النفس فهو إذا صدق بقلبه فقد تكلم على أصلهم به"


فتأمل كيف صرح أن قولهم في الإيمان هو الجهم


قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 582) :" وبهذا وغيره يتبين فساد قول جهم والصالحي ومن إتبعهما فى الإيمان كالأشعرى فى أشهر قوليه وأكثر أصحابه وطائفة من متأخرى أصحاب أبى حنيفة كالماتريدى ونحوه حيث جعلوه مجرد تصديق فى القلب يتساوى فيه العباد"


فتأمل كيف صرح بأن قول الأشعري والماتردي في الإيمان هو قول الجهم


إذا علمت هذا فاعلم أن قول الجهمية في الإيمان عند السلف قول كفري حتى عند مرجئة الفقهاء !


قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/307) :" قَالَ الحميدي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ. وَالْجَهْمِيَّة يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: وَهَذَا كُفْرٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الكلابي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: الْجَهْمِيَّة شَرٌّ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ: وَقَالَ وَكِيعٌ: الْمُرْجِئَةُ: الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِقْرَارُ يُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ؛ وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ هَلَكَ؛ وَمَنْ قَالَ: النِّيَّةُ تُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ فَهُوَ كُفْرٌ وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ"


وقال المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/324) :" وقد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا ، وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط"


وقال ابن مفلح في الفروع (12/ 450) :" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا ، كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ أَنَّهُ لَا يرى فِي الْآخِرَةِ ، أَوْ يَسُبَّ الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا ، أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ"


فتأمل كيف صرح بتكفير من يقول الإيمان اعتقاد فقط وهو قول أكثر الأشعرية


إذا علمت عرفت ما في قول الذهبي في ترجمة عبد الغني المقدسي (21/ 442) :" وَأَسوَأ شَيْء قَالَهُ: أَنَّهُ ضللَ العُلَمَاء الحَاضِرِيْنَ، وَأَنَّهُ عَلَى الحَقِّ، فَقَالَ كلمَة فِيْهَا شَرّ وَفسَاد وَإِثَارَة لِلبلاَء، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع وَغفر لَهُم، فَمَا قصدهُم إِلاَّ تَعَظِيْم البَارِي- عَزَّ وَجَلَّ- مِنَ الطّرفِيْن"


أقول : لو لم يكن من ضلال الأشاعرة إلا نفي الصفات ، لكان كافياً في تضليلهم ، فكيف وهؤلاء قد كفروا عبد الغني المقدسي فكفروه بالسنة وإثبات الصفات وهذا ضلال فوق ضلالهم الأصلي ، وأما تعظيم الباري فهذا يدعيه الجهمية الذين كفرهم السلف ، فليس في قول عبد الغني أي سوء بل عالماً جليلاً عارفاً بما يخرج من رأسه ، وهل يضار السني بالتصريح أنه على الحق سبحان الله !


المخرج الثاني : تجويز لعن أهل البدع


قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)


قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/363) :" ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان قال الله تعالى( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب كامل أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) وذنب المبتدع فوق ذنب الكاتم لأن ذاك كتم الحق وهذا كتمه ودعا إلى خلافه فكل مبتدع كاتم ولا ينعكس "



وقال مسلم في صحيحه 5166- [43-1978] حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، كِلاَهُمَا عَنْ مَرْوَانَ ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ، قَالَ : فَغَضِبَ ، وَقَالَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ ، قَالَ : فَقَالَ : مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ.



قال الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد (1/156) :" قوله: "ولعن الله من آوى محدثًا". أما "آوى" بفتح الهمزة ممدودة أي: ضم إليه وحمى، وقال أبو السعادات: يقال: أويت إلى المنْزل وآويت غيري وأويته، وأنكر بعضهم المقصور المتعدي. وقال الأزهري: هي لغة فصيحة.

وأما "محدثًا" فقال أبو السعادات: يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من نصر جانيًا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح: هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضى به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر عليها فاعلها، ولم ينكر عليه، فقد آواه. قلت: الظاهر أنه على الرواية الأولى يعم المعنيين، لأن المحدث أعم من أن يكون بجناية أو ببدعة في الدين، بل المحدث بالبدعة في الدين شر من المحدث بالجناية، فإيواؤه أعظم إثمًا، ولهذا عده ابن القيم في كتاب كامل "الكبائر" وقال: هذه الكبيرة تختلف مراتبها باختلاف مراتب الحدث في نفسه، فكلما كان الحدث في نفسه أكبر، كانت الكبيرة أعظم"


وقال أبو داود في سننه 5153 - حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ثنا سليمان بن حيان عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال

: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو جاره فقال " اذهب فاصبر " فأتاه مرتين أو ثلاثا فقال " اذهب فاطرح متاعك في الطريق " فطرح متاعه في الطريق فجعل الناس يسألونه فيخبرهم خبره فجعل الناس يلعنونه فعل الله به وفعل وفعل فجاءه إليه جاره فقال له ارجع لا ترى مني شيئا تكرهه .


والبدع أذية للمسلمين عامة


قال أحمد في مسنده 19415 - حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْحَشْرَجُ بْنُ نُبَاتَةَ الْعَبْسِيُّ كُوفِيٌّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللَّهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ» ، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: «بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا» . قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ»


ونفاة الصفات شر من الخوارج لأن الخوارج يكفرون الناس بالذنوب ونفاة الصفات يكفروهم بالتوحيد والإيمان بالنصوص


قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45) :" ولا يقدر احد ان ينقل عن احد من سلف الامة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية ان الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على انه نفسه فوق العرش وعلى ذم من ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من اهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم

واذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم مخالفون لجميع سلف الامة وائمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت الصفات من الفقهاء وأهل الحديث"


فصرح شيخ الإسلام أن السلف ذموا نفاة العلو بأعظم مما ذموا به الخوارج والقدرية والروافض


وقال عبد الله بن أحمد في السنة 757 - حدثني أبي ، نا بهز ، نا عكرمة بن عمار ، قال : سمعت القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله « يلعنان القدرية الذين يكذبون بقدر الله عز وجل حتى يؤمنوا بخيره وشره »


وقال حرب الكرماني في مسائله (2/887) : سألت إسحاق _ يعني ابن راهوية _ عن لعن أهل البدع قال: يستوجبون اللعنة.


قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (15/ 125) :" وَامتَثَل ابْنُ سُبُكْتِكِين أَمرَ القَادِر، فَبَثَّ السُّنَّة بِممَالِكه، وَتهدَّد بِقَتْلِ الرَّافِضَة وَالإِسْمَاعِيْليَّة وَالقرَامطَة، وَالمشبِّهَة وَالجَهْمِيَّة وَالمُعْتَزِلَة.

وَلُعنُوا عَلَى المنَابِرِ"


فهذا مأخذ لعن الكلابية أو الأشعرية ، فمن زعم أن هذا غلو فقد أنكر أمراً ما أحاط به تمام الإحاطة


وعوداً على موقف متقدمي الصوفية من الأشاعرة


وقال الهروي في ذم الكلام 1332 - سمعت أحمد بن أبي نصر الماليني يقول:

((دخلت جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه [بـ]ـمصر في نفر من أصحابي، فلما جلسنا؛ جاء شيخٌ، فقال: أنتم أهل خراسان أهل سنة، وهذا [هو] موضع الأشعرية؛ فقوموا)).



أحمد بن أبي نصر قال الحافظ الذهبي في ترجمته :" الإمام، المحدث، الزاهد، الجوال، أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حفص بن الخليل، الأنصاري الهروي، الماليني الصوفي، الملقب بطاووس الفقراء. ارتحل في طلب العلم إلى الآفاق ولقي المشايخ وحَصَّلَ وجمع وصَنَّفَ الكتب الطوال والمصنفات الكبار"


واعلم رحمك أن أبا الحسن الأشعري إمام الأشعرية ، قد اختلف في أمر رجوعه وكتاب كامله الإبانة في الجملة على السنة ، وعليه مآخذ


غير أن الذي ينبغي أن يعلم أن الأشعري لم يكن من أهل الحديث وما عرف بكتاب كاملته والعناية به


وليس له كلام البتة في تصحيح نمذجي مفصل الأحاديث وتعليلها


ولو كان كذلك لروى أصحابه الذين يعظمونه أخباراً من طريقه


فهذا ابن عساكر صنف مادة التاريخاً ضخماً أسند فيه كل شيء لم أرَ فيه خبراً واحداً أسنده من طريق الأشعري


وما ادعاه محقق جمع الجيوش من أن الأشعري له تفسيراً مسنداً ، تبعاً لابن عساكر والسبكي


فهذه دعوى من رجل متعصب للأشعري _ أعني ابن عساكر والسبكي _ وإلا لماذا لا يروي الأشاعرة أخباراً من طريقه ، وإنما أسند السبكي أربعة أخبار رواها الأشعري عن زكريا الساجي فقط لا غير ، والله أعلم بصحتها له


ولو كان حقاً ذا رواية لتكلم أهل الحديث في ضبطه تعديلاً أو تجريحاً ، لأنه راوية ومن طبقة الطبراني ، ولا أعرف كلاماً لأهل الحديث في عصره في روايته على شهرته مما يدل على أنه ما كان من أهل الرواية



قال أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام
1271 - سمعت غير واحد من مشائخنا، [منهم] منصور بن إسماعيل الفقيه؛ قال: سمعت محمد بن محمد بن عبد الله الحاكم يقول: سمعت أبا زيد -ح-.
وكتب به إلي أحمد بن الفضل البخاري أبو الحسن؛ قال: سمعت أبا زيد الفقيه المروزي يقول:

((أتيت أبا الحسن الأشعري بالبصرة، فأخذت عنه شيئاً من الكلام، فرأيت من ليلتي في المنام كأني عميت، فقصصتها على المعبر؛ فقال: إنك تأخذ علماً تضل به. فأمسكت عن الأشعري، فرآني بعد يوماً في الطريق، فقال لي: يا أبا زيد! أما تأنف أن ترجع إلى خراسان عالماً بالفروع جاهلاً بالأصول؟ فقصصت عليه الرؤيا؛ فقال: اكتمها علي ها هنا)).


1272 - وسمعت أحمد بن محمد بن إسماعيل السيرجاني يحكيه عن بعض فقهاء مرو، عن أبي زيد كذلك.


هذا إسناد صحيح


وقال الهروي في ذم الكلام 1274 - سمعت يحيى بن عمار يقول: سمعت زاهر بن أحمد -وكان للمسلمين إماماً- يقول:

((نظرت في صير باب؛ فرأيت أبا الحسن الأشعري يبول في البالوعة، فدخلت عليه، فحانت الصلاة، فقام يصلي وما كان استنجى ولا تمسح ولا توضأ، فذكرت الوضوء؛ فقال: لست بمحدث)).


إسناده صحيح وقال الذهبي في السير معلقاً :" لعله نسي "


وإن كان الذهبي أمكنه الاعتذار لهذه فكيف يمكنه الاعتذار للرواية التالية


وقال الهروي في ذم الكلام 1275 - وسمعت منصور بن إسماعيل الفقيه يقول: سمعت زاهراً [يقول]:

((دورت في أخمص الأشعري بالنقش دائرةً وهو قائل؛ فرأيت السواد بعد ست لم يغسله)).


وهذا إسنادٌ صحيح ، ولعله تاب من هذا كله بعد توبته من الاعتزال ، وإن كانت القصة بعد التوبة فلا حل عندي لما فيها من الإشكال العظيم ، وقد زعم ابن عساكر أن الأشعري كان زاهداً عابداً متقللاً بخلاف هذه الرواية ، والله أعلم بالصواب


وقال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري ص39: فأخبرني الشيخ أبو المظفر أحمد بن أبي العباس الحسن بن محمد البسطامي الشعيري ببسطام قال أنا جدي لأمي الشيخ الزاهد أبو الفضل محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي البسطامي قال سمعت محمد بن علي بن أحمد بن الحسين الواعظ رحمه الله يقول سمعت أحمد بن الحسين المتكلم قال سمعت بعض أصحابنا يقول إن الشيخ أبا الحسن رحمه الله لما تبحر في كلام الإعتزال وبلغ غاية كان يورد الأسئلة على أستاذيه في الدرس ولا يجد فيها جوابا شافيا فتحير في ذلك فحكى عنه إنه قال وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم ونمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم عليك بسنتي فانتبهت وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهريا


وهذا إسناد فيه إبهام وجهالة شديدة


وقد علم القاصي والداني ثناء الدارقطني على الباقلاني الأشعري ، ولعل سبب هذا الثناء أن الباقلاني كان يتستر بمذهب أهل الحديث ، ويزعم أنه منهم تقيةً


قال أبو نصر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 305 :" وكان أبو بكر بن الباقلاني من أكثرهم استعمالاً لهذه الطريقة _ يعني التقية _ وقد وشح كتبه بمدح أصحاب الحديث واستدل على الأقاويل بالأحاديث في الظاهر، وأكثر الثناء على أحمد بن حنبل رحمة الله عليه، وأشار في رسائل له إلى أنه كان يعرف الكلام، وأنه لا خلاف بين أحمد والأشعري وهذا من رقة الدين، وقلة الحياء"


والخلاصة أنه لا ينبغي اتهام أبو إسماعيل الهروي بالغلو لأنه كان يكفر الأشعرية ويلعنهم فهذا مذهب لطائفة من أهل العلم قد علمتهم مآخذهم


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©