السؤال الأول:
بمَ يكون الكفر الأكبر أو الردّة؟ هل هو خاص بالاعتقاد والجحود والتكذيب،أم هو أعم من ذلك؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلىالله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن مسائل العقيدة مهمةجداً ، ويجب تعلم العقيدة بجميع أبوابها وجميع مسائلها وتلقيها عن أهل العلم ، فلايكفي فيها إلقاء الأسئلة وتشتيت الأسئلة فيها ، فإنها مهما كثرت الأسئلة وأجيب عنها ، فإن الجهل سيكون أكبر . فالواجب على من يريد نفع نفسه ونفع إخوانه المسلمين أنيتعلم العقيدة من أولها إلى آخرها، وأن يلم بأبوابها ومسائلها ، ويتلقاها عن أهلالعلم ومن كتبها الأصيلة ، من كتب السلف الصالح .. وبهذا يزول عنه الجهل ولا يحتاجإلى كثرة الأسئلة ، وأيضاً يستطيع هو أن يبين للناس وأن يعلم الجهّال، لأنه أصبحمؤهلاً في العقيدة.
كذلك لا يتلقى العقيدة عن الكتب فقط .. أو عن القراءةوالمطالعة ، لأنها لا تؤخذ مسائلها ابتداءً من الكتب ولا من المطالعات ، وإنما تؤخذبالرواية عن أهل العلم وأهل البصيرة الذين فهموها وأحكموا مسائلها ..
هذاهو واجب النصيحة ..
أما ما يدور الآن في الساحة من كثرة الأسئلة حولالعقيدة ومهماتها من أناس لم يدرسوها من قبل، أو أناس يتكلمون في العقيدة وأمورالعقيدة عن جهل أو اعتماد على قراءتهم للكتب أو مطالعاتهم ، فهذا سيزيد الأمرغموضاً ويزيد الإشكالات إشكالات أخرى ، ويثبط الجهود ويحدث الاختلاف، لأننا إذارجعنا إلى أفهامنا دون أخذ للعلم من مصادره، وإنما نعتمد على قراءتنا وفهمنا ، فإنالأفهام تختلف والإدراكات تختلف .. وبالتالي يكثر الاختلاف في هذه الأمور المهمة .وديننا جاءنا بالاجتماع والائتلاف وعدم الفرقة ، والموالاة لأهل الإيمان والمعاداةللكفار .. فهذا لا يتم إلا بتلقي أمور الدين من مصادرها ومن علمائها الذين حملوهاعمن قبلهم وتدارسوها بالسند وبلغوها لمن بعدهم .. هذا هو طريق العلم الصحيح فيالعقيدة وفي غيرها ، ولكن العقيدة أهم لأنها الأساس ، ولأن الاختلاف فيها مجالللضلال ومجال للفرقة بين المسلمين.

والكفر والردّة يحصلان بارتكاب ناقض مننواقض الإسلام ، فمن ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام المعروفة عند أهل العلم فإنهبذلك يكون مرتداً ويكون كافراً ، ونحن نحكم عليه بما يظهر منه من قوله أو فعله،نحكم عليه بذلك لأنه ليس لنا إلا الحكم بالظاهر، أما أمور القلوب فإنه لا يعلمهاإلا الله سبحانه وتعالى. فمن نطق بالكفر أو فعل الكفر، حكمنا عليه بموجب قولهوبموجب نطقه وبموجب فعله إذا كان ما فعله أو ما نطق به من أمور الردّة .

السؤال الثاني:
هناك من يقول : " الإيمان قول واعتقاد وعمل،لكن العمل شرط كمال فيه " ، ويقول أيضاً : " لا كفر إلا باعتقاد " .. فهل هذا القولمن أقوال أهل السنة أم لا؟
الجواب :
الذي يقول هذا ما فهم الإيمان ولا فهم العقيدة ،وهذا هو ما قلناه في إجابة السؤال الذي قبله : من الواجب عليه أن يدرس العقيدة علىأهل العلم ويتلقاها من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال.
وقوله : إن الإيمان قول وعمل واعتقاد .. ثم يقول : إن العمل شرط في كمالالإيمان وفي صحته، هذا تناقض !! كيف يكون العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط،ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط، فهذا تناقض منه . وهذا يريد أن يجمع بين قولالسلف وقول المتأخرين وهو لا يفهم التناقض، لأنه لا يعرف قول السلف ولا يعرف حقيقةقول المتأخرين ، فأراد أن يدمج بينهما .. فالإيمان قول وعمل واعتقاد ، والعمل هو منالإيمان وهو الإيمان، وليس هو شرطاً من شروط صحة الإيمان أو شرط كمال أو غير ذلك منهذه الأقوال التي يروجونها الآن . فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعملبالجوارح وهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

السؤال الثالث:
هلالأعمال ركن في الإيمان وجزء منه أم هي شرط كمال فيه؟
الجواب :
هذا قريب من السؤالالذي قبله، سائل هذا السؤال لا يعرف حقيقة الإيمان. فلذلك تردد : هل الأعمال جزء منالإيمان أو أنها شرط له ؟ لأنه لم يتلق العقيدة من مصادرها وأصولها وعن علمائها.وكما ذكرنا أنه لا عمل بدون إيمان ولا إيمان بدون عمل ، فهما متلازمان ، والأعمالهي من الإيمان بل هي الإيمان : الأعمال إيمان، والأقوال إيمان، والاعتقاد إيمان ،ومجموعها كلها هو الإيمان بالله عز وجل، والإيمان بكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمانبالقدر خيره وشره.


السؤال الرابع:
ما أقسام المرجئة ؟ معذكر أقوالهم في مسائل الإيمان ؟
الجواب :
المرجئة أربعة أقسام :
القسم الأول : الذين يقولون الإيمان وهو مجرد المعرفة ، ولو لم يحصل تصديق .. وهذا قول الجهمية،وهذا شر الأقوال وأقبحها ، وهذا كفر بالله عز وجل لأن المشركين الأولين وفرعونوهامان وقارون وإبليس كلٌ منهم يعرفون الله عز وجل ، ويعرفون الإيمان بقلوبهم، لكنلما لم ينطقوه بألسنتهم ولم يعملوا بجوارحهم لم تنفعهم هذه المعرفة .
القسمالثاني: الذين قالوا إن الإيمان هو تصديق القلب فقط ، وهذا قول الأشاعرة، وهذاأيضاً قول باطل لأن الكفار يصدقون بقلوبهم، ويعرفون أن القرآن حق وأن الرسول حق ،
واليهود والنصارى يعرفون ذلك : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) فهميصدقون به بقلوبهم ! قال تعالى في المشركين : ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)
..فهؤلاء لم ينطقوا بألسنتهم ،ولم يعملوا بجوارحهم مع إنهم يصدقون بقلوبهم فلا يكونون مؤمنين.
الفرقةالثالثة: التي تقابل الأشاعرة وهم الكرَّامية ، الذين يقولون : إن الإيمان نطق باللسانولو لم يعتقد بقلبه ، ولا شك أن هذا قول باطل لأن المنافقين الذين هم في الدركالأسفل من النار يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله بألسنتهم ،
ولكنهم لا يعتقدون ذلك ولا يصدقون به بقلوبهم ، كما قال تعالى: ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ @ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ، قال سبحانه وتعالى : ( يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ )
الفرقة الرابعة: وهي أخف الفرقفي الإرجاء ، الذين يقولون إن الإيمان اعتقاد بالقلب ونطق باللسان ولا يدخل فيهالعمل وهذا قول مرجئة الفقهاء وهو قول باطل أيضا .

السؤال الخامس:
هل خلاف أهل السنة مع مرجئة الفقهاء في أعمال القلوب أو الجوارح؟ وهلالخلاف لفظي أو معنوي ؟ نرجو من فضيلتكم التفصيل.
الجواب :
خلافهم في العمل ، خلافمرجئة الفقهاء مع جمهور أهل السنة هو اختلاف في العمل الظاهر ، كالصلاة والصياموالحج، فهم يقولون إنه ليس من الإيمان وإنما هو شرط للإيمان، إما شرط صحة وإما شرطكمال ، وهذا قول باطل كما عرفنا .
والخلاف بينهم وبين جمهور أهل السنة خلافمعنوي وليس خلافاً لفظي، لأنهم يقولون إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص بالأعمال ، فلايزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية .. وإيمان الناس سواء لأنه عندهم التصديق بالقلب معالقول باللسان ! وهذا قول باطل.
السؤال السادس:
ما حكم منترك جميع العمل الظاهر بالكلية لكنه نطق بالشهادتين ويقر بالفرائض لكنه لا يعملشيئاً البتة، فهل هذا مسلم أم لا ؟ علماً بأن ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلكالفرائض ؟
الجواب:
هذا لا يكون مؤمناً، من كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكنه لايعمل بجوارحه ، عطّل الأعمال كلها من غير عذر هذا ليس بمؤمن، لأن الإيمان كما ذكرناوكما عرفه أهل السنة والجماعة أنه : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لايحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور، فمن ترك واحداً منها فإنّه لا يكون مؤمناً .


السؤال السابع:
هل تصح هذه المقولة: " من قال الإيمان قول وعملواعتقاد يزيد وينقص فقد بريء من الإرجاء كلهحتى لو قال لا كفر إلا باعتقاد وجحود "؟
الجواب:
هذا تناقض !! إذا قال لا كفر إلا باعتقاد أو جحود فهذا يناقض قوله إنالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، هذا تناقض ظاهر ، لأنه إذا كانالإيمان قول باللسان واعتقاد الجنان وعمل بالجوارح وأنه يزيد بالطاعة وينقصبالمعصية … فمعناه أنه من تخلى من شيء من ذلك فإنه لا يكون مؤمناً .

السؤالالثامن:
هل هذا القول صحيح أم لا : ( أن من سب الله وسب الرسولr ليس بكفر في نفسه ، ولكنه أمارة وعلامة على ما في القلب من الاستخفافوالاستهانة ) ؟
الجواب:
هذا قول باطل، لأن الله حكم على المنافقين بالكفر بعدالإيمان بموجب قولهم : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء)يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فأنزل الله فيهم قوله سبحانه
وتعالى : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ @ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ، فكفّرهم بهذه المقالة ولم يشترط في كفرهم أنهم كانوا يعتقدون ذلك بقلوبهم، بلإنه حكم عليهم بالكفر بموجب هذا المقالة . وكذلك قوله تعالى : ( وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ) فرتب الكفر على قول كلمة الكفر .



من كتاب كامل اسئلة و اجوبة في الايمان و الكفر للشيخ الفوزان






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©