الألفاظ الحادثة في صفات الله مما لم يأت به نص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جئتكم اليوم ببحث في غاية الأهمية حول الألفاظ الحادثة في صفات الله مما لم يأت به نص، هل يجوز إطلاقها أم يُكتفَى بلفظ القرآن؟ وإذا كان العلماء الأوائل ممن يُشهَدُ لهم بالإمامة في الدين هم أولُ من قال بها، فمتى ولِمَ كان ذلك؟ يعني ما هو دافعهم؟ قلت في غاية الأهمية لأنني شهدت منذ قريب نقاشا في هذا الموضوع، فأردت أن أفرد له موضوعا، ولقد قرأت هذا الكلام بكامله، فمن أراد التعقيب، فليقرأ الموضوع على الأقل، ثم ليبد رأيه كما شاء، وليُعلم أيضا أن الردود ستتوجه بالدرجة الأولى للأئمة الأعلام الذين قالوا بذلك الكلام، وفي مقدمتهم الإمام الذهبي صاحب كتاب كامل "مختصر العلو للعلي الغفار"، والإمام بن القيم صاحب كتاب كامل "اجتماع الجيوش الِإسلامية على غزو المعطلة والجهمية"، تابعوا معي إخوتي وأحبتي في الله هذا الكلام الجميل للشيخ بكر أبو زيد في مقدمته لـ "مقدمة الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني عليهم جميعا رحمة الله، إليكم نص كلامه الماتع:
وهنا ينبغي أَن يقف المسلم على الحقائق الآتية:
* الحقيقة الأُولى:
أَنه مازال أَمر المسلمين جارياً على الإِسلام والسنة من لدن الصحابة من المهاجرين والأَنصار -رضي الله عنهم- إِلى من بعدهم من التابعين لهم بإحسان ما تتابعوا، يؤمنون بصفات الله -تعالى- التي نَطَقَ بها الوحيان الشريفان، فَتُمَرُّ كما جاءت وتُثبَتُ على ظاهرها بأَلفاظها، وتُثبَتُ دلالةُ أَلفاظِها على حقائِقِها، ومعانيها، وتَعيينُ المرادِ منها على ما يليق باللهِ -تبارك وتعالى- وذلك كالقول في الذات سواء، مع تفويض الكيفية، ونفي الشبيه والمثال، والتنزيه عن التعطيل.
وهذا مُوجَبُ النصوص، والعقول، وفِطَر الخلائق السليمة. وكانت الحال كذلك في صدر الأُمة في أُمور التوحيد كافة لا يشوبهم في ذلك شائبة. ولهذا لا ترى في هذه الحقبة الزمنية المباركة تآليف في تقرير التوحيد.
* الحقيقة الثانية:
أَنه لما وقعت في الأُمة بذور البدع في الِإرجاء، والقدر، والتشيع، والتأْويل، والتفويض ... قابلها السلف عن قوس واحدة بالرد، والِإنكار، وصاحوا بهم من جميع الأَقطار، فتميزت جماعة المسلمين المنابذين لهذه الأَهواء باسم: السلف، وأَهل السنة، وأَهل السنة والجماعة، وأَهل الحديث. وانحازت الأَهواء في رؤوس أَصحابها يُعْرَفُونَ بأَلقابهم التي تفصلهم عن جماعة المسلمين: شيعة، رافضة، قدرية، مرجئة، مؤولة، مفوضة، جهمية، معتزلة، ماتريدية، أَشعرية ...
* الحقيقة الثالثة:
أَن القيام بهذا الواجب الِإيماني العظيم من أَهل السنة والجماعة في الرد على أَهل الأَهواء كِفَاحاً، أَوْجَدَ كذلك الرَّدَّ كتاب كاملة على كل مَن مَدَّ لسانه بباطل في مقامات التوحيد وأَصل الملة، فكتبوا الردود ودَوَّنوها، وأَبطلوا شبه المخالفين وزَيَّفُوها، وأَن نهاية صدورها من المخالفين إِنما هو عن هوى وتلاعب بالدين.
فَرَدَّ عَلَى القدرية في القرن الثاني الأَئمة: مالك المتوفى سنة أولى79 هـ، وابن المبارك المتوفى سنة أولى81 هـ، وغيرهما- رحم الله الجميع-. وهكذا عَلَى بقية الفرق، ومؤلفاتهم فيها مشهورة، ومنها جملة مطبوعة. ولهذا فيكاد يكون أَول الكتب المؤلفة في التوحيد، هي في مجال الرد على المخالفين فحسب.
* الحقيقة الرابعة:
أَن أَهل السنة والجماعة حين يكتبون في بيان أَمر التوحيد، وتقريره، ابتداءً؛ لتلقين المسلمين المُعتَقَدَ الحق، ودَفعِ تَلقِينِهِم عقائدَ الُمخالِفين- فإِنهم في تآليفهم هذه يقتصرون على أَلفاظ نصوص الوحيين الشريفين كما سَلَكَهُ شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في "العقيدة الواسطية" وغيرها. وقد يأْتي بعضهم ببعض هذه الأَلفاظ مثل "بائن من خلقه"، "بذاته"، "غير مخلوق" لزيادة البيان؛ ولما يشاهده في عصره من ظهور المخالفين وانتشار مذاهبهم، فهو تقرير وَرَدٌّ على تلكم التوجهات العقدية المرفوضة بمقياس الشرع المطهر، يوضحه ما بعده:
* الحقيقة الخامسة:
أَن وجود الأَقوال الشنيعة من المخالفين في حق الله- تبارك وتعالى- المُعْلَنَةِ في مذاهبهم الباطلة: التأْويل، التفويض، التعطيل ... المخالفة لما نطق به الوحيان الشريفان في أُمور التوحيد والسنة، اضطرت علماء السلف الذين واجهوا هذه المذاهب، والأَقاويل الباطلة بِالرَّدِّ والِإبطال- إِلى البيان بأَلفاظ تفسيرية محدودة، هي من دلالة أَلفاظ نصوص الصفات على حقائقها ومعانيها لا تخرج عنها؛ هؤلاء المخالفين لما تجرؤا على الله فتفوهوا بالباطل وجب على أَهل الإِسلام الحَقِّ الجهرَ بالحقِّ، والرد على الباطل جهرة بنصوص الوحيين، لفظاً ومعنى ودلالة بِتَعَابِيرَ عن حقائقها ومعانيها الحَقَّة لا تخرج عنها البتة، وانتشر ذلك بينهم دون أَن ينكره منهم أَحد. وكان منها- مثلاً- أَلفاظ خمسة: "بذاته"، "بائن من خلقه"، "حقيقة"، "في كل مكان بعلمه"، "غير مخلوق". فأَهل السنة يُثبتون: استواء الله على عرشه المجيد، كما أَثبته الله لنفسه. فلما نفى المخالفون "استواء الله على عرشه المجيد" وَلَجَأُوا إِلى أَضيق المسالك، فأَوَّلَهُ بَعْضٌ بالاستيلاء، وبعض بالتفويض، وبعض بالحلول، رد عليهم أَهل السنة بإِثبات استواء الله سبحانه على عرشه المجيد بذاته، وأَنه -سبحانه- بائن من خلقه، وأَنه استواءٌ حقيقةً. فأَي خروج عن مقتضى النص في هذه الأَلفاظ؟
بل نقول لهم بالِإلزام: أَين لفظ "الاستيلاء" في نصوص الوحيين؟ وقد بينت بعضاً من ذلك في حرف الباء من: "معجم المناهي اللفظية" استطراداً فيما لا ينهى عنه.
وهذه الأَلفاظ انتشرف بين المسلمين: أَهل السنة والجماعة، ولم ينكرها منهم أَحد، وإليك البيان:
"1"- لفظ: "بذاته":
أَما لفظ: "بذاته" فقال أَبو منصور السجزي المتوفى سنة الرابعة44 هـ رحمه الله تعالى:
"أَئمتنا كالثوري، ومالك، وابن عيينة، وحماد ابن زيد، والفضيل، وأَحمد، وإِسحاق متفقون على أَن الله فوق العرش بذاته، وأَن علمه بكل مكان" انتهى. "اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص/ 246).
وأَبو إِسماعيل الهروي المتوفى سنة الرابعة81 هـ - رحمه الله تعالى- لِمَا صرح في كتبه بلفظ "الذات" قال:
"ولم تزل أَئمة السَّلف تُصرِّح بذلك" انتهى. "اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص/ 279).
فهذان نقلان يفيدان إِطلاق هذا اللفظ لدى السلف من غير نكير.
ومن أَفرادهم كما في "اجتماع الجيوش الِإسلامية"، و"مختصر العلو":
1 - ابن أَبي شيبة: أَبو جعفر محمد بن عثمان العبسي الكوفي المتوفى سنة الثانية97 هـ.
2 - أَبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت 310 هـ: "المختصر": (رقم 279).
3 - أَبو الحسن الأَشعري، ت 324 هـ: "اجتماع": (ص/ 281).
4 - أَبو سليمان الخطابي، ت 388 هـ: "اجتماع": (ص/ 281).
5 - ابن أَبي زيد القيرواني المالكي، ت 386 هـ: "اجتماع": (ص/ 150)، "المختصر" (رقم 279).
6 - أَبو عمرو الطلمنكي، ت 399 هـ: "اجتماع": (ص/142، 147، 281).
7 - أَبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني، ت 403 هـ: "اجتماع": (ص/ 280، 281).
8 - محمد بن الحسن بن فورك، ت 406 هـ: "اجتماع": (ص/ 281).
9 - محمد بن موهب تلميذ ابن أَبي زيد، ت 406 هـ: "اجتماع": (ص / 187، 188)، "المختصر":
(رقم 282).
10 - يحيى بن عمار السجزي، ت 422 هـ: "اجتماع": (279)، "المختصر": (رقم 319).
11 - عبد الوهاب بن نصر المالكي، ت 422 هـ: "اجتماع": (ص/ 164، 189، 280، 281)، "المختصر": (رقم 279).
12 - سعد بن علي الزنجاني الشافعي، ت 471 هـ: "اجتماع": (ص/ 197).
13 - أَبو إِسماعيل عبد الله الأَنصاري الهروي، ت 481 هـ: "اجتماع": (ص/ 279)، قال: "بذاته". وفي: "المختصر": (رقم 255)، قال: "على العرش بنفسه".
14 - إِسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي، ت 535 هـ: "اجتماع": (ص/ 180، 183).
15 - عبد القادر الجيلاني، ت 561 هـ: "اجتماع": (ص/ 276، 277).
16 - محمد بن فرج القرطبي، ت 671 هـ: "اجتماع": (ص/ 285).
"2" - لفظ: "بائن من خلقه":
وأَما لفظ: "بائن من خلقه" فقد عزاه أَبو نعيم الأَصبهاني المتوفى 430 هـ إِلى السلف فقال كما في: "مختصر العلو": (ص/ 261):
"طريقتنا طريقة السلف المتبعين للكتاب كامل والسنة واِجماع الأُمة ومما اعتقدوه أَن الله لم يزل كاملاً بجميع صفاته القديمة ... - إِلى أَن قال-: وأَن الأَحاديث التي ثبتت في العرش، واستواء الله عليه يقولون بها، ويثبتونها من غير تكييف، ولا تمثيل، وأَن الله بائن من خلقه، والخلق بائنون منه، لا يحل فيهم، وهو مستو على عرشه في سمائه من دون أَرضه" انتهى مختصراً.
قال الذهبي بعده: "فقد نقل هذا الِإمام الِإجماع على هذا القول، ولله الحمد ... ".
ونقله- أَيضاً- الِإمامان أَبو زرعة، وابن أَبي حاتم، قالا كما في: "اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص/ 233)، و"مختصر العلو": (ص / 204، رقم / 253)، واللفظ عن "اجتماع الجيوش الِإسلامية":
"أَدركنا العلماء في جميع الأَمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم الِإيمان قول وعمل يزيد وينقص، والقرآن كلام الله غير مخلوق ... - إِلى أَن قال-: وأَن الله عزَّ وجلَّ على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتاب كامله وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلا كيف، أَحاط بكل شيء علماً، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ... " انتهى مختصراً.
وقال القرطبي محمد بن فرج المتوفى 671 هـ كما في: "اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص/ 281):
"وقال جميع الفضلاء الأَخيار: إِن الله فوق عرشه كما أَخبر في كتاب كامله وعلى لسان نبيه بلا كيف، بائن من جميع خلقه، هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات" انتهى.
وحكاه البوشنجي المتوفى 242 هـ عن أَهل الأَمصار كما في "مختصر العلو": (ص / 225)، فقال:
"هذا ما رأَينا عليه أَهل الأَمصار، وما دلَّت عليه مذاهبهم فيه، وإِيضاح منهاج العلماء وصفة (جزائرية) السنة وأَهلها، أَن الله فوق السماء على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه وسلطانه وقدرته بكل مكان" انتهى.
ومن أَعلامهم كما في: "اجتماع الجيوش الِإسلامية"، و"مختصر العلو":
1 - عبد الله بن المبارك، ت 181 هـ: "اجتماع": (ص / 134، 214)، "المختصر": (رقم 67).
2 - هشام بن عبد الله الرازي، ت 221 هـ: " المختصر": (رقم 53).
3 - سُنيد بن داود، ت 226 هـ: "اجتماع": (ص / 235) "المختصر": (رقم 56).
4 - حماد بن هناد البوشنجي، ت 230 هـ: "اجتماع": (ص / 242)، "المختصر": (رقم 108).
5 - إِسحاق بن راهويه، ت 238 هـ: "المختصر": (رقم 67).
6 - أَحمد بن حنبل، ت 241 هـ: "اجتماع": (ص / 200، 201)، "المختصر": (رقم 66).
7 - يحيى بن معاذ الرازي، ت 258 هـ: "اجتماع": (ص / 270)، "المختصر": (رقم 79).
8 - أَبو زرعة الرازي، ت 264 هـ: "اجتماع": (ص / 233)، "المختصر": (رقم 77).
9 - المزني صاحب الشافعي، ت 264 هـ: "اجتماع": (ص / 168)، "المختصر": (رقم 74).
10 - أَبو حاتم الرازي، ت 277 هـ: "اجتماع": "المختصر": (رقم 77، 78). 0 7 (ص/ 233)،
11 - عثمان بن سعيد الدارمي، ت 280 هـ: "اجتماع": (ص/ 231).
12 - أَبو جعفر ابن أَبي شيبة، ت 297 هـ: "المختصر": (رقم 103).
13 - عبد الله بن أَبي جعفر الرازي، مات بعد المائتين: "اجتماع": (ص / 221)، "المختصر": (رقم 45).
14 - إِمام الأَئمة ابن خزيمة، ت 311 هـ: "اجتماع": (ص / 194)، "المختصر": (رقم 109).
15 - أَبو القاسم الطبراني، ت 360 هـ: "المختصر": (رقم 125).
16 - ابن بطة، ت 387 هـ: "المختصر": (رقم 133).
17 - محمد بن موهب، ت 406 هـ: "اجتماع": (ص / 188)، "المختصر": (رقم 164).
18 - معمر الأَصبهاني، ت 428 هـ: "اجتماع": (ص / 226)، "المختصر": (رقم 142).
19 - أبو نعيم الأصبهاني ت 430 هـ: "اجتماع": (279)، "المختصر": (رقم 141).
20 - شيخ الإِسلام أَبو عثمان الصابوني، ت 449 هـ: "اجتماع": (رقم 247).
21 - أَبو إِسماعيل الأَنصاري الهروي، ت 481 هـ: "اجتماع": (ص 481)، "المختصر": (ص 158).
22 - نصر المقدسي، ت 490 هـ: "المختصر": (رقم 155).
23 - إِسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي، ت 535 هـ: "اجتماع": (ص / 180).
"3"- لفظ: "حقيقة":
وأَما لفظ: "حقيقة" فإِطلاق علماء السلف لها عند ذكر إِثبات كل صفة من صفات الله تعالى- وصف بها نفسه، أَو وصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -: أَكثر من أَن يحصر؛ وذلك لَمَّا تَفَوَّهَ أَهْلُ الأَهواء بمواقفهم المخالفة في الصفات بنفي حقائقها ومعانيها بين التفويض تارة، والتأْويل تارة، والتعطيل تارة، والتشبيه تارة، وقد قالت الجهمية والمعتزلة: "لا يجوز أَن يسمى الله بهذه الأَسماء على الحقيقة" حينئذٍ كَثُرَ على لسان السلف إِثبات صفات الله تعالى على الحقيقة، أَي: بالِإقرار والِإمرار بلا تأْويل ولا تفويض للمعنى ولا تكييف، ولا تشبيه مع التفويض للكيفية". "مختصر العلو": (ص / 264، رقم / 146).
ومجىء هذا اللفظ على لسان السلف أَكثر من أَن يحصر، ولينظر على سبيل المثال: "مختصر العلو":
(ص / 263، 264، 268، 286)، و"اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص / 142، 189، 263، 280) وفيها قال القرطبي: "ولم ينكر أَحد من السلف الصالح أَنه استوى على العرش حقيقة" انتهى.
"4"- لفظ: "في كل مكان بعلمه":
وأَما قولهم: "في كل مكان بعلمه" فقد قال الِإمام مالك - رحمه الله تعالى-: "الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان". "التمهيد": (7/ 138)، "اجتماع الجيوش الِإسلامية": (ص / 141).
وهو تعبير جارٍ لدى أَئمة جماعة المسلمين في كتبهم كافة، وبخاصة عند إِثبات استواء الله- تعالى- على عرشه المجيد، وعند إِثبات معية العلم، ولم يخالفهم في ذلك أَحد يحتج به كما قال ابن عبد البر - رحمه الله تعالى-:"وعلماء الصحابة والتابعين الذين حُمل عنهم التأْويل، قالوا في تأْويل قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 4]: أَنه على العرش، وعلمه في كل مكان، وما خالفهم في ذلك أَحد يحتج به" انتهى. "التمهيد": (7/ 139)، وعنه في "مختصر العلو": (ص / 268)، و"اجتماع الجيوش الإِسلام": (ص/ 190).
"5" - لفظ: "غير مخلوق":
والمسلمون: أَهل السنة، يعتقدون ويثبتون أَن القرآن كلام الله -تبارك وتعالى- لا يزيدون على ذلك. فلما واجهت الجهمية الأُمةَ ببدعة القول بخلق القرآن وشايعهم المعتزلة على هذه المقولة الكفرية فقالوا عن القرآن: "مخلوق". رد عليهم علماء السلف بالنفي والِإنكار فقالوا: "القرآن كلام الله غير مخلوق".
وإِلى هذه الحقيقة أَشار الِإمام أَحمد - رحمه الله تعالى - كما في "مسائله" رواية أَبي داود عنه: (ص / 263 - 264)، إِذ سُئل عن الواقفة الذين لا يقولون في القرآن إِنه مخلوق أَو غير مخلوق، هل لهم رخصة أَن يقول الرجل: "كلام الله" ثم يسكت؟ قال: وَلِمَ يسكت؟! لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا لأَي شيء لا يتكلمون. بواسطة: "مقدمة مختصر العلو" للأَلباني: (ص / 19).
* الحقيقة السادسة:
هذه خمسة أَلفاظ تداولها علماء السَّلف من غير نكير من بعضهم على بعض، وأَطلقوها في مواجهة أَهل الأَهواء لما نطقوا بالباطل.
انتهى كلام الشيخ بكر رحمه الله.
المرجع: "مقدمة ابن أبي زيد القيرواني لكتاب كامله الرسالة"، تقديم بكر بن عبد الله أبو زيد، طبعة: دار العاصمة، الرياض، 1414هـ/1994م.





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©