حول مصطلح التأويل :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما جاء في كتاب كامل : (المجموعة العلية من كتب ورسائل وفتاوى شيخ ال‘سلام ابن تيمية) المجموعة الأولى : جمع وتحقيق الدكتور هشام بن أسماعيل بن علي الصّيني جامعة أم القرى - قسم العقيدة طبعة دار ابن الجوزي ص 85 وما بعدها :

الجواب الثالث : أنّ لفظ التأويل فيه إصطلاحات متعددة فالتأويل الذي يتنازع فيه مثبتة الصفات ونفاتها المراد به : صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح إلى الإحتمال المرجوح وذلك لا يجوز إلاّ بدليل يوجب ذلك .

وقد يراد بلفظ التأويل : تفسير اللفظ وإن كان التفسير يوافق ظاهره وهذا اصطلاح ابن جرير الطبري في تفسيره وابن عبد البر ونحوهما

وقد يراد بلفظ التأويل ما يؤول إليه اللفظ وهو الحقيقة الموجودة في الخارج التي دلّ الكلام عليها وبهذه اللغة جاء القرآن كقوله تعالى : ( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ) [ الأعراف : 53] وقوله نعالى : ( وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم يقولون ءامنّا به كلّ من عند ربّنا ) [ آل عمران : 7] وأمثال ذلك .

إذا عرف ذلك نقول : أمّا التأويل بالمعنى الثالث والثاني فلا نزاع فيه بين الناس .

أمّا التاويل بالمعنى الأول فيقال : هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى ما يخالف ظاهره او عن حقيقته أو عن الإحتمال الراجح وحينئذ فالظهور والبطون من الأمور الإضافية فإن كان الإنسان يظهر له من نصوص الصفات أنّ صفات الخالق مماثلة لصفات المخلوق مثل أن يظن أن إستواءه على العرش كاستواء الإنسان على بعيره أو على الفلك أو أنّ معيته مع الخلق تقتضي دخوله فيهم أو أن قوله : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ) ظاهره أن صفة الله حلّت في الأرض وأن ذلك الحجر صفة للرب وأنّ قوله : ( أأمنتم من في السماء ) [الملك : 16 ] يقتضي أن يكون الله في جوف الأفلاك ونحو ذلك .

فإن ظنّ أن هذه المعاني الفاسدة هي ظاهر القرآن إن سماها ظاهره وحقيقته فيجب على مثل هذا أن يعتقد التأويل في ذلك كلّه ويعلم أن هذه النصوص مصروفة عن هذا المعنى الذي ظنّه هو الإحتمال الراجح إلى ما يخالف ذلك المعنى .
لكن عليه أن يعتقد أنّ السلف والأئمة الاربعة الذين منعوا من التأويل لم يعتقدوا هذا المعنى الفاسد ظاهر هذه النصوص ولا أنها تدلّ على هذا المعنى الفاسد

وفي كلام الله ورسوله ما ينفي عن الله هذا المعنى الفاسد فمن ادّعى أن هذه المعاني الفاسدة قد دلّ عليها القرآن كان ما في القرآن من التصريح ينفي ذلك مثبتا لنفي هذه المعاني الفاسدة فإنه قد أخبر في القرآن أنه استوى على العرش وأن كرسيه وسع السماوات والارض وأن الارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه وأخبر بعلوه في غير موضع من الكتاب كامل وهذه كلّها نصوص تنفي أن تكون صفاته تشبه صفاة خلقه ( .... ) أو يكون حالاّ في المخلوقات وأخبر بقوله : ( ليس كمثله شيء) وبقوله : ( ولم يكن له كفؤا أحدا) ونحو ذلك ممّا يماثله العباد في صفاتهم فتكون صفاته كصفات خلقه فهذه النصوص المفسرة تبين أن تلك المعاني الفاسدةليست مرادة سواء سمّى المسمى ذلك تأويلا أو لم يسمّه .
[/quote]




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©