الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يشرع للمسلم زيارة القبور في كل صلاة، لا قبور الأولياء ولا غيرهم، بل هذا غلو مذموم، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة مع قرب " البقيع" من مسجده صلى الله عليه وسلم وفيه قبور سادات الأولياء رضوان الله عليهم.
وأما التودد للقبر وسؤال من فيه قضاء الحاجات وتفريج الكربات فهذا هو المنكر العظيم، والإثم الكبير، والبلية التي يجب الحذر منها. وأساس ذلك أن تعلم أن دين الإسلام مبني على أصلين:

- على أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء
- وعلى أن يعبد بما شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم،

وهذان هما حقيقة قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد ورسوله.

فالإله هو الذي تألهه القلوب محبة ورجاء وخشية وتعظيماً، وهو الذي يستحق أن يعبد جل وعلا.

وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب، فلا يعبد إلا الله ولا يدعى إلا الله، ولا ينذر إلا لله، ولا يستغاث بغير الله، ولا يركع ولا يسجد إلا له سبحانه وتعالى.

إذا علم هذا فالعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فالصلاة عبادة، والدعاء عبادة، والحلف عبادة، والذبح عبادة وكذا الخوف والرجاء والتعظيم كل ذلك من العبادات.

بل إن الدعاء -ومنه الاستغاثة- يعتبر من أشرف العبادات، لاشتماله على الذل، والخضوع. روى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء هو العبادة"، وقرأ : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ) إلى قوله: (داخرين) .


والدعاء هو طلب جلب النفع أودفع الضر، ومنه الاستغاثة، إذ هي طلب الغوث.

وقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله، والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله.

قال تعالى: ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) [الأحقاف: 5].


وقال تعالى:
( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين.) [ يونس:106 ]

وقال تعالى: ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب كامل حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) [الأعراف: 37]

وأخبر الله تعالى أن المشركين يدعون معه غيره في حال الرخاء، ويخلصون له الدعاء في حال الشدة فقال: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) [العنكبوت: 25].

وقال تعالى: ( ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون* ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ) [النحل: 53،54].

وقال تعالى: ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما أنجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً ) [الإسراء: 67]

ومن ظن أن المشركين كانوا يجحدون الله أو كانوا يعتقدون النفع والضر في آلهتهم استقلالاً، أو لا يدعون الله ولا يعبدونه فقد قال قولاً معلوم البطلان من دين الإسلام، فإن الله تعالى أخبر عن حالهم ومرادهم فقال: ( ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [يونس: 18] وقال تعالى: ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) [الزمر:3].

فعلم أن مرادهم وغايتهم التقرب إلى الله عن طريق الوسطاء والشفعاء مثل ما يفعل بعض جهلة المسلمين اليوم، فتراهم يدعون ويستغيثون وينذرون ويذبحون للأولياء، فإذا نصحهم الناصح وأنكر عليهم المنكر قالوا: إن هؤلاء شفعاؤنا عند الله !!

وقد أشار الإمام الرازي إلى وجود هذا التشابه بين الفريقين فقال في تفسير آية يونس السابقة: ورابعها أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله. انتهى

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) [يوسف: 106] قال عطاء: هذا في الدعاء، وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ... وقيل: معناها أنهم يدعون الله أن ينجيهم من الهلكة، فإذا أنجاهم قال قائلهم: لولا فلان ما نجونا، ولولا الكلب لدخل علينا اللص… قلت: وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى كلام القرطبي.


وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار."

وفي الإقناع وشرح مفصله من كتب الحنابلة في باب المرتد : "أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعاً". أي كفر، لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . انتهى.

وقد نقل هذا الإجماع غير واحد، منهم صاحب الفروع، والإنصاف، وغاية المنتهى، وشرح مفصله مطالب أولي النهى.

وقد صنف العلماء قديما وحديثاً في بيان الشرك وأنو اعه، وأن منه الاستغاثة بالأموات والطلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فاحذر من الوقوع في شيء من ذلك، وقانا الله وإياك شر البدع والحادثات.

والله أعلم

المصدر:
مركز الفتوى الشبكة الإسلامية
رقـم الفتوى : 4973
عنوان الفتوى : لا تجوز زيارة قبور الأولياء عند كل صلاة والتودد لهم مطية الشرك



حكم الطواف حول القبور

يختلف حكم الطواف بالقبور تبعا لنية وقصد فاعله؛ فإن كان الطائف معتقداً أن الطواف بالقبور عملٌ يقرِّبه إلى الله سبحانه وتعالى، ويُتَعَبْدُ الله عز وجل به، فهذا قد ضلَّ الطريق من حيث أنه عَبَدَ الله بما لم يشرعه، ففعله هذا يدخل في نطاق البدعة، وعمله مردود عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم:
( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
متفق عليه .

وإن كان الطائف إنما يَتَقَرَبُ بطوافه إلى صاحب القبر رغبةًً في عطائه، أو رهبة من عقابه، أو محبة فيه، فهذا هو الشرك الذي أنزلت الكتب وأرسلت الرسل للنهي عنه والتحذير منه؛ إذ لا تصح العبادة إلا لله عز وجل؛ ولا يجوز أن يُتَقَرَبَ إلى مخلوق مهما علا شأنه وعظم قدره بعبادة من العبادات أو بقربة من القربات، لأن ذلك من الشرك المنهي عنه، قال تعالى :
{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }(الأنعام
:162- 163)، فالعبادة كلها لله، ولا يجوز التقرب بأي نوع من أنواع العبادات لغير الله، سواء كان المتقرَّبُ إليه ملكاً مقرباً، أو نبياً مرسلاً، أو عبدا صالحاً.

قال الإمام النووي في "المجموع":
" لا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم، ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر.. ويكره مسحه باليد وتقبيله, بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضره في حياته - صلى الله عليه وسلم -. هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه, ولا يغتر بمخالفة كثيرين من العوام وفعلهم ذلك, فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء, ولا يلتفت إلى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم "أ.هـ وفي كلام النووي في عدم جواز الطواف بقبره - صلى الله عليه وسلم - دليل على عدم جواز الطواف بقبر غيره من باب أولى؛ لكون قبره - صلى الله عليه وسلم - أعظم القبور وأشرفها .

وأوضح الشيخ ابن باز - رحمه الله -
أن من : " طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها، وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، فهذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً؛ لأن الطواف بالقبور بدعة منكرة " .

هذا هو حكم الشرع في
" الطواف بالقبور"
وهو حكم دائر بين الكفر والبدعة المنكرة بحسب نية فاعله، وهو مزلق خطير ربما دفع البعض إلى ارتكابه جهله أو تقليده، فينبغي للمسلم أن يكون عنده من الفقه ما يجنبه مثل هذه المزالق التي تذهب دينه وتفسد فطرته، فأصحاب هذه القبور لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعاً فضلاً عمن يستغيث بهم أو يطوف بقبورهم، وكل من العقل والشرع قد دلاَّ على استقباح هذه البدع والتنفير منها، فما أغنت عن حي، ولا خففت عن ميت . فالواجب على المسلم أن يجتنب هذا الأمر كل الاجتناب، وأن يتقرب إلى الله وحده سبحانه، فهو النافع سبحانه في الدنيا والآخرة وفي ظلمات القبور وأهوالها .

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت عقيدتنا على التوحيد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.......آمين




مشائخ الطرق الصوفية

مشايخ الصوفية فيهم تفصيل:

منهم من هو كافر لأنه يتعاطى الشرك بالله -عز وجل- ودعوة غير الله من أصحاب القبور، أو الجن، أو يرى وحدة الوجود؛ كأصحاب بن عربي، هؤلاء كفار، ولا يجوز دعائهم ولا زيارتهم ولا أخذ توجيهاتهم؛ لأنهم منحرفون عن الطريق، ولا يجوز موالاتهم ولا تصديقهم بما يقولون، ولا أخذ توجيهاتهم في أي شيء.

ومنهم أناس عندهم بدع وأشياء لا أساس لها في الشرع المطهر، ولكنهم ليسوا كفار ولكن عندهم بدع ما أنزل لله بها من سلطان، فالواجب نصيحتهم أيضاً وتوجيههم إلى الخير، وإنكار البدع التي عندهم. أما أن يطلب منهم البركة أو من تراب حجرهم هذا منكر لا يجوز، فلم يفعل هذا الصحابة فيما بينهم -رضي الله عنهم-، وإنما كان يفعل هذا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جعل الله في جسده من البركه، فكان يأكل ....... على عرقه فيما جعل الله فيه من بركه -عليه الصلاة والسلام-، أما الناس فلا، فلم يفعلوه مع الصديق ولا مع عمر ولا مع عثمان ولا مع علي، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء

فلا يجوز لأحد أن يأتي الصوفي الفلاني أو الشيخ الفلاني يطلب بركة ثيابه أو بركة شعره أو بركة ........ كل هذا منكر لا يجوز، إذا اعتقد أنه ينفعه ويضره أو أنه يحصل به بركه بهذا الشيء هذا خطر عظيم، وقد يصل به إلى الشرك إذا طلب البركة منه، واعتقد أنه ينفع ويضر من دعاه أو من طلب منه، أو أنه استغاث ليشفي مرضاه، أو أنه يطلب منه الشفاء لمرض، أو ما أشبه ذلك، كان هذا من الشرك الأكبر. فالحاصل أن طلب البركة من هؤلاء أودعائهم أو الاستغاثة بهم أو اعتقاد أنهم يشفون المرضى وينفعون غيره أو يضرون بشرهم كل هذا من المنكرات العظيمة، بل من المنكرات الشركية.

أما أولياء الله: هم المؤمنون المتقون المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله، ليسوا أهل البدع، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى؛ لأنهم وحدوا الله، واتبعوا سبيله، وساروا على نهج نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء هم أولياء الله، وليسوا هم الصوفية، ولكنهم المتقون قال الله -تعالى-: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ[يونس: 62-63]، الآيتين من سورة يونس، هؤلاء هم أولياء الله أهل الإيمان والتقوى الذين آمنوا بالله ورسوله، ووحدوا الله، وعبدوه وحده، ولم يعبدوا أهل القبور، ولم يستغيثوا بهم، ولم ينذروا لهم، بل عبدوا الله وحده، وساروا على نهج نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فأدى فرائض الله، وتركوا محارم الله، ووقفوا عند حدود الله، هؤلاء هم أولياء الله، وإن كانوا فقراء، وإن كانوا عمالاً يعملون عند الناس لطلب الرزق، وإن كانوا يبيعون ويشترون في الأسواق ما عندهم تصوف، هؤلاء هم أولياء الله، وقال تعالى في سورة الأنفال: وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ[الأنفال: 34]، فأولياء الله هم أهل التقوى، هم أهل الأيمان، هم الذين أطاعوا الله ورسوله، وتركوا ما نهى الله ورسوله، ووحدوا الله وعبدوه -جل وعلا-.

أما الصوفية فهم أقسام وهم يشتركون في البدعة، ولكنهم أقسام في الأحكام منهم الكافر ومنهم المبتدع الضال الذي يجب الحذر منه ونصيحته والتنبيه على بدعته، وكلهم مشتركون في البدع، لأنهم أحدثوا بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، فالواجب الحذر منهم وعدم الاغترار بهم، وعدم زيارتهم لأخذ دعائهم، أو التبرك بهم، أو أخذ توجيهاتهم، أونحو ذلك، وإن أمكنه أن ينصحهم، وأن يوجههم إلى الخير، وأن ينكر عليهم بدعهم فليفعل ذلك، والله المستعان. فهمت سماحة الشيخ أن الصوفية ليسوا جميعاً على الباطل. أنواع لكن يشتركون في البدعة.


الامام عبد العزيز ابن باز رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/mat/10259





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©