السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد فهذا مقتطف من كلام للشيخ نقلته من موقع البيضاء العلمية أرجو أن ينتفع به إخواننا

وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...
أسامة بن عطايا العتيبي
21/ 12/ 1430 هـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول الله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}

قال العلامة ابن كثير رحمه الله: « يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام، الأحسن والكلمة الطيبة؛ فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة، فإن الشيطان عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم، فعداوته ظاهرة بينة؛ ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة، فإن الشيطان ينزغ في يده، أي: فربما أصابه بها ».
ويقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: « وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والآخرة فقال: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، وأنه إذا دار الأمر بين أمرين حسنين فإنه يأمر بإيثار أحسنهما إن لم يمكن الجمع بينهما.
والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره.
وقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ } أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.
فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم { ليكونوا من أصحاب السعير }
وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم».
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((والكلمة الطيبة صدقة)) .
وديننا الحنيف يحثنا على حسن الخلق، ومكارم العادات، ومعالي الأمور، ويبغض إلينا سوء الخلق، ومنكرات العادات، وسفاسف الأمور.

والدعوة السلفية دعوة إلى الحق والهدى، دعوة الرحمة والرأفة، دعوة العلم والحلم، دعوة الرفق واللين، دعوة الحكمة والموعظة الحسنة، دعوة الصدع بالحق ورد الباطل، دعوة الغلظة على الكافرين والمنافقين ورحمة المؤمنين .
والشدة واللين : توجب الحكمة وضعهما في مكانهما الصحيح حسب المصلحة الشرعية.
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه)) .
وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) .
فأدعو إخواني السلفيين إلى أن نرفق بأنفسنا، وأن نرفق بإخواننا الذين حصل منهم ما نقول بخلافه، ونرفق بالمسلمين الذين وقعوا في الغلط والظلم....."


".....إن من الموبقات المهلكات ما يقوم به بعض الناس من جمع زلات العلماء السلفيين، وطلاب العلم السلفيين بحجة الرد على تلك الأخطاء، وبيان الحق في تلك المسائل!
إن جمع مثالب العلماء وزلاتهم وعرضها في مساق واحد لهو من أكبر أسباب الصد عن سبيل الله، ومن أعظم وسائل تشويه سمعة أهل العلم السلفيين، وهو من منهج الروافض وأهل الباطل.
وتعلمون كلام الإمام أحمد في الكرابيسي لما صنف كتاب كامله في المدلسين وذكر فيه أسماء أهل السنة وجمع عثراتهم في كتاب كامل واحد ليكون عوناً لأهل الباطل للطعن في أهل السنة .
مع أن الإمام أحمد قد رمى جماعة منهم بالتدليس، وحذر من أخطائهم لكن دون تتبع لزلاتهم، ولا جمع ذلك في مساق واحد ينفر عنهم، ويوغر الصدور عليهم.
فمن منهج السلف بيان خطأ المخطئ، والرد على المخالف سواء كان سلفياً أو خلفياً، ولكن بسلوك المنهج السلفي في الرد والتفريق بين طريقة الرد على أهل السنة والرد على أهل الهوى والبدعة، مع وجوب مراعاة مكانة العالم حين الرد عليه وإلا وقع ما لا تحمد عقباه.

****
إن كثيراً من الفتن الواقعة اليوم بين المنتسبين إلى منهج السلف من أسبابها: حظ النفس، والانتصار لها.
فذلك له أثر كبير في اشتعال تلك الفتن، وزيادة انتشارها.
وإن محاولة إخماد تلك الفتن أو التخفيف منها داخل في قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا))
وإذا كان الصلح مع الكفار لمصلحة الإسلام والمسلمين بالضوابط الشرعية جائز، فكيف بالصلح مع المسلمين؟ فكيف بالصلح مع المنتسبين للسلفية التي ننتسب إليها؟

المصدر: البيضاء العلمية





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©