هو تعقيب وليس اعتراضا ولا إبطالا، تعقيب يرمي إلى الضبط والتخصيص، ولو أن قائل هذه العبارة لم يدّع لها اطّرادا، كما أنه لم يزعم أن لا مقيّد لها ولا مخصّص، فلا يعجَلَن أحد علينا بقوله: لو كان كلامك صوابا ما سبقتنا إليه
أيّها الإخوة والأخوات، تعرفون الأحمق إمّا بالسؤال عن خصاله، أو ربّما يكفي التأمل ولو قليلا إلى أحمق من الحمقى لإدراك علامات حمقه، وكيف أنّه لا يضرّ، وإن أضرّ بأحد فلن يكون هذا الأحد إلا هذا الأحمق نفسه، ولذلك عقّبت على العبارة معتبرا إياها من أبلغ ما تركه الحكماء من كلام: قولهم: السكوت على الأحمق جوابه
ولكنّ خطبي هنا هو أن أحمقاً من الحمقى طال سكوت الناس عنه (وإن تشرّف بتفسيق جملة من الأفاضل والمشائخ له، وعدّه عدوّا لدودا للدين وأهله) وصبرهم عليه، يتقيّأ بين الفينة والأخرى على الناس مما في بطنه من كلام محشوّ، وربما تعمّد دسّ شيء من السمّ فيما يقدّمه لبعض المساكين ممن فُتن به، ولكن الله لم يزل له فاضحا كاشفا، ولكنّ ذلك لا يعني القعود عن الكلام فيه، ولو كان من أحمق الحمقى، فقد يؤذيك من تستبعد إذايته لك، وربما تكون إذايته هاته أشدّ من التي تخشاها من كائد ماكر غادر، وهذه معروفة مكشوفة لدى العام والخاص، خاصة عندنا معاشر الجزائريين، أنّ "العود اللي تحقرو ...يعميك"
تجشّمت في هذه العجالة نقل شيء من حماقات بعض من تقدّمه قناة ادّعت لنفسها نسبة إلى النهار، وليست كذلك، فهي تبث الظلام في وضح النهار، ألخّص لكم فحوى هذه الفرية التي ما حملني على وضعها بين أيديكم إلا احتمالي الغالب لكونها قد تنطلي على بعض من لا دراية له بما تناولته من مسائل الفقه المتعلقة بشهر رمضان الكريم، وما أدراك ما شهر رمضان:
ثبت في الحديث أن أبواب الجنة تفتّح في رمضان، وفيه أيضا تغلّق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين، [الحديث في الصحيحين وغيرهما] وموضوعنا في هذا المقطع الأخير من الحديث، تصفيد الشياطين، وقد فسّره العامة والخاصة تفسيرات أكثرها غريب بعيد عن مراد الشرع منه، وهو (حسب كلام أهل العلم ومنهم مثلا لا حصرا الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله)، أن الشياطين تصفّد لكنها لا تُمنع من الحركة بشكل كامل، وإنما ينقص عملها في الإغواء والوسوسة عما هو عليه في غير رمضان، ولعل هذا مما لا يجهله أكثر الإخوة والأخوات إن لم نقل إن شاء الله جميعهم
ماذا قال صاحبنا: وفي ذلك امتحان شامل لك أيها المسلم لنفسك وفرصة معرفة بها (طبعا بأسلوب ركيك معهود لدى بعضكم ممن ابتُلي يوما بسماع قوله) فإذا كذبت أو فعلت فعلة أو كبيرة فاعلم أن الشيطان بريء منها وأنك صاحبها!!!، أنت من تفعل كذا وكذا وأنت من تفعل كذا وكذا...
اعتراضي لا يتعلق بالشرح مفصل الأحمق الدال على حمق صاحبه وجهله المطبق، وإنما على هذه الحملة الشرسة والمسعورة على عامة المسلمين الجزائريين، ولن أجترئ على توضيح مرادي لكم، ولكني أقف عند سؤال: هل تتخيلون ما يمكن أن يحدثه هذا الطرح العقيم في نفس المذنب الغاضب على نفسه، المعظّم لما جناه عليها في شهر رمضان، والقريب من فرصة توبة نصوح ولو بعد حين؟
هل يمكن أن تبقى شمعة أمل في نفسه بعد أن أكّد له دعيّ للدعوة أنه "شرير" مستمرئ للعصيان، مستبيح لحرمة رمضان؟؟
ألا حسبنا الله ونعم الوكيل .. "ولا تحسبنّ الله غافلا عمّا يعمل الظالمون"




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©