يقول الإمامُ العلامةُ المُحَدِّثُ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله رحمةً واسعة - في اختصاره لكتاب ( العلو للعلي الغفار ) للإمام الذهبي - رحمه الله - فوائد نفيسة غالية ثمينة ، فيها ردٌ على شبهات و من نسب لأهل السنة التجسيم أو التشبيه وردٌ على المشبهة والمجسمة ، وهي كالتالي :-


شبهات وجوابها
لقد اشتهر عند الخلف نسبة كل من يثبت الفوقية لله تعالى إلى أنه مشبه أو مجسم ، أو أنه ينسب لله الجهة و المكان .فهذه ثلاثة أمور لابد من إزالة الشبهة عنها .


الشبهة الأولى : التشبيــــــــــه .


يمكن أخذ الإجابة عن هذه الشبهة مما تقدم من النقول عن الأئمة ، ومما سنره في نصوص الكتاب الآتية ، أذكر الآن بعضها :-
1- قال نعيم بن حماد الحافظ : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف به نفسه ، ولا رسولُه تشبيهاً .
2- قال إسحاق بن راهويه : إنما يكون التشبيه إذا قال : يد مثل يدي أو سمع كسمعي ، فهذا تشبيه ، وأما إذا قال كما قال الله : يد وسمع وبصر فلا يقول : كيف ، ولا يقول : مثل ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، قال تعالى : " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " .
ولو كان إثبات الفوقية لله تعالى معناه التشبيه ، لكان كل من أثبت الصفات الأخرى لله تعالى ككونه حياً قديراً سميعاً بصيراً مشبهاً أيضاً ، وهذا ما لا يقول به مسلم ممن ينتسبون اليوم إلى أهل السنة والجماعة خلافاً لنفات الصفات والمعتزلة وغيرهم ، قال شيخ الإسلام في " منهاج السنة " (2/75) فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفات الصفات يجعلون كل من أثبتها مجسماً مشبهاً ، ومن هؤلاء من يعد من المجسمة والمشبهة الأئمة المشهورين كمالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، كما ذكر ذلك أبو حاتم صاحب كتاب " الزينة " وغيره .
وشبهة هؤلاء ، أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ويقولون : أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ويقولون : ان الله يُرى في الآخرة ".
هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم .
ثم قال في ص 80 :
" والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس لفظٌ مجمل ، فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن ، ودل عليه العقل فهذا حق ، فإن خصائص الرب لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته .. ، وإن كان أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات ، فلا يقال له علم ، ولا قدرة ولا حياة ، لأن العبد موصوفٌ بهذه الصفات ، فيلزم ألا يقال له : حي ، عليم ، قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء ، وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك ، وهم يوافقون أهل السنة على أن الله موجود حي عليم قادر ، والمخلوق يقال له : موجود حي عليم قادر ، ولا يقال : هذا تشبيه يجب نفيه ."

اهـ. و إن شاء الله مع الشبهة الثانية لاحقا.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©