بيان كفر العلمانية وأهلها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فهذا بحث جمعت فيه كلام بعض علماء الأمة الإسلامية في بيان كفر العلمانية وأهلها.
1- بيان مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن العلمانية:
"إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في مملكة البحرين، من 25-30 رجب 1419هـ، الموافق 14- 19 تشرين الأول (نوفمبر) 1998م. بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع "العلمانية"، وفي ضوء المناقشات التي وجهت الأنظار إلى خطورة هذا الموضوع على الأمة الإسلامية.
قرر ما يلي:
أولا: إن العلمانية (وهي الفصل بين الدين والحياة) نشأت بصفتها رد فعل للتصرفات التعسفية التي ارتكبتها الكنيسة.
ثانيا: انتشرت العلمانية في الديار الإسلامية بقوة الاستعمار وأعوانه، وتأثير الاستشراق، فأدت إلى تفكك في الأمة الإسلامية، وتشكيك في العقيدة الصحيحة، وتشويه مادة التاريخ أمتنا الناصع، وإيهام الجيل بأن هناك تناقضا بين العقل والنصوص الشرعية، وعملت على إحلال النظم الوضعية محل الالشريعة الاسلامية الغراء، والترويج للإباحية، والتحلل الخلقي، وانهيار القيم السامية.
ثالثا: انبثقت عن العلمانية معظم الأفكار الهدامة التي غزت بلادنا تحت مسميات مختلفة كالعنصرية، والشيوعية والصهيونية والماسونية وغيرها، مما أدى إلى ضياع ثروات الأمة، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وساعدت على احتلال بعض ديارنا مثل فلسطين والقدس، مما يدل على فشلها في تحقيق أي خير لهذه الأمة.
رابعا: إن العلمانية نظام وضعي يقوم على أساس من الإلحاد يناقض الإسلام في جملته وتفصيله، وتلتقي مع الصهيونية العالمية والدعوات الإباحية والهدامة، لهذا فهي مذهب إلحادي يأباه الله ورسوله والمؤمنون.
خامسا: إن الإسلام هو دين ودولة ومنهج حياة متكامل، وهو الصالح لكل زمان ومكان، ولا يقر فصل الدين عن الحياة، وإنما يوجب أن تصدر جميع الأحكام منه، وصبغ الحياة العملية الفعلية بصبغة الإسلام، سواء في السياسة أو الاقتصاد، أو الاجتماع، أو التربية، أو الإعلام وغيرها.
التوصيات: يوصي المجمع بما يلي:
‌أ- على ولاة أمر المسلمين صد أساليب العلمانية عن المسلمين وعن بلادهم، وأخذ التدابير اللازمة لوقايتهم منها.
‌ب- على العلماء نشر جهودهم الدعوية بكشف العلمانية، والتحذير منها.
‌ج- وضع خطة تربوية إسلامية شاملة في المدارس والجامعات، ومراكز البحوث وشبكات المعلومات من أجل صياغة واحدة، وخطاب تربوي واحد، وضرورة الاهتمام بإحياء رسالة المسجد، والعناية بالخطابة والوعظ والإرشاد، وتأهيل القائمين عليها تأهيلاً يستجيب لمقتضيات العصر، والرد على الشبهات، والحفاظ على مقاصد الالشريعة الاسلامية الغراء. والله الموفق ."اهـ
2- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ببلاد الحرمين:
"ما يسمى بالعلمانية التي هي دعوة إلى فصل الدين عن الدولة، والاكتفاء من الدين بأمور العبادات، وترك ما سوى ذلك من المعـاملات وغيرها، والاعتراف بما يسمى بالحرية الدينية، فمن أراد أن يدين بالإسلام فعل، ومن أراد أن يرتد فيسلك غيره من المذاهب والنحل الباطلة فعل، فهذه وغيرها من معتقداتها الفاسدة دعوة فاجرة كافرة يجب التحذير منها وكشف زيفها، وبيان خطرها والحذر مما يلبسها به من فتنوا بها، فإن شرها عظيم وخطرها جسيم. نسأل الله العافية والسلامة منها وأهلها."اهـ [الفتوى رقم 18396 للجنة الدائمة بعضوية الشيخ بكر أبو زيد والشيخ صالح الفوزان والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد العزيز آل الشيخ ورئاسة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز]
3- الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"معلوم عن حزب البعث والشيوعية وجميع النحل الملحدة المنابذة للإسلام كالعلمانية وغيرها كلها ضد الإسلام وأهلها أكفر من اليهود والنصارى ؛ لأن اليهود والنصارى تباح ذبائحهم ويباح طعامهم ونساؤهم المحصنات ، والملاحدة لا يحل طعامهم ولا نساؤهم ، وهكذا عباد الأوثان من جنسهم لا تباح نساؤهم ، ولا يباح طعامهم . فكل ملحد لا يؤمن بالإسلام هو شر من اليهود والنصارى . فالبعثيون والعلمانيون الذين ينبذون الإسلام وراء الظهر ويريدون غير الإسلام ، وهكذا من يسمون بالشيوعيين ويسمون بالاشتراكيين كل النحل الملحدة التي لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر يكون كفرهم وشرهم أكفر من اليهود والنصارى ، وهكذا عباد الأوثان وعباد القبور وعباد الأشجار والأحجار أكفر من اليهود والنصارى ، ولهذا ميز الله أحكامهم ، وإن اجتمعوا في الكفر والضلال ومصيرهم النار جميعا لكنهم متفاوتون في الكفر والضلال ، وإن جمعهم الكفر والضلال فمصيرهم إلى النار إذا ماتوا على ذلك ."اهـ [مجموع فتاوى الشيخ بن باز المجلد 6 صفحة 85]
4- الشيخ العلامة صالح الفوزان:
"العلمانية كفر، والعلمانية هي فصل الدين عن الدولة، وجعل الدين في المساجد فقط وأما في الحكم والمعاملات فليس للدين دخل ، هذه هي العلمانية: فصل الدين عن الدولة، والذي يعتقد هذا الاعتقاد كافر، الذي يعتقد أن الدين ما له دخل في المعاملات ولا له دخل في الحكم ولا له دخل في السياسة وإنما هو محصور في المساجد فقط وفي العبادة فقط فهذا لا شك أنه كفر وإلحاد، أما إنسان يصدر منه بعض الأخطاء ولا يعتقد هذا الاعتقاد هذا يعتبر عاصياً ولا يعتبر علمانياً هذا يعتبر من العصاة."اهـ [فتوى مفرغة]
"العلمانية إلحاد لأنها فصل للدين عن الدولة ، هذه هي العلمانية: فصل للدين عن الدولة، وهذا إلحاد، لأن الدين جاء بالسياسة وبالعبادة وبالشرع، ففصل أحدهما عن الآخر إلحاد في دين الله، يقولون: السياسة ليس عليها حلال ولا حرام فافعل ما تشاء والدين إنما هو في المساجد وللأفراد فما نتدخل فيهم، خلوهم في المساجد لا تدخلون فيهم، وأما السياسة فأهل المساجد لا يتدخلون فيها، هذا معنى كلامهم أن أهل الدين لا يدخلون في السياسة، وأهل السياسة لا يدخلون في الدين، وهذا تفريق لما جمع الله سبحانه، فلا قوام للعباد ولا صلاح للعباد إلا بصلاح السياسة وصلاح الدين جميعاً، نعم."اهـ [فتوى مفرغة]
"س: فضيلة الشيخ وفقكم الله هل يصح أن نطلق على العلماني و الليبرالي و الشيعي لفظ : “منافق”
ج: هم ما يظهرون الإيمان ، هم يظهرون المذهب الخبيث من الخروج على الدين و سب الدين وسب أهل الدين، مظهرين هذا ، ليسوا منافقين، هؤلاء أشد ، هؤلاء زنادقة ، نعم."اهـ [فتوى مفرغة من درس المنتقى من أخبار سيد المرسلين بمادة التاريخ 12 شوال 1432 هجري]
وقال: "الانتماء إلى المذاهب الإلحادية: كالشيوعية، والعلمانية، والرأسمالية، وغيرها من مذاهب الكفر، ردة عن دين الإسلام، فإن كان المنتمي إلى تلك المذاهب من المنتسبين للإسلام فهذا من النفاق الأكبر، فإن المنافقين ينتمون للإسلام في الظاهر، وهم مع الكفار في الباطن، كما قال تعالى فيهم: ((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)) [البقرة:14]
وقال تعالى: ((الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)) [النساء: 141]
فهؤلاء المنافقون المخادعون؛ لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يُترجم عن سره المكنون: ((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)) [البقرة:14]
قد أعرضوا عن الكتاب كامل والسنة؛ استهزاءً بأهلها واستحقاراً، وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين، فرحاً بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه إلا أشِراً واستكباراً، فتراهم أبداً بالمتمسكين بصريح الوحي يستهزئون: ((اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)) [البقرة:15]
وقد أمر الله بالانتماء إلى المؤمنين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)) [التوبة:119] "اهـ[عقيدة التوحيد-صفحة 82-طبعة المكتبةالعصرية]

5- الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي:
"كانوا في الصدر الأول يُسَمَّوْنَ المنافقين بعد مدة في زمن الإمام أحمد وبعده، صار يسمى المنافق زنديقا، وهي كلمة فارسية معربة، وصار في زمننا يسمى "علمانيا"، فالعلمانيون هم المنافقون وهم الزنادقة والمنافقون في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل: عبد الله بن أبي يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، الزنديق يطلق على الملحد.
والعلمانيون الآن ينتشرون بين المسلمين، ويحاولون الدس على الإسلام والمسلمين، وإفساد المسلمين، ويريدون إفساد المرأة بخروجها عارية، متبرجة بين النساء، تقود السيارة، وتختلط بالرجال، حتى يفسد المجتمع.
وإذا فسدت المرأة فسد المجتمع، والعلمانيون لا دين عندهم، فهم زنادقة، ولكنهم لا يستطيعون إظهار ما هم عليه من الكفر والنفاق؛ بسبب قوة المسلمين، ولأنهم لو أظهروا كفرهم الصريح يخشون على رقابهم أن تقطع؛ ولأن المؤمنين وأهل الخير كثيرون، فتجده يخفي كفره ويحاول الإفساد وإدخال الشر على المسلمين بالخفاء." [فتوى مفرغة]
6- الشيخ محمد أمان الجامي:
العلمانيون أعلنوا عن علمانيتهم وأن الالشريعة الاسلامية الإسلامية غير صالحة في وقتنا الحاضر، وكل علماني فهو كافر مرتد أينما وقع في الشرق أو في الغرب ، العلمانية أشد كفراً من اليهودية و النصرانية لأن الإسلام قدر لأهل الكتاب كامل كتاب كاملهم الأول التوراة والإنجيل وأباح للمسلمين أكل ذبائحهم ((وطعام الذين أوتوا الكتاب كامل حل لكم)) بالإجماع المراد بالطعام هنا الذبائح ، وأحل لنا المحصنات من نسائهم، بينما ذبيحة العلماني لا تحل، المرأة العلمانية لا تحل لمسلم لأنهم مرتدون، المرتدون والمجوس والوثنيون لا فرق بينهم ولا بينهم وبين الهندوك والبوذيين من الذين يؤمنون بالأديان الأرضية وليست لديهم أديان سماوية ، هؤلاء كلهم كفار يعاملون معاملة أشد من اليهود والنصارى في الإسلام، فلنعلم أن العمانيين مرتدون كفار، ولنعلم معنى العلمانية، العلمانية الكفر بجميع الأديان، وعدم التقيد باي الدين، يسمون حرية! حرية البهائم !"اهـ [فتوى مفرغة]
7- الشيخ محمد علي فركوس:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فكلمة «العلمانية» اصطلاح لا صلة له بلفظ العلم ومشتقاته مطلقاً، وتعني العلمانية في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وقد راج التعبير عنها في مختلف المصنفات الإسلامية بأنّها: "فصل الدين عن الدولة" وهذا المدلول قاصر لا تتجسد فيه حقيقة العلمانية من حيث شمولها للأفراد والسلوك الذي لا ارتباط له بالدولة، لذلك يمكن التعبير عن مدلول آخر أكثر مطابقة لحقيقة العلمانية بأنّه «إقامة الحياة على غير الدين»، وبغضّ النّظر عن كون العلمانية في عقيدتها وفلسفتها التي ولدت في كنف الحضارة الغربية متأثرة بالنصرانية (١- ممّا تنادي النصرانية: إعطاء لقيصر سلطة الدولة، ولله سلطة الكنيسة، ومنه يتجلّى مبدأ: "فصل الدين عن الدولة" وينسب ذلك إلى المسيح عيسى عليه السلام من قوله: "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وهذا ما تتفق به النصرانية مع العلمانية، بينما الدين والحكم في الإسلام تشكّل في مهده لله خالصًا لا يستجيب للفصل بين الدين والدولة، ولا بين الدين والمجتمع لاختلاف طبيعة الإسلام كَدِين ونظام مجتمع عن النصرانية في أصلها، وهي مجموعة وصايا، وبالنسبة لها كتطبيق في المجتمعات الرومانية التي كان الدين فيها لله، والحكم لقيصر.)
أو الاشتراكية فإنّ العلمانية اللادينية مذهب دنيوي يرمي إلى عزل الدين عن التأثير في الحياة الدنيا، ويدعو إلى إقامة الحياة على أساس ماديّ في مختلف نواحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية وغيرها، وعلى أرضية العلم الدنيوي المطلق، وتحت سلطان العقل والتجريب، مع مراعاة المصلحة بتطبيق مبدأ النفعية على كلّ ميادين الحياة اعتماداً على مبدأ الميكيافيلية «الغاية تبرّر الوسيلة» في الحكم والسياسة والأخلاق، بعيدًا عن أوامر الدين ونواهيه التي تبقى مرهونة في ضمير الفرد لا يتعدّى بها العلاقة الخاصة بينه وبين ربّه، ولا يرخّص له بالتّعبير عن نفسه إلاّ في الشعائر الدينية أو المراسم المتعلّقة بالأعراس والولائم والمآتم ونحوها.
هذا، ولم يصب عين الحقيقة من قسَّم العلمانية إلى ملحدة تنكر وجود الخالق أصلاً ولا تعترف بشيء من الدين كليّة، وإلى علمانية غير ملحدة وهي التي تؤمن بوجود الخالق إيمانًا نظريًّا وتنكر وجود علاقة بين الله تعالى وحياة الإنسان وتنادي بعزل الدين عن الدنيا والحياة، وتنكر شرع الله صراحة أو ضمنًا، لأنّ حقيقة العلمانية في جميع أشكالها وصورها ملحدة، ذلك لأنَّ الإلحاد هو: الميل والعدول عن دين الله وشرعه، ويعمّ ذلك كلّ ميل وحيْدة عن الدين، ويدخل في ذلك دخولاً أوليًّا الكفر بالله والشرك به في الحرم، وفعل شيء ممَّا حرّمه الله وترك شيء ممَّا أوجبه الله (٢- أضواء البيان للشنقيطي: 5/58،59) ، وأصل الإلحاد هو ما كان فيه شرك بالله في الربوبية العامّة، وفي إنكار أسماء الله أو صفاته أو أفعاله.
إنّ دعوة العلمانية تمثّل خطرًا عظيمًا على دين الإسلام والمسلمين، وغالبية المسلمين يجهلون حقيقتها لتستّرها بأقنعة مختلفة كالوطنية والاشتراكية والقومية وغيرها كما تختفي وراء النظريات الهدَّامة كالفرويدية والداروينية التطوّرية وغيرها ويتعلّق مناصروها بأدلّة علميّة ثابتة -زعموا- وما هي إلاَّ شبه ضعيفة يردّها العقل والواقع ﴿كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 41]
وخاصّة تلك التي تظهر بمظهر المؤيّد للدين تضليلاً وتلبيسًا على عوام المسلمين، فلا تمنع الحجّ والصلاة في المساجد، وتساعد على بنائها، وتشارك في المواسم والأعياد، وتمنح الجوائز وتعطي الهدايا للأئمة وحفاظ القرآن، ولا تبدي في ذلك محاربة للدين ولا عداءًا له مع محاولة جادّة لحصر الدين في المساجد وعزله عن ميادين الحياة، فمِن مظاهر العلمنة ومجالاتها التي أبعد الدين عنها:
• السياسة والحكم وتطبيق العلمنة فيهما جليّ لا يخفى على مبصر.
• التعليم ومناهجه وتطبيق العلمنة فيه لا ينكره عاقل.
• الاقتصاد والأنظمة المالية وتطبيق العلمنة فيهما ظاهر للمعاين.
• القوانين المدنية والاجتماع والأخلاق، وتطبيق العلمنة فيها لا يدع مجالاً للريبة والشكّ، فالعلمانية تجعل القيم الروحية قيما سلبية وتفتح المجال لانتشار الإلحاد والاغتراب والإباحية والفوضى الأخلاقية، وتدعو إلى تحرير المرأة تماشيًا مع الأسلوب الغربي الذي لا يُدين العلاقات المحرّمة بين الجنسين، الأمر الذي ساعد على فتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة التي أفضت إلى تهديم كيان الأسرة وتشتيت شملها وبهذا النّمط والأسلوب تربِّي فيه الأجيال تربية لا دينية في مجتمع يغيب فيه الوازع الديني ويعدم فيه صوت الضمير الحيّ ويحلّ محلّها هيجان الغرائز الدنيوية كالمنفعة والطمع والتنازع على البقاء وغيرها من المطالب المادّية دون اعتبار للقيم الروحية.
تلك هي العلمانية التي انتشرت في العالم الإسلامي والعربي بتأثير الاستعمار وبحملات التنصير والتبشير وبغفلة المغرورين من بني جلدتنا رفعوا شعارها، ونفذوا مخططات واضعيها ومؤيّديها الذين لبَّسوا على العوام شبهات ودعاوى غاية في الضلال قامت عليها دعوتهم متمثّلة في:
• الطعن في القرآن الكريم والتشكيك في النبوّة.
• الزعم بجمود الالشريعة الاسلامية وعدم تلاؤمها مع الحضارة، وأنّ أوربا لم تتقدّم حتى تركت الدين.
• دعوى قعود الإسلام عن ملاحقة الحياة التطورية، ويدعو إلى الكبت واضطهاد حرية الفكر.
• الزعم بأنّ الدين الإسلامي قد استنفذ أغراضه، ولم يبق سوى مجموعة من طقوس وشعائر روحية.
• دعوى تخلّف اللغة مادة اللغة العربية عن مسايرة العلم والتطوّر، وعجزها عن الالتحاق بالرّكب الحضاري والتنموي، والملاحظ أنّ مادة اللغة العربية وإن كانت هي اللغة الرسمية في البلدان مادة اللغة العربية إلاَّ أنّها همِّشت في معظم المؤسسات الإدارية والجامعية والميادين الطبيّة في البلدان المغاربية خاصّة، وحلّت اللغة المادة الفرنسية محلّها فأصبحت لغة تخاطب واتصال فعلية في الميدان، وتقهقرت اللغة مادة اللغة العربية تدريجيًّا بحسب المخطّطات المدروس مفصلةة لعلمهم بأنها لغة القرآن ومفتاح العلوم الشرعية.
• الزعم بأنّ الالشريعة الاسلامية مطبقة فعلاً في السياسة والحكم وسائر الميادين، لأنّ الفقه الإسلامي يستقي أحكامه من القانون الروماني -زعموا- .
• دعوى قساوة الالشريعة الاسلامية في العقوبات الشرعية من قصاص وقطع ورجم وجلد.. واختيار عقوبات أنسب، وذلك باقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية من الغرب ومحاكاته فيها لكونها أكثر رحمة وأشد رأفة.
فهذه مجمل الدعاوى التي تعلق بها أهل العلمنة وتعمل على تعطيل شرع الله تعالى بمختلف وسائلها من شخصيات ومجلات وصحافة وأجهزة أخرى، وفصل دينه الحنيف عن حياة المجتمع برمته وحصره في أضيق الحدود والمجالات، وذلك تبعا للغرب في توجهاته وممارساته التي تهدف إلى نقض عرى الإسلام والتحلل من التزاماته وقيمه، ومسخ هوية المسلمين، وقطع صلتهم بدينهم، والذهاب بولائهم للدين وانتمائهم لأمتهم من خلال موالاة الغرب الحاقد.
إنّ الإسلام دين ودولة ينفي هذه الثنائية في إقامة حاجز منيع بين عالم المادة وعالم الروح نفيًا قطعيًا ويعدها ردة، كما لا يقبل لطهارته وصفائه وسلامة عقيدته وأخلاقه انتشار أمراض المجتمع الغربي من الإلحاد، ونشر الإباحية المطلقة، والفوضى الأخلاقية وسائر الرذائل والنجاسات العقدية والأخلاقية التي تعود بالهدم على عقيدة التوحيد، والتحطيم لكيان الأسرة والمجتمع.
إنّ الإسلام يأمر المسلم أن يكون كلّه لله في كلّ ميادين الحياة: أعماله وأقواله وتصرفاته ومحياه ومماته كلّها لله سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162-163].
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

صوتيات
الفوزان 1
الفوزان 2
الفوزان 3
الراجحي
الحازمي

منقول جزى الله من كتبه وخطته أنامله.








©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©