السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجموع الفتاوى الجزء الخمس والعشرين كتاب كامل الصيام
وسئل
رحمه الله ـ عن ليلة القدر، وهو معتقل بالقلعة ـ قلعة الجبل ـ سنة ست وسبعمائة‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد للّه، ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏هي في العشر الأواخر من رمضان‏)‏‏.‏ وتكون في الوتر منها‏.‏
لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين‏.‏
/ويكون باعتبار ما بقى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لِتَاسِعةٍ تَبْقِى، لِسَابعةٍ تبقى، لخامِسةٍ تَبْقَى، لِثَاِلثةٍ تَبْقَى‏)‏‏.‏ فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليال الإشفاع، وتكون الإثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح‏.‏ وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر‏.‏
وإن كان الشهر تسعاً وعشرين؛ كان المادة التاريخ بالباقي، كالمادة التاريخ الماضي‏.‏
وإذا كان الأمر هكذا، فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏تَحروها في العشر الأواخر‏)‏‏.‏ وتكون في السبع الأواخر أكثر، وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، فقيل له‏:‏ بأي شيء علمت ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ بالآية التي أخبرنا رسول اللّه أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطَّشْت، لاشعاع لها‏.‏
فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم/ من أشهر العلامات في الحديث، وقد روي في علاماتها‏:‏ أنها ليلة بلجة منيرة، وهي ساكنة لا قوية الحر، ولا قوية البرد، وقد يكشفها اللّه لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له‏:‏ هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر‏.
‏ واللّه ـ تعالى ـ أعلم‏.‏
وسئل عن ‏[‏ليلة القدر‏]‏، و‏[‏ليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم‏]‏ أيهما أفضل ‏؟‏
فأجاب‏:‏
بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر‏.‏
وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج، وإن كان لهم فيها أعظم حظ، لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها، لمن أسرى به صلى الله عليه وسلم‏.‏
/ وسئل عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ‏؟‏
فأجاب‏:‏
أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة‏.‏
قال ابن القيم‏:‏ واذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب‏.‏ وجده شافيا كافياً؛ فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى اللّه من أيام عشر ذي الحجة، وفيها‏:‏ يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم التروية‏.‏
وأما ليالي عشر رمضان، فهي ليالي الإحياء، التي كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر‏.‏


شبكة السحاب السلفية





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©