http://www.alukah.net/Sharia/0/6608/...A%D8%B9%D8%A9/



السيد مختار محمد

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله.

أمَّا بعدُ:
فهذه مقالة بعنوان (نصيحة إلى شيعي إمامي)، أحاول فيها تنبيهَ عقولهم، وإعمال فكرهم لبيان موقف أئمَّة أهل البيت من كِبار الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان، الذين تولَّوا الخلافة قبلَ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وذلك لِما اشتهر عند الشِّيعة الإماميَّة من سَبِّ هؤلاء الأصحاب؛ سائلاً الله - تعالى - أن تجد هذه المقالةَ قلوبًا نقيَّة، وعقولاً ذكية تقبل الحق من قائله، وإن لم يكن شيعيًّا إماميًّا، ونسأل الله - تعالى - أن يُرينا الحق حقًّا، ويرزقنا اتِّباعه، وأن يُرينا الباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه، آمين.

نصيحة إلى شيعي إمامي



اعلم - هداني الله وإيَّاك - أنَّ قضية التبرؤِّ من أكثر الصحابة وسبّهم من القضايا التي انفرد بها الشِّيعة الإماميَّة، وتوارثها أبناء هذه الطائفة، فهل لهم في ذلك مستند صحيح؟ وقبل أن تجيب: أرجو منك الإنصافَ، وإعمال الفِكر لاستبيان الحقِّ بالنسبة لموقف الإمام جعفر الصادق[1] وآبائه - رضي الله عنهم - من الخُلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان الذين تقدَّموا عليًّا في الخلافة؛ لنرى هل كانوا يتولَّونهم، ويترضَّون عنهم، ويترحَّمون عليهم، أم كانوا يسبُّونهم ويلعنونهم - كما يفعل الشيعة الإماميَّة الآن؟ وحتى يستبينَ الحق، هيا بنا نبحث في كتب أهل السُّنة وكتب الشيعة الزيدية، وكتب الشيعة الإماميَّة بإنصاف؛ لنرى كلام أئمَّة أهل البيت في هؤلاء الخلفاء، ولنفسح لعقولنا المجال كي تصلَ إلى الحق.
أولاً: من كتب أهل السنة:
الثابت من الرِّوايات عند أهل السُّنة عن أئمَّة أهل البيت أنَّهم كانوا يعرفون حقَّ الصحابة، ويتولَّون أبا بكر وعمر، ويترضَّون عنهما، ويترحَّمون عليهما، ويلعنون مَن يلعنهما، ويتبرَّؤون منه؛ كما ثبت ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأولاده من بعده، وإليك بعضَ أقوالهم:
1 - بعدما طُعن عمر - رضي الله عنه - دخل عليٌّ - رضي الله عنه - ليراه، فترحَّم عليه وأثنى عليه؛ فقد روى البخاري (3482)، ومسلم (2389) عن ابن أبي مُليكة، قال: سمعت ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - يقول: وُضع عمرُ بن الخطَّاب على سَريره، فتكنفه الناس يدعون، ويُثنون ويُصلُّون عليه، قبل أن يرفع وأنا فيهم، قال: فلم يَرعْني إلاَّ برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفتُّ إليه، فإذا هو عليٌّ، فترحَّم على عمر، وقال: "ما خلَّفتُ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايمُ الله، إن كنتُ لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أنِّي كنتُ كثيرًا أسمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: جئتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر، فإن كنتُ لأرجو أو لأظنُّ أن يجعلك الله معهما".

2 - وروى أحمد (835) - بسند صحيح - عن أبي جحيفة - الذي كان عليٌّ يسمِّيه وهب الخير - قال: قال علي - رضي الله عنه -: يا أبا جحيفة، ألاَ أُخبرك بأفضلِ هذه الأمَّة بعد نبيِّها؟ قال: قلت: بلى، قال: ولم أكن أرى أنَّ أحدًا أفضل منه، قال: "أفضلُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر - رضي الله عنهما - وبعدهما آخرُ ثالث ولم يسمِّه".

3 - وفي صحيح البخاري (3468)، وسنن أبي داود (4629): قال محمَّد بن الحنفيَّة لأبيه عليِّ بن أبي طالب: أيُّ الناس خير بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: أبو بكر، قلت: ثم مَن؟ قال: ثم عمر، وخشيتُ أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلاَّ رجل من المسلمين".

4 - وقد روي عن علي - رضي الله عنه - من نحوِ ثمانين وجهًا - كما قال ابن تيمية - أنَّه قال على منبر الكوفة: "خيرُ هذه الأمَّة بعد نبيِّها أبو بكر وعمر"[2].

5 - وروى الطبراني[3] من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّه كان يحلف أنَّ الله أنزل اسم أبي بكر من السَّماء: الصديق"، وقال الحافظ في "فتح الباري (9/7)": "رجاله ثقات" ا.هـ.

وثَبتَ ذلك أيضًا عن الإمام زيد بن علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عندما سألوه عن الشَّيخين: أبي بكر وعمر، فترضَّى عنهما، وأخبر بأنَّهما كانا وزيري جَّدِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكان ذلك سببًا في انحراف هؤلاءِ الشيعة الغلاة عنه، ورفضوه وسمُّوا بالرافضة[4].

وكما ثبت ذلك عن الإمام زيدِ بن علي، فهو الثابت أيضًا من كلام أخيه محمَّد الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم، فَهُم ذريَّة طاهرة بعضُها من بعض، وهذا هو المعقول، إذ كيف يترضَّى عليهما الإمام زيد، ثم يأتي أخوه محمد الباقر فيتبرأ منهما - كما تزعم الشِّيعة الإماميَّة - وأبوهما واحد، وتعلَّما من مدرسة واحدة - رضي الله عنهم جميعًا.

وهذه بعض النصوص عنهما:
1 - قال حفص بن غِياث: سمعت جعفر بن محمَّد، يقول: "ما أرجو من شفاعة عليٍّ شيئًا، إلاَّ وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثلَه، لقد ولدني مرَّتين".

2 - وعن أسباط بن محمَّد، حدَّثنا عمرو بن قيس الملاَّئي، سمعتُ جعفر بن محمَّد يقول: "برئ اللهُ ممَّن تبرَّأ من أبي بكر وعمر".

3 - وعن عبدالجبَّار بن العبَّاس الهمداني: أنَّ جعفر بن محمَّد أتاهم وهم يُريدون أن يرتحلوا من المدينة، فقال: إنَّكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مِصركم، فأبلغوهم عنِّي: مَن زعم أنِّي إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومَن زعم أنِّي أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء".

4 - وعن حنان بن سدير: سمعتُ جعفر بن محمد، وسُئِل عن أبي بكر وعمر، فقال: "إنَّك تسألني عن رجلين قد أكلاَ من ثمار الجنَّة".

5 - وعن محمَّد بن فُضيل، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سألتُ أبا جعفر وابنَه جعفرًا عن أبي بكر وعمر، فقال: يا سالم، تولَّهما، وابرأْ من عدوهما، فإنهما كانَا إمامَيْ هدًى، ثم قال جعفر: يا سالم، أيسبُّ الرجلُ جدَّه؟! أبو بكر جَدي، لا نالتني شفاعةُ محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما "، وسالم بن أبي حفصة الذي روى هذا الأثر ظاهرُ التشيُّع، ومحمد بن فضيل الراوي عنه من الشِّيعة الثِّقات عند أهل السُّنة[5].

6 - عن خَلَف بن حوشب، عن سالم بن أبي حفصة - وكان يترفَّض - قال: دخلتُ على أبي جعفر وهو مريض، فقال - وأظنُّ قال ذلك من أجلي -: اللهمَّ إنِّي أتولَّى، وأحبُّ أبا بكر وعمر، اللهمَّ، إن كان في نفسي غيُر هذا، فلا نالتني شفاعةُ محمَّد يوم القيامة - صلَّى الله عليه وسلَّم "[6].

7 - وروى عليُّ بن الجعد عن زهير بن محمَّد، قال: قال أبي لجعفر بن محمَّد: إنَّ لي جارًا يزعم أنَّك تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال: برئ الله مِن جارك، والله، إنِّي لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيتُ شكاية، فأوصيت إلى خالي عبدالرحمن بن القاسم"[7].

8 - قال إسحاق الأزرق عن بسَّام الصَّيرفي: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر فقال: والله إنِّي لأتولاَّهما، وأستغفر لهما، وما أدركتُ أحدًا من أهل بيتي إلاَّ وهو يتولاَّهما"[8].

9 - وعن جابر الجُعفي، عن محمَّد بن علي، قال: "أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسنَ ما يكون من القول"[9].

10 - عن عبدالملك بن أبي سليمان: قلت لمحمَّد بن علي: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [المائدة: 58]، قال: هم أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قلت: إنَّهم يقولون: هو عليٌّ، قال: عليٌّ منهم "[10].
ثانيًا: من كتب الشِّيعة الزيديَّة:
سبق أن بيَّنا موقفَ الإمام زيد من الشَّيخين: أبي بكر وعمر، وحُسن ثنائه عليهما، وكيف رَفَضه غلاةُ الشِّيعة بسبب ذلك وتركوا مناصرتَه، وكان أحوج ما يكون إلى مَن ينصره في خروجه على سلاطين الجَور، ومع ذلك آثرَ الحق، ولم يداهن فيه.

وإليك أقوالَ بعض أئمَّة المذهب الزيدي في الصحابة والخلفاء الذين تقدَّموا أميرَ المؤمنين علي بن أبي طالب مِن كتبهم:
- قال الشَّوكاني: حكى الإمام عبدالله بن حمزةَ في كتاب كامله "الكاشف للإشكال الفارق بين التشيُّع والاعتزال" ما لفظُه: "والمسلك الثاني: أنَّ أمير المؤمنين هو القُدوة، ولم يعلم من حاله - عليه السلام - لعنُ القوم، ولا التبرؤُ منهم، ولا تفسيقهم؛ يعني: المشايخ.

قال: وهو قدوتنا، فلا نزيد على حَدِّه الذي وصل إليه، ولا ننقص شيئًا من ذلك؛ لأنَّه إمامُنا وإمام المتقين، وعلى المأمور اتِّباع آثار إمامه، واحتذاء أمثاله، فإن تعدَّى، خالف وظلم" ا.هـ، وقد حكى هذا الكلامَ بألفاظه السيِّد الهادي، وحكى في الصحابة أنَّ عليًّا - عليه السلام - كان يرضى عنهم، فقـال:


وَرَضِّ عَنْهُمْ كَمَا رَضَّى أَبُو الْحَسَنِ أَوْ قِفْ عَنِ السَّبِّ إِنْ مَا كُنْتَ ذَا حَذَرِ


وروى الإمام المهديُّ في "يواقيت السير": أنَّه حين مات أبو بكر، قال - عليه السلام -: "رضي الله عنك، واللهِ لقد كنتَ بالناس رؤوفًا رحيمًا"، انتهى[11].

- ولقد قال الإمـام المهديُّ في "القلائد": "إنَّ قضاء أبي بكر في فدك صحيح، وروى في هذا الكتاب كامل عن زيد بن علي: أنَّه قال: لو كنتُ أبا بكر لَمَا قضيتُ إلاَّ بما قضى به أبو بكر".

- وقال المنصور بالله عبدالله بن حمزة في رسالته في جواب المسألة التهاميَّة بعد أن ذكر تحريمَ سبِّ الصحابة ما لفظُه: "وهذا ما َيقضي به عِلمُ آبائنا إلى عليٍّ - عليه السلام"[12].

- قال الإمام يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد في كتاب كامله "الإيضاح لِمَا خفي من الاتِّفاق على تعظيم الصحابة": "إجماعُ أئمَّة الزيديَّة على تحريم سبِّ الصحابة؛ لتواتُرِ ذلك عنهم، والعلم به، فما خالف ما عُلم ضرورةً لا يُعمل به.. إلخ"[13].

- وقد بيَّن الإمام يحيى بن الحسين أنَّ كافة القدماء من أهل البيت كانوا يقولون بالترضية على الصحابة، فقال في كتاب كامله "الإيضاح": "واعلم أنَّ القائلين بالترضية من أهل البيت هم: أمير المؤمنين، والحسن، والحسين، وزين العابدين علي بن الحسين، والباقر، والصادق، وعبدالله بن الحسن، ومحمَّد بن الحسن، ومحمَّد بن عبدالله النفس الزكيَّة، وإدريس بن عبدالله، وزيد بن عبدالله، وزيد بن علي، وكافَّة القُدماء من أهل البيت" ا.هـ[14].
ثالثًا: من كتب الشِّيعة الإماميَّة:
1 - وفي الروضة من الكافي (8/101)، في حديث أبي بصير والمرأة التي جاءتْ إلى أبي عبدالله تسأل عن (أبي بكر وعمر)، فقال لها: توليهما، قالتْ: فأقول لربِّي إذا لقيته: إنَّك أمرتني بولايتهما؟ قال: نعم[15].

2 - وعن عروةَ بن عبدالله قال: سألتُ أبا جعفر محمد بن علي (الباقر) - عليهما السلام - عن حِلية السُّيوف؟ فقال: لا بأس به، قد حلَّى أبو بكر الصِّدِّيق سيفه، قلت: فتقول: الصِّدِّيق؟ قال: فوثب وثبةً، واستقبل الكعبة، وقال: نَعم، الصِّدِّيق، نَعم الصِّدِّيق، فمَن لم يقل له الصِّدِّيق، فلا صدق اللهُ له قولاً في الدنيا ولا في الآخرة".[16]

3 - ويروي السيِّد المرتضى في كتاب كامله الشافي: عن جعفر بن محمَّد الصادق - عليه السلام - أنَّه كان يتولاَّهما؛ أي: أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ويأتي القبرَ، فيُسلِّم عليهما مع تسليمه على رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.[17]

4 - وجاء نصٌّ عظيم في كتاب كامل "نهج البلاغة" - الذي يعتقد الشِّيعة الإماميَّة صحة ما فيه - يهدم هذا النصُّ كلَّ الرِّوايات التي تزعم العداوةَ والصِّراع بين علي والشيخَين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - يقول عليٌّ في أبي بكر أو عمر - على اختلاف بين شيوخ الشِّيعة في ذلك -: "لله بلاءُ فلان[18]، فلقد قوم الأود[19]، وداوى العمد[20]، وأقام السُّنَّة، وخلف الفتنة[21]، ذهبٌ نقيُّ الثوب، قليلُ العيب، أصاب خيرَها وسبق شرَّها، أدَّى إلى الله طاعتَه واتقاه بحقه".[22]

ولوضوح النصِّ قال ميثم البحراني - وهو شيعي إمامي - في شرح مفصله: "واعلم أنَّ الشِّيعة قد أوردوا هنا سؤالاً فقالوا: إنَّ هذه الممادحَ التي ذكرها في حقِّ أحد الرجلين تُنافي ما أجمعْنا عليه من تخطئتهم وأخذهما لمنصب الخِلافة، فإمَّا ألاَّ يكون هذا الكلام من كلامه، وإمَّا أن يكون إجماعُنا خطأ...".[23]

5 - وعن الحسن بن علي - عليه السلام - أنَّه قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: ((إن أبا بكر منِّي بمنزلة السمع، وإن عمر منِّي بمنزلة البصر، وإنَّ عثمان منِّي بمنزلة الفؤاد، قال: فلمَّا كان من الغد دخلتْ عليه وعنده أمير المؤمنين - عليه السلام - وأبو بكر وعمر، وعثمان، فقلت له: يا أبت، سمعتُك تقول في أصحابك هؤلاءِ قولاً، فما هو؟ فقال - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم -: نعم، ثم أشار بيدِه إليهم، فقال: هم السَّمع والبصر والفؤاد)).[24]
* بل في رواياتهم ما يفيد الثناء على الصحابة عمومًا، ومنها:
6 - ما في "بحار الأنوار": قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((طوبَى لِمَن رآني، وطوبَى لِمَن رأى مَن رآني، وطوبَى لِمَن رأى مَن رأى مَن رآني)).[25]

7 - وفي كتاب كامل "الكافي": عن ابن حازم قال: قلت لأبي عبدالله: فأخبرني عن أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - صَدَقوا على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أم كَذَبوا؟ قال: بل صَدَقوا".[26]

8 - وفي نهج البلاغة وغيره [27]:"أن علي بن أبي طالب وصف أصحـابَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لشيعته فقال: لقد رأيتُ أصحاب محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما أرى أحدًا يُشبههم منكم، لقد كانوا يُصبحون شعثًا غبرًا، وقد باتوا سُجَّدًا وقيامًا، يُراوحون بين جباههم وخـدودِهم، ويقفون على مثل الجَمر من ذِكر معـادهم، كأنَّ بين أعينهم رُكبَ المعزى من طول سجودهم، إذا ذُكر الله هملتْ أعينُهم، حتى تبلَّ جيوبَهم، ومـادوا كمـا يَميـد الشَّجر يومَ الرِّيح العاصف؛ خوفًا من العِقاب، ورجاءً للثواب".

9 - وفي "بحار الأنوار": عن موسى الكاظم بن جعفر الصادق - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أنا أَمَنةٌ لأصحابي، فإذا قُبضتُ دنا من أصحابي ما يُوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمَّتي، فإذا قُبض أصحابي دنا من أمَّتي ما يُوعدون، ولا يزال هذا الدِّين ظاهرًا على الأديان كلِّها ما دام فيكم مَن قد رآني)).[28]

10 - وعندَما ضرب الشَّقيُّ الخارجيُّ ابن ملجم الإمامَ عليَّ بن أبي طالب - عليه السلام - وأحسَّ بالموت، أوصى ولدَه الحسن - عليه السلام - وكان مماَّ قال له: اللهَ اللهَ في أمَّة نبيِّكم، فلا يُظلمنَّ بين أظهُركم، واللهَ اللهَ في أصحاب نبيِّكم؛ فإنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - أوصى بهم".[29]

وفي كتب الشِّيعة الإماميَّة روايات أخرى غير ما ذكرتُه تمدح الصحابة.[30]
فإن قلت: إنَّما تركْنا هذه الرِّوايات؛ لأنَّ عندنا رواياتٍ كثيرةً في ذمِّهم تنقض هذه الروايات، فأخذنا بها، ومنها على سبيل المثال فقط:
1 - في تفسير العياشي (1/199) والبحار للمجلسي (22/333): عن أبي جعفر - عليه السلام - أنَّه قال: "كان الناس أهلَ رِدَّة بعد النبي إلاَّ ثلاثة".

2 - وأيضًا في كتاب كامل الكافي (2 / 244): عن حمران قال: قلت لأبي جعفر - عليه السلام -: ما أقلْنا لو اجتمعْنا على شاة ما أفنيناها؟ فقال: ألاَ أُخبرك بأعجب من ذلك؟ قال: فقلت: بلى، قال: المهاجرون والأنصار ذهبوا... إلاَّ ثلاثة".

3 - وفي روضة الكافي (8/102): عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله، قال: قلت لأبي عبدالله - عليه السلام -: "خبرني عن الرَّجلين - يعني: أبا بكر وعمر - قال: ظلمانَا حقَّنا في كتاب كامل الله - عزَّ وجلَّ - ومنعَا فاطمة - صلوات الله عليها - ميراثَها من أبيها، وجرى ظلمهما إلى اليوم. قال - وأشار إلى خلفه -: ونبذَا كتاب كامل الله وراءَ ظهورهما".

4 - وفيه (8/103): "عن الكميت بن زيد الأسدي قال: دخلت على أبي جعفر - عليه السلام - ...قلت: خبِّرني عن الرَّجلين... قال: والله يا كميتُ، ما أهريق محجمة من دم، ولا أُخذ مال مِن غير حله، ولا قُلب حجر عن حجر إلاَّ ذاك في أعناقهما".
نقول: نعم، الرِّوايات في مذهب الشِّيعة الإماميَّة متناقضة[31]، فهل يعقل أن يتكلَّم الإمام جعفر الصادق وآباؤه - وهم بيت الصدق - بالشيء ونقيضه؟! لِمَ لا يكون السببُ في هذا التناقض هم رواةَ هذه الآثار عنهم، وخاصَّة أنَّ كثيرًا من الرُّواة كانوا يكذبون على الأئمَّة، ودسُّوا في كتبهم ما ليس من كلامهم، وقد اشتكى أئمَّة أهل البيت - رضي الله عنهم - كثيرًا من ذلك، فقد ذكر المجلسي في "بحار الأنوار": عن أبي عبدالله - عليه السلام - قال: كلُّ ما كان في كتب أصحاب أبي - عليه السلام - من الغلوِّ فذاك مما دسَّه المغيرة بن سعيد في كتبهم.[32]

- وجاء في كتاب كامل جامع أحاديث الشِّيعة: عن رجال الكشي بسنده إلى يونس، قال: وافيتُ العراق، فوجدت بها قطعةً من أصحاب أبي جعفر - عليه السلام - ووجدتُ أصحاب أبي عبدالله - عليه السلام - متوافرين، فسمعت منهم، وأخذتُ كتبهم، فعرضتُها من بعد على أبي الحسن الرِّضا - عليه السلام - فأنكر منها أحاديثَ كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبدالله - عليه السلام - وقال لي: إنَّ أبا الخطَّاب كَذَب على أبي عبدالله - عليه السلام - لعن الله أبا الخطَّاب، وكذلك أصحاب أبي الخطَّاب يدسُّون في هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله - عليه السلام - فلا تَقبلوا علينا خلافَ القرآن، فإنَّا إن تحدثْنا حدَّثْنا بموافقة القرآن، وموافقة السُّنة.[33]

- وفيه أيضًا عن ابن سنان قال: قال أبو عبدالله - عليه السلام -: إنَّا أهلُ بيت صادقون، لا نخلو من كذَّاب يكذب علينا، فيُسقط صِدقَنا بكذبه علينا عندَ الناس،... ثم ذَكَر المغيرة بن سعيد، وبزيعًا والسَّري، وأبا الخطَّاب، ومعمرًا وبشارًا الأشعريَّ، وحمزة البربري، وصائدًا النهدي، فقال: لعنهم الله، إنَّا لا نخلو من كذَّاب يكذب علينا، أو عاجز الرأي.."[34]

- وورد في رِجال الكشي: عن أبي عبدالله - عليه السلام - قال: "ما أنزل الله سبحانه آيةً في المنافقين إلاَّ وهي فيمن ينتحل التشيُّع" [35]، وقال: "إنَّ ممَّن ينتحل هذا الأمرَ لِمَن هو شرٌّ من اليهود والنَّصارى والمجوس والذين أشركوا". [36]

وبعدَ أن علمتَ هذا، أليس من الأقرب أن تكون الرِّوايات التي فيها ذمُّ الصحابة ممَّا دسَّه هؤلاء الكذَّابون على الأئمَّة، وتبقى الروايات الأخرى الموافقة لِمَا عند الشِّيعة الزيديَّة وأهل السُّنَّة، وخاصَّة أنَّ الأئمَّة أنكروا ما نُسب إليهم ممَّا يخالف القرآن، فقالوا: "لا تقبلوا علينا خلافَ القرآن، فإنَّا إن تحدَّثنا حدَّثنا بموافقة القرآن، وموافقة السُّنة"، والقرآن فيه آياتٌ كثيرة تُثني على الصحابة عامَّة، وعلى المهاجرين والأنصار خاصَّة، ومعلوم أنَّ أبا بكر وعمر وعثمان الذين تولَّوا الخلافة قبلَ علي كانوا من المهاجرين - باتِّفاق كلِّ المسلمين - بل هم مِن كبار المهاجرين، وقد أخبر الله - تعالى - أنَّ المهاجرين والأنصارَ هم المؤمنون حقًّا، ووعدهم - بلا استثناء - بالمغفرة والرِّزق الكريم في الجنَّة؛ فقال - تعالى -: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74].

كما أخبر - تعالى - بأنَّه رَضِيَ عنهم، وأعدَّ لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا، وذلك واضح جليٌّ في قول الله - تبارك وتعالى - فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، وقال - تعالى -: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[لتوبة: 88 - 89]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وهم ممَّن بايعَ تحت الشجرة، وقد رضي الله - تعالى - عن كلِّ مَن بايع تحت الشجرة؛ فقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]، فتدبَّرِ الآية، وانظر كيف زكَّى الله - تعالى - فِعْلهم {إِذْ يُبَايِعُونَكَ}، وزكَّى باطنَهم؛ {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}؛ لذلك نالوا رضا الله، ونزولَ السكينة والفتح القريب، وكانوا ألفًا وأربعمائة أو ألفًا وخمسمائة، وقال ابن عبَّاس: "قد أخبرنا الله - عزَّ وجلَّ - في القرآن أنَّه رضي عن أصحاب الشَّجرة، فعلم ما في قلوبهم، فهل أخبرنا أنَّه سخط عليهم بعدَ ذلك؟!"[37]

فإن أعرضتَ عن كلِّ هذا - مع أنَّه الحق - أولم تقنعْ به، فلا أقلَّ من أن تتوقَّف في أمر الصحابة - لتناقض الرِّوايات في مذهبك - فلا تتعرَّض لهم بذم ولا مدح، وأمسكْ عن السَّبِّ والطعن، واتركْ أمرهم إلى الله - تعالى - واخرج من الدنيا عفيفَ اللِّسان؛ كي لا يطالبَك يومَ القيامة أحدٌ ممَّن رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - نبيًّا بسَبِّك إيَّاه، وقل: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 134].
وختامًا أقول:
لا يسعُ كلَّ مريد للحقِّ إلاَّ أن يُطبِّق قولَ الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر: 10]، وقول رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنَّ أحدَكم أنفقَ مثلَ أُحدٍ ذهبًا ما أدرك مدَّ أحدهم، ولا نصيفَه))؛ متفق عليه [38].

ونسأل الله - تعالى - الإخلاص في القول والعمل، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
ــــــــــــــــــــ
[1] - هو أبو عبدالله المدني: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم.
أمُّه أمُّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر؛ ولذلك كان يقول: ولَدني أبو بكر مرَّتين.
فأهل السُّنة يعدونه من أئمَّتهم في العِلم، فهو قد روى، وأخذ العِلم عن أبيه محمد الباقر، والزهري، ونافع، وابن المنكدر، وأخذ عنه العلم، وروى عنه أئمَّة أهل السنَّة؛ كسُفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشُعبة، ويحيى القطَّان، ومالك بن أنس، وابنه موسى الكاظم، وآخرون، ولد سنة ثمانين، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة.
[2] - الحديث صحيح؛ رواه أحمد (880)، وغيره، وانظر: منهاج السُّنة (7/511) لابن تيمية، وذكر أيضًا في نفس الموضع أن عليًّا - رضي الله عنه - قال: لا يبلغني عن أحدٍ أنَّه فضَّلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته جلد المفتري.
[3] - المعجم الكبير للطبراني (1/55 ، رقم14)، وانظر: الآحاد والمثاني (1/70 ، رقم 6) لأحمد بن عمرو بن الضحاك، أبي بكر الشيباني، الناشر: دار الراية، الرياض، الطبعة الأولى.
[4] - انظر: كتاب كامل مقالات الإسلاميين (1/89) لأبي الحسن الأشعري، ومنهاج السُّنَّة (1/34 – 35) لابن تيمية.
[5] - وقد ذكر هذه الآثار وغيرها الإمام المزي في "تهذيب الكمال" (5/80)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/256) في ترجمته للإمام جعفر الصادق، ثم قال الذهبي: "هذا القول متواترٌ عن جعفر الصادق، وأشهد بالله: إنَّه لبارٌّ في قوله، غير منافق لأحد، فقبح الله الرافضة" ا.هـ.
[6] - مادة التاريخ دمشق لابن عساكر (15/355).
[7] - تهذيب الكمال (5/80) للمزي، ابن عساكر (15/355)، والكامل (2/132) لابن عدي.
[8] - ابن عساكر (15/ 355)، وانظر طبقات ابن سعد (5/321).
[9] - ابن عساكر (15/355).
[10] - ابن عساكر (15/356)، وانظر الحلية (3/185).
[11] - من كتاب كامل: "إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت - عليهم السلام - في صَحْب النبي" للشوكاني (ص: 78 - 79).
[12] - انظر المصدر السابق (ص: 53).
[13] - انظر هذه الأقوال وغيرها في المصدر السابق (ص 54 - 61).
[14] - المصدر السابق (ص: 58).
[15] - وقال حسين الموسوي: إنَّ المرأة كانت من شيعة أهل البيت، وأبو بصير من أصحاب الصادق – عليه السلام - فما كان هناك موجب للقول بالتقية".ا.هـ من كتاب كامل "لله ثم للمادة التاريخ" (ص: 29).
[16] - كتاب كامل "كشف الغمة في معرفة الأئمة" لعلي الأربلي (2/360)، وانظر: الحلية (3/184، 185)، ومما يستفاد من هذا الخبر - بالإضافة إلى الثناء على الصِّدِّيق - أنَّ الإمام الباقر يستدلُّ بفعل أبي بكر على أن حلية السيوف حلالٌ، فأبو بكر عنده عالِمٌ يُقتدى به، وكذلك اقتدى علي بن أبي طالب بفعل عمر، كما جاء في كتاب كامل "الذريعة إلى تصانيف الشيعة" لأغا بزرك الطهراني: عندما نزل الإمام علي - عليه السلام - الكوفة، قيل له: "يا أمير المؤمنين، أتنزل القصر؟ قال: لا حاجةَ لي في نزوله؛ لأنَّ عمر بن الخطَّاب كان يبغضه، ولكنِّي نازل الرحبة".
[17] - كتاب كامل الشافي (ص:238)، وقد ورد في تلخيص الشافي (2/428): "عن جعفر بن محمد عن أبيه - عليهما السلام -: "أنَّ رجلاً من قريش جاء إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - فقال: سمعتك تقول في الخُطبة آنفًا: اللهم أصلحْنا بما أصلحت به الخلفاءَ الراشدين، فمَن هما؟ قال: حبيباي وعمَّاك: أبو بكر وعمر؛ إماما الهُدى، وشيخَا الإسلام، ورجلاَ قريش، والمقتدَى بهما بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - مَن اقتدى بهما عُصم، ومن اتبع آثارهما هُدي إلى صراط مستقيم"؛ نقلاً عن الشِّيعة وأهل البيت (ص:53).
[18] - أي: عمله الحَسَن في سبيل الله (انظر: شرح مفصل نهج البلاغة: 4/97 لميثم البحراني).
[19] - وهو كناية عن تقويمه لاعوجاج الخلق عن سبيل الله إلى الاستقامة؛ (مثيم البحراني/ شرح مفصل نهج البلاغة: 4/97).
[20] - العمد بالتَّحريك: العلَّة، انظر: صبحي الصَّالح في تعليقه على نهج البلاغة (ص:671).
[21] - أي: تركها خلفًا لا هو أدركها، ولا هي أدركته؛ (المصدر السَّابق نفسه).
[22] - نهج البلاغة، (ص:350)؛ تحقيق: صبحي الصَّالح.
[23] - ميثم البحراني، شرح مفصل نهج البلاغة (4/98)، وجاء في كتاب كامل "شرح مفصل نهج البلاغة": "قال علي بن أبي طالب:
: "وإنَّا لنرى أبا بكر أحقَّ بها؛ أي: بالخِلافة، إنَّه لصاحب الغار، وإنا لنعرف سِنَّه، ولقد أمرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالصلاة خلفه، وهو حيٌّ"؛ شرح مفصل نهج البلاغة لابن أبي الحديد (2/50)، دار إحياء الكتب مادة اللغة العربية، الطبعة الأولى 1959م.
وهذا الأثر موجود أيضًا عند أهل السنة عن علي، وعن الزبير - رضي الله عنهما - وقد رواه الحاكم في المستدرك (3/70 - برقم4422) - بسند جيَّد - وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبيُّ.
[24] - ذكره هاشم البحراني في تفسيره "البرهان" (4/564، 565)، وهو من رواية علي بن محمد بن علي الرضا عن أبيه عن آبائه.
[25] - بحار الأنوار (22/ 305).
[26] - أصول الكافي (1/65)، بحار الأنوار (2/228).
[27] - نهج البلاغة (1/190) بشرح مفصل الشيخ محمد عبده، وانظر: الأمالي للشيخ المفيد (ص:197)، ومستدرك الوسائل (4/467)، وخاتمة المستدرك (1/211).
ومعنى رُكب المعزى: جمع رُكبة موصل الساق من الرِّجل بالفخذ، وخصَّ ركب المعزى ليبوستها، واضطرابها من كثرة الحركة؛ أي: إنَّهم لطول سجودهم بطول سهودهم، وكأن بين أعينهم جسمًا خشنًا يدور فيها، فيمنعهم عن النوم والاستراحة.
[28] - بحار الأنوار (22/ 309 - 310).
[29] - مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني (ص:39)، كشف الغمَّة للأربلي (2/59).
[30] - ومنها أيضًا ما في نهج البلاغة (2/357 ) - عندما اجتمع ناسٌ إلى علي - عليه السلام - يشكون من عثمان، دخل عليه الإمام علي - عليه السلام - فقال: "إنَّ الناس ورائي، وقد استسفروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك؟ ما أعرف شيئًا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنَّك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة، ولا ابن الخطَّاب أدلى بعمل الحقِّ منك، وأنت أقرب إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا"، وفي ذلك ما يدلُّ على اعتراف علي - رضي الله عنه - بعِلم عثمان، وفضله، ومصاهرته للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنما جاء له ناصحًا وموجهًا.
وقال - عليه السلام - في الثناء على خبَّاب - رضي الله عنه -: "يرحم الله خبابَ بن الأرت فلقد أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله وعاش مجاهدًا"؛ نهج البلاغة (4/672).
ويقول صاحب الاحتجاج: "عندما جيء إلى أمير المؤمنين علي - عليه السلام - برأس الزبير بن العوام وسيفه، فتناول سيفه، وقال: "طال والله ما جلَّى به الكربَ عن وجه رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم"؛ الاحتجاج للطبرسي: (1/380).
[31] - وهذا التناقض في كثير من المسائل، وليس في هذه المسألة وحدَها، وهذا مما عابه الكثير علي هذا المذهب، واعترف بذلك الشيخ الطوسي شيخُ الطائفة الاثني عشرية، فقال في مقدِّمة كتاب كامله "التهذيب": "ذاكرني بعض الأصدقاء بأحاديثِ أصحابنا، وما وقع فيها من الاختلاف والتبايُن والمنافاة والتضاد، حتى لا يكاد يتفق خبر إلاَّ وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث إلاَّ وفي مقابله ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا".
[32] - بحار الأنوار (2/250).
[32] - السيِّد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة (1/262 - 263)، وانظر تنقيح المقال (1/174).
[34] - جامع أحاديث الشِّيعة (13/580)، وبحار الأنوار (2/217 - 218).
[35] - رجال الكشي (ص: 254)، وبحار الأنوار (65/166).
[36] - رجال الكشي (ص: 252)، وبحار الأنوار (65/166).
[37] - رواه الحاكم في المستدرك (3/143 - رقم4652)، والنسائي في الكبرى (5/112 - رقم8409).
[38] - رواه أحمد (11094)، والبخاري (3470)، ومسلم (2540)، وأبو داود (4658)، والترمذي (3861)، وغيرهم.







©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©