بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الآيات البينات، الذي لا يعجزه شيء في الأرض و لا في السماوات، و الذي ميز عباده المؤمنين بحب الطاعات ونبذ الهوى والبدع المحدثات، و تولى حفظ الذكر من التحريف ولم يكل حفظه لخلق من المخلوقات، فصار حجة على كل باغ و تابع للهوى أو محارب لسبيل أهل الإتباع، والصلاة والسلام على خير البريات، جاء بالحق وأخرج الناس إلى النور من جاهلية الظلمات بعد الشتات، ووجه الأمة بأمر ربها للخير الذي به تعلو القمم السامقات، فهو إمام الهدى الذي أظهر الله به الدين، ثم ارتضى له ولنا الإسلام دينا وعليه قامت دولة الإسلام، سلك بذلك مسلك من سبقه من المرسلين وعلى نهجه سار الصحابة ومن تبعهم من السابقين،فالخسران كل الخسران لمن خالف نهجه و سار على غير منهاجه مبتغيا عزة لنفسه أو لأمته، فإن الهلاك الذي حل بمن قبلنا ماكان ليحل بهم إلا لأنهم انحرفوا عن درب الأنبياء ، فلنا في من قبلنا عبرة ولنا في قصص السابقين من أمتنا عظة لمن أراد أن يتعظ فكانت مخالفة أمر الله ورسوله دوما سبب الخسران والهزيمة، والتمسك بمنهاجه نجاة وفلاح في الدنيا والآخرة يقول ربنا سبحانه وتعالى :﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً.﴾ (115) النساء
وقال تعالى ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام : 153] فإقامة الدين والسعي للتمكين له وإقامة دولته لن يكون أبدا على نهج مخالف لمنهج الرسل والأنبياء، بل لابد أن يترسم من يسعى لذلك طريقهم ونهجهم وأن يستقيم على طريقهم بغير اعوجاج أو تأثر بدعوات أخرى تضاد دعوتهم أو تخالفها، فلن يحدث التمكين ولن تقوم الدولة إلا على ما قامت عليه أول مرة وإلا فإن كل سبيل غير هذا السبيل فهو يبعد الخطى لا يقربها ويزيد الذل والهوان على الأمة بدلا من أن يخرجها منه وبهذا البحث سعيت لجمع ما يرشد من أراد السبيل لإقامة الدولة الإسلامية والتمكين للأمة حتى يصبح واضحا جليا، مع بيان السبل المخالفة التي يسلكها بعض من أراد التمكين ظنا منهم أنها السبيل الوحيد الموصل للغاية، ثم في هذا البيان أوضح ما أكد عليه العلماء أن ما علينا أن نقوم به هو أن نكون على منهاج النبوة والتمكين سيكون من رب العالمين، فلا يتعجل أحد شيئا قبل أوانه خاصة إذا لم نأخذ بعد بأسبابه، فامتثال الأمر هو ما يوصل إلى الغاية ومخالفته من سبل الغواية التي تقرع أبواب الفتن فإذا بها قد فتحت على مصراعيها، فلا يستطيع مفتتحها أن يصدها أو يردها فتصيبه وتصيب من لم يصب ما أصابه لقوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾، فليكن عملنا وسعينا مقترنا بالامتثال وإلا فهو باب شر لا باب خير وليعلم كل مخالف أنه مسؤول بين يدي ربه عن ما يفعل، فالله الله في الأوطان لا تضيعوها بمخالفتكم لنهج نبيكم إن كان عندكم اليقين في وعد الله عز وجل فامتثلوا الأمر ولن يخلف الله وعده ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ فليكن هذا اليقين راسخا في القلوب ، ولقد سعيت إلى أن يكون البحث جامعا ووافيًا في موضوعه وما كان هذا البحث شيء من عند نفسي بل كان هذا نقلا عن العلماء الربانيين و ليس لي فيه علم أدعيه لنفسي وما الجهد إلا في الجمع والترتيب وأسأل المولى تبارك وتعالى أن ينفع بهذا الجهد وأن يكون شاهدا لي لاعلي يوم يقوم الناس لرب العالمين
والله من وراء القصد.
منقول





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©