بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم . أما بعد . أخي في الله .. يا من تحب سيد قطب وتتولاه ، وتعادي من يعاديه وتشناه وتقلاه . قف معي هنيهة .. واسمع مني كلمات لطيفة .. لعل الله أن ينفعني وإياك بها .إنني أخاطبك يا من تحفظ القرآن ، وتعلم الكثير من حديث سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم . لو أن ابن جيرانكم الطيب المصلي الزاهد العابد ذو الإحسان والخير العميم على جميع المسلمين أخذ لوحة بيضاء زاهية وكتب عليها بخط جميل عبارة يسب فيها أباك ويقول عنه ( جارنا فلان منافق ) وأخرى يسب فيها أخاك ويقول عنه ( فلان عصبي حاد المزاج )ثم علقهما على الجدار الخارجي لمنزله يقرأها الغادي والرائح ، فماذا سيكون موقفك منه ، أسألك بالله أن تجيب بصراحة ؟ ثم هب أن ابن الجار هذا عاش بعد كتاب كاملة هذه اللوحتين فترة فلم يعتذر عنها بل بقيتا على الجدار كما هما ، ثم مات ابن الجار هذا وما زالت تلك اللوحتان في مكانهما . فأتيت لإخوانه وأهله وقلت لهم لما فعل ابنكم هذا فقالوا لك : لقد تاب من هذه الفعلة وتراجع عنها ، ولقد اثنى على أبيك وأخيك عندنا ما لايحصيه إلا الله . ثم أنت مع ذلك ترى هاتان اللوحتان تجددان باستمرار وكل ما علاهما الغبار جددتا مرة أخرى وبنفس العبارتين ، فأسألك بالله ماذا سوف يكون موقفك ؟ أجعل محل ابن الجار هذا ( سيد قطب ) واجعل محل اللوحتين ما قاله في كتبه عن عثمان ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين ، بل وما قاله عن موسى الكليم عليه السلام ، وأنظر لهؤلاء الذين يعتذرون عنه يطبعون هذه الكتب الطبعة تلو الطبعة والكلام هو الكلام لم يتغير شيء اللهم اعتذاراتهم الباردة السمجة ، أتلوم السلفيين يوم أن كانت غيرتهم لأنبياء الله وصحابة رسول الله أعظم من غيرتك لأخيك ، فدع عنك أخي في الله نعرات الجاهلية الأولى وانبر مع إخوانك السلفيين في الدفاع عن حياض السنة ، فوالله لن يسألك الله عن سيد قطب إن لم تعرفه ولم تقرأ كتبه ، ولكن سيسألك عن إيمانك بالرسل عليهم السلام ومقدار قيامك بحقهم ، وكذا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين حملوا هذا الدين رضي الله عنهم وأرضاهم . اقرأ بارك الله فيك ما قال سيد قطب في أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم : أبو سفيان بن حرب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وهند بنت عتبة بن ربيعة ؛ أم معاوية ، رضي الله عنهم ، كيف يتكلم أحد الناس عنهم ؟!- ((فلما جاء معاوية ، وصير الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً في بني أمية ؛ لم يكن ذلك من وحي الإسلام ، إنما كان من وحي الجاهلية )). ولم يكتف بهذا ، بل شمل بني أمية جميعاً ، فقال: ((فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبهم ، وما كان الإسلام لها إلا رداء تخلعه وتلبسه حسب المصالح والملابسات)). - ثم يذكر يزيد بن معاوية بأسوأ الذكر ، ثم يقول: ((وهذا هو الخليفة الذي يفرض رائعه معاوية على الناس ، مدفوعاً إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام ، دافع العصبية العائلية القبلية ، وما هي بكثيرة على معاوية ولا بغريبة عليه؛ فمعاوية هو ابن أبي سفيان وابن هند بنت عتبة ، وهو وريث أحد قومه جميعاً ، وأشبه شيء بهم في بعد روحه عن حقيقة الإسلام ؛ فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية؛ فهو منه ومنهم بريء)). ((ولسنا ننكر على معاوية في سياسة الحكم ابتداعه نظام الوراثة وقهر الناس عليها فحسب ، إنما ننكر عليه أولاً وقبل كل شيء إقصاءه العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي وفي سيرته في الحكم بعد ذلك إقصاءً كاملاً لأول مرة في مادة التاريخ الإسلام …فكانت جريمة معاوية الأولى التي حكمت روح الإسلام في أوائل عهده هي نفي العنصر الأخلاقي من سياسته نفياً باتاً ، ومما ضاعف الجريمة أن هذه الكارثة باكرت الإسلام ولم تنقض إلا ثلاثون سنة على سننه الرفيع…ولكي ندرك عمق هذه الحقيقة يجب أن نستعرض صوراً من سياسة الحكم في العهود المختلفة على أيدي ابي بكر وعمر ، وعلى أيدي عثمان ومروان …ثم على أيدي الملوك من أمية …ومن بعدهم من بني العباس ، بعد أن خُنقت روح الإسلام خنقاً على أيدي معاوية وبني أمية )).- ((ومضى علي إلى رحمة ربه ، وجاء معاوية بن هند وبن ابي سفيان )). وأنا استغفر الله من نقل هذا الكلام ، بمثل هذه العبارة النابية ؛ فإنه أبشع ما رأيته . ثم يقول: ((فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته كانت تقف حاجزاً أمام أمية؛ لقد انهار هذا الحاجز ، وانساح ذلك السد ، وارتدت أمية طليقة حرة إلى وراثاتها في الجاهلية والإسلام ، وجاء معاوية تعاونه العصبة التي على شاكلته ، وعلى رأسها عمرو بن العاص ، قوم تجمعهم المطامع والمآرب ، وتدفعهم المطامح والرغائب ، ولا يمسكهم خلق ولا دين ولا ضمير)). وأنا أستغفر الله وأبرأ إليه . ثم قال: ((ولا حاجة بنا للحديث عن معاوية؛ فنحن لا نؤرخ له هنا ، وبحسبنا تصرفه في توريث يزيد الملك لنعلم أي رجل هو ، ثم بحسبنا سيرة يزيد لنقدر أية جريمة كانت تعيش في أسلاخ أمية على الإسلام والمسلمين )). ثم ينقل خطبة يزعم أنها لمعاوية في أهل الكوفة بعد الصلح ، يجيء فيها قول معاوية : ((وكل شرط شرطته ؛ فتحت قدمي هاتين )) ، ثم يعقب عليه مستدركاً: ((والله تعالى يقول :
(وأوْفُوا بالعَهْدِ إنَّ العَهْدَ كانَ مسؤولاً ) والله يقول: ( وإِنِ اسْتنصروكم في الدِّينِ فَعَليكُم النصر إلا على قومٍ بَينَكُم وَبَيْنَهُم ميْثَاقٌ ) ؛ فيؤثر الوفاء بالميثاق للمشركين المعاهدين على نصرة المسلمين لإخوانهم في الدين ، أما معاوية ؛ فيخيس بعهده للمسلمين ، ويجهر بهذه الكبيرة جهرة المتبجحين ، إنه من أمية ، التي أبت نحيزتها أن تدخل في حلف الفضول)). - ثم يذكر خطبة أخرى لمعاوية في أهل المدينة: ((أما بعد؛ فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم)).
5- ثم يعلق عليها فيقول: ((أجل ، ما وليها بمحبة منهم ، وإنه ليعلم أن الخلافة بيعة الرضى في دين الإسلام ، ولكن ما لمعاوية وهذا الإسلام ، وهو ابن هند وابن ابي سفيان؟!)). - وأما معاوية بعد علي ؛ فقد سار سياسة المال سيرته التي ينتفي منها العنصر الأخلاقي ، فجعله للرشى واللهى وشراء الأمم [كذا ولعله الذمم ] في البيعة ليزيد ، وما أشبه هذه الأغراض ، بجانب مطالب الدولة والأجناد والفتوح بطبيعة الحال)). - ثم قال شاملاً لبني أمية : ((هذا هو الإسلام ، على الرغم ما اعترض خطواته العملية الأولى من غلبة أسرة لم تعمر روح الإسلام نفوسها؛ فأمنت على حرف حين غلب الإسلام ، وظلت تحلم بالملك الموروث العضوض حتى نالته ، فسارت بالأمر سيرة لا يعرفها الإسلام )).
هذا ما جاء في ذكر معاوية ، وما أضفى الكاتب من ذيوله على بني أمية وعلى عمرو بن العاص ، وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب؛ فانظر ماذا يقول: ((أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحات المادة التاريخ ، والذي لم يسلم إلا وقد تقررت غلبة الإسلام ؛ فهو إسلام الشفة واللسان ، لا إيمان القلب والوجدان ، وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل؛ فلقد ظل يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين ، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد ، بينما يتظاهر بالإسلام ، ولقد ظلت العصبية الجاهلية تسطير على فؤاده…وقد كان سفيان يحقد على الإسلام والمسلمين ، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها)). - ((ولقد كان أبو سفيان يحلم بملك وراثي في بني أمية منذ تولى الخلافة عثمان ؛ فهو يقول : ((يا بني أمية …تلقفوها تلقف الكرة؛ فو الذي يحلف به أبو سفيان ؛ ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة!)) ، وما كان يتصور حكم المسلمين إلا ملكاً ، حتى أيام محمد ، (وأظن أنا أنه من الأدب أن أقول: )؛ فقد وقف ينظر إلى جيوش الإسلام يوم فتح مكة ، ويقول للعباس بن عبد المطلب : ((والله يا أبا الفضل؛ لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً)) ، فلما قال له العباس : إنها النبوة ، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان)). ثم يقول عن هند بن عتبة أم معاوية:
10- ((ذلك أبو معاوية ، فأما أمه هند بنت عتبة ، فهي تلك التي وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة ، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة؛ فقد كان قد مات ، وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرها بعد إذ تقررت غلبة الإسلام تصيح: ((اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه ، قبح من طليعة قوم ، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟)). قلت : تخيل بارك الله فيك لو قيل ربع هذا الكلام أو أقل منه عن أبيك ، كيف ستكون غيرتك ؟
منقول





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©