السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قد جاء ( بايعت رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم على السمع و الطاعة و النصح لكل مسلم) و جاء في بعض الروايات أن النصح لكل مسلم مما اشترطه رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم في المبايعة. و جاء ( من ذب عن عرض أخيه بالغيبة ، كان حقا على الله أن يعتقه من النار ) و جاء ( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة )

و بعد:

قد نبتت نابتة سوء، تغلغلت بين المسلمين، و ضربت بجدورها بين أهل السنة و الجماعة، قدحت في كبار علماء الأمة، و طعنت فيهم، و وصفتهم بأقبح الصفات، و كان من فريتهم رمي العلامة المحدث الألباني بالإرجاء، و إني ذاكر جملة من الأدلة التي تبين بطلانهم و عظم و قبح ما جاؤوا به.


فمما شغب به المشاغبون، و نعق به المقلدون، و تهافت عليه المبطلون قولهم أن الألباني صرح بأنه العمل شرط كمال في الإيمان، و ذلك حسب فهمهم المنكوس و علمهم المخدوش يكفي للحكم على الرجل بالإرجاء.

و ردنا على ذلك من وجوه:

أحدها: قد قال بأن العمل شرط في الإيمان غيره من علماء عصرنا و به قال ابن باز و ابن عثيمين و جاء ذلك في فتاوى اللجنة الدائمة، و لا أظن أنه يقوى أحد على رمي هؤلاء بالإرجاء.

الثاني: لا فرق حكما لا حقيقة بين من قال أن العمل شرط في صحة الإيمان و من قال أن العمل شرط كمال في الإيمان، و الواجب درءا للتناقض في مذهبكم أن تحكموا على من قال بالأول بالإرجاء كحكمكم على الألباني بذلك لأنه قال بالثاني, و لكن مذهبهم المبني على غير دعائم العلم أوقعهم في التناقض

الثالث: أن الشرط يطلق و يراد به ما هو خارج عن المشروط، و يطلق و يراد به الصحة من عدمها و وجه ذلك أن قولنا أن الوضوء شرط في الصلاة فإن قولنا ذلك جمع كلا الأمرين جمع بين أن الوضوء خارج عن ماهية الصلاة، و بين أن الوضوء تتوقف عليه صحة الصلاة
و كلام الألباني خرج جهة المخرج الثاني لا جهة المخرج الأول اي أن الألباني رحمه الله أراد بقوله أن العمل شرط كمال في الإيمان أن الإيمان لا يذهب بذهاب آحاد العمل و لا يكفر تارك الصلاة لأن الصلاة شرط في كمال الإيمان. و لا يكفر بآحاد عمل الجوارح.

و قد سئل العلامة الفقيه ابن عثيمين عن العمل هل هو شرط كمال في الإيمان أم شرط صحة فأجاب رحمه الله بأن من العمل ما هو شرط كمال و منه ما هو شرط صحة. فهل نقول أن ابن عثيمين قد أخرج العمل عن الإيمان عياذا بالله. لأن قال بأنه شرط في الإيمان أم نفهم من كلامه أنه أراد بالشرط مفهوم الصحة من عدمها. و هذا هو الحق الذي يجب أن لا يفهم غيره.

و كذلك مما تمسك به المتفيهقون و المتحذلقون و المتشدقون قولهم أن الألباني رحمه الله يكفر بعمل القلب و الاستحال دون سوى ذلك.

و ردنا

مما لا شك فيه أن من حصر الكفر في الجحود و الكذب و الاستحلال فهو مرجئ كما فعل على حسن الحلبي هداه الله، و لكن يجب التفطن لشيء مهم و هو أن المرجئة لما حصروا الكفر في كفر القلب نفوا التلازم بين الظاهر و الباطن اي أن حصرهم للكفر في كفر القلب لأن لا تلازم بين الظاهر و الباطن اي أنه قد يكون القلب مؤمنا قوي الإيمان سليم المعتقد عندهم و الحوارح فاسدة لا تحلل حلالا و لا تحرم حراما.

و حاشا الألباني أن يقول بهذا بل هو لما قال بأن ما من كفر في الظاهر إلا و كان لكفر في القلب و الباطن قال ذلك للتلازم بين الظاهر و الباطن و التلازم بينهما هو مذهب أهل السنة و الجماعة و مثال ذلك:

من سب الله و رسوله و داس المصحف فإنه لا يكفر عند المرجئة حتى يستحل ذلك بقلبه، بل عندهم قد يفعل ذلك و قلبه مؤمن سليم تام الإيمان. و لكن من جاء بذلك فهو كافر عن الشيخ الألباني لأنه فعله ذلك دليل على فساد باطنه و كفر سريرته.

فإذا قلتم أن الألباني قال بالتكفير بعمل القلب و الاستحلال قلنا لكن حتى يكون مرجئا يجب أن يفرق بين الظاهر و الباطن و ينفى التلازم بينهما فهاتوا ذلك و إلا فأمسكوا عن طعنكم

و مما يبين جليا أن الألباني بعيد كل البعد أن الإرجاء ما يلي:

تصريحه بأن العمل يزيد و ينقصد، و تصريحه بأن آحاد العمل من الإيمان، و تصريحه بأن الإيمان بلا عمل لا يفيد


ثم بعد:

و نقول قول حق لا تعصب فيه إلا للحق و لا حمية فيه إلا للسنة و أهلها أن الأباني رحمه الله قد أخطأ و خانب الصواب لما قرر هذا الباب العظيم بتلك المقولة (المحدثة) حمالة الأوجه التي تحتمل الحق و الباطل، و كان يكفيه رحمه الله و يسعه ما وسع السلف، و مع كل ذلك فهو ليس بمرجيء بل قد رد عن المرجئة و كذلك نقول أنه لا ينكر قدر الرجل إلا جاهل و لا يتنكر لعظيم خدمته للسنة و أهلها إلا مكابر.

و نقول كذلك عند تاصيل باب الإيمان أن من قال بأن العمل شرط في الإيمان فقد قال بمقولة الإرجاء و نرد تلك المقولة حتى لا يلبس حق بباطل



هذا ما بان لي قوله قبيل صلاة الظهر و للكلام بقية ان شاء الله






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©