شبهات حول التوحيد





الشبهة الأولى :

قالوا -عن أهل السنة والجماعة - : تقسيمكم للتوحيد بدعة ! آتوني بكلام أحد من السلف قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام : توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات .

والجواب عن هذه البدعة أن نقول :



هذا التقسيم – الذي قسمه العلماء - قديم من أيام ابن منده ، ومن أيام أبي نعيم ومن بعدهما ، بل من أيام ابن خزيمة ، قسموا مثل هذا التقسيم ، وذكروا مثل هذا التقسيم .

وهذا التقسيم للتفهيم والتعليم ، لا للمغايرة ، لا لبيان أن هذا التوحيد : توحيد الربوبية بمفرده هو المراد شرعا ، لا ! أو توحيد الأسماء والصفات بمفرده هو المراد شرعا ، لا ! إنما تقسيم من أجل أن يتعلم الناس ما يتكون منه التوحيد الشرعي ، كما يقول الناس – مثلا - : الإنسان جسد ، وروح ، الروح فقط ليست إنسانا ، والجسد فقط ليس إنسانا ، إنما الجسد والروح هي إنسان ، فلم يلزم من هذه القسمة قيام حقيقة الإنسان بأحد القسمين دون الآخر .

كما يقول – أيضا – بعض الناس : الماء مركب من هيدروجين وأكسجين .. من هيدروجين وأكسجين ، لكن لا توجد حقيقة الماء إلا بمجموع هذا الأمر : الهيدروجين والأكسجين بمفردها : هيدروجين لحال ، أكسجين لحال .

فهذه القسمة لا يقصد بها المغايرة ، إنما يقصد بها بيان ما يتركب منه التوحيد المراد شرعا ، فإذا كان هذا الذي يعتقد أن هذه القسمة بدعة ، فنقول له : أنت أيها الأخ ما هو التوحيد عندك ؟


فإذا قال : التوحيد عندي هو : الربوبية ، والألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .

فنقول : خلاص ! لا اختلاف بيننا وبينك ، أنت جعلت التوحيد شيئا واحدا ، لا يضر ، ما دام أتيت بجميع هذه المعاني الثلاثة ؛ ولذلك العلماء من أهل السنة والجماعة لم يجعلوا التوحيد دائما ثلاثة أقسام ، تجدهم في بعض المرات يجعلونه قسمين ، يجعلون التوحيد قسمين :

القسم الأول : التوحيد الطلبي .

القسم الثاني : التوحيد العلمي .


فالتوحيد العلمي يشمل معنى توحيد الربوبية ، والأسماء والصفات .

والتوحيد الطلبي : معنى توحيد الألوهية .

وتجد بعضهم يجعل التوحيد قسما واحدا .


وعليه نقول : هذه القسمة لأنواع التوحيد - إلى أقسام ثلاثة ، أو إلى قسمين ، أو إلى قسم واحد لا حرج فيها .

لا تريد أن تقسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام ؟ ما فيه مشكلة .

ما دام أثبت المعاني المقصودة ، وأن التوحيد عندك لابد أن يشتمل على هذه الأمور الثلاثة ، فما دام التوحيد عندك : توحيد ربوبية ، وألوهية ، وأسماء وصفات جزائرية ، انتهينا ، ما دام هو مجموع هذه الثلاثة ، وتريد أن تجعل هذه الثلاثة شيئا واحدا لا مانع .

إذن هذا القسمة اصطلاحية محضة ، استخرجها العلماء من الاستقراء لآيات القرآن والسنة .


إنما المشكلة ممن يقول : قسمة التوحيد إلى ثلاثة أقسام بدعة ، ويرى أن التوحيد نوعا واحدا ! وهو توحيد الربوبية - مثلا - أو يرى أن التوحيد نوع واحد ، وهو توحيد الأسماء والصفات – مثلا – هنا تأتي المشكلة ! إذ هذا الذي يقول هذا الكلام نقول له : أنت أخطأت في هذا الذي ذكرته ! فإن التوحيد يتركب من هذه المعاني الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .

وأنت حينما تقتصر على نوع واحد فقد خالفت ما ذكره لك الله - سبحانه وتعالى – من أن التوحيد هو مجموع هذه الأمور الثلاثة .


والدليل أن كفار قريش كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ، ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولون الله ) فهم يقرون بأن الله ] هو [ : الخالق ، الرازق ، يقرون بهذا ، لكن المعركة حصلت في توحيد الألوهية .

هنا حصلت المعركة بين الأنبياء وبين أقوامهم ، فإذا أنت أثبت أن التوحيد فقط هو الربوبية ؛ خالفت ما جاء به القرآن ، بل أهل التواريخ ينقلون عن العرب أنهم كانوا في جاهليتهم يحجون ويلبون ، ومن تلبيتهم يقولون ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا هو لك تملكه وما لك ) (14) .

والله – سبحانه وتعالى - ذكر عنهم أنهم قالوا ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) [ ورة الزمر ؛ آية رقم (3) ] .


فهم مقرون بأن الله – سبحانه وتعالى – موجود ، وأنه مستحق للعبادة ، ولكن يصرفون شيئا من العبادة لهذه الأصنام ، ولهذه الآلهة التي يتخذونها من دون الله .

فإذا أنت لم تقر أن التوحيد هو مجموع هذه المعاني الثلاثة فمعنى التوحيد عندك باطل ، ليس هو المراد الشرعي ، ارجع إلى النصوص الشرعية ، ارجع إلى العلماء وكلام العلماء ، وصحح عقيدتك في هذا الباب

الشيخ محمد عمر بازمول

..








©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©