أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يتوفَّنا مسليمين والحمد لله رب العالمين .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدًا عبده ورسوله .

أما بعد ...
فقد روى الترمذي في (جامعه) عن سعد بن أبي وقاص _ رضي الله عنه _ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ).

وذكرت في ( الصحيح المسند مماليس في الصحيحين ) حديث أبي سعيد الخدري وهو بمعنى حديث سعد بن أبي وقاص . وفي هذين الحديثين الثابتين عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بيان مايبتلى به الرجل المتمسك بدينه ، وأن هذا أمر لابد منه ، ومن وفقه الله وثبته فهو الذي ينبغي أن يحمد الله .

روى أبو داود في ( سننه ) عن القداد بن الأسود _ رضي الله عنه _ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن السعيد لمن جنب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلى فصبر فواها ) _أي : من ابتلى فصبر فعجب له _ .

بل رب العزة يقول في كتاب كامله الكريم : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبل مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذينذ آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) [البقرة : 214] .

ويقول سبحانه وتعالى في كتاب كامله الكريم : ( ألم * أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) [العنكبوت : 1-3] .

فلابد من الفتنة والاختبار رائع ، يقول الله عز وجل : ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة )[الأنبياء : 35] .

والشأن كل الشأن لمن صبر وثبت ، وسميت فتنة لأنه تفتن الشيء وتختبره ، يقال : فتن الذهب ، أي جعله في النارليعلم أذهب خالص هو أم ليس خالصًا .

ورب العزة يقول في كتاب كامله الكريم : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله)[العنكبوت : 10] .

ويقول سبحانه وتعالى في كتاب كامله الكريم : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنةانقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة )[الحج : 11]فنسأل الله أن يعيذنا من الفتن .

وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستعيذ بالله من الفتن ؛ من فتنة المحيا والممات .

فلا بد أن يفتن الداعي إلى الله ، وليس بأعز على الله تعالى من الأنبياء ومن الصالحين ، وإننا إذا قرأنا المادة التاريخ وجدنا كثيرًا من علمائنا ابتلوا كسعيد بن المسيب فقد ضُرِب ، والإمام مالك ضُرِب ، والإمام أحمد بن حنبل ضُرِب أيضًا ، وغير واحد من علمائنا المتقدمين _ رحمهم الله .

إن التمحيص يكون سببًا لفوز الشخص ونجاحه بإذن الله ، إذا كان ثابتًا ، وإننا نحمد الله سبحانه وتعالى ، فنحن نتوقع هذا ونتوقع ماهو أعظم .

ونحن فيب آخر الزمن ولكن من فضل ربي أنه ماحدث حدث إلا صار نصرًا للسنة ، فعند أن لغّم مسجد إخواننا آل حميدة حفظهم الله وسلم الله المسجد ، وكان ذلك في الليل ، وفي العصر وكنا في المدرسة بدماج وكان معهدًا ، فقلت : نصرت السنة ورب الكعبة ، وقد أخذنا هذا من قول الله عز وجل : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )[البقرة : 114] .

وأولئك الذين قاموا بالتلغيم وأرادوا قتل الدعاة إلى الله ، والدعوة كما تقدم هي دعوة الله ليست بحولنا ولا بقوتنا ولا بشجاعتنا ولا بكثرة أموالنا ولا بفصاحتنا في الخطابة ولا بكثرة الخطابة ، بل تسبقنا الدعوة ونحن نمشي بعدها والفضل في هذا لله عز وجل .

فخاب وخسر من أراد الشر بالدعاة إلى الله ، وجعله الله أضحية لعمله السيء .

أما الصحف الكذابة فمن أراد أن يجالس الكذابين فليقرأ في الصحف ، وإذا أردت أن تجالس الصادقين قرأت في كتاب كامل ربنا وفي (الصحيحين) وفي كتب التزمت الصحة . ولقد أحسن من قال :

وأرى الصحافيين في أقلامهم *** وحي السماء وزينة الشيطان

فهم الجناة على الفضيلة دائمًا *** وهم حماة لحرمة الأديان

قلت : كان ينبغي أن يقول الشاعر : والهاتكون لحرمة الأديان .

فلربما رفعوا الوضيع سفاهة *** ولربما وضعوا رفيع الشان

وجيوبهم فيها عقولهم إذا *** ملئت فهم من شيعة السلطان

وإذا خلت من فضله ونواله *** ثاروا عليه بخائن وجبان

ويصوبون المخطئين تعمدًا *** ومن المصيبة زخرف العنوان
كتاب كامل "الباعث على شرح مفصل الحوادث" للشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©