الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه


أما بعد :


قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (20/ 103) :" الوجه السابع : أن أهل البدع شرمن أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع فان النبى صلى الله عليه و سلم أمر بقتالالخوارج ونهى عن قتال أئمة الظلم وقال في الذي يشرب الخمر لا تلعنه فانه يحب اللهورسوله وقال في ذي الخويصرة يخرج من ضئضىء هذا أقوام يقرأون القرآن لا يجاوزحناجرهم يمرقون من الدين وفي رواية من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يحقر أحدكمصلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم أينما لقيتموهم فاقتلوهم فانفي قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة "


فإذا سكتنا عن الولاة إذا غلطوا واتبعنا الطرق الشرعية في نصحهم، وتكلمنا في أخطاء المنتسبين للعلم ، وحذرناالناس من ذلك كان هذا هو عين الاتباع ولا تناقض فيه .

وقد حصل هذا من أئمة الإسلام في حق بعض الأئمة الذين غرر بهم فوقعوا في بعض البدع ، فأنكروا هذه البدع ، ولم يخرجوا عليهم ، وشنعوا على دعاة الضلالة من المنتسبين للعلم والزهد .

قال ابن حبان في روضة العقلاء ص165 سمعت إسحاق بن أحمد القطان البغدادي بتستر يقول كان لنا جار ببغداد كنا نسميه طبيب القراء وكان يتفقد الصالحين ويتعاهدهم فقال لي دخلت يوما على أحمد بن حنبل فإذا هو مغموم مكروب فقلت ما لك يا أبا عبد الله قال خير قلت وما الخير قال امتحنت بتلك المحنة حتى ضربت ثم عالجوني وبرأت إلا أنه بقى في صلبي موضع يوجعني هو أشد علي من ذلك الضرب قال قلت اكشف لي عن صلبك قال فكشف لي فلم أر فيه إلا أثر الضرب فقط فقلت ليس لي بذي معرفة ولكن سأستخبر عن هذا قال فخرجت من عنده حتى أتيت صاحب الحبس وكان بيني وبينه فضل معرفة فقلت له أدخل الحبس في حاجة قال أدخل فدخلت وجمعت فتيانهم وكان معي دريهمات فرقتها عليهم وجعلت أحدثهم حتى أنسوا بي ثم قلت من منكم ضرب أكثر قال فأخذوا يتفاخرون حتى اتفقوا على واحد منهم أنه أكثرهم ضربا وأشدهم صبرا قال فقلت له أسألك عنعن شىء فقال هات فقلت شيخ ضعيف ليس صناعته كصناعتكم ضرب على الجوع للقتل سياطا يسيرة إلا أنه لم يمت وعالجوه وبرأ إلا أن موضعا في صلبه يوجعه وجعا ليس له عليه صبر قال فضحك فقلت مالك قال الذي عالجه كان حائكا قلت إيش الخبر قال ترك في صلبه قطعة لحم ميته لم يقلعها قلت فما الحيله قال يبط صلبه وتؤخذ تلك القطعة ويرمى بها وإن تركت بلغت الى فؤاده فقتلته قال فخرجت من الحبس فدخلت على أحمد ابن حنبل فوجدته على حالته فقصصت عليه القصة قال ومن يبطه قلت أنا قال أو تفعل قلت نعم قال فقام فدخل البيت ثم خرج وبيده مخدتان وعلى كتفه فوطة فوضع إحداهما لي والأخرى له ثم قعد عليها وقال استخر الله فكشفت الفوطة عن صلبه وقلت أرني موضع الوجع فقال ضع إصبعك عليه فإني أخبرك به فوضعت إصبعي وقلت ها هنا موضع الوجع قال ههنا أحمد الله على العافيه فقلت ها هنا قال هاهنا أحمد الله على العافيه فقلت هاهنا قال هاهنا أسأل الله العافيه قال فعلمت انه موضع الوجع فال فوضعت المبضع عليه فلما أحس بحرارة المبضع وضع يده على رأسه وجعل يقول اللهم أغفر للمعتصم حتى بططته فأخذت القطعه الميتة ورميت بها وشددت العصابة عليه وهو لا يزيد على قوله اللهم أغفر للمعتصم قال ثم هدأ وسكن ثم قال كأني كنت معلقا فأصدرت قلت يا أبا عبد الله إن الناس إذا امتحنوا محنة دعوا على من ظلمهم ورأيتك تدعو للمعتصم قال إني أفكرت فيما تقول وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم فكرهت أن آتي يوم القيامة وبيني وبين أحد من قرابته خصومة "


أقول : فانظر كيف دعا الإمام أحمد للمعتصم مع كونه كان يدعو إلى القول بخلق القرآن ، لأنه كان جاهلاً غير منتسب للعلم


قال الخلال في السنة 95 - أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله في أمر كان حدث ببغداد ، وهم قوم بالخروج ، فقلت : « يا أبا عبد الله ، ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم ، فأنكر ذلك عليهم ، وجعل يقول : سبحان الله ، الدماء ، الدماء ، لا أرى ذلك ، ولا آمر به ، الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء ، ويستباح فيها الأموال ، وينتهك فيها المحارم ، أما علمت ما كان الناس فيه ، يعني أيام الفتنة ، قلت : والناس اليوم ، أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله ؟ قال : وإن كان ، فإنما هي فتنة خاصة ، فإذا وقع السيف عمت الفتنة ، وانقطعت السبل ، الصبر على هذا ، ويسلم لك دينك خير لك ، ورأيته ينكر الخروج على الأئمة ، وقال : الدماء ، لا أرى ذلك ، ولا آمر به »


بخلاف موقف أحمد من ابن أبي دؤاد والكرابيسي


قال ابن الهادي في بحر الدم ص365 :" قال المروذي: قلت لابي عبد الله: إن الكرابيسي يقول: من لم يقل: لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال: بل هو كافر، وقال: مات بشر المريسي وخلفه حسين الكرابيسي، وقال لي: هذا قد تجهم وأظهر الجهمية، ينبغي أن يحذر عنه وعن كل من ابتعد. وقال في رواية أبي الحارث وقد سئل عن قول الكرابيسي: إنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، فقال: هذا قول جهم. وقال إسحاق بن إبراهيم: سمعته يقول: أخزى الله الكرابيسي، لا يجالس ولا يكلم، ولا تكتب كتبه، ولا تجالس من يجالسه"

وقال أيضاً ص 13 :" أحمد بن أبي دؤاد، القاضي: قال أحمد: كافر بالله العظيم "


أقول : ولو أدرك الكرابيسيون الجدد الإمام أحمد ، لاتهموه بالتناقض ، إذ كيف لا يكفر المعتصم ثم يكفر ابن أبي دؤاد ، ثم لتفلسفوا وقالوا

( هل من المصلحة إنكار القول بخلق القرآن وولي الأمر يدعو إليه ؟! )



قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/428) :" قال أبو داود السجزي: هو القائل ( يعني سلام بن أبي مطيع) : لان ألقى الله بصحيفة الحجاج، أحب إلي من أن ألقى الله بصحيفة عمرو بن عبيد "

فانظر رحمني الله وإياك كيف فضل الحجاج على عمرو بن عبيد ، مع ما ذكر عن الحجاج من سفك الدماء وفساد المعتقد ، ولكن لما كان عمرو بن عبيد مع المنتسبين للعلم والعبادة كانت الفتنة فيه أعظم ، فكان ضرره أعظم ، وإنكار الأئمة عليه أعظم .

ولنأخذ هنا مثالاً : وهي مسألة بناء الكنائس ، قد كان بعض الحركيين قديماً يكفرون بعض الحكام بالسماح ببناء الكنائس ، دون اعتبار لمانع التأويل خصوصاً مع وجود فتاوى لبعض علماء السوء التي تبيح هذا الفعل

وأما اليوم فنتفاجأ بإفتاء محمد ابن حسان ومعه ثلة من أدعياء العلم بإعادة بناء كنيسة

قال محمد ابن حسان كما في التسجيل الصوتي المنشور له :" سابعاً : وهذا ما أخذت عليه فتوى جميع علمائكم الذين ذكرت لكم أسماءهم


سابعاً : وفقاً ( وأرجو أن تركزوا في كل كلمة ) وفقاً للأحكام العامة لشرع الله عز وجل ولفتوى أهل العلم الذين ذكرنا أسماءهم قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعادة بناء الكنيسة على ما كانت عليه بلا زيادة أو نقصان "

قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (3/195) :" كذلك سامرا بناها المتوكل، وكذلك المهدية التي بالمغرب وغيرها من الأمصار التي مصرها المسلمون فهذه البلاد صافية للإمام إن أراد الإمام أن يقر أهل الذمة فيها ببذل الجزية جاز فلو أقرهم الإمام على أن يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة أو يظهروا فيها خمرا أو خنزيرا أو ناقوسا لم يجز وإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسدا وهو اتفاق من الأمة لا يعلم بينهم فيه نزاع"

أقول : والقاهرة بلد مصرها المسلمون


قال حسن الشرنبلالي في أدلة الملة المحمدية في تخريب دير الجوانية ص63 :" فهذه المصر المحروسة القاهرة مصر إسلامية ، مصره المسلمون "


ثم قال :" ومصر فتحت عنوة ، وكان محل القاهرة صحراء خالية "

وحتى البلد فتحت صلحاً لا يجوز إحداث كنيسة فيها وإنما أردت من هذا بيان أن القاهرة لا يجوز إحداث
كنيسة فيها من وجوه


الأول : كونها تحت يد المسلمين


الثاني : أنها فتحت عنوة


الثالث : كونها مصر مصره المسلمون


قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق (5/122_ 123) :" وفي البناية قبل أمصار المسلمين ثلاثة:
أحدها ما مصره المسلمون منها كالكوفة والبصرة وبغداد وواسط فلا يجوز فيها إحداث بيعة ولا كنيسة ولا مجتمع لصلاتهم ولا صومعة بإجماع العلماء ولا يمكنون فيه من شرب الخمر واتخاذ الخنزير وضرب الناقوس.

وثانيها ما فتحه المسلمون عنوة فلا يجوز إحداث شيء فيها بالإجماع.
وثالثها ما فتح صلحا فإن صالحهم على أن الأرض لهم ولنا الخراج جاز إحداثهم وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية فالحكم في الكنائس على ما يوقع عليه الصلح فإن صالحهم على شرط تمكين الإحداث لا نمنعهم والأولى أن لا يصالحهم عليه وإن وقع الصلح مطلقا لا يجوز الإحداث ولا يتعرض للقديمة ا هـ. والحاصل أنهم يمنعون من الإحداث مطلقا إلا إذا وقع الصلح على الإحداث أو على أن الأرض لهم على هذا القول ولا استثناء في ظاهر الرواية"


فهذه الفتوى من محمد ابن حسان وزملائه من أدعياء العلم مخالفةٌ للإجماع

فإن قيل : هم أفتوا بذلك للمصلحة ؟


فيقال : سبحان الله !


أين كانت مراعاة المصحلة حين إباحتهم للخروج على حاكمٍ من مسلم ، وإقامة المظاهرات الحاشدة للمطالبة بذهابه لأنه لا يطبق الديمقراطية كما ينبغي ؟


لا يراعون المصلحة في موافقة النصوص ، ويراعونها في مخالفة إجماع الأمة فتأمل ما يصنع الهوى بأصحابه


وانظر كيف غرر أصحاب الهوى من أدعياء العلم بولاة الأمر في مجلس القوات المسلحة ، وهذه الفتاوى هي باكورة إنجازات الثورة !


ثم بعد ذلك يأتي من يزعم سلفية محمد ابن حسان ويعارض ( الجرح المفسر ) من العلماء الأثبات بتعديل ( مجمل ) منه ، ويحسب أنه ندٌ لأولئك العلماء ، وأنه خلافه لهم معتبر ، وما شعر أنه هو بحاجة إلى من يعدله

وحاله مع العلماء شبيهٌ بذلك الحال الذي وصفه أسد بن الفرات


قال القاضي عياض في ترتيب المدارك (1/175) :" وأما أسد: لما انصرفت من العراق إلى مصر، قصدت أشهب واعتمدت عليه، وكان في خلقه ضيق، وكان علمه خيراً من دينه، فذكر يوماً أبا حنيفة، فأزرى عليه، ثم فعل بمالك مثل ذلك، فنهضت إليه وقلت له: يا أشهب. فأخذ الطلبة بثوبي وأقعدوني وقالوا: ما أردت أن تقول له؟ قال: أقول إنما مثلك ومثلهما مثل من بال بين بحرين، فرغى بوله فقال: هذا بحر ثالث. قال فتركته "


نعم وهذا هو حال صاحبنا يقول أصحابه ( البحر ) ( البحر ) ، وما علموا بحقيقة الأمر !


قال الأشعري في مقالات المسلمين ص 109: "وأما السيف؛ فإن الخوارج تقول به وتراه, إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف ولكنهم يرون إزالة أئمة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه ( ولو كان مظاهرات سلمية ) بالسيف أو بغير السيف"


أقول : ما بين القوسين من إضافتي ، وهذا الذي نقله الأشعري هو الذي عليه عامة الخوارج اليوم إزالة أئمة الجور ب(سيف ) أو ب ( مظاهرات سلمية ) ومن يؤيد المظاهرات السلمية يحاول حصر الخروج ب( السيف ) ويغفل عن هذا المذهب القديم للخوارج الذي سجلته كتب الفرق والنبي صلى الله عليه وسلم قال :" حتى تروا كفراً بواحاً " ولم يقل :" حتى تجدوا وسيلةً لا ضرر فيها أو ضررها قليل "


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

هنا التسجيل الصوتي لكلام محمد حسانالبند السابع.mp3469.5كيلو341 عدد مرات التحميل
تم التعديل بواسطة عبد الله الخليفي, 31 March 2014 - 06:44 PM.





هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلمهنا التسجيل الصوتي لكلام محمد حسان[/FONT]
البند السابع.mp3

شبكة السحاب السلفية




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©