يقول الإمام القاضي أبو بكر بن العربي الأشعري المالكي ـ رحمه الله ـ ردا على شبهة المجسمة الرافضين للتأويل ،بدعوى أن من أول الإستواء فرارا من تشبيه الله بخلقه، فعليه أن يفعل الأمر ذاته في السمع والبصر والحياة والكلام لأنها هي أيضا مما يوصف به الخلق...فيقول في [العواصم من القواصم](2/307) :

"والأحاديث الصحيحة في هذا الباب على ثلاث مراتب:
الأولى: ما ورد من الألفاظ كمال محض ليس للآفات والنقائص فيه حظ، فهذا يجب اعتقاده.
الثانية: ما ورد وهو نقص محض، فهذا ليس لله فيه نصيب ، فلا يضاف إليه إلا وهو محجوب عنها في المعنى ضرورة كقوله(عبدي مرضت فلم تعدني) وما أشبهه,
الثالثة: ما يكون كمالا ، ولكنه يوهم تشبيها.
فأما الذي ورد كمالا محضا كالوحدانية والعلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر، والإحاطة والتقدير والتدبير، وعدم المثل والنظير فلا كلام فيه، ولا توقف.
وأما الذي ورد بالآفات المحضة والنقائص كقوله(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا)[الحديد/11]، وقوله(جعت فلم تطعمني وعطشت) فقد علم المحفوظون والملفوظون، والعالم والجاهل أن ذلك كناية ، وأنه واسطة عمن تتعلق به هذه النقائص، ولكنه أضافها إلى نفسه الكريمة المقدسة، تكرمة لوليه، وتشريفا ، واستلطافا للقلوب وتليينا، وهذا أيها الغافلون تنبيه لكم على ما ورد من الألفاظ المحتملة، فإنه ذكر الألفاظ الكاملة المعاني السالمة، فوجبت له، وذكر الألفاظ الناقصة ، والمعاني الدنية فتنزه عنها قطعا، فإذا جعلت الألفاظ المحتملة التي تكون للكمال بوجه، وللنقصان بوجه، وجب على كل حصيف أن يجعله كناية عن المعاني التي تجوز عليه، وينفي عنه ما لايجوز عليه".









©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©