أحمد أوشعلال موظف جزائري من العاصمة، يقول إن موافقته على إجراء حوار صحفي والكشف عن هويته، إنما هو للرد على ما يقول إنه تشويه طال الطائفة الأحمدية التي ينتمي إليها من بعض أولئك الذين يجهلون ماهية الجماعة الأحمدية، وشرح مفصل أسباب انضمامه إلى هذه الجماعة، كما دافع عن قناعته التامة بالأحمدية، التي يقول إن لها أتباعا عبر التراب الوطني، وأن أفراد الجماعة يتعارفون فيما بينهم، ويلتقون ويؤدون صلاة الجماعة معا كلما سمحت الظروف بذلك. في هذا الحوار الذي ينشر لأول مرة مع أحد أفراد الجماعة الأحمدية، كثير من المعلومات والتفاصيل حول معتقدات هذه الجماعة، ومرجعيتها الفكرية، وتصورها إزاء بعض القضايا الدينية. كيف تعرّفت على الأحمدية واقتنعت بها؟ تعرّفت عليها أولا عن طريق صديق حميم، وكنت قبل ذلك سلفيا ثم بحثت عن هذه الجماعة وكتبها ولفت نظري تفسير سورة الفاتحة ما زادني قربا وغوصا في هذه الجماعة. ما ميزة تفسير الفاتحة الذي أثر فيك؟ التفسير قسّم الفاتحة إلى أبواب، باب صفات الله ورأيت أنّ هذا الشخص "الميرزا" محال أن يكون كذاّبا لأن كلّ من ادّعى النبوة منذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يأمر أتباعه بحب الله ورسوله والتشبث بالقرآن والعمل به، حتى أنّ له قصائد في مدح الله ورسوله والصحابة كذلك، وهذا كان ردا على الشيعة. وبقيت مدة سنة كاملة في البحث والاجتهاد ووصل بي الأمر أني استخرت الله في هذا العبد، فرأيت رؤيا مفادها أني أمشي وراء الخليفة الخامس. على هذا الأساس أنت مقتنع بالقاديانية تمام الاقتناع؟ كلمة القاديانية نحن بريئون منها، لأن القاديانية كما يقال أو يروّج لها، تقول بأنّ أتباعها يحجّون إلى قاديان التابعة إلى مقاطعة البنجاب بالهند. إذن كيف تعرّف نفسك والمجموعة التي تمثلها؟ نحن الجماعة الإسلامية الأحمدية، نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولا نمارس التقية أو التورية، وقبلتنا هي الكعبة كسائر المسلمين، ونؤمن بخاتم النبيين، ونحن نؤمن بأنه يأتي نبي تابع يجدّد الدين على طريقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والمسلمون جميعا بانتظار هذا النبي المعروف بالمهدي المنتظر، ونحن نختلف مع السلفيين في مفهوم النصوص القرآنية، أو التي جاءت في الحديث النبوي لأن هناك المجاز والكناية والتشبيه وغير ذلك. والأحمدية يقولون بأن المسيح المحمدي يأتي في ظروف تشبه الظروف التي أتى فيها المسيح الموسوي، نسبة إلى موسى عليه السلام. والأحمديون هم أتباع ميرزا غلام أحمد عليه السلام، الذي عاش بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر هجري في البنجاب بالهند، وجاء تابعا لالشريعة الاسلامية النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يأت بشيء من عنده. إذا كان ميرزا لم يأت بشيء من عنده فما الداعي لمجيئه أصلا؟ هذا سؤال وجيه، وهذا تردُّ عليه الآية 4 من سورة الجمعة "وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم.."، هنا سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم قالوا من هم يا رسول الله؟ فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي وقال "لو كان الإيمان في الثريا لناله رجل من هؤلاء"، أي رجل من رجال فارس. وهناك نبوءات تفصيلية تحدثت عن مجيئه، وهي موجودة في أحاديث المهدي وأحاديث عيسى عليه السلام، وهناك حتى في القرآن نبوءات عن مجيئه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمجيء مجددين على رأس المئة. ماذا عن الذين يقولون بأن الميرزا، وهو الأب الروحي للأحمدية، هو صناعة إنجليزية في وقت من الأوقات، الهدف من الترويج له هو إبعاد المسلمين عن دينهم؟ أنا أسألك سؤالا، لو أنّ ما يقول هؤلاء صحيح، وأنّ الميرزا صناعة إنجليزية، ما كان يردُّ على عقيدتهم المسيحية المزيفة التي تقول بأنّ المسيح إله، وصعد إلى السماء بجسده العنصري، أي المادي، وجلس على عين الرحمن كما يقول هؤلاء، وهذه من أكبر العقائد التي يتمسك بها المسيحيون، وبهذا الرد الذي قدّمه الميرزا يتم كسر الصليب وإبطال تلك الإدّعاءات، وهنا مادامت هذه هي الحال، فكيف يتركه الإنجليز يعيش وقد حاربهم. ثانيا المسلمون في ذلك الوقت كانوا مضطهدين من قبل السيخ في الهند، وكانوا يُمنعون من أداء شعائرهم الدينية إلى درجة أن المساجد تحوّلت إلى إسطبلات للبقر والبهائم. ولما جاء الإنجليز حرّروا هؤلاء وأعطوهم حرية التعبُّد، فقام المشايخ والعلماء المسلمون بشكر الإنجليز على هذا الصنيع، لأنه من لم يشكر الناس لم يشكر الله. وهنا أؤكد أن الميرزا ألّف كتاب كاملا بعنوان "البراهين الأحمدية" بيّن فيه محاسن الإسلام وعلو شأن القرآن وعلو نبينا محمد ودرجته السامية. وماذا عن الذين يقولون بأنّ الأحمدية جاءت بغرض إبعاد المسلمين عن دينهم وصرفهم عن الجهاد والاكتفاء بجهاد النفس والإخلاص للحكومة الإنجليزية؟ تعتقد الجماعة الإسلامية الأحمدية أنّ الجهاد لم يأت لاستباحة دماء الناس، وإنما دفاعا عن النفس وعن الدين، الآية "وقاتلوا الذين يقاتلونكم في الدين ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين..". تبيّن هذه الآية، أنّ الله تعالى أباح الجهاد الدفاعي عكس ما يقوله المشايخ والعلماء عند المسلمين. مثلا قال أبو إسحاق الحويني عندما راح يعلّل أسباب تقهقر الأمة الإسلامية في سياستها واقتصادها بترك المسلمين للجهاد والغزو بالسيف، وقال "لو غزونا في كل عام مرة لرجعنا وجيوبنا ملأى بالأموال"، وهذا خطأ في فهم النصوص القرآنية، والصحيح أنّ الله سنَّ الجهاد للدفاع عن الحرمات، وأن يمارس الناس شعائرهم بكل حرية على أساس ما تقول الآية الكريمة "لا إكراه في الدين..". من المآخذ على الأحمديين أن الميرزا اعتبر نفسه آخر الأنبياء، وأن محمد صلى الله عليه وسلم هو أكملهم وأفضلهم، وليس آخرهم وأنه، أي الميرزا، أوحي إليه بما يربو عن 10 آلاف آية، وأن عيسى عليه السلام مات ولم يُرفع؟ بالنسبة لقول إن الميرزا آخر الأنبياء، فإن الميرزا ليس كذلك بدليل القرآن الكريم، الأمر ليس فوضى، وهو ترتيبي من عند الله، يقول تعالى "إن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس.." ، ومعنى يصطفي هنا أن الله ما زال يختار ويصطفي من عباده رسلا، وهناك الكثير من الآيات التي تقول بهذا. أما مسألة الوحي، وحكاية 10 آلاف آية، فهي مغالطة تستدعي التصحيح نمذجي مفصل، والتصحيح نمذجي مفصل هو أن الميرزا كان يرى بشارات أو توجيهات عن طريق القرآن من الله عز وجل. وجوهر الخلاف بيننا كأحمديين وبين السلفيين، أن هؤلاء يقولون بعدم استمرار الوحي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكأنّ الأمة محرومة من بشارات الوحي الإلهي. أيّ إنسان يمكن أن يوحى إليه، ولكن درجات الوحي تختلف، فالوحي بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن الوحي بالنسبة للميرزا، ومسألة تصوُّرنا لقضية الوحي لسنا الوحيدين الذين نقول بها، السلف الصالح أيضا مثل الحكيم الترمذي، وهذا من الأمة ويرى ذلك في كتاب كامله "ختم الأولياء"، أيضا عبد الكريم الجيلي وهو من الأمة، حتى ابن عربي يقول باستمرار الوحي في كتاب كامله "الفتوحات المكية". أما ما يتعلق بقضية عيسى عليه السلام، وأنه مات ولم يُرفع، فالأحمدية تقول استنادا إلى ما جاء في القرآن والسنة وأقوال السلف، بأنه توفي كسائر الأنبياء..، والدليل من القرآن "يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إليّ.." هنا نفتح قوسين، مسألة الوفاة معناها أن الله سيتوفاه ولا ينال منه اليهود، ثم هناك بشارات أنه سيرفعه في المكانة والدرجة، بعدما نسب له اليهود أنه ملعون، والتطهير معناه نطهرك ونجعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. هناك آية أخرى في سورة المائدة تقول "فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم..". ومعنى هذا الكلام، أن المسيح لم يراقب قومه بعد وفاته، ولم يعلم ماذا أحدثوا بعده، وأنهم اتّخذوه إلها. ومن السنة حديث النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها لما أخبرها أن عيسى عاش مائة وعشرين سنة، وإني ذاهب على رأس الستين.، وهذا معناه أن الرسول عاش مثلما هو معروف ما يناهز الستين سنة، وعيسى عليه السلام عاش مائة وعشرين سنة. وهناك حديث آخر في مناظرة وفد نجران، وهذا مثبت في كتاب كامل "أسباب النزول" للواحدي النيسبوري يقول إن عيسى عليه السلام أتى عليه الفناء. أين تنشط الجماعة الأحمدية في الجزائر؟ عبر التراب الوطني وفي العالم، لأنّ الأحمدي في حدّ ذاته رسالة، ومن الضروري أن تُسجّل أنّ الأحمدي يحافظ على أمن الدولة وتحت نظام الدولة، وفارٌّ إلى الدولة وليس هاربا منها، بمعنى أننا ننبذ الفوضى التي يقوم بها الناس. فسّر لي أكثر هل لديكم أماكن خاصة للتعبُّد، أم أنكم كسائر المسلمين تمارسون شعائركم في المساجد المعروفة؟ على كل حال بما أنّ الدولة الجزائرية لا تعترف بنا، لهذا لا يُسمح لنا ببناء المساجد في الجزائر، لذلك أرغمتنا هذه الظروف على الصلاة في بيوتنا. معنى هذا أنّكم تؤدُّون الصلاة فرادى؟ هذا بحسب الظروف، إذا أتيحت لنا الفرصة لأداء الصلاة جماعة، فنؤديها في بيت من بيوت أحد أتباع الجماعة الأحمدية. هل تختلف صلاتكم عن الصلاة العادية المعروفة؟ صلاتنا لا تختلف عن الصلاة العادية، ليس فيها لا زيادة ولا نقصان. في صلاة الجمعة، إذا توفر شرط أن تكون هناك جماعة، نصلّيها مثل الجمعة التي تُصلّى في المساجد العادية، أي تكون هناك خطبة جمعة، أما إذا لم تتوفر فنصلّيها ظهرا. في رمضان نصوم مثل كلّ الناس، ونتّبع في الإفطار التوقيت المحلي للجزائر، وليس توقيت بريطانيا مثلا أو غيرها. لماذا يوجد مقر قناة "أم تي أ" المعروفة بأنها لسان حال الأحمدية ببريطانيا؟ لأنها مضطهدة في كل البلدان مادة اللغة العربية والإسلامية، ولأنّ الدولة البريطانية سمحت لها بالبث من هناك مثلها مثل غيرها من القنوات. ما هو تصوُّر الأحمدية للخلافة؟ بما أن هناك نبي، فلا بد أن يكون خلفاء من بعده، والخلافة لا تُورّث بالعائلة والنسب، وإنما الخليفة يختاره الله عز وجل وتكون بالشورى. ومسألة اختيار الله للخليفة تكون بأن يلقي في قلوب الناس محبة هذا الخليفة، والشورى تتم بأن يجتمع المسؤولون في المنطقة المعنية للتشاور حول من يرتاحون إليه وينصّبونه خليفة. من هو الخليفة الحالي للأحمدية؟ الآن نحن في الخلافة الخامسة لميرزا غلام أحمد، والخليفة الحالي هو مسرور أحمد من باكستان. نحن في الجزائر أو في غيرها من البلدان في العالم التي يوجد بها أتباع الأحمدية، نؤدي البيعة عن طريق ملء الاستمارة التي تحمل معلومات شخصية، بعض الناس يتساءل لماذا ملء الاستمارة؟ والجواب هو لمعرفة عدد الأحمديين في العالم، وثانيا لنيل بركة دعاء الخليفة. وللمبايع الجديد شروط عشرة للبيعة جاءت عن طريق الوحي. في الشرط الثالث من شروط البيعة، نقرأ أنه على المبايع أن يواظب على الصلوات الخمس بلا انقطاع تبعا لأوامر الله ورسوله..، هنا الله ورسوله أمرا بأداء الصلاة جماعة، وخاصة صلاة الجمعة، وفي المسجد، وأنتم كأحمديين تتناقضون مع هذا عندما تُصلّون فرادى؟ المشكلة أنه نحن الأحمديين لم تتح لنا الفرصة لإقامة صلاتنا مثلما تنص عليه الشروط، ونحن لا نمارس لا الفوضى، ولا الخروج عن الحاكم، ولا يمكننا أيضا أداء الصلاة في الأماكن العمومية لأن الله عز وجل يقول "واتقوا الله ما استطعتم.."، وهذا حتى يأذن الله. نحن نشبه في حالنا هذه أصحاب الكهف. في الشرط العاشر أُسجّل ملاحظة، يقول هذا الشرط "أن يعقد مع هذا العبد عهد الأخوة خالصا لوجه الله..، على أن يطيعني في كل ما آمره به من المعروف.." هل الميرزا، الذي معناه عند الهنود السيد، معصوم؟ الميرزا ليس معصوما، ولكنه يعمل بالأمر بالمعروف بحسب المستطاع..، وفي هذا الخصوص أضيف بأن قناة "الحياة" المسيحية قالت في إحدى المرات، بأنّ الميرزا يحبّ الزعامة، ولنا العديد من الردود على ذلك، منها أنّ كل نبي يجب أن يطاع، مثلما هو معروف، ولا علاقة للزعامة بمسألة الطاعة. قلت بأنّ الأحمديين مستعدُّون لمقارعة الحجة بالحجة، معنى ذلك أن المناظرات الدينية لا تخيفكم؟ نعم. نحن مستعدُّون لأية مواجهة أو مناقشة، لكن حوارنا ليس من باب الانتصار للنفس، بل هو بحث عن الحق الذي ندور معه حيث دار، فإذا كان مع غيرنا الحق نتبعه ونؤيده، وإذا كان غيرنا مخطئا نصوّبه، لأن الله تعالى يقول ".. الذين يستمعون القول ويتّبعون أحسنه.."، وهذا حتى مع المسيحيين واليهود، أو أي طائفة أخرى. هل سبق وطلبتم مناظرة أحد الشيوخ في الجزائر؟ سبق وأن وجّهنا طلبا للشيخ فركوس من أجل المناظرة فرفض بحجة أنه "لا نصل معهم إلى نتيجة.."، بمعنى أننا سندور في فراغ. حدث هذا منذ ما يقارب ستة أشهر، وأنا شخصيا كانت لي لقاءات مع خطباء في المنابر، رفضوا دعوتي إلى الحوار، وحاورت بعضهم في بعض المسائل، مثل مسألة عيسى عليه السلام وختم النبوة، ولما عرفوا أنني أحمدي، رفضوا مواصلة الحوار، وقطعوه بحجة أنني كافر وضال، حدث هذا في بعض مساجد العاصمة. الكثير من الخطباء يحثُّون الناس على عدم مشاهدة قناتنا، وعدم الاتصال بنا والجلوس معنا، لأنّنا كفار في نظرهم، ولو علموا أنك تحاورني، لأخرجوك من الملّة، أو الله أعلم ما الذي كانوا سيفعلونه بك.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©