بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسول الكريم
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتاب كامله العزيز: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} 1 وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله المنزل عليه من الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} 2 أي بمخالفتكم سنة نبيه الذي سنها لكم، وبارتكابكم المنكرات والبدع وعلى آله وصحبه أجمعين إلى اليوم الدين.
أما بعد: فيا أخي المحترم، قد وصت إلى وثيقتكم، وقرأتها وفهمت ما ذكرتموه، وها أنا أكتب جوابها إن شاء الله تعالى وبه نستعين
قواعد الإسلام
اعلموا أن الله تعالى قرر القواعد لكل مسلم وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} 1 وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 2 وقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} 3 وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 4 وقال: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 5 ولذا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" رواه البغوي في شرح مفصل السنة والنووي في الأربعين بسند صحيح.
المسلم الحقيقي
اعلم بتلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية: أن المسلم لا يكون مسلماً ولا مؤمناً إلا إذا اعتصم بالكتاب كامل والسنة، في العقائد والفرائض والسنن والأقوال والأعمال والأفعال والأذكار، وعلى وجه التسليم والرضا والإخلاص، ظاهراً وباطناً، خاصة عند المعارضة والمقابلة يقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال جميع أهل الأرض كائناً من كان، وأذكاره صلى الله عليه وسلم على جميع الأذكار الواردة عن المشايخ أهل الطرق وغيرهم، ويعرض تلك الأوراد على الكتاب كامل والسنة فإن وافقتهما عمل بها، وإلا فلا. ويقف على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فحينئذ يكون المسلم مسلماً حقيقياً طائعاً لله ورسوله. وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} 1 وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 2.
تعريف السنة والبدعة
من ضروريات الدين: أن يعلم المسلم صفة السنة والبدعة والفرق بينهما.
فليعلم الأخ الكريم أن السنة لغة: الطريق،
وشرعا: هي ما بين وفسر بها النبي صلى الله عليه وسلم كتاب كامل الله تعالى قولاً وفعلاً وتقريراً وما سوى ذلك بدعة.
والسنة هي الطريق المتبع. وهي دين الإسلام، التي لا يزيغ عنها إلا جاهل هالك مبتدع.
والبدعة أصل مادتها الاختراع على غير مثال سابق ومنه قوله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي مخترعهما من غير مثال سابق وهذا لا يليق في الدين إلا من الله، لأنه فعال لما يريد وهو الذي شرع لنا الدين. وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} وأما البدعة شرعاً: فهي الحدث في الدين بعد الإكمال، أي بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وقد جعلها أهل البدع ديناً قويماً، لا يجوز خلافها، كما في زعم التجانيين وغيرهم

الشروع في تفصيل ما ينكره أهل السنة على التجانية غيرها.
سأذكر لكم يا إخواني بعض ما أنكرناه في هذه الطريقة التجانية مع بيان مأخذ كل مقال، والإشارة إلى رقم الصحيفة من كتب التجانية، ليتبين لكل مسلم غيور على دينه كفريات التجانية وبدعهم وضلالاتهم وجميع ما أنقله من كتبهم إما كفر، أو كذب على الله وعلى النبي صلى الله عليه وسلم، والعياذ بالله من الخذلان وعمى البصيرة.
العقيدة الأولى
قال في جواهر المعاني: "إن هذا الورد ادخره رسول الله صلى الله عليه وسلم لي ولم يعلمه لأحد من أصحابه - إلى أن قال -: "لعلمه صلى الله عليه وسلم بتأخير وقته، وعدم وجود من يظهر الله على يديه، وكذا في الجيش" ص 91.
ففي قوله: "ادخره لي ولم يعلمه لأحد من أصحابه" رد على قوله تعالى (67:5) : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} ومعلوم أن الكتمان محال على الأنبياء والرسل، لأنه خيانة للأمانة وقال ابن عاشر المالكي في توحيده:
يجب للرسل الكرام الصدق ... أمانة تبليغهم يحق
محال الكذب والمنهي ... كعدم التبليغ يا ذكي
ولا شك أن نسبة الكتمان إليه صلى الله عليه وسلم كفر بإجماع العلماء، وفي قوله: "عدم وجود من يظهر الله على يديه" تفضيل لنفسه على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث لا يقدر أن يحمل هذا الورد وهذا الكلام في غاية الفساد، بل في غاية الوقاحة.
العقيدة الثانية
قال في جواهر المعاني: "إن المرة الواحدة من صلاة الفاتح تعدل كل تسبيح وقع في الكون. وكل، ذكر وكل دعاء كبير أو صغير، وتعدل تلاوة القرآن ستة آلاف مرة" ص 96 طبع مطبعة التقديم العلمية الطبعة الأولى.
وهذا كفر وردة، وخروج عن الملة الإسلامية، وهل يبقى في الدنيا مسلم لا يكفر قائل هذا القول، بل من لم ينكر عليه ورضي به فهو كافر في نفسه، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
أليس قد جعل الله لكم عقولاً بها؟ أفلا تتفكرون؟ وأي شيء يكون أفضل من القرآن؟ وهل ينزل الله على رجل شيئاً بعد النبي فضلا أن يكون خيراً من القرآن؟ إن هذا لشيء عجاب. وأظن قائل هذا القول ما درى محمد صلى الله عليه وسلم، وما درى بم جاء به محمد؟ لم يدر ولم بعث محمد صلى الله عليه وسلم!!.
فداك أمي وأبي يا رسول الله. لقد أديت الأمانة، وبلغت الرسالة وجاهدت في الله حتى أتاك اليقين. جزاك الله أفضل ما جزى نبياً عن أمته. وأشهد أنك خاتم الأنبياء، وشريعتك ناسخة لكل الشريعة الاسلامية ولن تنسخ إلى يوم القيامة، ولم يأت بعدك أحد قط بمثل ما جئت به وأشهد أن من ادعى أن هناك وحيا ينزل،أو يوحي إليه فقد أعظم الفرية على الله {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 1.
أفلا تعظمون كتاب كامل ربكم؟
أيها الناس اتركوا هذه الطريقة الكفرية التي هي أفضل من القرآن في زعم قائلها. فنعوذ بالله من كل شيطان مارد، آمر بمثل هذا وهل أنتم تعبدون الله بشيء أفضل من القرآن، إذن والله فقد فضلتم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأنهم ما عبدوا الله بشيء أفضل من القرآن، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل لنفسه ورداً كل ليلة من القرآن، وهكذا أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله " الخ الحديث. وقد ثبت أنه قال: "فضل كلام الله على كلام الخلق كفضل الله على خلقه" رواه الترمذي.
أليس هذا صداً للجهال العوام عن القرآن؟ وهل يتمسك بهذه الطريقة بعدما سمع أنها أفضل من القرآن إلا جاهل بكتاب كامل الله وسنة رسوله؟.
وهل يستقر في عقل صحيح كون مرة واحدة من صلاة الفاتح أفضل من ذكر واحد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فضلا عن جميع الأذكار التي وقعت في الكون؟ أفلا تعقلون؟؟.
تالله لقد جمعت هذه الطريقة كل جهول غبي بعيد عن الدين.
أيها الناس: أما كان آدم ونوح وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين يذكرون الله؟ وهل يكون مبتدع هذه الطريقة أفضل من هؤلاء الأنبياء؟ كلا فإن لله وإنا إليه راجعون.
العقيدة الثالثة
قال في الإفادة: "من لم يعتقد أنها -أي صلاة الفاتح- من القرآن لم يصب الثواب فيها" ص 80.
ونحن نقول: من اعتقد أنها من القرآن فقد كفر كفراً ظاهراً لأن الله لا ينزل الوحي إلا على الأنبياء، وهذه الصلاة لم نجدها في كتاب كامل الله، ولا حتى حديث موضوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل الذي نزلت عليه صلاة الفاتح نبي أو ولي؟ فإن كان ولياً فالولي لا ينزل عليه الوحي.
والناس في هذه الطريقة فرقتان: فرقة إن اعتقدت أنها من القرآن خرجت عن الملة الإسلامية، والثانية: إن اعتقدت أنها ليست من القرآن، خرجت عن طريقتهم، لأنها ليس لها ثواب فيها.
العقيدة الرابعة
قال في الإفادة الأحمدية ص 74: "يوضع لي منبر من نور يوم القيامة، وينادي منادى حتى يسمعه كل من في الموقف: يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم" وذكر أيضاً في كتاب كاملهم بغية المستفيد ص 173.
وهذا القائل قد نصب نفسه في مقام النبوة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خطيبهم يوم القيامة، كما ذكره الترمذي عن نس بن مالك رضي الله عنه وفي قوله تصريح بأن الأنبياء والرسل كانوا يستمدون منه، لأنهم شملهم الموقف، وهذا محال، ولا يقوله إلا من ادعى الربوبية.
العقيدة الخامسة
قال في جواهر المعاني ص 105: "لا تقرأ جوهرة الكمال إلا بالطهارة المائية".( اي انه وضع كتاب كامله في منزلة كتاب كامل الله )
أقول: هذا كتاب كامل الله تجوز قراءته بالطهارة وبغيرها كما كان وأصحابه يقرؤون القرآن على غير وضوء.
وهذا تشريع جديد لن يأذن به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وفساد هذا القول يغنى عن الخوض فيه.
العقيدة السادسة
قال في الإفادة الأحمدية ص 57: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التوجه بالأسماء الحسنى، وأمرني بالتوجه بصلاة الفاتح!! "
وهذا عين الضلال والكفر. كيف ينهى رسول صلى الله عليه وسلم عن شيء أمره الله تعالى في قوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} وهذا أيضاً كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرأة على الالشريعة الاسلامية المحمدية.
العقيدة السابعة
قال في جواهر المعاني ص 145ج2: "إن ولياً - وذكر اسمه - كان كثيراً ما يلقى النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلمه الشعر".
كيف؟ وقد قال الله تعالى (36-69) : {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} ، وهذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتراء عليه.
العقيدة الثامنة
قال في جواهر المعاني ص 170: "من حصل له النظر فينا يوم الجمعة أو الاثنين يدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب" وفي بغية المستفيد: "ولو كان كافراً يختم له الله الإيمان". انظر يا أخي إلى سخافة هذا القول وجرأته قال تعالى (6-144) : {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ} جعل نفسه أفضل من الأنبياء فقد قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب ومع ذلك مات كافراً ونظر أبو جهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك مات كافراً، ومات ابن نوح عليه السلام كافراً، ومات أبو إبراهيم عليه والسلام كافراً، ولم ينفع أحداً منهم نظر ولا صحبة.
وقال في الإفادة الأحمدية ص 40 ما نصه: "طائفة من أصحابنا لو اجتمع أكابر أقطاب هذه الأمة ما وزنوا شعرة من أحدنا" وفي شرح مفصل منية المريد ص 172:
طائفة من صحبة لو اجتمع ... أقطاب أمة النبي المتبع
ما وزنوا شعرة من فرد ... منها. فكيف بالإمام الفرد؟
انظر يا أخي إلى القول الشنيع والجرأة العظيمة، حيث فضل أصحاب بدعته على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكابر هذه الأمة.
نعم لا يقول هذا إلا جاهل بقدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أئمة الهدى ومصابيح الأنام. رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
العقيدة التاسعة
قال صاحب الرماح، الذي يهامش جواهر المعاني، في الفضل الثاني والعشرين ص 152 ما نصه: "إنهم لا ينطقون إلا بما يشاهدون، ويأخذون عن الله ورسوله الأحكام، الخاص للخاصة لا مدخل فيها للعامة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يلقي إلى أمته الأمر الخاص. قاله شيخنا أحمد التجاني كما في جواهر المعاني".
تبا لهذه المقالة، وبئس قائلها ومفتر بها، وسواد ظلامها عن الخوض فيها.
أقول: تفكر أيها العالم في هذه المقالة: هل أهل الطرق كانوا أنبياء؟ وانظر التناقض في كلامهم - لأنهم - يزعمون الكاذب بعدما أخذوا عن الله تعالى بالوحي، وأرباب الطرق يأخذون من الله - بزعمهم - بغير واسطة، لوجود من يقول منهم: إنه ينظر إلى اللوح المحفوظ إذا أراد أن يأخذ حكماً من الأحكام، وما ذاك إلا لوح الشيطان (6-112) : {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} .
وقال في الرماح في الفضل المذكور: "إن الكامل منهم ينزل عليه الملك بالأمر والنهي".
أقول: أما كان يكفيهم أوامر القرآن ونواهيه؟ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} {أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} .
العقيدة العاشرة
قال في الرماح، الفصل الثاني والثلاثون ص 211: "إن الشرط في طريقتهم أن لا يلقن لمن له ورد من أوارد المشايخ إلا إن تركه وانسلخ عنه لا يعود إليه أبداً - إلى أن قال بدله من هذا الشرط ولا خوف عليه من صاحبه أياً كان من الأولياء الأحياء والأموات وهو آمن من كل ضرر يلحقه في الدنيا والآخرة لا يلحقه ضرر من شيخه ولا من غيره، ولا من الله ولا من رسوله بوعد صادق لا خلف فيه".
أقول: تفكر يا أخي واستعمل قريحتك في فهم هذا الكلام لأن فيه التحريض على الأمن من مكر الله، وقد قال تعالى (7-99) : {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ومعناها كما قال ابن كثير في تفسيره:" {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} ولهذا قال الحسن رحمه الله تعالى: "المؤمن يعمل بالطاعات، وهو مشفق وجل خائف. والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن". وفيه أيضاً الحث على التفريق بين المسلمين، والحال أن ربهم واحد، ونبيهم واحد، وكتاب كاملهم واحد ففيم التفرق؟ وقد نهاهم الله عنه في تعالى (3-105) : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} انظر يا أخي إلى هذا التشريع الجديد، والافتراء على الله بما لا مزيد والمسارعة إلى نار عذابها شديد ومن ذلك يوقنون أن القصد من ذلك الاختلاف دخول الجنة بغير الحساب، ولا عقاب. وقال تعالى (18-103/106) : {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً} وتفسيرها كما في الجلالين.
قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بطل أعمالهم {وَهُمْ يَحْسَبُونَ} يظنون {أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} عملا يجازون عليه {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} بدلائل توحيد من القرآن وغيره {وَلِقَائِهِ} أي وبالبعث والحساب والثواب والعقاب {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} بطلت {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} أي نجعل لهم قدراً {ذَلِكَ} أي أمر الذي ذكرت من حبوط أعمالهم وغيره {جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً} أي مهزوءاً بهما وقال الشاطبي في الاعتصام (ج1 ص94) قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} وما ذلك إلا لخفة يجدونها في ذلك الالتزام، ونشاط يداخلهم يستسهلون به الصعب بسبب ما دخل النفس من الهوى. وإذا بدا للمبتدع ما هو عليه رآه محبوباً عنده لاستعباد للشهوات، وعمله من جملتها، ورآه موافقاً للدليل عنده، فما الذي يصده عن الاستمساك به، والازدياد منه، وهو يرى أن أعماله أفضل من أعمال غيره، واعتقاداته أوفق وأعلا، أفيفيد البرهان مطلباً (35-8) : {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} وقال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال: "الله ولكتاب كامله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم.
إخواني: لا تستبعدوا التوبة، ولا تأنفوا من الاستغفار، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستغفر كل يوم مائة مرة. وشروط التوبة مذكورة في قوله تعالى (70-82) : {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}
وقال تعالى (50-55) : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} وما جمعت هذه العجالة إلا رغبة في أن يهدي الله تعالى بها ولو فرداً من المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وهذا حاصل ما جمعته لكم من كتبهم نصيحة لكم والسلام.

الأنوار الرحمانية لهداية الفرقة التيجانية
تأليف: عبد الرحمن بن يوسف الأفريقي




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©