بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وبعد:
(أسطورة: (الأشاعرة جمهور الأمة):
وبعد أن ادعي شمس الدين أن الأشاعرة من أهل السنة وشنع على تبديع السلفيين لهم كان لا بد له من حجة
تحفظ له ماء وجهه فكرر علينا تلك الأسطورة القديمة التي تقول أن الأشاعرة هم الأكثرية وهم جمهور الأمة!
ولا ريب أنها دعوى وأسطورة مجردة عن الدليل ويكذبها الدليل والواقع المادة التاريخي ,ويكفي في إبطالها نصوص السلف
وأئمة الهدى عبر العصور في العقائد التي خالفوا فيها الأشاعرة وحسبك من ذكرهم ابن القيم في((إجتماع الجيوش الإسلامية))
والذهبي في((العلو)) من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء,ممن نصوا في مسألة علو الله تعالى بنفسه على خلقه
بما يخالف مذهب الأشاعرة,وهي واحدة من مسائل الإعتقاد,فكيف إذا أضيفت إليهم من نصوا في بقية مسائل
الإعتقاد بما يخالف مذهب الأشاعرة؟
فهل يمكن بعد ذلك أن يدعى أن الأشاعرة هم أكثر الأمة,وهم مخالفون للقرون الأولى المفضلة؟!!
وقد ذكر ابن المبرد في كتاب كامله((جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر)) أكثر من أربعمائة عالم من بين محدث
وفقيه وعابد وإمام,كلهم مجانبون للأشاعرة ذامون لهم,بدءا من عصر الأشعري وحتى وقته,صدرهم بأبي الحسن البربهاري,
وختمهم بحمال الدين يوسف بن محمد المرداوي صاحب كتاب كامل((الإنصاف)),ثم قال بعد ذلك:
((والله ثم والله ثم والله لما تركنا أكثر مما ذكرنا ,ولو ذهبنا نستقصي ونتتبع كل من جانبهم من يومهم وإلى الآن لزادوا على عشرة آلاف نفس))
جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ص.281.
بل إن ابن عساكر وهو من خدم الأشعرية بكتاب كامله((تبيين كذب المفتري)) قد اعترف أن أكثر الناس في زمانه وقبل ذلك على غير ما عليه الأشعرية.
فقد قال في التبيين((فإن قيل: إن الجم الغفير في سائر الأزمان وأكثر العامة في جميع البلدان
لا يقتدون بالأشعري ولا يقلدونه ,ولا يرون مذهبه,وهم السواد الأعظم,وسبيلهم السبيل الأقوم....))تبيين كذب المفتري ص331.
وقد قال ابن المبرد معلقا على كلامه هنا: ((وهذا الكلام يدل على صحة ما قلنا,وأنه في ذلك العصر وما قبله كانت الغلبة عليهم ,وبعد لم يظهر شأنهم))
جمع الجيوش والدساكر (2283).
وإذا كان أبو الحسن الأشعري إنما ولد سنة الثانية60 هجري وقيل:270ه فما الذي كانت عليه الأمة قبله؟
أفتراها كانت على عقيدة الأشعري الذي لم يكن شيئا مذكورا؟!
أم أن العقيدة كانت خافية عليهم حتى ظهر أبو الحسن الأشعري فأيقظ الأمة من سباتها؟!.
فإن قال قائل: إن الأشعري لم يأتي بجديد ,ولكنه أبان أمورا وأوضحها في رده على المعتزلة حتى كشف عوراهم,
وهذا السبب الإنتساب إليه لكونه صار علما على السنة في مقابل المعتزلة.
فالجواب أن هذا بلا ريب بعيد عن التحقيق,فضلا عن الواقع والمادة التاريخ,إذ أن ظهور المعتزلة
كان متقدما على ظهور الأشعري بأكثر من قرن ونصف من الزمن ,فضلا عن الجهمية التي كانت أسبق من ظهور المعتزلة
.ومن المعلوم أن ظهور هاتين الطائفتين قد جوبه برد عنيف من السلف والأئمة,الذين أنكروا عليهم أعظم النكير,
وحكموا بضلالهم ,بل وكفر الجهمية منهم,فقام أئمة السنة ابتداءا من الحسن البصري وإلى عصر الأشعري بالرد على شبهاتهم
وكشف عوارهم.وكتب السنة طافحة بأثار السلف في النكير على الجهمية والمعتزلة والرد على ما ابتدعوه ,فانظر كتاب كامل السنة لعبد الله بن الإمام أحمد,وأصول إعتقاد السنة لللالكائي,والإبانة لابن بطة وغيرها كثير.

ومع كل هذه الردود من السلف والأئمة على الجهمية والمعتزلة,فإننا لم نجد أحد من السلف
قط يقرر ما قرره الأشعري في الإعتقاد لا من حيث التأصيل والتقعيد,ولا من حيث الرد على المعتزلة
والنكير,بل على العكس من ذلك: وجدنا نصوصهم الصريحة في نقض أصوله الإعتقادية في أسماء الله وصفات جزائريةه
فضلا عن باقي أبواب الإعتقاد كالإيمان والقدر والنبوات وغيرها.
ومن ظن أن السلف كانوا على عاجزين عن البيان والتوضيح لأصول المعتقد,والرد على المخالفين كالجهمية
والمعتزلة,وكشف عوراهم,.والجواب على شبهاتهم,حتى جاء الأشعري فأبان عما لم يعلموه,ورد على المعتزلة بما لم يستطيعوه؟
! فقد أساء الظن بالسلف الصالح وأئمتهم ونسبهم إلى الجهل والعجز وكفى بذلك خسرانا مبينا.
قال ابن المبرد في إبطال هذه الدعوى((فيا سبحان الله! قبل توبته
-أي: من الإعتزال- ماكان للمسلمين أئمة يقتدى بهم,حتى يتخذ مبتدع تاب من بدعته إماما؟
كـأن الناس ماتوا إلى هذا الحد كله,ولم يبق من يصلح للإمامة,حتى يتوب مبتدع من بدعته فيصير إمامهم
وأهل الإسلام قاطبة متكلما على أئمة الحديث جميعهم في حال كثرة العلماء,ما هذا الهذيان؟))جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ص105.
ثم يقال: كيف يدعى –الإمامة- في رجل قضى أربعين سنة من عمره على الإعتزال,
ثم تاب في آخر حياته,وعاش في مرحلة التوبة ما يقارب عشر سنين حسب إختلاف الروايات في مولده
,كيف يكون مثل من كان هذا حاله إماما للمسلمين؟متى تعلم العلم ورسخ فيه حتى يتخذ إماما دون أئمة السنة والحديث؟
هذا ضرب من المحال بل من الجنون.
قال ابن المبرد في رده على ابن عساكر
((فقد أثبت-أي: ابن عساكر-أنه كان أكثر عمره على غير السنة,وأنه كان معتزليا متكلما,وأنه تاب من الإعتزال ولم يتب من الكلام .
فيا سبحان الله ! من كان بهذه المثابة وبهذه الحالة يجعل إمام المسلمين والمقتدى به,يترك مثل أبي حنيفة,ومالك,والشافعي,وأحمد بن حنبل,وسفيان الثوري,
وابن المبارك,ولا يقتدى ولا يذكر إلا هذا الذي أقام على البدعة عمره))

(جمع الجيوش والدساكر
ص108)
من المعطل في الحقيقة غيركم ... لقب بلا كذب ولا عدوان
وإذا سببتم بالمحال فسبنا ... بأدلة وحجاج ذي برهان
تبدي فضائحكم وتهتك ستركم ... وتبين جهلكم مع العدوان
يا بعد ما بين السباب بذاكم ... وسبابكم بالكذب والطغيان
من سب بالبرهان ليس بظالم ... والظلم سب العبد بالبهتان
فحقيقة التجسيم أن تك عندكم ... وصف الإله الخالق الديان
بصفاته العليا التي شهدت بها ... آياته و رسوله العدلان
فتحملوا عنا الشهادة واشهدوا ... في كل مجتمع وكل مكان
أنا مجسمة بفضل الله ول ... يشهد بذلك معكم الثقلان
الله أكبر كشرت عن نابها ال ... حرب العوان وصيح بالأقران
وتقابل الصفان وانقسم الورى ... قسمين واتضحت لنا القسمان





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©