بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص
الله ورسوله فقد غوى ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه

اما بعد ..

هل من المعقول ان أناسا يصلون ويصومون ويؤمنون بلا إله إلا الله .
وان الله هو النافع الضار لا رب سواه .
وبعد وجود هذا التوحيد الخالص الذي أتى به نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ونشره . يعتقدون بمثل هذه الخرافات والخزعبلات .
ويعبدون أصحاب القبور ويظنون أنهم ينفعون ويضرون من دون الله .
سؤال يطرح لهؤلاء القبوريين .. ؟
هل هذا ماوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؟
وهل كان أحد من الصحابة والسلف الصالح يقوم بمثل ماتقومون به
من ذبح لأهل القبور ، وطواف حول هذه القبور ، والتمسح بها والتبرك .


سؤال وجه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن شبهة القبوريين
بأنهم لا يعبدون أصحاب القبور وإنما يتبركون بهم.


س 1 : يقال : إن المشركين الأولين كانوا يعترفون بأنهم ما يعبدون آلهتهم إلا
ليقربوهم إلى الله، وكانوا يعبدون أصناماً، فكيف تحكمون على من تسمونهم بالقبوريين بالشرك،
وهم لا يعبدون أصناماً، ولا قالوا إنهم يعبدون، ولكنهم يتبركون ؟ .


جـ 1 : العبادة ليست تعرف بآراء الناس وإنما هي بحكم الله عز وجل، فالمشركون
الأولون معبوداتهم أقسام، منهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين،
ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد غير ذلك. فليسوا على حد سواء، وقد كفرهم
الله جميعا حتى يدخلوا في دين الله، وحتى يعبدوا الله وحده، قال تعالى :
{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ}
{آل عمران 80}

فجعل عباد النبيين والملائكة كفاراً، إذا لم ينصاعوا إلى الحق،
ومعلوم أن أهل الطائف يعبدون اللات،
وهو رجل صالح فكفرهم الله، حتى دخلوا في الإسلام،
وقاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلوا
في الإسلام، وهكذا النصارى يعبدون المسيح، ويعبدون أمه، والمسيح نبي، وأمه صديقة،
وهم كفار بذلك، وهكذا اليهود عبدوا أحبارهم ورهبانهم وعبدوا عزيراً، وقالوا: إنه ابن الله،
وهم كفار بذلك، والله جل وعلا قال في محكم التنزيل: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ
فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً {56} أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {57}} {سورة الاسراء}

أخبر سبحانه عن بعض المشركين أنهم يعبدون ناساً صالحين يبتغون إلى ربهم الوسيلة،
ويرجون رحمته، ويخافون عذابه، فأنكر عبادتهم من دون الله، وبين أنهم لا يملكون كشف الضر عن عابديهم ولا تحويله.


وقد قال علماء التفسير في هذه الآية : إنها نزلت في
المسيح وأمه والعزير، وفي كل رجل صالح أو نبي.


وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إنها نزلت في أناس من الإنس، كانوا
يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن، وتمسك الإنس بعبادتهم ) .


فالحاصل أنها نزلت في الصالحين والأنبياء، وكفر الله عابديهم بذلك،
وأخبر أنهم لا يملكون كشف الضر عن عابديهم ولا تحويله .


وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ {13}
إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {14}}
{سورة فاطر} فسمى دعاءهم لهم شركاً، مع أنهم لم يدعوهم إلا لأنهم شفعاء،
ما دعوهم لأنهم يملكون الضر والنفع، أو يخلقون أو يرزقون، بل قال الله عنهم:
إنهم قالوا {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} {الزمر آية 3}وقالوا {هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ} {يونس آية 18}

فكفرهم بذلك، وهم لم يعتقدوا إلا أنهم شفعاء ومقربون، ولم يزعموا أنهم يخلقون أو يرزقون، أو ينفعون أو يضرون.


وقال تعالى : {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}
{سورة المؤمنون آية 117}
سماهم كفاراً وهم ما عبدوهم لأنهم ينفعون أو يضرون،
أو يستقلون بجلب النفع، أو دفع الضر، أو يخلقون، وإنما عبدوهم لأنهم بزعمهم يقربونهم إلى الله زلفى، ويشفعون لهم عنده.


وقال سبحانه وتعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ
الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {5} وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {6}}
{سورة الأحقاف
} فهذه عامة للأنبياء والصالحين وغيرهم .


والمقصود أن أهل العلم قاطبة، قد أجمعوا على أن
من عبد غير الله: صنماً أو نبياً أو صالحاً أو
جنياً أو غير ذلك، فهو كافر مطلقاً، ولو كان
المعبود نبياً أو صالحاً. وهذا إجماع أهل
العلم قاطبة، والأدلة على ذلك من قول الله عز وجل، وقول رسوله صلى
الله عليه وسلم واضحة، وقد تقدم بعضها، والله جل وعلا ولي التوفيق.


المصدر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء الثالث، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=bz00378





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©