الـبـيـان قبـل وصول الإخوان
المدخلية و الجامية فرية إخوانية

الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ، و بعد :




فأهل الأهواء و البدع أقوام ضربت عليهمُ الذلة و لو مُكنوا لمسخوا الملة ، و لهذا سهام أهل السنة و الأثر لهم بالمرصاد ، و هي سهام ما تذرُ من أصول أهل البدع شيئاً أتت عليه إلا جعلته كالرميم .



و للمبتدعة حيل و طرق لصد هذه السهام أو لتفاديها .

فتراهم تارة يُحدثون شعارات عريضة ، و عبارات موهمة ، يبثونها في الناس كأنها قول مأثور ، و العمل بها تمسك بصُلب الدين ، و غرضهم الأوحد منها : دفاع عوام المسلمين عنهم و عن بدعهم بهذه العبارات و الشعارات من غير تفكير و لا روية .



ومن تلك الشعارات و العبارات قولهم :



" إذا حَكمْتَ حُوكمت ، و إذا دعوتَ أُجِرت " .

و قولهم : " نُصحح و لا نُجرح " .

و قولهم : " نبني و لا نهدم " .

و قولهم : " لمصلحة من إسقاط الرموز ؟!! " .

و بالطبع القاعدة الذهبية الماسونية الإخوانية : " نجتمع فيما أتفقنا علية ، و يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ".



فهذه حيلة ، و لهم حيل أخرى منها :




إلصاق أهل السنة الخُلصّ باسم شخص سوى النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ليظُن السامع أن هؤلاء جماعة يتحمسون لقول شيخهم ، و يقاتلون على شخصه كسائر الفرق الضالة ، و قديماً قالوا عن أهل السنة : " حنابلة " نسبة للإمام أحمد ، و قالوا عنهم : " بربهارية " نسبة للإمام البربهاري ـ صاحب شرح مفصل السنة ـ ، و قالوا : " وهابية " نسبة للإمام المُجدد محمد بن عبد الوهاب ـ رحم الله الجميع ـ .


و من حيلهم ايضا : إحياء بدعة عقائدية يتناولونها بالتأليف و التصنيف حتى يُقال : و من أعلم الناس منهم بها ؛ ثم يبدؤون رمي أهل السنة بهذه البدعة .

و من أشهر الأمثلة على ذلك في العصر الحديث رميهم أهل الحديث و الأثر ببدعة الإرجاء .



فقد انبعث أشقاهم المدعو : محمد قطب ـ مُنظر جماعة الإخوان المسلمين المعروف ـ بتناول بدعة الإرجاء بالتصنيف و التأليف ، و أزاح عنها غبار الزمان ليحييها مرة أخرى ، كما تجده في كتبه : الصحوة الإسلامية ، و التفسير الإسلامي للمادة التاريخ ، و واقعنا المُعاصر .


و لم يكتفي بهذا بل وسوس لأحد طلابه ممن له قبول في العالم السني السلفي ـ و حاله يخفى على كثير من الخلق ـ فاخرج لنا كتاب كامله المشهور : " ظاهرة الإرجاء " ، ثم كان أول سهم أطلقه القوم مُلطخ بتهمة الإرجاء من نصيب شيخ المُحدثين في العصر الحديث العلامة : ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ ؛ و للأسف الشديد كان لهم ما أرادوا ، و اشتهرت هذه الفرية بأن الشيخ ناصر يميل للإرجاء ، حتى وصل الامر الى أن سُئل عن هذا فقيه الزمان العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ فرد بمقولته المشهورة : " قائل هذا الكلام أما أنه لا يعرف الإرجاء ، و أما أنه لا يعرف الألباني !! ".


قلت : و رمي المبتدعة أهل السنة و الأثر بالبدعة من أجل تنفير الناس عنهم سنة قديمة .

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي : سمعت أبي يقول : " و علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر , وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار . وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة , و علامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة . وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفةً و نُقْصَانَيةً. وعلامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة . و لا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد و يستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء " . أهـ شرح مفصل أصول الاعتقاد للالكائي .


قلت : و علة ذلك أن المبتدع يَنقم على أهل السنة أنهم على السنة ، لأن وجود الشريف وسط اللصوص يفضحهم ، كما أن وجود العفيفة وسط البغايا يفضحهن .. و قد أثر عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: " ودت الزانية لو زنت النساء جميعاً ".


فالمبتدعة يرمون أهل السنة بالبدعة حتى تتساوى الرؤوس .. و هيهات .. فلسّنّة نور و هيبة يُحسد عليها صاحبها ؛ و كأن للمبتدعة نصيب في قوله الله تعالى : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ... } [ البقرة : 109 ] .


و تُعد جماعة الإخوان المسلمين ـ و من لف لفها ـ صاحبة الراية في العصر الحديث في نبز أهل الحديث و الأثر بالفظائع ..
فتارة يصفونهم : بالجمود و الرجعية .. أو أنهم يسكنون كوكب أخر .
و أخرى : أنهم علماء حيض و نفاس .


و لهم في ذلك سلف ، و لكل قومٍ وارث .

ففي الاعتصام للشاطبي ( 2 / 239 ) : " عن إسماعيل بن علية قال : حدثني اليسع قال : تكلم واصل بن عطاء يوماً ـ يعني : المعتزلي ـ فقال عمرو بن عبيد : ألا تسمعون ؟! ما كلام الحسن و ابن سرين ـ عندما تسمعون ـ إلا خرقة ملقاة !!
و روي َ أن زعيماً من زعماء أهل البدعة كان يريد تفضيل الكلام على الفقه ، فكان يقول : إن علم الشافعي و إبي حنيفة جملته لا يخرج عن سراويل امرأة !!


قال الشاطبي : " هذا كلام هؤلاء الزائغين ، قاتلهم الله ".



قلت : و قد تسرب من مفردات المبتدعة في زماننا و أصبح على لسان العوام قولهم على أهل السنة الخُلص : أنهم " جامية " نسبة للشيخ المُحَدث : محمد أمان الجامي ـ المدرس بقسم الحديث بالجامعة الإسلامية ـ رحمه الله ـ ، أو " مداخلة " نسبة للشيخ المُحَدث : ربيع بن هادي المَدخلي ـ رئيس قسم السنة بالجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية سابقاً ـ .



و أكد دليل على أن هذه فرية إخوانية ، و حيلة شيطانية بثها القوم بين الناس من أجل تنفير الناس عن علم الشيخين و من سار على ضربهم ، من أجل غرضهم الذي بيناه أنفاً و هو : أن يتقوا سهام هؤلاء العلماء التي لا تذر مبتدع ضال إلا و أصابته .



أن الشيخان لهما جهدٌ معلوم في التحذير من أهل البدع من حركيين ، و حزبيين ، و غيرهم ، فضلاً على اهتمامهما ببسط مسائل الاعتقاد شرح مفصلاً و تأليفاً ، و هذا من أشد الامور على المبتدعة ، لأن الناس لو ظهرت فيهم السنة ماتت فيهم البدعة ، و هؤلاء المبتدعة كالطفيليات لا تعيش إلا على غيرها . فلو تتداوى الناس بالسنة لتعافوا من البدعة ، و لماتت البدعة و أهلها ، فالمسألة قضية حياة أو موت .

و الذي يؤكد أن الطعن في الشيخين من نهج المبتدعة ، أننا لا نعلم ذكر للشيخين عند أكابر أهل السنة إلا بأطيب ثناء .



قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ : " إن حامل راية الجرح و التعديل اليوم في العصر الحاضر ، و بحق : هو أخونا الدكتور ربيع ؛ و الذين يردُّن عليه لا يردون عليه بعلم ابداً ، و العلم معه ..." أهـ .



من شريط بعنوان الموازنات برقم : ( 86 ) من تسجيلات طيبة بالمدينة النبوية ؛ و انظر مدارك النظر صـ 293 طـ التاسعة .



و قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : " و اخواننا المشايخ المعروفون في المدينة ليس عندنا فيهم شك ، هم أهل العقيدة الطيبة ، و من أهل السنة و الجماعة ، مثل الشيخ مُحمد أمان بن علي ، و مثل الشيخ ربيع بن هادي ، أو مثل الشيخ صالح بن سعد السحيمي ، و مثل الشيخ فالح بن نافع ، و مثل الشيخ محمد بن هادي ، كلهم معرفون لدينا بالاستقامة و العلم و العقيدة الطيبة ..." أهـ .

من شريط توضيح البيان ؛ و انظر المدارك صـ 377 .



قلت : و لعل قائل يزعم أن هذا الكلام متقدم و لعله قد تغيير حال الشيخان ، فنقول : انظر غير مأمور إلى عامة كتب و مؤلفات الشيخ ربيع المتأخرة فستجدها من تقديم العلامة الفوزان ـ حفظه الله ـ و هذا معناه : أن الشيخ مُقر بما فيها ، و موافق لمنهج المؤلف .



أما بالنسبة للشيخ محمد أمان الجامي ـ رحمه الله ـ :
فقد قال الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ :
الشيخ محمد أمان : معروفٌ لديَّ بالعلم و الفضل و حسن العقيدة ، و النشاط في الدعوة إلى الله سبحانه و التحذير من البدع و الخرافات ، غفر الله له و أسكنه فسيح جناته ، و أصلح ذريته وجمعنا و إياكم و إياه
في دار كرامته إنه سميع قريب). ـ رقم 64 في 9 /1 /1418هـ
و قال فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان:

الشيخ محمد أمان كما عرفته : إن المتعلمين و حملة الشهادات العليا المتنوعة كثيرون, و لكن قليلٌ منهم من يستفيد من علمه و يستفاد منه ، و الشيخ محمد أمان الجامي هو من تلك القلة النادرة من العلماء الذين سخَّروا علمهم و جهدهم في نفع المسلمين و توجيههم بالدعوة إلى الله على بصيرة من خلال تدريسه في الجامعة الإسلامية وفي المسجد النبوي الشريف وفي جولاته في الأقطار الإسلامية الخارجية و تجواله في المملكة لإلقاء الدروس مفصلة و المحاضرات في مختلف المناطق يدعو إلى التوحيد و ينشر العقيدة الصحيحة ويوجِّه شباب الأمة إلى منهج السلف الصالح و يحذِّرهم من المبادئ الهدامة و الدعوات المضللة. و من لم يعرفه شخصياً فليعرفه من خلال كتبه المفيدة و أشرطته العديدة التي تتضمن فيض ما يحمله من علم غزير و نفع كثير }.

في كتاب كامله المؤرخ 3 /3 /1418هـ
و قال فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد ـ حفظه الله ـ :
عرفتُ الشيخ محمد أمان بن علي الجامي طالباً في معهد الرياض العلمي ثم مدرِّساً بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في المرحلة المن التعليم الثانوية ثم في المرحلة الجامعية. عرفته حسن العقيدة سليم الاتجاه، وله عناية في بيان العقيدة على مذهب السلف، و التحذير من البدع وذلك في دروس مفصلةه و محاضراته و كتاب كاملاته غفر الله له و رحمه و أجزل له المثوبة .أهـ




قلت : و يتبقى أمر يتعلق به القوم ، وهو قولهم : أن هؤلاء المشايخ خلطوا بين الجرح و التعديل الذي هو في رواة الحديث ، و بين التحذير و التنبيه من بعض طلبة العلم .



فنقول : أن هذا قصور في الفهم ، و خلط للأمور ، لأن أهل العلم أتفقوا على وجوب الرد على المخالف ، و قد وضع العلامة بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ كتاب كاملاً ماتعاً في ذلك ؛ و التحذير من كل مخالف للسنة يدخل في جرح أئمة الحديث ، الم تروا رد الإمام أحمد على الجهمية ؟! ، و كتب الإمام الدارمي في الرد على بشر المريسي ، و ما اشتهر شيخ الإسلام ابن تيمية إلا بالرد على أهل البدعة ، و حتى من يُفتي بغير علم ، بل كان شديد الإنكار عليهم .




يقول ابن القيم في اعلام الموقعين ( 4 / 217 ) :



" كان شيخنا اي : ابن تيمية ، شديد الإنكار على هؤلاء فسمعته يقول : قال لي بعض هؤلاء : أجعلت مُحتسباً على الفتوى ؟ فقلت له : يكون على الخبازين و الطباخين مُحتسب ، و لا يكون على الفتوى مُحتسب ؟! ".



و قد بين الإمام ابن بطة في ( الشرح مفصل و الإبانة صـ 348 ) الحكمة من وجوب الرد على المُخالف فقال :



" أنا أذكر طرفاً من أسمائهم و شيئاً من صفاتهم ؛ لأن لهم كتباً قد انتشرت و مقالات قد ظهرت ، لا يعرفها الغرّ من الناس و لا النشء من الأحداث ، تخفى معانيها على أكثر من يقرؤها ..

فلعل الحدث يقع إليه الكتاب كامل لرجل من أهل هذه المقالات قد ابتدأ الكتاب كامل بحمد الله و الثناء عليه و الإطناب في الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ثم أتبع ذلك بدقيق كفره و خفي اختراعه و شرّه ، فيظن الحدث الذي لا علم له و الأعجمي الغمر من الناس أن الواضع لذلك الكتاب كامل عالم من العلماء أو فقيه من الفقهاء ، و لعله يعتقد في هذه ما يراه فيها عبدة الأوثان و من بارز الله و والى الشيطان " . اهـ .



قلت : و لم يؤثر قط عن السلف أنه كان يُنهى عن الرجل من أهل السنة ، و لكن الذي كان يُمنع من مجالسته ، و يُنهى عن الاستماع إليه هو المبتدع ، و عليه : يلزم من يُحذر من الشيخين أن يُظهر لنا من كتبهما أو من كلامهما مسألة يكونا خالفا فيها السنة و فهم السلف ، فيحذر منهما بسببها ؛ و الا تكون الثانية : وهي أن الذي يُحذر من الشيخين و من سار على ضربهما فيه ما يُخشى أن يُفضح بكلامهما .




و هذا إن ـ شاء الله ـ هو الحق ، فإنه اذا حقت الحقائق ، و ابتلي المؤمنون ، تميز النفيس من الخسيس ، و بان من هو على السنة و الطاعة حريص ، ممن هو في الصف دسيس .



و الله هو المسئول أن يرزقنا الهُدىَ المستقيم و الدين القويم ، و ان يُسلمنا من الهوى و الفهم العقيم ، و السعيد هو : من شرح مفصل الله صدره لما شرح مفصل له صدور سلف هذه الإمة .



و الله وحده هو الهادي و الموفق للصواب .



و صلى الله على محمد و على اله و صحبه و سلم .



جمع و ترتيب

أبو صهيب وليد بن سعد
الاثنين 16/شوال/1433هـ

3 / 9 / 2014




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©