قال الإمام ابن الجوزي في كتاب كامل صيد الخاطر([30]):

فصلٌ. حدثوا الناس بما يطيقون

من المخاطرات العظيمة تحديث العوام بما لا تحتمله قلوبهم، أو بما قد رسخ في نفوسهم ضده. مثاله أن قوما قد رسخ في قلوبهم التشبيه وأن ذات الخالق سبحانه مُلاصِقَةٌ للعرش، وهي بقدر العرش، ويفضل من العرش قدر أربع أصابع. وسمعوا مثل هذا من أشياخهم، وثبت عندهم أنه إذا نزل وانتقل إلى السماء الدنيا خلت منه ست سموات فإذا دُعِيَ أحدهم إلى التنزيه وقيل له ليس كما خطر لك، إنما ينبغي أن تُمِرَّ الأحاديث كما جاءت من غير مساكنة ما توهمته، صَعُبَ هذا عليه لوجهين

أحدهما: لغلبة الحس عليه، والحس على العوام أغلبُ.

والثاني: لما قد سمعه من ذلك من الأشياخ الذين كانوا أجهل منه.

فالمخاطِبُ لهذا مخاطر بنفسه، ولقد بلغني عن بعض من كان يتدين ممن رسخ في قلبه التشبيه أنه سمع من بعض العلماء شيئا من التنزيه، فقال: والله لو قدرت عليه لقتلته.

فاللهَ اللهَ أن تحدِّثَ مخلوقا من العوام بما لا يحتمله دون احتيال وتلطف، فإنه لا يزول ما في نفسه، ويخاطر المحدث له بنفسه.

فكذلك كل ما يتعلق بالأصول. اهـ




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©