نونية ابن قيم الجوزية في القدم النوعي:
ما قال ذو عقل بأن الفرد ذو **** أزل لذي ذهـن ولا أعيان
بل كل فرد فهـو مسبـوق **** بفرد قبله أبـداً بلا حسبـان
ونظير هذا كـل فـرد فهو **** ملحوق بفرد بعـده حكمان
النـوع والآحـاد مسبـوق **** وملحوق وكل فهو منها فان
والنوع لا يفني أخـيراً فهـو **** لا يفني كذلـك أولاً ببيـان
وتعاقب الآنات أمر ثابت ****في الذهن وهو كذاك في الأعيان
شرح مفصل خليل هراس:
هذا رد لتلك الشبهة التي بنى عليها الأشعري وموافقوه الفرق بين الدوام في جانب الأزل وبين الدوام في جانب المستقبل ، وملخص شامل الدفع أن هذه التفرقة مغالطة وتلبيس لا يروح إلا على السذج البسطاء من الجهلة وأنصاف العلماء ، إذ لم يقل أحد من العقلاء الذين ذهبوا إلى دوام فاعلية الرب تعالى وتسلسل أفعاله ماضياً ومستقبلاً أن شيئاً من أعيان المخلوقات وأفرداها قديم ، لا ذهنا ولا خارجاً ، بل قالوا أن كل فرد منها فهو مسبوق بفرد قبله إلى غير بداية يمكن أن يحصرها العد والحساب ، مع قولهم بأن كل فرد منها حادث . ونظير هذا قولهم أن كل فرد فهو ملحوق بفرد آخر يجيء بعده بلا نهاية ، كذلك فالآحاد كلها لها ابتداء وانتهاء ، سواء في ذلك السابق منها واللاحق ، وأما النوع فهو مستمر أزلاً وأبداً بلا ابتداء ولا انتهاء . وقس ذلك على آنات الزمان ، وهي أجزاؤه ، فإنها تتعاقب في الوجود شيئاً بعد شيء لا إلى نهاية مع امتدادها كذلك في جانب الأزل بلا بداية ، فليست تبتدىء من آن هو أول الآنات . ولا تنتهي إلى آن هو آخرها ، مع أن كل آن منها له بداية وانتهاء ، لأنه واقع بين آنين ، فكل آن منها يبتدىء من نهاية الآن الذي قبله بابتداء الذي بعده ومع ذلك فجمله الآنات لا أول لها ولا آخر لا في الذهن ولا في الخارج . فكل فرد من أفراد المخلوقات حادث موجود بعد أن لم يكن .
وأما النوع الذي هو من لوازم الكمال لأنه وصفه تعالى فلا مبتدأ له ولا منتهى ، بل لم يزل الله فعالاً لما يريد ، لأنه لا يمكن أن يكون في وقت من الأوقات فاقداً لشيء من الكمال . )
منقول فقط





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©