يقول جوزيف كيب في مدنيه المسلمين في اسبانيا :

و أين يوجد حتى في هذا العصر الحديث ملك مثل الحكم الثاني الذي كان له شغف بالعلوم حتى أنه كان له رجال يجمعون الكتب من جميع النواحي في إسبانيا و أوربا حتى صارت خزائنه الخاصة تحتوي على اقل تقدير 400.000- و بعض المؤلفين يقول 900.000 كتاب كامل خطي. و قد أضافوا إلى الاشعار مادة اللغة العربية و الفارسية تراجم أشعار اليونانيين . و ترجموا بمادة اللغة العربية كتب أرسطو و أفلاطون و إقليدس و سائر كتب المتقدمين. و الفوا كتبا كبارا تبهر العقول في الطب و الجغرافية و الفلسفة و الفلك و الكيمياء و المادة التاريخ ....

و هذه الغيرة على بث العلم كانت عامة في ملوك المغربيين. و نظام التعليم عندهم يذكر بما كان من ذلك في رومية الوثنية و يبشر بنظام التعليم في هذا الزمان. و كان ذلك واديا خصيبا في صحراء الجهل الكبرى التي امتدت من القرن الرابع إلى القرن التاسع عشر لأن النصارى الإسبانيين خربوا مدارس الأمة كما فعل أسلافهم النصارى ....

لم تكن هناك قرية, و إن كانت صغيرة جدا, داخل حدود المملكة قد حرمت من بركات التعليم, و كان التعليم عاما يتمتع به حتى أولاد أحقر الفلاحين.
و على هدا نقول أنه يتعذر أن يوجد فلاح أندلسي لا يعرف القراءة و الكتاب كاملة في حين كان ملوك بقية أوروبا لا يقدرون أن يكتبوا أسماءهم في توقيعاتهم و كذلك أشرف الروم من أعلى الطبقلت لم يكونوا يقتدرون على القراءة و الكتاب كاملة و تسع و تسعون في المائه من أهل الممالك النصرانية كانوا أميين تماما. و كانوا على غاية من الجهل لا يمكن تصورها. أضف إلى ذلك أن المعارف عند المور ( يقصد الاندلسين المسلمين ) كان أوسع بكثير جدا مما كان في رومية الملكية. و كان لهم من الغيرة على العلوم مثل ما كان لهم من الغيرة على الشعر....


و كانوا يعتنون بالتعليم العالي و يعضدونه أكثر من التعليم الإبتدائي. فقد كان في قرطبة ثمانمائة مدرسة. و كان التلامذة يأتون من أقاصي الأرض ليتعلموا فيها و كانت للفقراء منهم دور إقامة أعدتها الحكومة مجانا لهم, و لهم فيها أرزاق من بيت مال الدولة تقوم بحاجتهم من طعام و شراب و لباس و كانوا يعطون زيادة على ذلك شيئا من الدراهم معلوما لكل واحد منهم ...

__________________________

الصورة : باب من ابواب مسجد قرطبه




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©