[COLOR="Red"][SIZE="7"]عرض في هذه الدراسة الموجزة لبعض البحوث التي قام بها نخبة من علماء الغرب ومفكريه عن خصائص الحضارتين الإسلامية والغربية. ولسوف يجد القارئ أن كثيرًا من هؤلاء العلماء قد أحاطوا علمًا بالحضارة الإسلامية واستوعبوها أكثر من كثير من المسلمين، وخاصة تلك العصابات الثقافية التي تتصدر الجزء الأكبر من ساحة الريادة الفكرية والتربوية والإعلامية على امتداد العالم الإسلامي كله، ولا هم لها إلا التنكر للإسلام وطمس معالم الحضارة الإسلامية.

أولًا: الحضارة الإسلامية قامت على الإسلام:
1- يقول هربرت فيشر[1] في كتاب كامله: مادة التاريخ أوروبا:
«لقد وصلنا الآن إلى نقطة يصبح عندها مادة التاريخ أوروبا معقدًا بسبب انتصارات الدين الإسلامي. ففي خلال القرون الستة الأولى من التقويم المسيحي ما كان يمكن لأي سياسي متميز في أوروبا بأن يجد فرصة يتذكر بلاد العرب».

ولكن ما إن انقضت مائة عام حتى استطاع هؤلاء المتوحشون المغمورون أن يصبحوا قوة عالمية عظمى.. وما بين أحد طرفي أوروبا حتى طرفها الآخر، وجدت الدول المسيحية نفسها تواجه التحدي من حضارة شرقية جديدة تأسست على دين شرقي جديد[2]. وخلال السنوات الأولى من التوسع العربي، ما كان الفاتحون في حاجة إلى بذل مجهود كبير لكسب مهتدين إلى الإسلام. فعلى العكس من ذلك كان نجاحهم في الحكم متوقفًا إلى حد كبير على سياستهم الحكيمة في التسامح التي مارسوها تجاه اليهود والمسيحيين...

وهكذا انتشرت الحضارة الإسلامية، وكانت مراكزها السياسية: في دمشق تحت حكم الأمويين، وفي بغداد تحت حكم العباسيين، وفي مصر تحت حكم الفاطميين.. ولقد ساهم فيها السوريون والفرس والترك والبربر والأسبان ليقدموا جميعًا[3] العصر الرائع للآداب والفنون الإسلامية، والتي مكنت شعوب الإسلام من السيادة الفكرية للعالم طيلة أربعة قرون، بينما كان العقل الأوروبي غارقًا في قيعان الجهل والكسل[4].

2- ويقول برنارد لويس[5] عن: الإسلام منذ الأمس حتى اليوم:
إن المسيحية في إخلاصها إلى «إنسان - إله» إنما تلهم مثلًا عليا دنيوية، بينما الإسلام في إخلاصه للقرآن إنما هو حضارة، إذ لا يمكن فصل محتواه الديني عن تنظيم حياة البشر، ذلك التنظيم الذي كان يوضع موضع التنفيذ فورًا بمجرد التنزيل.

واليهودية مثلها مثل المسيحية، كانت كل منها برحلة سابقة في نفس سلسلة الوحي الإلهي، وكانتا في أول أمرهما ديانتين صحيحتين، ولكن بالنسبة للمسلمين فإن بعثة محمد قد نسختهما. فما كان فيهما من حق فقد احتوته رسالة النبي، وما كان فيهما من غير الحق، إنما جاء نتيجة لما لحق بهما من تحريف وعلى المستوى الديني، يعتبر الإسلام هو النهاية. ولكن ومن الوجهة المادة التاريخية، يمكن النظر إليه باعتباره بداية.

فقد كان تأسيسًا لدين جديد، وإمبراطورية جديدة، وحضارة جديدة[6]،... ويزعم أحيانًا أن الدين الإسلامي قد فرض رائع بالقوة، إن هذا القول غير صحيح «لقد قامت حضارة أصيلة مستوحاة من العقيدة الإسلامية، ومتمتعة بحماية الدولة الإسلامية، ومدعمة بثراء اللغة مادة اللغة العربية. حضارة تنمو وتتسع وتعيش طويلًا، وقد صنعها الرجال والنساء من مختلف الأعراق والديانات، وقد اصطبغ كل شيء فيها بالعروبة والمبادئ والقيم الإسلامية»[7].

3- ويقول مارسيل بوزار[8] في كتاب كامله: إنسانية الإسلام: «في كلمة موجزة، فإن الإسلام حضارة أعطت مفهومًا خاصًا للفرد، وحددت بدقة مكانه في المجتمع وقدمت عددًا من الحقائق الأولية التي تحكم العلاقات بين الشعوب. كما أن هذه الحضارة لم تقدم فقط مساهمتها المادة التاريخية الخاصة في الثقافة العالمية، ولكنها تؤكد أيضًا، ولها مبرراتها، على تقديم حلول للمشاكل الرئيسية للأفراد والمجتمعات والمشاكل الدولية التي تثير الاضطرابات في العالم المعاصر».

إن الإسلام هو اتصال بين الله كإله وبين الإنسان كإنسان فالإسلام تسليم يقيني نشط وعن طوعية إلى المشيئة الإلهية.

ومن الناحية المادة التاريخية، فلقد أنجب هذا الدين «أمة»، وأوجد أسلوبًا للحياة والعمل والتفكير، وفي كلمة واحدة: فقد أنجب حضارة.

ويدل المادة التاريخ على وجود حقيقة ثابتة مثالية في الحضارة الإسلامية، التي كانت منذ بدئها ولا تزال، متوجهة توجهًا كاملًا نحو الله[9]. وهذه الظاهرة التي تغيب دائمًا عن الفكر والتحليل الغربي الحديث، تعطي للإسلام طابعه المتميز بالدوام. وربما كان ديكارت الذي تغذي فلسفته ومنهجيته التفكير اليومي لأوروبا، قد قام بإحداث شق يعتبر واحدًا من أكثر الشقوق عمقًا بين الشرق والغرب. ففي اختياره للاتجاه العقلاني فإنه حول الثقافة الأوروبية من ثقافة تعتبر «الإله مركز الكون - THEOCENTRIQUE» إلى ثقافة تعتبر «الإنسان مركز الكون - ANTHROPOCENTRIQUE» ويبقى الله هو المرجع الرئيسي في الفكر الإسلامي[10]، سواء في علوم الدين أو القانون أو السياسة. ويضطلع الدين بصورة مباشرة بتنظيم الحياة الروحية والزمنية للفرد والجماعة، رافضًا وساطة كهنوت كان سيتصرف على هواه ويحتكر الدين. والإسلام دين المطلق الإلهي والعقلاني، وعلى العقل البشري أن يتوافق والمنهاج الموحى به»[11].

«وإذا كان العالم الإسلامي قد أظهر أنه لم يكن قادرًا على الحفاظ على وحدته السياسية، فإن الإسلام - على العكس من ذلك - قد عرف كيف يرينا مقدرة رائعة على الحفاظ على ترابطه الديني الذي بقي سليمًا تقريبًا، رغم حدوث شقاقات.

وتظهر الرسالة القرآنية وتعاليم النبي أنها تقدمية بشكل جوهري. وتفسر هذه الخصائص المميزة. انتشار الإسلام السريع بصورة عجيبة خلال القرون الأولى من مادة التاريخه[12].

ومن المفيد أن نسجل إلى أي مدى يؤثر مفهوم معين للعالم والإيمان بمصير عالمي للإنسانية، في طبع السلوك اليومي لملايين الأنفس من البشر. ولا يمكن لأي طريقة مثلى (أيديولوجية) معاصرة أن تدعي منافسة الإسلام في هذا الصدد»[13].


ثانيًا: الحضارة الإسلامية عالمية التوجه والمحتوى:
نظرًا لأن الإسلام دعوة عالمية، فقد كانت الحضارة التي أقامها عالمية التوجه والمحتوى، ففي الإسلام وحضارته نجد العلاقات واضحة ومحددة بين الله والكون والإنسان، وهي في صورتها العامة تحقق: الوحدة والتوازن (العدل) والانسجام.

1- يقول مارسيل بوازار:«عندما يكون الدين مؤسسًا على عقيدة راسخة تمامًا في توحيد الله؛ فإنه ينمي تحقيق عالم متوافق تحكمه الشريعة الاسلامية فريدة عالمية ثابتة بلا تغيير. ولسوف يستأثر الإسلام بتفكيرنا، بصفته أولًا دينًا أو مثلًا أعلى مطلقًا، ومنهجًا للتفكير والعمل للفرد والجماعة، وهكذا شهد القرن السابع الميلادي نـزول الوحي النهائي والثابت وتأسيس المدينة الإسلامية».

إن الغرب في مواجهته لمشاكل الحياة المادية والتطور العلمي، فقد الإحساس بما فوق الطبيعة إلى حد كبير. وهو يتعجب أنه لا يزال في وسع المقدسات أن تقدم مبادرات لمجهودات ذهنية ذات قيمة، وأسس محتملة لعملية تنظيم اجتماعي. والإسلام يتمثل في الإيمان بالمطلق وبوجود نظام أسمى متوافق. والعالم نفسه نظام أخلاقي: والمطلق واقع حق ذو معيار أساسي ومثالي، لا يتجزأ ولا يدرك كنهه: هو الله الذي يعتقد المسلمون أنه تجلى للناس عن طريق الأنبياء. ويكمن الخير الأسمى في أن يتوافق الإنسان مع نفسه مع هذا النظام الإلهي. ويعتبر الشر كل ما من شأنه أن يمنع التوافق والوحدة مع هذا النظام.

ويظهر الإسلام من هذا المنظور الأساسي: دين اليقين والتوازن.

إن الحقيقة الصحيحة المنقطعة النظير، وهي وحدانية الله، تتطلب بالضرورة تحقيق وحدة متوازنة للإنسان والمجتمع البشري. والله في الإسلام، على عكس إله الإنجيل، لا يتجسد للبشر. ولا يوجد بينه وبين الإنسان شفيع ولا وسيط ولا كنيسة ولا كهنوت. وهو المرجع الوحيد والمطلق. وهو المبتدأ وإليه المنتهى والمصير المقدر لأولئك المؤمنين به وبنبيه محمدًا. ويكون الفرد جزءًا مكملًا لجماعة المؤمنين التي تشكل أخوة يقوم المعيار الوحيد للقبول بها على الإيمان. ويرسي اليقين والاعتزاز بامتلاك الحقيقة أساسيات التضامن الإسلامي أكثر مما يفعله القانون والهيئات الاجتماعية.

لقد كان هذا الدين حافزًا على تشكيل كيان متميز لم تستطع تقلبات الزمن والاحتكاك بالحضارات المختلفة أن تفت في عضده على مر العصور. إن الشعور المتيقظ بالانتماء إلى كيان متميز، والوعي النشيط بامتلاك الحقيقة قد خلق حضارة خاصة بالمسلمين، فرض رائعت تعريفًا خاصًا للفرد والدولة والعالم. إن كل شيء في الإسلام يعبر عن وحدة. ففروض رسمية العبادة تعبر بطريقة ظاهرة، بل بطريقة مادية، عن التماسك والالتحام.

فالمسلمون يسجدون في صلواتهم التي يقيمونها خمس مرات يوميًا في ساعات متماثلة تقريبًا وفي اتجاه واحد نحو مكة، وتعبر النية الدينية المصاحبة للممارسات البدنية المصاحبة لهذه الشعيرة، عن وحدة الإنسان روحيًا وماديًا. وفوق ذلك نجد أن القرآن يذكر إقامة الصلاة مقرونة بإيتاء الزكاة التي هي فرض رائع ديني وحق متبادل من شأنه أن يوحد جماعة المؤمنين.

كما أن صيام رمضان يربط بشكل رمزي كل المؤمنين، إذ يمتنعون عن الطعام والشراب حسب توقيت متماثل. وأخيرًا فإن الحج هو أبرز مظاهر الوحدة بين الجماعة يعتنق أفرادها دينًا واحدًا.

ويسهم الإيمان كما تسهم الشعائر التي تربط الإنسان مباشرة بالله، في تضامن الجماعة الإسلامية وتجانسها، وتدفعها جميعًا نحو تحقيق عالميتها.

إن جماعة المؤمنين، وقد قامت على الدين، فإنها نجحت في الصمود أمام التفكك السياسي، كما أن الروابط الدينية التي تسمو فوق التخوم والحدود بين الدول، لم تتأثر كثيرًا بذلك التفكك السياسي»[14].

2- و يقول روجيه دي باسكيه[15] في كتاب كامله: اكتشاف الإسلام:
«لقد جاء الإسلام إلى الناس لمساعدتهم على عبور هذه المرحلة الأخيرة من المادة التاريخ العالمي دون أن يتعرضوا للضياع.

وباعتباره الوحي الأخير في سلسلة النبوات، فإنه يقدم وسائل لمقاومة الفوضى التي تسود العالم حاليًا، وإقرار النظام والنقاء في داخل الإنسان، وإيجاد التآلف والانسجام في العلاقات الإنسانية، وتحقيق الهدف الأسمى الذي من أجله دعانا الخالق إلى هذه الحياة. إن الإسلام يخاطب الإنسان الذي يعرفه معرفة عميقة ودقيقة، محددًا بالضبط وضعه بين المخلوقات وموقفه أمام الله.

إن الفكر الحديث على العكس من ذلك، إذ ليس لديه معلومات دقيقة متفق عليها تتعلق بعلم الإنسان. ولم يحدث في حضارة أخرى غير هذه الحضارة الغربية أن حدث تجاهل بطريقة منظمة وشاملة للتساؤل عن الأسباب التي من أجلها نولد ونعيش ونموت. وذلك هو التناقض الذي وقعت فيه هذه الحضارة التي ارتأت منذ نشأتها أن تكون إنسانية بمعنى أنها جعلت من الإنسان مصدر كل شيء ونهايته. إن هذه الحضارة التي أريد لها أن تكون إنسانية، إنما تقود في نفس الوقت إلى نظام يحتقر الإنسان ويخدعه ثم يدمره في نفس الوقت إلى نظام يحتقر الإنسان ويخدعه ثم يدمره في نهاية المطاف. إن الإسلام بأبعاده الأفقية والرأسية قادر على عمل توافق قوي بين الإنسان والكون المحيط به، وكذلك بين الإنسان والإله خالق كل شيء ومبدعه. إن الإسلام عالمي بكل معنى الكلمة.

وإن الغرب المسيحي، أو الذي فقد مسيحيته. لم يعرف الإسلام أبدًا.

فمنذ ظهر الإسلام على المسرح العالمي، والمسيحيون لا يكفون عن اختلاق الأكاذيب حوله وتحقيره من أجل إيجاد المبررات لقتاله. ولقد ألحقت بالإسلام صور مشوهة كثيرة لا تزال آثارها منطبعة بعمق في العقلية الأوروبية إلى اليوم.

إن الإسلام يقيم مصالحة بين الإنسان ونفسه، كما يقيمها بينه وبين الكون. وبهذا يقدم الدواء الناجح لعلاج الشر في هذا العصر. إن الإسلام لا يحرم على الناس الاستمتاع الكامل بكل نعم الله التي أسبغها عليهم شريطة أن يكونوا شاكرين له:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].

والإسلام كدين توازن، يجعل الإنسان يعمل من أجل خيري الدنيا والآخرة، آخذًا في الاعتبار أن الآخرة خير وأبقى:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4].

وإذا كان الإسلام يضع الناس على طريق الآخرة التي هي خير وأبقى، فإنه يوفر له وسائل الاستمتاع بأفضل ما في هذه الحياة، وذلك بتنظيم التوافق بينه وبينها على المستويين الفردي والجماعي. إن مشيئة الله أن يكون الناس سعداء في النهاية وذلك عن طريق إسلامهم لله. إن كلمة الإسلام - في مادة اللغة العربية - تعني التسليم لله، وهي ذات صلة لغوية بكلمة السلم والسلام.

وفي حقيقة الأمر، فإن التسليم لله يحقق السلام، وهو شرط لازم لتحقيق السعادة»[16].

ثالثًا: الحضارة الغربية قامت على نبذ المسيحية:
تقوم الحضارة على حرية الفكر وطلب وإشاعة المعرفة وإذا كان عدد قليل من الفرنسيين قد استطاع الاغتراف من معين الثقافة والعلوم مادة اللغة العربية في الأندلس، فلقد ظلت أغلب الشعوب الأوروبية غارقة في ظلمات الجهالة والتخلف حتى إذا جاءت الحروب الصليبية ابتداء من القرن الثاني عشر ووقع الاحتكاك بين الإسلام والمسيحية، بدأت الشعوب المسيحية الغربية تخرج من سباتها العميق بعد أن تحققت من تفوق الشعوب الإسلامية وحضارتها الزاهرة. واتجه المسيحيون الغربيون إلى أسبانيا وصقلية وغيرها من مراكز الحضارة الإسلامية ليتعلموا مختلف العلوم باللغة مادة اللغة العربية التي كانت لغة العلم في أوروبا في ذلك الوقت، ثم ينقلونها بعد ذلك إلى اللاتينية.

وكان ذلك هو الأساس الذي قامت عليه الحضارة الغربية الحديثة.

لكن روح اليقظة هذه التي بدأت تسري في أوروبا اصطدمت مبكرًا بالكنيسة ورجالها وتعاليمها التي تتدخل في كافة مناحي الحياة الفردية والجماعية. ويكفي التذكرة هنا بتعاليم الكنيسة التي كانت تصدرها بين الحين والحين. ومنها ما عرف باسم:«المكفرات»، وهي إرشادات لرجال الدين حول الحكم في مختلف خطايا المؤمنين. وفي هذه التعاليم، تفرض رائع الكنيسة قيودًا على ممارسة الجنس بين الزوجين.

فلقد حظرت ممارسة الجنس أثناء: حمل المرأة، والرضاعة، وأثناء الصوم الكبير، وأيام الآحاد الأربعة السابقة للميلاد، وقبل تناول العشاء الرباني...! وما كان لكنسية تفكر بهذه الطريقة، أن تقبل تحرير الفكر بعيدًا عن سلطانها، ولهذا بدأت معركتها مبكرة ضد أحرار الفكر - وفيهم كثير من رجال الدين - وعلماء العصر، ولهذا انطبعت الحضارة الغربية بالعداء بين العلم والدين، وذلك على العكس تمامًا من الحضارة الإسلامية التي قامت على الدين.

يقول الفيلسوف البريطاني برتراند رسل في مقال له بعنوان: كيف أعاقت الكنائس التقدم:
«قد تظن أيها القارئ أنني أذهب بعيدًا عن الواقع إذا قلت لك إن هذا لا يزال واقع الحال. فهناك طرق كثيرة جدًا تتبعها الكنيسة في الوقت الحاضر، لإنـزال البلايا وصنوف من العذاب التي لا داعي لها بمختلف أنواع البشر، وذلك بإصرارها على ما قد اختارت أن تسميه الأخلاقيات. وكما نعلم جميعًا، فإن الكنيسة لا تزال في أغلبها تعادي التقدم وكل ما من شأنه تخفيف معاناة العالم، فهي قد اعتادت أن تطبع مجموعة من قواعد السلوك المتزمت والتي لا علاقة لها بسعادة الإنسان، بما تسميه الأخلاقيات.

يجب علينا أن ننهض ونتدبر واقع أمر العالم. إن العالم المليء بالخير يحتاج إلى المعرفة ورقّة العواطف والشجاعة. إنه يحتاج إلى نظرة جسورة وإلى عقل حر. إنه يحتاج إلى أمل في المستقبل.

لقد عارضت الكنيسة جاليليو. وفي الأيام التي بلغت فيها أعظم سلطانها، فإنها ذهبت إلى أبعد مدى في معارضة حياة العقل والتفكير. فلقد كتب البابا جريجوري الكبير (590- 604م) إلى أحد أساقفته رسالة يقول فيها:«لقد وصلنا تقرير لا نستطيع تذكره دون حمرة الوجه خجلًا: ذلك أنك تشرح مفصل قواعد اللغة (اللاتينية) إلى بعض الأصدقاء».

لقد اضطر هذا الأسقف، تحت سلطان صاحب القداسة، أن يكف عن ذلك العمل الشرير! ولهذا لم تنهض اللاتينية من عقالها إلا في عصر النهضة.

وكما يعلم كل الناس، فإن الكنائس قد عارضت بقدر الإمكان القضاء على العبودية، كما أنه خلافًا لبعض الاستثناءات، فإنها تعارض اليوم أي حركة تجاه العدالة الاقتصادية ويجب أن نذكر أنه في جميع العصور، بدءًا من عصر قسطنطين (القرن الرابع) حتى نهاية القرن السابع عشر فإن المسيحيين قد تعرضوا لاضطهادات رهيبة على يد مسيحيين مثلهم آخرين، أكثر بكثير مما تعرضوا له على أيدي الأباطرة الرومان!

حقيقة أن المسيحي المعاصر قد أصبح أقل غلظة، لكن الفضل في ذلك لا يرجع إلى المسيحية، وإنما يرجع إلى أجيال من أحرار الفكر، الذين جعلوا المسيحيين - يخجلون - منذ عصر النهضة إلى الآن - من كثير من معتقداتهم التقليدية»[17].

رابعًا: الكنيسة تحرق العلماء وأحرار الفكر!
منذ أن صارت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية على عهد قسطنطين الكبير (325م) بدأت الكنيسة تقوى حتى جمعت في يدها السلطتين الدينية والدنيوية، فسيرت الجيوش الجرارة للحرب باسم المسيح، ومنحت بركاتها للملوك والأمراء الذين خضعوا لسلطانها، وقاتلت الذين خرجوا على إرادتها، وقتلت حرقًا وشنقًا كل من اعتبرته متمردًا على تعاليمها في الدين والدنيا. ولقد كان لدعاة الإصلاح والتقدم من رجال الدين ورجال العلم النصيب الوافر من الاضطهاد والملاحقة والإبادة.

وكان هذا السبب فيما اصطبغت به الحضارة الغربية من عداء بين العلم والدين، وهو ما جعلها تنكفئ على نفسها هربًا من الكنيسة وأربابها، فنبذت الإله الخالق واستبدلته بالإنسان المخلوق.

وكان هذا هو الضياع الأبدي ولا شك.

لقد كان دعاة الإصلاح الذين يعملون من أجل إعادة باب الاجتهاد في الدين على أساس إحلال العقل محل النقل، وإلغاء احتكار رجال الكنيسة كمفسرين وحيدين للوحي، وإلغاء دور القديسين كوسطاء بين الله والناس.

أما رجال الفكر الكنسي المتشدد فكانوا على العكس من ذلك، يرون ضرورة الاحتفاظ بالتقاليد والمفاهيم المتوارثة وإطاعتها طاعة عمياء، وأن أي مخالفة لذلك إنما هي هرطقة وكفر جزاؤهما الإحراق في الدنيا رحمة بالمذنبين، بدلًا من الإحراق الأبدي في الآخرة.

ويعبر عن هذا المنطق الرهيب توركويمادا (1420 - 1498)، رئيس محاكم التفتيش في أسبانيا، الذي كان (يبرر إحراق مئات الزنادقة والسحرة على الخازوق، وتعريف الزنادقة والسحرة وكل منشق على الكنيسة الكاثوليكية أو رافض لها في العقيدة أو السلوك أو المصالح، بقوله: نحن نحرقك في الدنيا رحمة بك حتى ننقذك من النار الأبدية في الآخرة)!

ولقد كان من نتيجة تطبيق هذا الفكر الكنسي الرهيب أن تعرض الكثير للتعذيب أو الإحراق أو كليهما معًا. ونكتفي بذكر عدد محدود من رجال الإصلاح الديني ورجال العلم الذين سحقتهم الكنيسة سحقًا.

(1) في عام 1415 أحرقت الكنيسة جون هس أعظم واعظ بالإنجيل في بوهيميا، وقد كان رئيسًا لجامعة براغ التي كانت آنذاك أعظم جامعات أوروبا بعد باريس وأكسفورد.

ولقد أدين أمام مجمع كونستانس (1414- 1418) بتهمة الهرطقة وعومل في السجن بوحشية ثم أحرق حيًا!

(2) في عام 1498، أحرقت الكنيسة الراهب الايطالي سافونا رولا الذي كان أول من بدأ حركة الإصلاح الديني في ايطاليا، وذلك بعد قرار حرمان أصدره البابا اسكندر السادس عام 1497.

وبعد محاكمة استمرت أربعين يومًا، استخدمت فيها كل أنواع التعذيب، أعدم وأحرقت جثته مع راهبين آخرين من أتباعه المخلصين، في فلورنسا.

(3) وكانت «أول ترجمه إنجليزية للكتاب كامل المقدس عملت بصورة مباشرة عن الأصل العبري والإغريقي، إنما كانت من عمل وليام تندال».

لقد واجه معارضة مريرة، واتهم بتعمد إفساد معنى الكتاب كامل المقدس، وأمر بإحراق تراجمه للعهد الجديد باعتبارها تراجم زائفة.

وأخيرًا، سلم ليد أعدائه، حيث ثم إعدامه على رؤوس الأشهاد حرقًا بالشد على الخازوق، في أكتوبر 1536.

(4) وفي عام 1553، أحرقت الكنيسة، في جنيف ميخائيل سارفيتوس الأسباني، ومعه كتاب كامله: إعادة بناء المسيحية.

(5) وفي عام 1600، أحرقت الكنيسة القس جوردانو برونو، في ميدان الأزهار (كامبو دي فيوري) بروما.

وكان من بين التهم الموجهة إليه: الزندقة والردة، والدعوة لنظرية كوبرنيك في الفلك القائلة بأن الأرض ليست مركز الكون، وأن الكواكب تدور حول محورها وحول الشمس، وهو ما يتنافى مع المادة الجغرافيا والفلك كما استخلصتهما الكنيسة من الكتاب كامل المقدس ومن أعمال أرسطو وبطليموس الجغرافي وكان من المتهم أيضًا، الاشتغال بالسحر، ويدخل في هذا الباب الدعوة إلى العلم للسيطرة على الطبيعة.

(6) وفي عام 1642 مات الفلكي جاليليو في عزلته كمدًا، بعد أن أصيب بالعمى، فقد حاكمته الكنيسة، وحكمت عليه بتحديد إقامته بعد أن أعلن تبرأه من مفاهيمه العلمية حول الأرض وحركتها، والشمس والكون. فقال في اعترافه أمام المجمع المقدس عام 1633أستنكر هذه الأخطاء والزندقات المذكورة، وبوجه عام كل الأخطاء والزندقات والمعتقدات المتعارضة مع الكنيسة المقدسة).

هذا بالإضافة إلى الاضطهادات الوحشية التي تعرضت لها الجماعات الدينية المخالفة، وخاصة ما كان بين الكاثوليك والأرثوذكس. ويكفي التذكرة هنا بأن الحملة الصليبية الرابعة خربت القسطنطينة التي فرح العالم الكاثوليكي بإخضاعها، إذ كان يسميها المدينة الملحدة! وقد ابتهج البابا أنوسنت الثالث، وأعلن في رسالته إلى بلدوين - الذي جرى تتويجه إمبراطورًا صليبيًا في كنيسة القديسة صوفيا - بأنه يطرب (لما صنعه الله)، وأعلن موافقته دون تحفظ.

وأما ما كان بين الكاثوليك والبروتستانت فهو مادة التاريخ دموي طويل، نذكر منه فقط على سبيل المثال:
(1) في عام 1545 تم ذبح 400 من البروتستانت الولدويون في مقاطعة بروفانس في جنوب فرنسا.

(2) وفي ليلة 24 أغسطس عام 1545 - عيد القديس برثولماوس - قتل 200 بروتستنتي في باريس ونحو 200 في بقية فرنسا.

(3) وفي إنجلترا، أحرق الكاثوليك الأسقف البيوريتاني هوبر في كاتدرائيته في جلوستر يوم 9 فبراير عام 1555، كما أحرقوا الأسقفين ردلي، ولاتيمر في أكسفورد يوم 16 أكتوبر من نفس العام.

وكذلك أحرق الكاثوليك كبير الأساقفة كرانمر في أكسفورد يوم 21 مارس 1556.

(4) وإذا تركنا الأحداث التي تبدو فردية أو محلية، نجد هناك حرب الثلاثين عامًا - من 1618 إلى 1648 - التي بدأت نتيجة لتعصي ملك كاثوليكي - فرديناند الثاني - كان يكره البروتستانت وأراد استئصالهم من مملكته. ولقد بدأت الشرارة في بوهيميا ثم ما لبثت أن امتدت إلى أغلب دول أوروبا، فشملت الإمبراطورية الألمانية وفرنسا وإنجلترا وهولندا والسويد والدنمارك ودويلات البلطيق وغيرها. ولقد استمرت هذه الحرب - بل الحروب - 30 عامًا أكلت الخضر واليابس وعانت فيها شعوب أوروبا المسيحية العذاب الأليم نتيجة التعصب المذهبي البغيض الذي زرعته الكنيسة.

وهكذا، دمرت الحضارة الغربية الإنسان الذي جعلته محورها، فضلت الطريق بعد أن رأت نفسها قد استغنت عن الإله!

خامسًا: الإسلام لا يعرف الحكومة الدينية:
لقد أوجد الإسلام حضارة إسلامية، كما رأينا سلفًا، ونظرًا لكون الإسلام دينًا بلا كهانة، فقد ضمن للمسلمين، النجاة من مخاطر ما يعرف باسم الحكومة الدينية التي عرفها الغرب المسيحي قرونًا طويلة وعرف ما اشتهرت به من اضطهاد لأحرار الفكر ورجال العلم. إن هذه الحقيقة الخطيرة تغيب عن كثير من الكتاب كامل والباحثين - إما جهلًا أو تجاهلًا متعمدًا - سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

يقول مارسيل بوازار:«إن السيادة، حسب المصطلح الغربي - تعني سلطة وحيدة لا يعلى عليها، تجمع كل النـزعات والقوى داخل المجتمع. وأما في العقيدة الإسلامية، فإن الله هو المصدر الأسمى لهذه السيادة، والتعبير عن إرادته ماثل في القرآن. وليس للنبي ولا خلفائه والرؤساء الدينين أي سلطة إلا بالتفويض.

ولما كانت الالشريعة الاسلامية مفروض رسميةة على الجميع، فإن كل مؤمن هو خليفة الله في الأرض. وأولوا الأمر في المجالين الروحي والزمني (الديني والدنيوي) لا يملكون سلطة مطلقة، وإنما هي في خدمة الجماعة لتنفيذ أحكام الالشريعة الاسلامية. وليس في وسعهم أن يدعوا أي عصمة في تفسير التوجيهات الإلهية، لأن هذه العصمة تكمن في إجماع الأمة.

إن الجماعة المسلمة لم تنشئ أبدًا، لا نظريًا ولا علميًا، حكومة دينية (ثيوقراطية)، كما زعموا ذلك في أكثر الأحيان بغير حق في الغرب. إن المصطلح ذاته (حكومة دينية) فيه مفارقة، فالخليفة ليس رئيسًا دينيًا. وفوق هذا لم يحدث أبدًا أن حكمت المجتمع الإسلامي طبقة كهنوتية لسبب واضح وهو أن الكنيسة مؤسسة غريبة عن الإسلام.

فالحكومة الإسلامية ليست حكومة «دينية» حيث أن صلاحيتها الوحيدة هي تطبيق الالشريعة الاسلامية الموحى بها.

وهكذا تتميز السلطة هنا عن النظام الديمقراطي (الغربي) بالمعنى المتعارف عليه بوجه عام، لأنها تفرض رائع نظريًا بعض المؤسسات، كما تفرض رائع عمليًا عددًا من المعايير الأخلاقية. بينما تسمح الديمقراطية ذات الطابع الغربي أن يختار الناس المؤسسات والمعايير حسب الاحتياجات والرغبات السائدة في عصرهم»[18].

ويقول برنارد لويس:«بالنسبة للمسيحي، يعترف بأن: يعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله». أما بالنسبة للمسلم فإن الله هو قيصر، ولن يعترف بأي مصدر آخر للسلطة سوى الله.

إن الفصل بين السلطتين (الدينية والزمنية) غير موجود على الإطلاق في الإسلام. وفي روما كان قيصر هو الإله، وفي المسيحية تقاسم قيصر والله المسيحية، أما في الإسلام فالله هو قيصر»[19].

حكومات الشعوب الإسلامية هي - إذن - حكومات مدنية قد تخطئ وقد تصيب. وظيفتها الرئيسية تطبيق شرع الله وإقامة العدل بين كل رعاياها - مسلمين كانوا أو غير مسلمين - وتنمية المجتمع وتحقيق الخير والرفاهية للجميع.

وإذا حدث أن قامت عصابة من الناس واستولت على الحكم في بلد - وليكن اسمه مثلًا: نفاقستان - وادعت أنها حكومة دينية تحكم باسم الإسلام، فإننا نقول لهؤلاء وأمثالهم كثير: أنتم جهلة منافقون لا تعرفون من الإسلام سوى القشور والديكور، وتستخدمون الإسلام ولا تخدمونه. والويل كل الويل للمنافقين وصدق الله:
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145].

فصل المقال...
إن الحضارة أخذ وعطاء. ولا يستطيع أحد من البشر اليوم - كائنًا من كان - ممن يعيش في هذا العالم المتواصل، أن يدعي أنه هو وحده صانع الحضارة سيد العالم ومدبر شئونه.

إن المادة التاريخ خير شاهد على أن الحضارة دورات، كما أن قيام الإمبراطوريات وانهيارها دورات، وينطبق عليها ما ينطبق على الإنسان من تردده بين حالات: ضعف ثم من بعد ضعف قوة، ثم من بعد القوة ضعفًا وشيبة! ومتحضروا اليوم كانوا متخلفي الأمس، والعكس بالعكس. ولنذكر من المادة التاريخ القريب حادثتين اثنتين، ومثلهما كثير. فمنذ نحو 400 عام فقط - عندما كان جنون الخوف من النساء المتشيطنات يجتاح أوروبا، ناقش برلمان باريس في عام 1578 قضية جان هارفيير التي سبق أن أحرقت أمها بزعم أنها تعاشر الشيطان جنسيًا! وباعتبارها ابنة لتلك الأم، فقد تعرضت للجلد بأمر البرلمان. ولقد اضطهدها المجتمع ونبذها، فأجبرت على التحرك من مسكن إلى آخر، وعلى تغيير اسمها، لدرجة أن اختلت قواها العقلية فاعترفت أنها كانت تمارس الجنس مع الشيطان. ومع ذلك فقد تعرضت لسلسلة التعذيب الوحشي الذي يجب أن تخضع له مثل أولئك الضحايا البائسات الأوروبيات.

ومنذ نحو 180 عامًا فقط، عندما أضيئت شوارع مدينة كولونيا الألمانية بالغاز لأول مرة، خرجت «صحيفة كولونيا - Kolnische Zeituong» في 28 مارس 1819 تندد بهذا العمل من منطلق ديني باعتبار «أن الإنسان في هذه الحالة قد حطم إرادة الله التي قضت بأن يكون الليل مظلمًا»[20]!..

مثلان فقط دلالاتهما واضحة تمامًا لما كان عليه الحال في الأمس القريب لاثنين من أكبر مراكز الحضارة اليوم، وهما فرنسا وألمانيا.

إن الغرب المسيحي ينظر إلى العالم اليوم - وخاصة عالم الإسلام - باستكبار وغرور، وهو يريد الهيمنة عليه وإعادة تشكيله وفق قيمه ونظم حياته.

تقول مجلة الشئون الدولية البريطانية: «إن القضية هي ما إذا كان من الممكن جعل الإسلام يقبل بقواعد المجتمع العلماني - من خلال صراعات كثيرة وطويلة ومؤلمة - أم أن رسوخ الإسلام في المجال السياسي والاجتماعي يجعله يرفض قبول المبدأ المسيحي الغربي الذي يميز بين ما لله وما لقيصر؟!

ويعكس هذا الطرح إلى أي مدى يميل الفكر الغربي إلى جعل الحضارة المسيحية اليهودية الغربية هي الحضارة المهيمنة، وجعل أفكارهما مطلقة وليس مجرد ثقافة بين ثقافات عديدة يعج بها العالم. والإسلام من بين الثقافات الموجودة في الجنوب هو الهدف المباشر للحملة الغربية الجديدة»[21].

ذلك ما يعملون من أجل فرض رائعه على عالم الإسلام، وإن كان بعض باحثيهم يؤكد صعوبة بل استحالة ذلك، لما يتمتع به الإسلام من قوة ذاتية وإلى إمكانات تطوير عالمه دون محاكاة للنظام الغربي باعتباره الأسوة والمثال.

يقول أرنست جيللر:«إن وجود تقاليد محلية للإسلام قد مكن العالم الإسلامي من %




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©