هى البردة التى أهداها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الصحابي الجليل الشاعر كعب بن زهير - رضي الله عنه - بعد ان القى قصيدته الشعرية المعروفة يمدح فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعجب بها الرسول كثيراً، وخلع بردته من فوق ظهره الشريف وأهداها لكعب بن زهير، وقد أراد معاوية بن أبى سفيان - رضي الله عنه - أن يشترى هذه البردة وعرض على كعب بن زهير عشرة آلاف درهم إلا أنه رفض بيعها له. وبعد وفاة كعب بن زهير اشتراها معاوية من ورثته مقابل عشرين ألف درهم، وحينها انتقلت البردة من المدينة الى دمشق وأصبحت من أغلى ممتلكات الدولة الأموية.

وحين سقطت الدولة الأموية انتقلت البردة الى بغداد وأصبحت في حوزة العباسيين وظلت هناك لقرون يتوارثها خلفاء بني العباس حتى اجتاح المغول الشرق الاسلامي فهرب الخليفة العباسي الى مصر ومعه البردة النبوية، وحين وصلت لمصر كانت البردة قد بلغت من التبجيل الى حد ان السلاطين حين يتشرفون بزيارتها لايديرون لها ظهورهم ويخرجون سائرين الى الخلف.

وفي عام 1517م فتح السلطان سليم الأول العثماني مصر وتنازل أخر الخلفاء العباسيين عن الخلافة الى السلطان سليم وسلمه البردة النبوية الشريفة ونقلت البردة الى اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية، وحين وصلت الى اسطنبول استقبلها السلطان بنفسه مع كامل حاشيته وأدخلوها الى قصره في موكب مهيب وحفظت البردة في قصر طوب كابي.

وفي العهد العثماني اعتبرت أثرا مقدسا ومن الممتلكات العزيزة لأي سلطان جديد وكان السلطان أحمد الأول يكنّ لها تبجيلا واحتراما كبيرين وهو أول من فكر ووضع الصندوق الذي يحتوي على بردة النبي ووضعها فوق كرسي العرش متبركا بها وآملا أن تقوده الروح العلية في سياسة أمور الإمبراطورية الهائلة، وهكذا ظل الحال حتى غادر السلطان محمود الثاني قصر طوب كابي نهائيا وأمر بتخصيص القصر بالكامل ليكون متحفا لحفظ الأمانات المقدسة.

وفي عهد السلطان عبدالعزيز بدأت تظهر بوادر تمزق واهتراء على البردة الشريفة فأمر بوضعها في صندوق من الذهب منقوش بالآيات القرآنية والزخارف البديعة وبداخله صندوق صغير من الذهب أيضا هو الذي يضم بداخله البردة النبوية الشريفة، أما البردة نفسها فهي ملفوفة بقماش من الحرير مطرزة تطريزا رائعا بخيوط من الذهب والفضة.

وفي الصندوق الذهبي الكبير يمكن قراءة هذه الآية الكريمة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وعبارات مثل "لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك"، "أغث يا رسول الله عبدالعزيز"، والأبيات التالية:
عبدالعزيز الذي من آل عثمان
يرجو الشفاعة من رسول رحمان
لكسوة المصطفى أنشا محافظه
اللـه يحفظه من كل إنسان

منقول من صفحة The Ottoman Archives - أرشيف الدولة العثمانية





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©