بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فمما شاع بين الناس قصة حرق السفن
وذالك أن طارق بن زياد لما عبر بالجيش المسلم إلى شبه الجزيرة الإبيرية قام بحرق السفن التي أقلتهم ,وهذه القصة المكذوبة أوردها بعض المستشرقين تنقصا للجيش الإسلامي ولقائدهم طارق بن زياد رحمه الله, وذالك ليوهموا للناس أن المسلمين كانوا عاجزين عن قتال الاسبان بقيادة " رودريكو" أو" لودريق " ,وأنه لولا أن سفن حُرقت لولوا أدبارهم
وليوهموا للناس أيضا أن الأمير طارق عليه رحمة الله كان ديكتاتوريا وانه كان يجبر الناس على القتال
ومن الأدلة على بطلانها :
-أنها لم تأت عن طريق الثقاة وهم المؤرخين المسلمين الأثبات
فعِلْمُ الرجال وعِلْمُ الجرح والتعديل الذي تميَّز بهما المسلمون عن غيرهم يُحيلانا إلى أن الرواية الصحيحة لا بُدَّ من أن تكون عن طريق أناس موثوق بهم، وهذه الرواية لم تَرِدْ قطُّ في روايات المسلمين الموثوق بتأريخهم، وإنما أتت إلينا من خلال المصادر والروايات الأوربية التي كتبت عن معركة وادي بَرْبَاط.

-أن هذه السفن استعارها طارق من حاكم سبته أو "يوليان" و قد أعطاها له بأجرةٍ ليعبر عليها ثم يُعيدها إليه بعد ذلك؛ فيعبر بها يُليان إلى الأندلس ومن ثَمَّ فلم يكن من حقِّ طارق بن زياد إحراق هذه السفن و لا يخوله ذالك أن يتصرف فيها كيف يشاء

-أن المسلمين كانوا بحاجة ماسة إلى هذه السفن لنقل الإمدادات ,وقد ثبت أن موسى بن نصير رحمه الله نقل إمدادات لإعانة الجيش الفاتح كنا أن هناك احتمال أن ينسحب المسلمون من ميدان المعركة؛ وذلك إمَّا متحرِّفين لقتال جديد، وإمَّا تحيُّزًا إلى فئة المسلمين، وقد كانت فئة المسلمين في المغرب في الشمال الإفريقي؛ فكيف إذًا يقطع طارق بن زياد على نفسه التحرُّف والاستعداد إلى قتال جديد، أو يقطع على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين؟! ومن هنا فإنَّ مسألة حرق السفن هذه تُعَدُّ تجاوزًا شرعيًّا كبيرًا، لا يُقدِم عليه مثل طارق بن زياد –رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحُكَّامهم ليقفوا مكتوفي الأيدي حيال هذا الفعل إن كان قد حدث.

والدليل الأقوى أن هذه القصة جاءت عن طريق أعداءنا لحقدهم وبغضهم للفتح الإسلامي والله عز وجل يقول :{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا }
و لأن الأوربيين لم يستطيعوا أن يُفَسِّروا كيف انتصر اثنا عشر ألفًا من المسلمين الرجَّالة على مائة ألف فارس من القوط النصارى في بلادهم وفي عقر دارهم، وفي أرض عرفوها وألِفوها؟! ففي بحثهم عن تفسيرٍ مقنعٍ لهذا الانتصار الغريب قالوا: إن طارق بن زياد قام بإحراق السفن لكي يضع المسلمين أمام أحد أمرين: الغرق في البحر من ورائهم، أو الهلاك المحدق من قِبَل النصارى من أمامهم، وكلا الأمرين موت محقَّقٌ؛ ومن ثَمَّ فالحلُّ الوحيد لهذه المعادلة الصعبة هو الاستماتة في القتال؛ للهروب من الموت المحيط بهم من كل جانب؛ فكانت النتيجة الطبيعية الانتصار، ولو كانوا يملكون العودة لكانوا قد ركبوا سفنهم وانسحبوا عائدين إلى بلادهم.ومن المؤسف أن هذه القصة وجدت طريقا لها إلى كثير من المقررات الدراسية في بلداننا . والله المستعان



............................

منقول بتصرف




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©