كيف تجلت اسمى معاني الرضاه بقضاء الله تعالى وقدره في سعد بن ابي وقاص

لما قدم سعد الى مكة و كان قد كف بصره جاءه الناس يهرعون اليه كل واحد يسأله ان يدعو له فيدعو لهذا و هذا وكان مجاب الدعوة قال عبد الله بن سائب : فأتيته و أنا غلام فتعرفت عليه فعرفني وقال : انت قارئ أهل مكة قلت : نعم فذكر قصة قال في آخرها : فقلت له : يا عم أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك فرد الله عليك بصرك فتبسم و قال : يا بني قضاء الله سبحانه عندي أحسن من بصري

فضائله رضي الله عنه
وإن لسعد بن أبي وقاص لأمجاداً كثيرة يستطيع أن يباهي بها ويفخر
أولهما: أنه أول من رمي بسهم في سبيل الله ، وأول من رُمي أيضاً
وثانيهما: أنه الوحيد الذي افتداه الرسول بأبويه فقال له يوم أحد : أرم سعد .. فداك أبي وأمي
أجل كان دئما يتغني بهاتين النعمتين الجزيلتين ، ويلهج بشكر الله عليهما فيقول : والله إني لأول رجل من العرب رمي بسهم في سبيل الله

ويقول علي بن ابي طالب: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفدي أحد بأبويه إلا سعداً ، فإني سمعته يوم أحد يقول : ارم سعد ... فداك أبي وأمي

كان سعد يعد من أشجع فرسان العرب والمسلمين وكان له سلاحان ورمحه.. ودعاؤه.. إذا رمي في الحرب عدوا أصابة..وإذا دعا الرسول له .. فذات يوم وقد رأي الرسول صلى الله عليه و سلم منه ما سره وقر عينه ، دعا له هذه الدعوة المأثورة : اللهم سدد رميته..وأجب دعوته

ولقد عاش سعد ، حتي صار من أغنياء المسلمين وأثريائهم ، ويوم مات خلف وراءه ثروة غير قليلة..ومع هذا فإذا كانت وفرة المال وحلاله، قلما يجتمعان، فقد أجتمعا بين يدي سعد..إذا أتاه الله ، الكثير ، الحلال ، الطيب

في حجة الوداع ، كان هناك مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وأصابه المرض ، وذهب الرسول يعوده، فسأله سعد قائلاً : يا رسول الله ، إني ذو مال ، ولا يرثني إلا أبنة ، أفأتصدق بثلثي مالي ..؟
قال النبي : لا
قلت : فبنصفه ؟
قال النبي : لا
قلت : فبنصفه ؟
قال النبي : لا
قلت : فبثلثه ؟
قال النبي : نعم ، والثلث كثير .. إنك أن تذر روثتك أغنياء ، خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها ، حتي اللقمة تضعها في فم أمرأتك

وفاته رضي الله عنه
ولم يظل سعد أباً لبنت واحدة.. فقد رزق بعد هذا أبناء أخرين وكان سعد كثير البكاء من خشية الله وكان إذا استمع إلي الرسول يعظهم ، ويخطبهم ، فاضت عيناه من الدمع حتي تكاد دموعه تملأ حجره ويروي لنا ولده لحظاته الأخيرة فيقول : كان رأس أبي في حجري ، وهو يقضى فبكيت فقال : ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبداً وإني من أهل الجنة إن صلابة إيمانه لا يوهنها حتى رهبة الموت وزلزاله

ولقد بشره الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو مؤمن بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام أوثق إيمان ..وإذن ففيم الخوف ؟ وفوق اعناق الرجال حمل الي المدينة جثمان أخر المهاجرين وفاة، ليأخذ مكانه في سلام إلي جوار ثلة طاهرة عظيمة من رفاقه الذين سبقوه إلى الله ، ووجدت أجسامهم الكادحة مرفأ لها في تراب البقيع وثراه وكان قد أوصى ان يكفن في جبة صوف له كان قد لقي المشركين فيها يوم بدر فكفن فيها سنة خمس و خمسين و يقال سنة خمسين وهو ابن بضع و سبعين و يقال اثنين و ثمانين وقد صلى عليه من كان حياً من زوجات رسول لله صلى الله عليه و سلم
وداعا ، سعد..!! وداعاً، بطل القادسية ، وفاتح المدائن ، ومطفيء النار المعبودة في فارس إلا الأبد





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©