عن عائشة رضي الله عنها أن أباها قال لها: "أما إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، وليس عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر، وابرئي منهن، ففعلت.

فلما جاء الرسول عمر بكى حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض ويقول: رحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده، رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده"((أخرجه ابن سعد في الطبقات بإسناده حسن). حسن). حسن).

ولله درّ عبد الحليم المصري وهو يقول في قصيدته البكرية:

وقال وقد حان الفراق لأهله * إذا مت ردّوا عبدهم وردائـيا
وردوا عليهم حائطي في دارهم * تقاضيتها منهم وردّوا صحافـيا
فذِكرُكَ في الأحياء سال مدائحا * وذِكرُك في الأموات حال مراثيا
فمَن لي بدمع المسلمين إذا جرى * وما سوف يغدو للأجنة جاريا
سنبذل من تلك العيون كرائما * ونُرْخِصُ مِن تلك الدموع غواليا
وفاء وتَحنانا إلى الزمن الذي * تضوّع عن عطر الخلافة ذاكـيا
ليالي كان الناس لا المال مالهم * وما هو إلا مال من جاء عافيا...
أربُّ أبي بكر سيخلق مثله * فيدرك من بنيانه متراميا
بقيـة إيمـان وآثار أمة * توارث عن الأبصار إلا بواقيا
ذكرت أبا بكر لقومي وليتني * بلغت به ما كنت في القول راجيا
لعل سراة الدهر تبلغ فجره * فأنّى أرى الإصباح تتلو الدياجيـا



[«ترطيب الأفواه» للعفاني (1/114)]





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©