العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى خروج يأجوج ومأجوج:
ثم يأذن الله تعالى لقوم يأجوج ومأجوج بالخروج وهم من كل حدب ينسلون كما وصفهم الله تعالى بقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}
[1].

* فمن هم قوم يأجوج ومأجوج؟:
قال الحافظ في الفتح (10/129): يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح، قال ابن كثير: وقد حكى النووي رحمه الله في شرح مفصل مسلم عن بعض الناس؛ أن يأجوج ومأجوج خلقوا من منيٍّ خرج من آدم فاختلط بالتراب، فخلقوا من ذلك، فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم وليسوا من حواء، وهذا قول غريب جدا، لا دليل عليه لا من عقل ولا من نقل، ولا يجوز الاعتماد هنا على ما يريه بعض أهل الكتاب كامل ما عندهم من الأحاديث المفتعلة. والله أعلم.
قال بعض العلماء: هؤلاء –أي قوم يأجوج ومأجوج- من نسل يافث أبي الترك، أي أبناء عم- أهل الصين وروسيا واليابان ومنغوليا ومن شابههم، وقد أقام ذوالقرنين السد بين هذه القبائل وبين قوم يأجوج ومأجوج لفسادهما وطغيانهم عليهم، وقال ابن كثير في تفسيره للقرآن العظيم (5/195): إنما سمي هؤلاء تركًا لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، لكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة.
وقد ذكر ابن جرير هنا عن وهب بن منبه أثرًا طويلاً عجيبًا، في سير ذي القرنين وبنائه السد، وكيفية ما جرى له، وفيه طول وغرابة ونكارة؛ في أشكالهم وصفات جزائريةهم، وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم. وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها والله أعلم.

أين هم؟
بين الله تعالى في سورة الكهف عن قصة ذي القرنين - والذي أمده الله تعالى بالقوة حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، – ثم أنه أتى بعد ذلك على قوم عجم كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ([2]. ومعنى بين السدين، قال ابن كثير: وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك، فيعيثون فيها فسادًا، ويهلكون الحرث والنسل.
ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم # كما بينا آنفا: )وجد من دونهم قومًا لا يكادون يفقهون قولا ( -أي لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس-.
) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ([3]. قالوا: يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض، - أي يدمرون البلاد والعباد، ويهلكون الحرث والنسل- فهل نجعل لك خرجًا) قال ابن عباس: أي أجرًا عظيمًا، يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً، يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدًا فقال ذوالقرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير: )قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً([4]، ومعنى (ما مكني فيه ربي خير) أي أن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين؛ خير لي من الذي تجمعونه، ولكن ساعدوني بقوة، أي بعملكم وآلات البناء، )أجعل بينكم وبينهم ردمًا آتوني زبر الحديد ( (والزبر جمع زبرة وهي القطعة وهي كاللبنة)، )حتى إذا ساوى بين الصدفين (، أي وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رءوس الجبلين طولا وعرضًا ) قال انفخوا ( أي أجج عليه النار حتى صار كله نارًا ) قال آتوتي أفرغ عليه قطرا (، قال ابن عباس: هوالنحاس. ويستشهد بقوله تعالى: {وأسلنا له عين القطر}، أي جعل ذوالقرنين سداً منيعا، وحصنا حصينا، بين أولئك القوم وبين يأجوج ومأجوج، فكان ذلك السد مكونا من حديد ونحاس، حتى تكون له قوة عظيمة، وكما قال الله تعالى: )فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً([5].
يقول تعالى مخبرًا عن يأجوج ومأجوج؛ أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد، ولا قدروا على نقبه من أسفله، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه فقال: )فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا(، وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ولا على شيء منه، وهذا بالطبع ليس على إطلاقه، حيث من المعلوم أن السنة جاءت شارحة للقرآن، فمما جاء في السنة بهذا الخصوص ما رواه البخاري ومسلم عن زينب < وهي إحدى زوجات رسول الله r: أن النبي r دخل عليها فزعا يقول: {لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه} وحلق بين أصبعيه الإبهام والتي تليها. فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: {نعم! إذا كثر الخبث}، - أي هناك ثقب قطره كقطر حلقة الإبهام والسبابة من اليد، فتح من ردم يأجوج ومأجوج - بهذا الحديث علمنا أن السد منذ بنائه إلى حين بعثة رسول الله r كان السد وكما أخبرنا الله تعالى:
) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ( ‌ولكن ببعثة رسول الله r وهي أول علامة من علامات الساعة الصغرى، لقوله عليه الصلاة والسلام: {لست من الدنيا وليست مني إني بعثت والساعة نستبق} سبق تخريجه. ‌وفي رواية لمسلم عن جابر t قال: كان رسول الله r إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول: {صبحكم ومساكم} ويقول: {بعثت أنا والساعة كهاتين} ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، وتحديداً لما دخل عليه الصلاة والسلام على زوجه زينب < وأخبرها بقوله: {فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج..} الحديث {بدأ قوم يأجوج ومأجوج بمحاولتهم المتكررة لفتح السد، وإن دل هذا يدل على قرب الساعة الوشيك كما قال تعالى: ) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ([6].

* ماذا يفعلون كل ليلة: -




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©