قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
(( ياأهل الكتاب كامل لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب كامل لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ))
هذه دراسة بسيطة قمت بها حول ظاهرة أرقت المادة التاريخ الإسلامي ألا وهي ظاهرة الاستشراق والمستشرقين أتمنى أن تكون عند حسن ضنكم ورضاكم و أن تتبع بالنقد والتمحيص لإعمام الفائدة.

مقدمة
الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم ،والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي كان معلم هذه الأمة الأول ومرشدها إلى سواء السبيل ،اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه الذين حملوا مشعل نور الرسالة الإسلامية من بعده ،وساور بها إلى مشارق الأرض ومغاربها ينيرون بها قلوبا مظلمة ويرشدون بها عقولا ضالة ويقيمون بها حياة عادلة هانئة .
وبعد:
*فمنذ أن بعث الله سيدنا محمد (ص) مبلغا بالدعوة الإسلامية وداعيا إليها ، وهذه الدعوة تتعرض لشتى ألوان المعارضة والمقاومة ،وقد تعددت مظاهر هذه المعارضة وتنوعت عبر فترات المادة التاريخ الإسلامي ،واختلفت باختلاف الظروف والأحوال والبيئات فبينما كانت إيذاء شخصيا ومناوشات متنوعة في العهد المكي ،كانت مجابهة مسلحة وصداما قويا في فترة مابعد الهجرة ،وبينما كانت بين المسلمين وبين قريش وحلفائها في الفترة الأولى ، نراها تتسع بعد تأسيس الدولة الإسلامية لتشمل أعظم قوتين في ذلك الوقت الفرس والروم وهكذا استمر الصراع بين الدولة الإسلامية وبين المعاندين والمكابرين في كل عصر من عصور المادة التاريخ الإسلامي ، إلى أن اطل القرن الحادي عشر ميلادي / الخامس الهجري والذي شهد تفجر اكبر صراع بين المسلمين وبين المسيحيين الذين شنوا حربا تحمل الصليب شعارا لها وتحرك من حقد صليبي كنسي سافر ،وكان الهدف من الحروب الصليبية هو الاستيلاء على أماكن المسلمين المقدسة وتدميرها وإبادتها حتى لا يقف الإسلام كما يظنون حجرة عثرة أمام تقدم وانتشار المسيحية ، هذا بالإضافة إلى الأطماع الاستعمارية التي حركت نبلاء أوربا وجعلتهم يتحالفون مع الكنيسة ويتظاهرون بحماية الصليب ، وما كانوا في الواقع يريدون إلا السيطرة على الأرض ،والاستحواذ على كنوز الشرق ، ولكن حملاتهم هذه باءت بالفشل وبقي الإسلام قويا شامخا يتقدم وينتشر بين أمم العالم في سرعة مذهلة ، وبمجهودات بسيطة لا ترقى إلى ما ينفقه المسيحيون على حملاتهم التبشيرية ولا تقاس بها . وبانتهاء الحروب الصليبية تغير أسلوب المجابهة للإسلام، وأصبح يعتمد الحرب الفكرية التي تعتمد التشويه والتشكيك في محاولة لتنفير الناس من اعتناق هذا الدين وبالتالي وقف تقدمه وانتشاره. ولقد تحمل المستشرقون وأعوانهم مهمة تحقيق هذا الهدف ، وذلك عن طريق دراسة الإسلام فكرا وثقافة وحضارة ،ثم الكتاب كاملة عن هذا الدين وإظهاره في قالب يبرز المفهوم الغربي ويخفي ما عداه من مفاهيم .
من هنا تبدو خطورة عمل المستشرقين وأبحاثهم ، ومن هنا أيضا تبدو ضرورة اليقظة والانتباه منا نحن المسلمون ، الذين يجب علينا أن نتتبع أبحاث الغربيين التي تمتلئ بها الصحف والمجلات والكتب يوميا ، ونتقبل ونشكر ونشجع ما كان صحيحا ، ونرفض وندحض ما كان باطلا كاذبا .من هنا كان اختياري لهذا الموضوع ، وقد اتبعنا فيه الخطة التي تقوم على مقدمة وثلاث مباحث رئيسية وخاتمة .المبحث الأول تناولنا فيه الاستشراق مفهومه ،نشأته ،أهدافه ووسائله ،والمبحث الثاني تطرقنا فيه إلى المستشرقين أصنافهم وأبرزهم ،بالإضافة إلى مناهجهم والأساليب التي اتبعوها في أبحاثهم .
المبحث الأول
الاستشراق
المطلب الأول : مفهوم الاستشراق ونشأته
مفهوم الاستشراق :
لغة : الاستشراق لغة مشتق من كلمة شروق ، أي شروق الشمس وشرّق أي أخذ في ناحية الشرق ، والسين تفيد الطلب ،أي طلب دراسة ما في الشرق .
اصطلاحا: " علم يدرس لغات شعوب الشرق وتراثهم وحضاراتهم ومجتمعاتهم وماضيهم وحاضرهم " [1]
وعليه فالعلاقة وثيقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي .
ومع أن مصطلح الاستشراق ظهر في الغرب منذ قرنين من الزمان على تفاوت بالنسبة للمعاجم الأوروبية المختلفة ، لكن الأمر المتيقن أن البحث في لغات الشرق وأديانه وبخاصة الإسلام ظهر قبل ذلك بكثير ، ولعل كلمة مستشرق ظهرت قبل مصطلح استشراق .
يرى رودي بارت أن الاستشراق
"علم يختص بفقه اللغة خاصة، وأقرب شي إليه إذن أن نفكر في الاسم الذي أطلق عليه كلمة استشراق مشتقة من كـلمة ’شرق’ وكلمة شرق تعني مشرق الشمس ، وعلى هذا يكون الاستشراق هو علم الشرق أو عـلم العالم الشرقي " [2]
ومن الغربيين الذين تناولوا ظهور الاستشراق وتعريفه المستشرق الفرنسي مكسيم رودنـسون الذي
أشار إلى أن مصطلح الاستشراق ظهر في اللغة المادة الفرنسية عام 1799بينما ظهر في اللغة الإنجليزية عام 1838، وأن الاستشراق إنما ظهر للحاجة إلى "إيجاد فرع متخصص من فروع المعرفة لدراسة الشرق" ويضيف بأن الحاجة كانت ماسة لوجود متخصصين للقيام على إنشاء المجلات والجمعيات والأقسام العلمية " [3]
ولو انتقلنا إلى العرب والمسلمين الذين تناولوا هذا المصطلح نجد أن لإدوارد سعيد عدة تعريفات للاستشراق منها أنه " نوع من الإسقاط الغربي على الشرق وإرادة حكم الغرب للشرق[4]
ويرى الدكتور أحمد عبد الحميد غراب أن الاستشراق هو"دراسات ’أكاديمية’ يقوم بها غربيون كافرون من أهل الكتاب كامل بوجه خاص- للإسلام والمسلمين، من شـتى الجوانب عقيدة، والشريعة الاسلامية، وثقافة، وحضارة، ومادة التاريخاً، ونظمـاً، وثروات وإمكانات .. .بهدف تشويه الإسلام ومحاولة تشكيك المسلمين فيه، وتضليلهم عنه، وفرض رائع التبعية للغرب عليهم، ومحاولـة تبرير هذه التبعية بدراسات ونظريات تدعي العلمية والموضوعية، وتزعم التفوق العنصري والثقافي للغرب المسيحي على الشرق الإسلامي "[5]
نشأة الاستشراق :
اختلف الباحثون في نشأة الاستشراق في تحديد سنة معنية أو فترة معينة لنشأة الاستشراق فيرى البعض أن الاستشراق ظهر مع ظهور الإسلام وأول لقاء بين الرسول صلى الله عليه وسلم ونصـارى نجران، أو قبل ذلك عندما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك والأمراء خـارج الجزيرة مادة اللغة العربية أو حتى في اللقاء الذي تم بين المسلمين والنجاشي في الحبشة. بينما هنـاك رأي بأن غزوة مؤتة التي كانت أول احتكاك عسكري تعد من البدايات للاستشراق ويرى آخرون أن أول اهتمام بالإسلام والرد عليه بدأ مع يوحنا الدمشقي وكتـابه الذي حاول فيه أن يوضح للنصارى كيف يجادلون المسلمين. ويرى آخرون أن الحروب الصليبية هي بداية الاحتكـاك الفعلي بين المسلمين والنصارى الأمر الذي دفع النصارى إلى محاولة التعرف على المسلمين .
ومن الآراء في بداية الاستشراق أنه بدأ بقرار من مجمع فيينا الكنسي الذي دعا إلى إنشاء كراسي لدراسة اللغات مادة اللغة العربية والعبرية والسريانية في عدد من المدن الأوروبية مثل باريس وأكسفورد وغيرهما، ويرى الباحث الإنجليزي ب.إم هولت P.M. Holt أن القرارات الرسمية لا يتم تنفيذها بالطريقة التي أرادها صاحب القرار لذلك فإن القرار البابوي هنا لا يعد البداية الحقيقية للاستشراق ."[6]
وثمة رأي له عدد من المؤيدين أن احتكاك النصارى بالمسلمين في الأندلس هو الانطلاقة الحقيقية لمعرفة النصارى بالمسلمين والاهتمام بالعلوم الإسلامية ويميل إلى هذا الرأي بعض رواد البحث في الاستشراق من المسلمين ومنهم الشيخ الدكتور مصطفى السباعي"[7]
ولاشك أن هذه البدايات لا تعد البداية الحقيقية للاستشراق الذي أصبح ينتج ألوف الكتب سنوياً ومئات الدوريات ويعقد المؤتمرات، وإنما تعد هذه جميعا كما يقول الدكتور النملة "من قبيل الإرهاص لها وما أتى بعدها يعد من قبيل تعميق الفكرة، والتوسع فيها وشد الانتباه إليها " [8]
فالبداية الحقيقية للاستشراق الذي يوجد في العالم الغربي اليوم ولا سيما بعد أن بنت أوروبا نهضتها الصناعية والعلمية وأصبح فيها العديد من الجامعات ومراكز البحوث وأنفقت ولا تزال تنفق بسخاء على هذه البحوث قد انطلقت منذ القرن السادس عشر حيث "بدأت الطباعة مادة اللغة العربية فيه بنشاط فتحركت الدوائر العلمية وأخذت تصدر كتاب كاملاً بعد الآخر ..." [9]
ثم ازداد النشاط الاستشراقي بعد تأسيس كراسي للغة مادة اللغة العربية في عدد من الجامعات الأوروبية مثل كرسي أكسفورد عام 1638 وكامبريدج عام 1632، ويضيف سمايلوفيتش بأن تأسيس الجمعيات العلمية مثل الجمعية الأسيوية البنغالية والجمعية الاستشراقية الأمريكية والجمعية الملكية الآسيوية البريطانية وغيرها بمنزلة "الانطلاقة الكبرى للاستشراق حيث تجمعت فيها العناصر العلمية والإدارية والمالية فأسهمت جميعها إسهاماً فعّالاً في البحث والاكتشاف والتعرف على عالم الشرق وحضارته فضلاً عما كان لها من أهداف استغلالية واستعمارية " [10]
وكان من المشروعات الاستشراقية المهمة إنشاء مدرسة اللغات الشرقية الحية في فرنسا برئاسة المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي التي كانت تعد قبلة المستشرقين الأوروبيين وساهمت في صبغ الاستشراق بالصبغة المادة الفرنسية مدة من الزمن " [11]
المطلب الثاني :
أهدافه ووسائله
أهدافه :
يجمع جمهور الباحثين في موضوع الاستشراق على أنه بدأ بهدف ديني محض ، نشأ إثر شعور المسيحيين بالخطر نتيجة الانتشار السريع للإسلام وازداد قوة إثر فشل الصليبيين في حملاتهم العسكرية ضد المسلمين الأمر الذي جعلهم يفكرون في غزو من نوع آخر ، يثارون به لهزيمتهم العسكرية ويحققون به سيطرة فكرية من شأنها أن تساعد في وقف التيار الإسلامي وذلك بإعطاء صورة خاطئة عن الإسلام يشكك المسلم في دينه ويبعد غير المسلم في التفكير في اعتناقه . غير أن الاستشراق أثناء رحلته المادة التاريخية مرت عوامل أخرى غيرت أهدافه فبرزت الأهداف التالية :
أولا : الهدف الديني
إن كنّا أخذنا بالقول إن الاستشراق بدأ بتشجيع من الكنيسة ورجال الدين فإن الاهتمام الديني يعد أول أهداف الاستشراق وأهمها على الإطلاق. فعندما رأى النصارى وبخاصة رجال الدين فيهم أن الإسلام اكتسح المناطق التي كانت للنصرانية وأقبل كثير من النصارى على الدين الإسلامي ليس لسماحته فحسب ولكن لأنه بعيد عن التعقيدات وطلاسم العقيدة النصرانية ، ولأنه نظـام كامل للحياة . كما أن رجال الدين النصارى خافوا على مكانتهم الاجتماعية والسياسية في العـالم النصراني فكان لابد أن يقفوا في وجه الإسلام حيث إنه ليس في الإسلام طبقة رجال دين أو أكليروس كما في النصرانية
فغاية الهدف الديني هي معرفة الإسلام لمحاربته وتشويهه وإبعاد النصارى عنه، وقد اتخذ النصارى المعرفة بالإسلام وسيلة لحملات التنصير التي انطلقت إلى البلاد الإسلامية،وكان هدفها الأول تنفير النصارى من الإسلام. ولذلك فإن الكتاب كاملات النصرانية المبكرة كانت من النوع المتعصب والحاقد جداً حتى إن بعض الباحثين الغربيين في العصر الحاضر كتب نقداً عنيفاً لاستشراق العصور (الأوروبية ) الوسطى من أمثال نورمان دانيالفي كتاب كامله الإسلام والغرب. فقد كتب دانيال أن أسباب حقد النصارى وسوء فهمهم للإسلام مـازال بعضه يؤثر في موقف الأوروبيين من الإسلام بالرغم من التحسن الملحوظ في الفهم والذي أشاد به بعض المسلمـين .
ثانيا : الهدف العلمي
ما كان لأوروبا أن تنهض نهضتها دون أن تأخذ بأسباب ذلك وهو دراسة منجزات الحضارة الإسلامية في جميع المجالات العلمية .فقد رأى زعماء أوروبا " أنه إذا كانت أوروبا تريد النهوض الحضاري والعلمي فعليها بالتوجه إلى بواطن العلم تدرس لغاته وآدابه وحضارته" [12] وبـالرجوع إلى قوائم الكتب التي ترجمت إلى اللغات الأوروبية لعرفنا حقيقة أهمية هذا الهـدف من أهداف الاستشراق فالغربيين لم يتركوا مجالاً كتب فيه العلماء المسلمون حتى درسـوا هذه الكتاب كاملات وترجموا عنها، وأخذوا منها.وقد أشار رودي بارت في كتاب كامله الدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية – " إلى إمكانية أن تقوم الأمة الإسلامية في العصر الحاضر بدراسة الغرب فيما يمكن أن يطلق عليه علم الاستغراب ، فإن المسلمين في نهضتهم الحاضرة بحاجة إلى معرفة الإنجازات العلمية التي توصل إليها الغرب عبر قرون من البحث والدراسة والاكتشافات العلمية والاستقرار السياسي والاقتصادي "[13].
ثالثا : الهدف الاقتصادي والتجاري
عندما بدأت أوروبا نهضتها العلمية والصناعية والحضارية وكانت في حاجة إلى المواد الأوليـة الخام لتغذية مصانعها ، كما أنهم أصبحوا بحاجة إلى أسواق تجارية لتصريف بضائعهم كان لا بد لهم أن يتعرفوا إلى البلاد التي تمتلك الثروات الطبيعية ويمكن أن تكون أسواقاً مفتوحة لمنتجاتهم . فكان الشرق الإسلامي والدول الأفريقية والآسيوية هي هدفهم فنشطوا في استكشافاتهم الجغرافية ودراساتهم الاجتماعية واللغوية والثقافية وغيرها .
ولم يتوقف الهدف الاقتصادي عند بدايات الاستشراق فإن هذا الهدف ما زال أحد أهم الأهداف لاستمرار الدراسات الاستشراقية . فمصانعهم ما تزال تنتج أكثر من حاجة أسواقهم المحـلية كما أنهم ما زالوا بحاجة إلى المواد الخام المتوفرة في العالم الإسلامي. ولذلك فإن بعض أشهر البنوك الغربية (لويد وبنك سويسرا) تصدر تقارير شهرية هي في ظاهرها تقارير اقتصادية ولكنها في حقيقتها دراسات استشراقية متكاملة حيث يقدم التقرير دراسة عن الأحوال الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية للبلاد مادة اللغة العربية الإسلامية ليتعرف أرباب الاقتصاد والسياسة على الكيفية التي يتعاملون بها مع العـالم الإسلامي .
رابعا : الهدف السياسي الاستعماري
لقد خدم الاستشراق الأهداف السياسية الاستعمارية للدول الغربية فقد سار المستشرقون في ركاب الاستعمار وهم كما أطلق عليهم الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- " حملة هموم الشمال المسيحي- فقدموا معلومات موسعة ومفصلة عن الدول التي رغبت الدول الغربية في استعمـارها والاستيلاء على ثرواتها وخيراتها. وقد اختلط الأمر في وقت من الأوقات بين المستعمر والمستشرق فقد كان كثير من الموظفين الاستعماريين على دراية بالشرق لغة ومادة التاريخاً وسياسة واقتصـاداً . وقد أصدر - على سبيل المثال- مستشرق بريطاني كتاب كاملاً من أربعة عشر مجلداً بعنوان: (دليل الخليج: الجغرافي والمادة التاريخي) وكان الموظف الاستعماري لا يحصل على الوظيفة في الإدارة الاستعمارية ما لم يكن على دراية بالمنطقة التي سيعمل بها .
واستمر الارتباط بين الدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية وبين الحكومات الغربية حتى يومنا هذا بالرغـم من أنه قد يوجد عدد محدد جداً من الباحثين الغربيين دفعهم حب العلم لدراسة الشرق أو العالم الإسلامي. ومن الأدلة على هذا الارتباط أن تأسيس مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجـامعة لندن قد أُسّسَت بناء على اقتراح من أحد النواب في البرلمان البريطاني.[14] وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رأت الحكومة البريطانية أن نفوذها في العالم الإسلامي بدأ ينحسر فكان لا بد من الاهتمام بالدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية فكلفت الحكومة البريطانية لجنة حكومية برئاسة الإيرل سكاربورولدراسة أوضاع الدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية في الجامعات البريطانية. ووضعت اللجنة تقريرها حول هذه الدراسات وقدمت فيه مقترحاتها لتطوير هذه الدراسات واستمرارها
وفي عام 1961 كونت الحكومة البريطانية لجنة أخرى برئاسة السير وليام لدراسة هذا المجال المعرفي ، وقامت اللجنة باستجواب عدد كبير من المتخصصين في هذا المجال ، كما زارت أقسام الدراسات مادة اللغة العربية والإسلامية في الجامعات البريطانية وفي عشر جامعات أمـريكية وجامعتين كنديتين . وكانت زيارتها للولايات المتحدة بقصد التعرف على التطورات التي أحدثها الأمريكيون في هذا المجال ، وكان ذلك بتموين من مؤسستي روكفللر و فورد .[15]
ومما يؤكد ارتباط الدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية بالأهداف السياسية الاستعمارية (رغم انحسار الاستعمار العسكري) أن الحكومة الأمريكية موّلت عدداً من المراكز للدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية في العديد من الجامعات الأمريكية ، وما زالت تمول بعضها إما تمويلاً كاملاً أو تمويلاً جزئياً وفقا لمدى ارتباط الدراسة بأهداف الحكومة الأمريكية وسياستها.[16]
كما يستضيف الكونجرس وبخاصة لجنة الشؤون الخارجية أساتذة الجامعات والباحثين المتخصصين في الدراسات مادة اللغة العربية الإسلامية لتقديم نتائج بحوثهم وإلقاء محاضرات على أعضاء اللجنة ، كما ينشر الكونجرس هذه المحاضرات والاستجوابات نشراً محدوداً لفائدة رجال السياسة الأمريكيين.
خامسا : الهدف الثقافي
من أبرز أهداف الاستشراق نشر الثقافة الغربية انطلاقاً من النظرة الاستعلائية التي ينظر بها إلى الشعوب الأخرى . ومن أبرز المجالات الثقافية نشر اللغات الأوروبية ومحاربة اللغة مادة اللغة العربية. وصبغ البلاد مادة اللغة العربية والإسلامية بالطابع الثقافي الغربي. وقد نشط الاستشراق في هذا المجال أيما نشاط. فأسس المعاهد العلمية والتنصيرية في أنحاء العالم الإسلامي وسعى إلى نشر ثقافته وفكره من خلال هؤلاء التلاميذ. وقد فكّر نابليون في ذلك حينما طلب من خليفته على مصر أن يبعث إليه بخمسمائة من المشايخ ورؤساء القبائل ليعيشوا فترة من الزمن في فرنسا "يشاهدون في أثنائها عظمة الأمة (المادة الفرنسية) ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا، ولمّا يعودون إلى مصر، يكون لنا منهم حزب يضم إليه غيرهم" [17] ولم يتم لنابليون ذلك ولكن لمّا جاء محمد علي أرسل بعثة من أبناء مصر النابهين يقودهم رفاعة رفعت الطهطاوي، وقد قال محمود شاكر إن هؤلاء " يكونون أشد استجابة على اعتياد لغة فرنسا وتقاليدها فإذا عادوا إلى مصر كانوا حزباً لفرنسا وعلى مر الأيام يكبرون ويتولون المناصب صغيرها وكبيرها، ويكون أثرهم أشد تأثيراً في بناء جماهير كثيرة تبث الأفكار التي يتلقونها في صميم شعب دار الإسلام في مصر..
وسائله :
لقد سعى المستشرقون إلى تحقيق أهدافهم من خلال العديد من الوسائل والأساليب. وحيث أن المستشرقين جزء من مجتمعاتهم فإنهم سوف يستخدمون بلا شك الوسائل والأساليب الشائعة في مجتمعاتهم وإن كان مجال عملهم في الاستشراق سيتطلب في بعض الأحيان استخدام وسائل وأساليب تناسب مجال عملهم وتناسب أهدافهم ودوافعهم، وقد كتبت د. فاطمة أبو النجا عن وسائل المستشرقين تقول "لم يترك المستشرقون مجالا من مجالات الأنشطة المعرفية والتوجيهية العليا إلاً تخصصوا فيها، ومنها التعليم الجامعي، إنشاء المؤسسات العالمية لتوجيهالتعليم والتثقيف، وعقد المؤتمرات والندوات ولقاءات التحاور، إصدار المجلات ونشر المقالات وجمع المخطوطات مادة اللغة العربية، والتحقيق والنشر وتأليف الكتب ودس السموم الفكرية فيها بصورة خفية ومتدرجة، وإنشاء الموسوعات العلمية الإسلامية، والعناية العظمى لإفساد المرأة المسلمة وتزيين الكتاب كاملة باللغة العامية " [18] هذه بصفة عامة الوسائل التي اتخذها المستشرقون لتحقيق أهدافهم .

المبحث الثاني
المستشرقون
المطلبالأول : أصناف المستشرقين وأبرزهم
إن الدارس لهذا الموضوع سوف يجد أمامه في أغلب الافتراضات ثلاثة أصناف من المستشرقين
أ / ـصنف كتب في علوم العرب والمسلمين بحقد وكراهية مبتعدا بذلك عن المنهج العلمي ، ومتأثرا في كل ما كتب بروح العداء التي زرعتها فيه الكنيسة
ب / ـ صنف كتب بروح علمية محاولا إفادة قومه بما يكتب عن هذه الحضارة ونتيجة لسيطرة الروح العلمية عليه وابتعاده عن تأثير الكنيسة فقد أكن الحب والإعجاب للإسلام كالشريعة الاسلامية ودين ، ولكنه لم يسلم وقد يسجل عن هذا الصنف وقوعه في بعض الأخطاء غير المقصودة ، نتيجة عدم إتقان اللغة وفهم أسرارها .
جـ / ـ صنف كتب بروح علمية صادقة ودرس الإسلام دراسة دقيقة حتى اهتدى إلى اعتناق الإسلام وأصبح سيفا بارزا من سيوف الإسلام يدافع عنه بكل ما أوتي من إمكانيات ويرد الشبهة والمكائد التي يثيرها أعداء الإسلام وهي مهمة تخلى عنها الكثير من مسلمي الوراثة الذين ورثوا الإسلام عن آبائهم وأجدادهم .
وأبرز المستشرقين من الصنف الأول الذين اشتهروا بطابع العداء وهم كثيرون يأتي المستشرق القسيس الأب لامانس (1862 ـ 1937 ) الذي عنه الأستاذ المرحوم محمد كرد علي : " عاهد لامانس مادة التاريخ الإسلام على مناقضته وتحمض للحط من قدر العرب مذ عرفوا بين الأمم " [19]
وفي هذا المقام يبرز أيضا اسم جولد تسيهر وشاخت وديلاسي أوليري وكثيرون غيرهم .
أما في الصنف الثاني فإننا نجد الكونت هنري دي كاستري الذي درس الإسلام دراسة عميقة وكتب عنه كتاب كاملا قيما نشر بعنوان : (الاسلام سوانح و خواطر ) ترجمه المرحوم فتحي زغلول ،وفي هذا الكتاب كامل تحدث عن كثير من جوانب الإسلام سواء تعلق ذلك بالرسول محمد ص أو فيما يتعلق بالتعليم الإسلامية ومنهم أيضا أديب روسيا الكبير تولوستوي الذي عرف حقيقة الدين الإسلامي وعرف الحملات الظالمة التي يشنها الحاقدون على الدين الإسلامي وعلى الرسول ص غير أن أمثال هؤلاء رغم إعجابهم برسالة الإسلام لم يعتنقوا الإسلام لأسباب قد تكون إجتماعية أو مادية أو سياسية أو خوفا من الكنيسة .
أما الصنف الثالث الذي هدتهم دراستهم للإسلام نجد في مقدمتهم اللورد هيدلي الذي كان لإسلامه ضجة كبيرة نظرا لمركزه ولما يعرفه عنه عارفوه من نضج في التفكير وترو في الأمور والذي يقول يجب علي أن أعترف أيضا أن زيارتي للمشرق ملأتني احتراما عظيما للدين المحمدي السلس الذي يجعل الإنسان يعبد الله حقيقة طول مدة الحياة لا في أيام الآحاد فقط )[20]
ومنهم أيضا (ألفونس اتيان دينيه ) الذي أعلن إسلامه بالجزائر سنة أولى927 وسمي بناصر الدين دينيه من هؤلاء أيضا (رينيه جينو ) الذي أسلم وسمى نفسه باسم الشيخ عبد الواحد يحي "[21]
المطلب الثاني :
مناهج المستشرقين وأساليبهم
أـ مناهجهم :
من الصعب أن نجمع المستشرقين كلهم في بوتقة واحدة ونزعم أن منهجهم كان واحداً في كل الأزمان والأوقات وفي كل الموضوعات التي تناولوها، ولكن تسهيلاً لهذا الأمر فيمكن إجمال هذه المناهج التي يشترك فيها عدد كبير من المستشرقين قديماً وحديثاً في تناول العلوم الإسلامية عموماً.
1 ـ محاولة رد معطيات الدين الإسلامي إلى أصول يهودية ونصرانية
وهذا الأمر يتمثل في كثير من الكتاب كاملات حول الوحي وحول القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ويقول في ذلك عماد الدين خليل نقلاً عن جواد علي "إن معظم المستشرقين النصارى هم من طبقة رجال الدين أو من الخريجين من كليات اللاهوت، وهم عندما يتطرقون إلى الموضوعات الحساسة من الإسلام يحاولون جهد إمكانهم ردها إلى أصل نصراني..."[22] وقد ذكر طيباوي في دراسة أن عدداً من المستشرقين الناطقين باللغة الإنجليزية يعتقدون بذلك ومنهم على سبيل المثال مونتجمري وات وبرنارد لويس وغيرهم .
2 ـ التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف .
دأب المستشرقون عموماً على التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف من خلال الزعم بأن "الحديث لم يدون وقد نقل شفاهاً مما يستوجب في نظرهم عدم صحة الأحاديث" [23] والأمر الثاني في نظرهم كثرة الوضع في الحديث، والأمر الثالث اتهام المستشرقين للفقهاء بوضع الأحاديث وتلفيقها "لترويج آرائهم واختلاق الأدلة التي تسند تلك الآراء..
3 ـ البحث على الضعيف والشاذ من الروايات .
يقول جواد علي "لقد أخذ المستشرقون بالخبر الضعيف في بعض الأحيان وحكموا بموجبه، واستعانوا بالشاذ ولو كان متأخراً، أو كان من النوع الذي استغربه النقدة وأشاروا إلى نشوزه، تعمدوا ذلك لأن هذا الشاذ هو الأداة الوحيدة في إثارة الشك"[24]
وهذا الأمر مشهور إلى حد كبير فهم يذهبون إلى الكتب التي تجمع الأحاديث وبخاصة مثل كنز العمال وغيرها من الكتب التي لا يرد فيها تصحيح نمذجي مفصل أو تخريج للأحاديث، وقد كتب باحث بريطاني عن فتح المسلمين قسطنطينية بأنه وردت أحاديث عن أن الذي سيفتحها سيكون اسمه اسم نبي ثم لما لم تفتح ادعى أن الأحاديث لا تصح لأن تكون مصدراً، أما أنه لم يعرف صحة الحديث من عدمه فأمر لا يهمه وهو الذي يدعي العلمية والنزاهة.
4 ـ الاهتمام بالفرق والأقليات وأخبار الصراعات والبحث عن الوثنيات والمادة التاريخ السابق لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
كثرت كتاب كاملات المستشرقين عن الفرق كالشيعة والإسماعيلية والزنج وغيرهم من الفرق التي ظهرت في المادة التاريخ الإسلامي وأعطوها من المكانة والاهتمام أكثر مما تستحق، بل إن هناك من كتب عن المنافقين في عهد الرسول وأطلق عليهم لقب المعارضة لإعطاء ما قاموا به من عداوة لله ولرسوله شرعية. وحصل بعضهم على درجة الدكتوراه في بحوث حول هذه الفرق.
5 ـ الخضوع للهوى والبعد عن التجرد العلمي
يقول الدكتورعبد العظيم الديب "فالمستشرق يبدأ بحثه وأمامه غاية حددها، ونتيجة وصل إليها مقدماً، ثم يحاول أن يثبتها بعد ذلك، ومن هناك يكون دأبه واستقصاؤه الذي يأخذ بأبصار بعضهم..."[25]
6 ـ التفسير بالإسقاط
يشرح مفصل الدكتور الديب هذا الخطأ المنهجي بأنه "إسقاط الواقع المعاصر المعاش، على الوقائع المادة التاريخية الضاربة في أعماق المادة التاريخ فيفسرونها في ضوء خبراتهم ومشاعرهم الخاصة وما يعرفونه من واقع حياتهم ومجتمعاتهم" [26] فمثلاً واقع الغربيين يدل على تنازعهم على السلطة وإن كان الأمر يبدو في الحاضر انتخابات وحرية اختيار ولكن الحقيقة أن من يملك المال يستطيع أن يصل إلى الأصوات حتى صدر في أمريكا كتاب كاملاً بعنوان ’بيع الرئيس‘ وكتاب كاملاً آخر عن ’صناعة الرئيس‘ فجاء المستشرقون إلى بيعة الصديق رضي الله عنه فصوروها على أنها اغتصاب للسلطة أو تآمر بين ثلاثة من كبار الصحابة هم وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين فزعموا أن هؤلاء الثلاثة تآمروا على أن يتولوا الخلافة الواحد تلو الآخر .
وذكرت كذلك أنهم سموا المنافقين بالمعارضة وغير ذلك من الإسقاطات التي تدل على سوء طوية وخبث وبعد عن المنهج العلمي .
7 ـالمنهج الانتقائي وإثارة الشكوك في معطيات السنة والمادة التاريخ .
عرف عن كثير من المستشرقين في كتاب كاملاتهم حول السيرة النبوية الشريفة وحول المادة التاريخ الإسلامي أنهم ينتقون بعض الأحداث والقضايا ويكتبون عنها و يهملون غيرها كما أنهم يشككون في أمور من المسلمات لدينا في المادة التاريخ الإسلامي فمن ذلك أنهم كما قال د. محمد فتحي عثمان "لقد غالوا في كتاب كاملاتهم في السيرة النبوية وأجهدوا أنفسهم في إثارة الشكوك وقد أثاروا الشك حتى في اسم الرسول (ص ولو تمكنوا لأثاروا الشك حتى في وجوده..."[27]
8-التحريف والتزييف والادعاء.
قام بعض المستشرقينبتحريف كثير من الحقائق التي تخص الإسلام ورسالته ومادة التاريخه فمن ذلك مثلاً أن بعضهمأنكر عالمية الإسلام وبخاصة فيما يتعلق برسائل الرسول (ص) إلى الملوك والأمراء خارججزيرة العرب كرسائله إلى هرقل والمقوقس وكسرى ، وإنكار عالمية الرسالة الإسلاميةيظهر فيما كتبه جوستاف لوبون في كتاب كامله ’مادة التاريخ العرب‘ حيث زعم أن الرسول(ص)رأى أنهكان لليهود أنبياء وكذلك للنصارى فأراد أن يكون للعرب كتاب كامل ونبي، وكأن الرسالةوالنبوة أمر يقرره الإنسان بنفسه.
أما التزييف فأنقل ما أورده الدكتور الديبعن رواية عن أموال الزبير بن العوام رضي الله عنه فقد أورد ديورانت هذا الخبر "وكانللزبير بيوت في عدة مدن، وكان يمتلك ألف جواد وعشرة آلاف عبد..." والخبر كما أوردتهالمصادر الإسلامية الموثقة هو كالآتي "كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه خراجهم كليوم، فما يُدخل إلى بيته منها درهماً واحداً، يتصدق بذلك جميعه" وفي مناقشة الخبرأوضح الديب أن المستشرق أضاف ألف جواد أقحمها في الخبر وليس لها أساس ثم إن فيالخبر أن الزبير رضي الله عنه يتصدق بكل دخلهم لا يدخل بيته منها شيء فلم يورده فهلهذا من الأمانة العلمية ؟[28]
9 ـ اعتماد مصادر غير موثوقة لدى المسلمين
من العيوبالمنهجية في الدراسات الاستشراقية أنهم يعمدون إلى المصادر غير الموثقة عندالمسلمين فيجعلونها هي المصدر الأساس لدراساتهم وبحوثهم ومن ذلك أنهم يرجعون إلىكتاب كامل مثل كتاب كامل ’الأغاني‘ للأصفهاني فيجعلونه مرجعاً أساسياً في دراساتهم للمادة التاريخالإسلامي وللمجتمع الإسلامي، كما يعمدون إلى المراجع التي ضعفها العلماء المسلمونأو طعنوا في أمانة أصحابها فيجعلونها أساساً لبحوثهم أو كان أصحاب تلك المراجعمنحازين إلى فئة معينة أو متعصبين.
ب ـ أساليبهم :
حرص المستشرقون على استخدام أفضل الأساليب التي تحقق أهدافهم ويمكننا أن نلخصها فيما يأتي:
1 ـ الدأب والإخلاص والعمل الجاد
من أبرز ما يلاحظه المرء في دراسة نشاطات المستشرقين أنهم يتميزونبالدأب والإصرار والعمل الجاد المخلص، ويتمثل هذا الأمر في مختلف نشاطاتهم كالتأليفوعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والرحلة في طلب العلم .
2 ـ حب الاستطلاعوالرغبة القوية في المعرفة
سعى المستشرقون من خلال ما تمتعوا به من هذهالخصال إلى معرفة ما لدى الشعوب الأخرى من مصادر علمية كالمخطوطات والآثار وتعرفواإلى بلادنا في أدق تفاصيل حياتنا .
3 ـ الإنفاق السخي على البحث العلمي من قبلالحكومات الغربية وكذلك المؤسسات الخاصة .
إن المستشرق لا يعاني من قلةالإمكانات في البحث العلمي فهو يجد المراجع وتوفر له الإمكانات للقيام بالرحلاتالعلمية، كما يتم توفير الفرص للباحثين لنشر إنتاجهم ومكافأتهم عليه بعكس ما يحدثفي العالم العربي والإسلامي من التقتير في مجال البحث العلمي وهو ما ميّز هذه الأمةحين كانت الدولة الإسلامية صاحبة السيادة في العالم.
4 ـ المرونة والتسامح فيما بينهم.
المرونة والتسامح مع من يخالفهم الرأي إن وجدوا ذلك في مصلحتهم على المدى القصير أوالبعيد.
5 ـالخداع والكذب
في بعض الأحيان إذا احتاج المستشرق إلى استخداممثل هذه الأساليب لتحقيق أهدافه فهو لا يتورع عن ذلك وبخاصة إذا كان في مقامالمستشار لبعض المسئولين العرب والمسلمين ،وكذلك في حالة الإشراف على الطلبة العربوالمسلمين في الجامعات الأوروبية والأمريكية.

الخاتمة
إن الدارس لظاهرة الاستشراق والمستشرقين يجد نفسه أمام مجموعة من النتائج أهمها :
· الإسلام يختلف عن غيره من الأديان في وضوح مبادئه وإلا كيف نفسر انتشاره السريع في فترة زمنية وجيزة .
· الاستشراق نشأ في رعاية الكنيسة ، وخضع لسياسة علمية مدروس مفصلةة غايتها غزو المسلمين فكريا ، وإخضاعهم لقوى البغي والطغيان .
· تعدد اتجاهات المستشرقين في تعليل ظاهرة انتشار الإسلام ولكن يجمع بينها كلها أنها لا تقوم على الموضوعية وتحاول تلمس الشبهات للتشويه والتزييف .
وعليه فإن مثل هذه الدراسة وغيرها من الدراسات الاستشراقية الكثيرة التي تناولها العديد من العلماء والباحثين في هذا المجال بات من الضروري .
· إعطاء صورة حية وواضحة للإسلام الحقيقي ومحو تلك الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين .
· اغناء مكاتبنا ومنتدياتنا بالأبحاث والمقالات التي تصدر في معظم بقاع العالم عن الإسلام والمسلمين .
· تعريف طلابنا عن فكرة الغربيين عنهم ، وعن دينهم ، وعن تراثهم وحضاراتهم .
وأخيرا في خضم هذه الدراسة البسيطة جدا ، أود أن أشير أن الموضوع واسع الأرجاء ، كثير الآراء وقد حاولت ما استطعت إلى ذلك سبيلا إيصال ولو فكرة مبسطة موجرة لقراء هذا المنتدى أرجوا أن تنال إعجابكم بمشاركاتكم وانتقاداتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

[1] أ . د فاروق عمر فوزي ، الاستشراق والمادة التاريخ الإسلامي ، ص 29/30

[2] رودي بارت ، الدراسات مادة اللغة العربية والاسلامية في الجامعات الالمانية ،(المستشرقون الالمان منذ تيودور نولدكه ) . ترجمة مصطفى ماهر ، القاهرة ، دار الكتاب كامل العربي ، ص 11

[3] مكسيم رودنسون ، الصورة الغربية والدراسات الغربية الاسلامية ، ترجمة محمد زهير السمهوري ،الكويت ، سلسلة عالم المعرفة ، ص 27/101


[4] Edward Said. Orientalism. ( New York: Vintage Books, 1979) p. 92

[5] أحمد عبد الحميد غراب ، رؤية اسلامية للاستشراق ، ط 2 ، بيرمنجهام ، 1411 هـ ، ص 7


[6] P. M. Holt. “ The Origin of Islam Studies.” In AL- Kulliya. (Khartoum) No.1, 1952,pp.20-27.

[7] علي النملة ، الاستشراق في الأدبيات مادة اللغة العربية ، الرياض ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية ، 1414 هـ/1993 ، ص 23 ،31

[8] المرجع نفسه ، ص 30 .

[9]القاهرة : بدون ناشر ، بدون مادة التاريخ . ص 77 . أحمد سمايلوفيتش ، فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي المعاصر ،

[10] المرجع نفسه ، ص 81 .

[11] نجيب العقيقي ، المستشرقون ، ج 1 (القاهرة : دار المعارف ، بدون مادة التاريخ ، ص 140 .

[12] ريتشارد سوذرن . صورة الإسلام في أوروبا في العصور الوسطى. ترجمة وتقديم رضوان السيد.( بيروت: معهد الإنماء العربي، 1984

[13] رودي بارت ، مرجع سابق.ص 15

[14]مرجع سابق ، ص 48 أحمد عبد الحميد غراب ،

[15] Report of the Sub-Committee on Oriental, Slavonic, East European and African Studies (London,1961)

[16] Moroe Berger. “ Middle Eastern And North African Studies : Development and Needs.” In Middle East Studies Association Bulletin, Vol.1. No.2, November 15,1967.

[17] محمود شاكر ، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا.(جدة: دار المدني، 1407هـ، 1987م)ص108

[18] فاطمة أبو النجا.نور الإسلام وأباطيل خصومه. ص 160

[19] محمد كرد علي ، الاسلام والحضارة مادة اللغة العربية

[20]. عبد الحليم محمود ، أوربا والإسلام ، ص 52


[21] محمد فتح الله الزيادي ، ظاهرة انتشار الاسلام وموقف بعض المستشرقين منها ،ص 102 ،107


[22] عماد الدين خليل. دراسات مادة التاريخية ص159

[23] عبد القهار دواد العاني، الاستشراق والدراسات الإسلامية عمّان:دار الفرقان، 1421هـ ص 121

[24] جواد علي، مادة التاريخ العرب في الإسلام، ص 8

[25] عبد العظيم الديب. المنهج في كتاب كاملات الغربيين عن المادة التاريخ الإسلامي قطر :كتاب كامل الأمة، عدد 27 ص 71

[26] المرجع نفسه ص 122 .

[27] محمد فتحي عثمان، أضواء على المادة التاريخ الإسلامي ص 69


[28] الديب ، مرجع سابق ص 115 -116





©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©