قصة المقوقس


دعوة ملك مصر إلى الإسلام
من كتاب كامل
مختصر هداية الحيارى في الرد على اليهود والنصارى
وكذلك ‏(‏‏(‏ملك دين النصرانية بمصر‏)‏‏)‏ عرف أنه نبي صادق، ولكن منعه من اتباعه ملكه، وأن النصارى لا يتركون عبادة الصليب، ونحن نسوق حديثه وقصته‏.‏
قال الواقدي‏:‏ كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد‏:‏
فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ‏(‏ياأهل الكتب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولانشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوااشهدوا بانا مسلمون‏)‏وختم الكتاب كامل‏.‏
فخرج به حاطب حتى قدم عليه الإسكندرية، فانتهى إلى حاجبه، فلم يلبثه أن أوصل إليه كتاب كامل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال حاطب للمقوقس لما لقيه‏:‏ إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى ‏(‏فأخذه الله نكال الآخرة والأولى‏)‏ فانتقم به، ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر بك غيرك، قال‏:‏ هات، قال‏:‏
إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه، إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكل نبي أدرك قوما فهم من أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدرك هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به، فقال المقوقس‏:‏ إني قد نظرت في أن هذا النبي، فرأيته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب عنه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آلة النبوة من إخراج الخبء، والإخبار بالنجوى، ووصف لحاطب أشياء من صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال القبط‏:‏ لا يطاوعونني في اتباعه، ولا أحب أن تعلم بمحاورتي إياك، وأنا أضن بملكي أن أفارقه، وسيظهر على بلادي وينزل بساحتي هذه أصحابه من بعده، فارجع إلى صاحبك‏.‏
وأخذ كتاب كامل النبي صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج، وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب مادة اللغة العربية، فكتب‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد‏:‏
فقد قرأت كتاب كاملك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعوا إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة ‏(‏ص 36‏)‏، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك، ولم يزد‏.‏
‏(‏‏(‏والجاريتان‏)‏‏)‏‏:‏ مارية، وسيرين‏.‏ و‏(‏‏(‏البغلة‏)‏‏)‏‏:‏ دلدل، وبقيت إلى زمن معاوية، قال حاطب‏:‏ فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ‏(‏‏(‏ضن الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه‏)‏‏)‏‏.‏
فاصل








©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©