بلاد الأندلس هى اسبانيا والبرتغال حاليا وهما معا ستمائه ألف كيلومتر تقريبا ثلثى مساحه مصر

وقد سميت بذالك "بلاد الأندلس " نسبه إلى القبائل الهمجيه الى جائت من الشمال وأستوطنتها فى القديم

توجه المسلمون لفتحها بدلا من التوجه جنوبا إلى إفريقيا لأن كثفاه السكان فى الأندلس أعلى منها فى إفريقيا مما يعنى قدر أكبر من نشر الدين الإسلامى

كانت الأندلس قبل الفتح الإسلامى بلاد الجهل فلم تكن لسكانها لغه منطوقه ولا مكتوبه فقط كانوا يتفاهمون بالإشارات

حال الإسلام فى شمال إفريقيا كان عقيه إبن نافع قد فتح شمال إفريقيا فى شهور معدوده دون أخذ الحذر وتأمين خطوط إمداد جيوشه مما تسبب فى مقتله وهوا عائدا فى سوسه بتونس حاليا


ثم عاد موسى بن نصير فتحها فى 7 سنوات لأنه كان يعتمد الآنه منهجا له ولا يتغادر منطقه دون تعليم أهلها الإسلام وترك حاميه إسلاميه فيها لحمايه ظهره

أسر نصير خلال غزوات فى بلاد فارس وكان مملوكا لسيدنا خالد بن الوليد الذى علمه الإسلام
وكان لذلك أثر بالغ على حياه موسى بن نصير حيث تربى فى بيت الخلافه الأمويه

تولى موسى بن نصير مصر ومن بعدها إفريقيا وذلك سنه 85 هجريا

إستطاع موسى بن نصير فتح شمال إفريقيا بالكامل ماعدا مدينه واحده وكانت تعتبر مينا هى "سبته" وكانت تحت حكم يوليان وكان هناك مدينه مقابله لسبته وتدعى "طنجة" وكانت تحت حكم المسلمين فولى عليها موسى بن نصير أمهر قواده طارق بن زياد


كانت أهم العقبات التى واجه موسى بن نصير فى فتح الأندلس

1- قله الجنود وكثره عدد القوط فى الأندلس
2- قله السفن التى يمتلكها المسلمون وكان لازما عليهم عبور 13كيلومتر فى الماء ولم تكن هناك فتوحات إسلاميه تم فيها الإعتماد على السفن بطريقه كهذه
3- وجود جزر "البليار" التى كانت تقع تحت حكم الرومان
4- وجود ميناء سبته خلفه وقد كان ملكه "يليان" على علاقه مع ملك الأندلس السابق "غطيشه" والذى ثار عليه "لوذريق" وأخذ منه الملك وأستعان أولاد غطيشه بيليان لمحاربه لوذريق ولكن حتى يليان لم يملك القوه الكافيه لردع لوذريق
5- كون الأندلس بلاد غريبه لا يعرف المسلمون مخابئها ولا يعرفون طبيعتها


حلول العقبات بإجتهاد المسلمين وتوفيق من الله
1- بدأ موسى بن نصير يعلم البربر الإسلام ليكونوا عونا له وسندا فى الجيش الإسلامى
2- وبدأ فى بناء إسطول قوى من السفن
3-وقام بفتح جزر البليار وضمها للأملاك المسلمين وتأمين ظهره
4- نظرا لأن المسلمين قد إحتهدوا فى كل مايخصهم فقد وفقهم الله فيما تبقى لهم حيث
بدأ يليان يفكر بأنه ليس له ملجأ إن هاجمه الملسمون فهو أصلا على عدء مع لوذريق
لذلك عليه أن يسلم مدينته عاجلا أو أجلا للمسلمين فاستغل الموقف وبعث برساله لطارق بن زياد حاكم ميناء طنجه القريب مضومنها أن يساعد المسلمين فى فتح الأندلس بإمدادهم السفن وتسليمهم ميناء سبته فى مقابل أن يعطيه المسلمون أملاك غطيشه فى الأندلس وقد كانت 3 ألاف ضيعه (يعنى عقار ومبنى)
5- بعث طارق بن زياد بسريه من 500 رجل للإستكشاف بلاد الأندلس ورسم خرائط لها وولى على رأسها طريف بن مالك وقد كان من البربر مثله مثل طارق بن زياد ولم يمنع موسى بن نصير من إختياره أو إختيار طارق كونهما بربر بل فكر فقط فى كفائتهما وقدرتهما على قياده قومهما إضافه لأنه ليس لعربى على أعجمى فضل إلا بالتقوى والعمل الصالح

نزل المسلمين بمنطقه فى جنوب الأندلس تسمى "الجزيره الخضراء" وكانت بها الحاميه الجنوبيه للقوط النصارى فخيرهم طارق بالخيارات الثلاثه المشهوره للإسلام إم الدخول فى الإسلام أو دفع الجزيه أو الحرب
فأبت الحاميه إلا الحرب رغم صغر عددها فى مقابل المسلمين السبعه ألاف فكانت هزيمتهم
فقام قائد الحاميه بإرسال رساله إلى لوذريق جاء فيها " أدركنا يالوذريق فقد هاجمنا جنود لانعرف أهم من الآرض أم من السماء"

فجاء لوذريق من الشمال للجنوب مغترا بجيشه الذى بلغ 100 ألف فارس كان مرتديا الثياب المواشه بالذهب وتاجه الذهبى وهو راقدا على سرير محلى بالذهب وتجره البغال ومن خلفه بغال تحمل حبال ليقيد بها أسراه المسلمين فلما بلغ طارق أن لوذريق جاء فى 100 ألف فارس وهو بــ7 ألاف رجل لا فارس يعنى يمشون بدون خيل إلا قليل منهم فارسل لموسى بن نصير يطلب المدد فبعث إليه بــ5 ألاف رجل أيضا فأصبح المسلمون 12ألف رجل

فكر طارق إلى خطه مواجه هذه المعضله بكون القوط بجيش أضعافه حوالى 10 مرات وبتسليح أعلى حيث هو بجنود والقوط بفرسان فهداه تفكيره إلى الإقتداء باجداده المسلمين الأوائل

كما فعلى المسلمون فى غزوتى تبوك وأحد بإستغلال الطبيه وكما فعلوا فى غزوه الخندق بتطويع الطبيعه
فأحتمى بمنطقه تسمى "وادى بربط" ولقد كان لاختيار طارق بن زياد لهذا المكان أبعاد استراتيجية وعسكرية عظيمة، فقد كان من خلفه وعن يمينه جبل شاهق، وبه حمى ظهره وميمنته فلا يستطيع أحد أن يلتف حوله، وكان في ميسرته أيضا بحيرة عظيمة فهي ناحية آمنة تماما، ثم وضع على المدخل الجنوبي لهذا الوادي (أي في ظهره) فرقة قوية بقيادة طريف بن مالك؛ حتى لا يباغت أحد ظهر المسلمين، ومن ثم يستطيع أن يستدرج قوات النصارى من الناحية الأمامية إلى هذه المنطقة، ولا يستطيع أحد أن يلتف من حوله وبدأت المعركه فى شهر رمضان وقبل العيد بيوم أو يومين - وعلى مدى ثمانية أيام متصلة دارت رحى الحرب، وبدأ القتال الضاري الشرس بين المسلمين والنصارى، أمواج من النصارى تنهمر على المسلمين، والمسلمون صابرون صامدون وعلى هذا الحال ظل الوضع طيلة ثمانية أيام متصلة انتهت بنصر مؤزّر للمسلمين بعد أن علم الله صبرهم وصدق إيمانهم، وقتل لذريق وفي رواية أنه فر إلى الشمال، لكنه اختفى ذكره إلى الأبد وكان من نتلئج هذه الحرب أن تخلصت الأندلس من ظلمات الجهل وظلم لوذريق وأن غنم المسلمون الخيول ليصبحوا فرسان بدلا من كونهم مشاه وقد إستشهد 3 ألاف جندى مسلم فى هذه المعركه فأصبح جيش المسلمون 9 ألاف بعد ان كانوا 12 ألف

إشاعه باطله

وهى حرق المسلمين لسفنهم قبل المعركه لتحفيذ أنفسهم على القتال
والمقواله الشهيره "البحر خلفكم والعدو أمامكم فليس لكم نجاه إلا فى هذه ورفع طارق السيف عاليا ملوحا به"
هى فى الأصل كذبه إبتدها الغرب ليفسروا هذا الإنصار العظيم فلا يوجد لديهم سبب مقنع لمثل هذه الحماسه للمسلمين لكن هذا لم يحدث حيث ينهى الله المسلمين عن فعل ذلك بقوله تعالى "ولاتلقوا بأيديكم إلى التهلكه" فلا يصح أن يفعل هذا قائد محنك كطارق بن زياد ألم يكن واردا أن يحتاج المسلمين إلى الفر ثم العوده فى وقت لاحق ألم يكن ممكنا بل طبيعيا أن ينتصر ال100 ألف على 12 الف أليس من الحكم أن يتقهقر الباقى من ال12 ألف أم أن يبقوا ويموتوا دون فائده
إذا الحقيقه أن دافع المسلمين كان إيمانهم بالله لا كون السفن محروقه
بدليل أنهم تقدموا شمالا ليستكملوا الفتح ولم ينتظروا إعاده خطوط الإمداد المتمثله فى السفن عد انتهاء المعركة مباشرة واتجه شمالا لفتح بقية بلاد الأندلس، فاتجه إلى إشبيلية وكانت أعظم مدن الجنوب على الإطلاق، وكانت تتميز بحصانتها وارتفاع أسوارها وقوة حاميتها، لكن رغم كل هذا فقد تحقق فيها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه البخاري عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً .

ففتحت المدينة أبوابها للمسلمين دون قتال، وصالحت على الجزية

ما هى الجزيه؟

هى دينار واحد يأخذ من الرجال القادرون على حمل السلاح لا من النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ وهى مقابل دفاع المسلمين عن أراضى هذه البلده وهى أقل كثيرا من قيمه الزكاه التى يدفعها المسلمين فهى بذلك لاتعتبرا نوعا من الإجبار على الإسلام


بعد أن فتح المسلمون أشبيليه إتجهوا نحو مدينه "أستجه" فقاتلوا قتاللا عنيفا لكنه أقل من وادى بربط حيث إنخفض روح القوط المعنويه وإرتفعت روح المسلمين كمان أن القوط فقدوا الكثير فى وادى بربط وإكتسب المسلمون فيها الغنائم
ومن أستجة وبجيش لا يتعدى التسعة آلاف رجل يبدأ طارق بن زياد بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبية الأخرى، وينطلق هو بقوة الجيش الرئيسة في اتجاه الشمال حتى يصل إلى طُلَيْطِلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن، فقد بعث بسرية إلى قرطبة، وسرية إلى غِرناطة، وسرية إلى مَالْقة، وسرية إلى مُرْسِيَه، وهذه كلها من مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر الأبيض المن التعليم المتوسط، والمطلة على مضيق جبل طارق، وكان كل من هذه السرايا لا يزيد عدد الرجال فيها عن سبعمائة رجل، ومع ذلك فقد فُتحت قرطبة على قوتها وعظمتها بسرية من تلك التي لا تتعدى السبعمائة رجل [وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى] {الأنفال:17}. ثم ظل طارق بن زياد رحمه الله متوجها ناحية الشمال حتى وصل إلى مدينة جَيّان وهي من مدن النصارى الحصينة جدا فرآى ألا يتوقف عندها تاركا طليطله فى فرصه كهذه يضعف فيها القوط ويكون هو فى أوج قوته فخالف أوامر موسى بن نصير وأتجه نحوها وعلم بذلك موسى بن نصير لكنه لطول المسافه لم يستطع اللحاق به ولا أن يحذره من ذلك فتقدم طارق غازيا طليطله العاصمه الأندلسيه وكانت طليطلة من أحصن مدن الأندلس، بل هي أحصن مدينة في الأندلس؛ فقد كانت محاطة بجبال من جهة الشمال والشرق والغرب، أما الجهة المفتوحة وهي الجنوب فعليها حصن كبير جدا ولكنها بإذن الله فتحت أبوابها وصالحت على الجزيه

فى هذا الوقت وصلت لطارق بن زياد رساله شديده اللهجه من موسى بن نصير يأمره فيها بالبقاء حيث هو حتى لا ينقد القوط عهدهم معه كما فعل البربر مع عقبه بن نافع فى شمال أفريقيا وقد كان موسى بن نصير ذلك القائد الحريص الحكيم جزاه الله كل خير فقد وجد عند عبوره من شمال أفريقيا إلى الأندلس أن أشبيليه قد نقدت العهد وبدأت تعد العده لمباغته المسلمين من الخلف فحاصرها بجيش قوامه 18 ألف رجل جائوا من أنحاء العالم الإسلامى حيث لم يكن من الحكمه جمعهم للجهاد بالإعلانت عن الحرب فيعلم بها القوط مسبقا بعد عده شهور صالحت أشبيليه ثانيا على الجزيه فأتجه موسى بن نصير نحو الشمال متخذا الطريق الغربى ليفتح المدن التى لم يمر بها طارق بن زياد حتى وصل إلى مدينه "مرده" وقد تجمع فيها الكثير من القوط فحاصرها شهور حتى سلمت له فقرر أن يتجه هو نحو طارق بن زياد فى طليطله وأن يترك جزء من الجيش بقياده إبنه عبد العزيز بن موسى بن نصير ليستكمل فتح الجزء الغربى وبذلك يكون عبد العزيز بن موسى بن نصير هو فاتح البرتغال حاليا
فاتاحد موسى بن نصير وطارق بن زياد وبدأ يفتحا مدن الشمال الشرقى ومنها "برشلونه" و"سراقوسطه" وهى أعظم مدن الشمال ثم مدن الشمال الوسطى و والشمال الغربى
وفي منطقة الشمال قام موسى بن نصير بعمل يُحسد عليه؛ فقد أرسل سرية خلف جبال البِرِينيه، وهي الجبال التي تفصل بين فرنسا وبلاد الأندلس، وتقع في الشمال الشرقي من بلاد الأندلس، عبرت هذه السرية جبال البرينيه ثم وصلت إلى مدينة تُسمّى أربونة، وتقع هذه المدينة على ساحل البحر الأبيض المن التعليم المتوسط، وبذلك يكون موسى بن نصير قد أسس نواة لمقاطعة إسلامية سوف تكبر مع الزمان كما سيأتي بيانه بمشيئة الله.

وبعد هذه السرية الوحيدة التي فتحت جنوب غرب فرنسا اتجه موسى بن نصير بجيشه إلى الشمال الغربي حتى وصل إلى آخره، وقد ظل المسلمون يفتحون مدن الأندلس المدينة تلو الأخرى حتى تم الانتهاء من فتح كل بلاد الأندلس، إلا منطقة واحدة في أقصى مناطق الشمال الغربي وتُسمى منطقة الصخرة أو صخرة بيليه، وهي تقع على خليج بسكاي عند التقائه مع المحيط الأطلنطي.
ففي زمن قُدّر بثلاث سنوات ونصف السنة، ابتدأ من سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، وانتهى في آخر سنة خمس وتسعين من الهجرة كان قد تم للمسلمين فتح كل بلاد الأندلس خلا صخرة بيليه هذه

توقف مؤقت للفتوحات
فى أيام الخليفه عثمان بن عفان حاول المسلمون فتح القسطنطينيه فاستعصت عليم فنشات فكرت فتح الأندلس من الغرب لا من الشرق
فكان موسى بن نصير وقد بلغ من العمر 75 عاما (كهل ) ينوى أن يفتح فرنسا ثم إيطاليا ثم يوغوسلافيا ثم رومانيا ثم بلغاريا ثم منطقة تركيا، حتى يصل إلى القسطنطينية من جهة الغرب فعلم بذلك الخليفه الأموى الوليد بن عبد الملك فأرعبه أن يتوغل فى وسط أوربا منقطعا عن المدد الذى يبعد عنه عده شهور فبعث إللى موسى بن نصير وطارق بن زياد أن يعودا إلى دمشق عاصمه الخلافه الأمويه فلما عاد موسى بن نصير وجد الخليفه فى مرض الموت وماهى إلا 3 أيام حتى توفى الوليد وتسلم الخلافه من بعده أخوه سليمان بن عبد الملك وقد ذهب موسى بن نصير للحج مع سليمان فى سنه سبع وتسعين من الهجرة وفي طريقه إلى هناك قال موسى بن نصير: اللهم إن كنت تريد ليَ الحياة فأعدني إلى أرض الجهاد، وأمتني على الشهادة، وإن كنت تريد ليَ غير ذلك فأمتني في مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم. ووصل رضي الله عنه إلى الحج، وبعد حجه وفي طريق عودته مات في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دفن مع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
أما رفيق دربه طارق بن زياد فقد إخلفت الروايات حوله أعاد إلى الأندلس ام بقى دمش وأين توفى وفى أى سنه توفى

إنتهاء عهد الفتوحات


برجوع موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى دمشق تكون قد انتهت فترة هي من أهم الفترات في مادة التاريخ الأندلس، وقد أُطلق عليها في المادة التاريخ عهد الفتح؛ حيث إن مادة التاريخ الأندلس يُقسّم إلى فترات أو عهود بحسب طريقة الحكم وبحسب نظام المُلك في هذه الفترات، وعهد الفتح هذا كان قد بدأ سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، وانتهى سنة ست وتسعين من الهجرة أو أواخر خمس وتسعين.
وبهذا يكون عهد الفتح قد ظل ثلاث سنوات ونصف السنة فقط، وهذا بحساب كل العسكريين يُعدّ معجزة عسكريّة بكل المقاييس، معجزة عسكرية أن تفتح كل هذه البلاد بكل الصعوبات الجغرافيّة التي فيها من جبال وأنهار وأرض مجهولة للمسلمين، معجزة عسكرية أن يتمكن المسلمون في ثلاث سنوات ونصف فقط من السيطرة على بلاد الأندلس خلا هذه المنطقة الصغيرة في أقصى الشمال الغربي والتي تسمى منطقة الصخرة أو صخرة بليه، معجزة عسكرية لم توجد إلا في مادة التاريخ المسلمين
عهد الولاه

يمتاز عهد الولاه بالتغيير المستمر للولاه حيث حكم فيه 20 والى تكرر تولى إثنان منهم مرتين من بداية عهد الولاة من سنة ست وتسعين من الهجرة، وحتى سنة مائة وثلاثة وعشرين من الهجرة، أي سبع وعشرين سنة.
ينقسم عهد الولاه إلى قسمين الأول وكان يتغير فيه الولاه للإستشهادهم فى جنوب فرنسا أم القسم الثانى فقد كان الولاه يتغيرون نتيجه للمؤامرات والمكائد التى تحاك لهم ممن حول الخليفه الأموى
كان أول الولاة ولاية على الأندلس هو عبد العزيز بن موسى بن نصير وذلك بأمر من سليمان بن عبد الملك رحمه الله،

خلال الفتره الأولى كانت الفتوحات نشطه وقويه وكذلك تعليم الدين الإسلامى للأهل الأندلس فأقبل منهم ذوى الفطر السليمه وهكذا ظهر جيل الموليد وهم من أصول عربيه أو بربريه حيث الأب عربى أو بربى والأم أندلسيه وبمرور الوقت أصبح أهل الأندلس هم جند الإسلام والمسلمين الأوائل قله بينهم وكان من نتائج دخول المسلمين للأندلس وتوطيد وجودهم فيها نشرهم للثقافه والعلم والمدنيه الحديثه وقد كان الأسبان يقلدون المسلمون فى كل شئ مهما كان تافها وأتخد المسلمين "قرطبه" عاصمه لهم بدلا من طليطله حيث كانت طليطله فى الشمال قريبه من صخره بيليه وجنوب فرنسا بينما كانت قرطبه فى الجنوب بعيده عنهما وقريبه من المدد الإسلامى

وكان من أبرز الولاه على الأندلس

السمح بن مالك الخولانيمن حسنات الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ولاية السَّمْح بن مالك الخولاني رحمه الله على الأندلس، فقد حكم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه المسلمين سنتين ونصف على الأكثر، من سنة تسع وتسعين إلى سنة واحد ومائة من الهجرة، وفي هذه الفترة الوجيزة عمّ الأمن والرخاء والعدل كل بلاد المسلمين، اختار عمر بن عبد العزيز رحمه الله السمح بن مالك الخولاني، ذلك القائد الربّاني المشهور في المادة التاريخ الإسلامي، وهو القائد الذي انطلق إلى بلاد فرنسا مجاهدا، كان بفرنسا مدينة إسلامية واحدة هي مدينة أربونة، تلك التي فتحها موسى بن نصير رحمه الله بسرية من السرايا، لكن السمح بن مالك الخولاني فتح كل منطقة الجنوب الغربي لفرنسا، ثم أسّس مقاطعة ضخمة جدا وهي مقاطعة سبتمانيا، وتسمى الآن بساحل الريفييرا، وتعد من أشهر المنتجعات السياحية في العالم.

أخذ السمح الخولاني في استكمال الفتوح في جنوب غرب فرنسا، وفي ذات الوقت أرسل يعلم الناس الإسلام، سواء في فرنسا أو في الأندلس إلى أن لقي ربه شهيدا يوم عرفة سنة اثنتين ومائة من الهجرة.

عنبسة بن سحيمتولى بعد السمح الخولاني بعض الولاة نتجاوزهم حتى نصل إلى عنبسة بن سحيم رحمه الله، وكان عنبسة قائدا تقيًا ورعًا، وهو الإداري العسكري المشهور، كان مجاهدًا حق الجهاد، وقد حكم بلاد الأندلس من سنة ثلاث ومائة إلى سنة سبع ومائة من الهجرة، وقد وصل عنبسة في جهاده إلى مدينة سانس، وهي تبعد عن العاصمة باريس بنحو ثلاثين كيلو مترا، وباريس هذه ليست في وسط فرنسا وإنما تقع في أقصى الشمال منها، وهذا يعني أن عنبسة بن سحيم قد وصل إلى ما يقرب من سبعين بالمائة من أراضي فرنسا، ويعني هذا أيضا أن سبعين بالمائة من أراضي فرنسا كانت بلادًا إسلامية، وقد استشهد عنبسة بن سحيم رحمه الله وهو في طريق عودته.


عبد الرحمن الغافقى

هو ذلك الوالى التقى الورع الذى أعاد توحيد صفوف المسلمين العرب والبرر من جديد بعد أن كان الوالى "الهيثم الكلابى" عربى متعصبا لقبيله وللعرب بصفه عامه ففرق بين العرب والبربر وظهرت الكثير من المشاحنات بينهم فهؤلاء من جاء بالإسلام وهؤلاء من كان له فضل نشره فى الأندلس
بعد أن وحّد عبد الرحمن الغافقي المسلمين وتيقن أن قوة الإيمان قد اكتملت، توجه بهم ناحية فرنسا ليستكمل الفتح من جديد وأخذ يفتح المدينة تلو المدينة، ففتح مدينة آرل ثم مدينة بودو (وهي موجودة الآن) ثم مدينة طلوشة ثم مدينة تور ثم وصل إلى بواتيه، وهي المدينة التي تسبق باريس مباشرة، والفارق بينها وبين باريس حوالي مائة كيلو متر تقريبا إلى الغرب منها، وبينها وبين قرطبة حوالي ألف كيلو متر، أي أنه توغل كثيرًا جدًا في بلاد فرنسا في اتجاه الشمال الغربي.

وفي مدينة بواتيه عسكر عبد الرحمن الغافقي في منطقة تسمى البلاط (البلاط في اللغه الأندلسية تعني القصر)، عند قصر قديم مهجور كان بها، ثم بدأ في تنظيم جيشه لملاقاة جيش النصارى، وكان عدد جيشه يصل إلى خمسين ألف مقاتل؛ ولذا تُعد حملة عبد الرحمن الغافقي هي أكبر حملة تدخل إلى بلاد فرنسا.

موقعه بلاط الشهداء والهزيمه القاسيه

كان المسلمين قد غزوا الكثير من المدن قبل مدينه بواتيه فإجتمع لهم من الغنائم الكثير فبدا الجنود يطلبون العوده إلى الأندلس لحفظ ما كسبوه من الغنائم إلا أنا عبد الرحمن الغافقى رحمه الله قال لهم ما جئنا لهذه الغنائم وإنما جئنا لنعلم الناس هذا الدين فعسكر فى بواتيه رغما عن أنوف الجنود ومن الشمال تحرك "تشارل مارتل" وماترل تعنى فى الفرنسيه المطرقه وقد لقبه بها بابا روما لأنه كان قويا على اعدائه وقد كان جيشه من 400 الف مقاتل أى 8 أضعاف جيش المسلمين إلا أن المسلمين لم تهزهم هذه الأرقام ففى معظم المعارك كانوا هم الأقل عددا ولكن النصر من عند الله فلم تهزمهم كثره العدو ولا قوته بل الفرق التى حدثت بينهم فبداوا يتشاحنون حول تقسيم الغنائم وأحقيتهم فيها وكذلك إغترارهم بعددهم وتسليحهم وكانت البداية في شهر رمضان من سنة مائة وأربعة عشر من الهجرة، واستمر القتال لمدة عشرة أيّام متصلة،
فى بدايه المعركه كانت الغلبه للمسلمين إلا أن الفرنسيين ادركوا مدى كثره الغنائم خلف جيش المسلمين فإلتفوا حول جيش المسلمين وبدأوا يسلبونها فأهتز جيش المسلمين لحبهم للغنائم وإنصرافهم عن الجهاد فكانت الهزيمه القاسيه ولكنها لم تكن كبيره كما يصورها الغرب
كانت قاسيه على قلوب المسلمين ولكنها لم تكن كبيره بدليل أن الفرنسيين لم يتتبعوا جيش المسلمين المنهزم إلى الأندلس بل توقفوا حيث هم

لم تكن هذه الأفعال بجديده على النفس البشريه بل هى نفسها حدثت مع المسلمين على عهد سيدنا محمد فى غزوه بدر حين إختلفوا على توزيع الغنائم وهى نفسها كانت سبب هزيمه المسلمين فى أحد حين نزل الرماه مخالفين لأمر سيدنا محمد طلبا للغنيمه
وكما من الله على المسلمين فى أحد بان لم يهزموا هزيمه ساحقه حدث نفس الشئ فى موقعه بلاط الشهداء أو موقعه بواتيه إذا بدا المسلمبن يستعيدون أنفسهم سريعا

كذلك الخلافات القبليه حين فتن بينهم شاس بن قيس، فقال الأوس يا للأوس، وقال الخزرج يا للخزرج، وحينها أيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم اللَّهَ اللَّهَ! أَبْدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرْكُمْ، دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.
نفسها حدثت حين بدأ الهيثم الكلابى التفريق بين البربر والعرب بقصد أو بدون قصد لكن الفرق أن سيدنا محمد إستطاع أن يرآب الصدع بسرعه فاكنت موقعه حمراء الأسد بعد أحد لرد إعتبار المسلمين ولكن فى الأندلس إستجمع المسلمين أنفسهم بعد ان عادوا إلى الأندلس بقياده "عقبه بن الحجاج السلولى"
بعد عودة المسلمين إلى الأندلس، قام فيهم عقبة بن الحجّاج السلولي رحمه الله وتولى الولاية من سنة ست عشرة ومائة من الهجرة إلى سنة ثلاث وعشرون ومائة من الهجرة، وهو يعد آخر المجاهدين بحق في فترة عهد الولاة الأول.
خُيّر هذا الرجل بين إمارة إفريقيا بكاملها ( كل الشمال الأفريقي) وبين إمارة الأندلس ففضل إمارة الأندلس؛ لأنّها أرض جهاد حيث ملاصقتها لبلاد النصارى، وقام رحمه الله خلال سنوات إمارته السبع بأكثر من سبع حملات داخل فرنسا، وكان ينزل إلى الأسرى بنفسه يعلمهم الإسلام، حتى إنه أسلم على يديه ألفان من الأسرى
ولقد استشهد عقبة بن الحجّاج رحمه الله سنة ثلاث وعشرين ومائة من الهجرة، وباستشهاده يكون قد انتهى عهد الولاة الأول أو الفترة الأولى من عهد الولاة.

بدأ عهد الولاه الثانى والذى كان عهد إنكسار حيث بدات الخلافات تدب بين العرب والبربر والعرب والعرب بين أهل الحجاز واهل اليمن وبين أهل الحجاز وبعضهم البعض

وبقيام الخلافه العباسيه سنه 132 هجريا ذلك الحدث الدموى الذى إنشغل خلاله العباسيين بحرب الأمويين حتى كادت الأندلس تضيه فى سنه 138 هجريا حيث كان "عبد الرحمن الفهرى" ذلك الطاغيه المستبد قد إنفصل بها عن الخلافه الأمويه وقال إن الأندلس إماره مستقله وقد توقفت نتاجا لذلك الفتوحات فى جنوب فرنسا بل وخسر المسلمون كل المناطق التى فتحوها فى فرنسا ماعدا مقاطعه سبتمانيا (شاطئ الرييفيرا الآن) التى كان قد فتحها موسى بن نصير

نظرا للطريقه الوحشيه التى قامت بها الدوله العباسيه التى قتلت الامراء والولاه واولادهم وأولاد أولاد الأمراء (الأحفاد) فقد كان لازما على الدوله العباسيه أن تلقى ردا على ذلك فلكل فعل رد فعل مضاد له فى الإتجاه ومساوى له فى المقادر هذا بالضبط ماحدث
حين حاول العباسيين قتل عبد الرحمن بن معاوية حفيد هشام بن عبد الملك (الخليفه الأموى الذى فتحت له الأندلس) ففر عبد الرحمن بن معاويه من منزله هو وأخوه حين كان عمره 19 عاما واخوه 13 عاما وكان كلاهما مطلوب رأسه واخذا معهما كل المال ولا شئ آخر حيث لن يقتل العباسيين الأطفال ولا النساء فقط كل من بلغ سن البلوغ وخلال هروبهما عبر نهر الفرات نادى عليهم العباسيين من بعيد أن لكم الآمان إن عدتم فكان أن عاد أخو عبد الرحمن لأنه تعب من السباحه غير آبها لكلام آخيه فتلوه أم أعين أخوه عبد الرحمن فواصل عبد الرحمن بن معاويه من الشام إلى شمال إفريقيا إلا أنه وجد نفسه للمره الثانيه مطلوب رأسه من قبل الخوارج الذين كانوا يكرهون الأمويين منذ أيام موقعه صفين ورفضهم تحكيم كتاب كامل الله بين سيدنا على ومعاويه وقبول سيدنا على فخرجوا على سيدنا على وقد كان الخوارج إسغلوا فرصه الحرب بين العباسيين والآمويين وأستقلوا بشمال إفريقيا فظل عبد الرحمن مختبئا فى برقه بليبا سنتين عند أخواله حيث كانت أمه أساسا من البربر ثم بدا يفكر جديا هل سيعيش باقى عمره هكذا مختبأ وهو حفيد عبد الملك بن مروان الخليفه الأموى فرآى أن أنسب مكان له هو الأندلس على ما فيها من خلافات وثورات وعدم إستقرار إلا أنها بعيده عن العباسيين وبعيده أيضا عن الخوارج فبعث مولاه "بدر" إلى الأندلس ليدر الوضع هناك ويعلم لمن الملك هناك ومن يناصره ومن يعاديه وأخذ يراسل بنى آميه ومحبى بنى آميه فى الأندلس وخارجها ليجمعهم حوله فى الأندلس ليكونوا له عونا وسندا كما راسل البربر فى الأندلس الذين كانوا يكرهون "يوسف بن عبد الرحمن الفهرى" الذى فرق بينهم وبين العرب وأساء معاملتهم حتى أنه فرق بين العرب وبعضهم فكان من بين العرب الذين يكرهون يوسف بن عبد الرحمن الفهرى اليمنين بقياده "أبو الصباح اليحصبي" وكان المقر الرئيسي لهم أشبيلية بعدها بسنتين أرسل له مولاه بدر بان الوضع أصبح معدا للإستقباله فجاء عبدالرحمن بن معاويه بن هشام بن عبدالملك بن مروان فى سفينه وحيدا ونزل الأندلس فى سنه 138 هجريا وكان عمره 19 سنه فى وقت كانت الأندلس مهدده فيه بالضياع من أيدى المسلمين وكان يوسف بن عبدالرحمن الفهرى كعادته فى الشمال يقمع إحدى الثورات فلما نزل عبد الرحمن بن معاويه الأندلس فاستقبله مولاه بدر وأتجها سويا إلى قرطبه العاصمه ومنذ ذلك الحين وهو يلقب بعبدالرحمن الداخل (لأنه أول من دخل الأندلس حاكما من بنى آميه)
أرسل إلى عبدالرحمن ليوسف بن عبدالرحمن الفهرى يطلب وده ويعتبره من رجاله فى الأندلس بإعتبار أن عبد الرحمن بن معاويه بن هشام بن عبدالملك بن مروان من الأمويين وهو أحق من يوسف بن عبد الرحمن الفهرى فما كان من يوسف بن عبد الرحمن الفهرى إلا أنرفض و جهز جيشا وأتجه نحو الجنوب حيث عبدالرحمن بن معاويه وكان عبدالرحمن بن معاويه يعتمد على اليمنين كأساسا لجيشه فقد كانوا يكرهون يوسف بن عبدالرحمن الفهرى للإسائته معاملتهم
سمع عبدالرحمن أن اليمنين يقول إنه غريب عن البلاد وأن معه فرسا أشهب قوى وسريع فسيهرب من ساحه المعركه تاركا اليمنين بين أيدى الفهريين فذهب عبدالرحمن قبل المعركه إلى أبو الصباح اليحصبي وقال له إن فرسه هذه هوجاء (متسرعه) وهى تعيقه عن الرمى فما رآيك أن نتبادل أنا أخذ بغلتك هذه وأنت تأخذ فرسى هذه فكانت النتيجه أن ثبت معه اليمنين فى موقعه "المسارة" وكانت الغلبه لصالح عبدالرحمن الداخل
بعد الإنتصار ومقتل يوسف بن عبدالرحمن الفهرى بدا اليمنين يعدون انفسهم لتتبع الفارين لكن عبد الرحمن الداخل ذلك الداهيه المحنك قال لهم :"لا تستأصلوا شأفة أعداء ترجون صداقتهم، واستبقوهم لأشد عداوة منهم." وكان وكان يقصد بذلك القوط فى فرنسا وصخره بيليه

ومن دلائل حكمه عبدالرحمن الداخل أنه بعد المعركه والإنتصار بلغه أن أبو الصباح اليحيصبى قد خاطب قومه قائلا "لقد انتصرنا على عبد الرحمن الفهري وجاء وقت النصر على غيره"، يُعرّض بعبد الرحمن بن معاوية، هذا الذي كان يقاتل معه منذ ساعات، ويرى أنه إن انتصر عليه وقتله (عبد الرحمن الداخل)دانت لهم بلاد الأندلس كلها.
وفي فترة حكمه التي امتدت أربعة وثلاثين عاما متصلة، من سنة ثمان وثلاثين ومائة وحتى سنة اثنتين وسبعين ومائة كانت قد قامت عليه أكثر من خمس وعشرين ثورة، وهو يقمعها بنجاح عجيب الواحدة تلو الأخرى، ثم تركها وهي في فترة من أقوى فترات الأندلس في المادة التاريخ بصفة عامة.

صقر قريش وثورة العباسيينكانت هناك واحدة فقط من هذه الثورات الخمس والعشرين هي التي سنقف عندها؛ وذلك لأهميتها الشديدة في فهم هذا الانفصال الذي حدث للأندلس عن الخلافة العباسية، وهذه الثورة حدثت في سنة ست وأربعين ومائة من الهجرة، أي بعد حوالي ثمان سنوات من تولي عبد الرحمن الداخل حكم الأندلس، وقام بها رجل يُدعى العلاء بن مغيث الحضرمي.


كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (وهو الخليفة العباسي الثاني أو المؤسس الحقيقي للخلافة العباسية بعد أبي العباس السفاح) قد راسل العلاء بن مغيث الحضرمي كي يقتل عبد الرحمن بن معاوية، ومن ثم يضم الأندلس إلى أملاك الخلافة العباسية.

وبالنسبة لأبي جعفر المنصور فهذا يعد أمرا طبيعيا له كامل الحق فيه؛ إذ يريد ضم بلاد الأندلس - وهي البلد الوحيد المنشق من بلاد المسلمين - إلى حظيرة الخلافة العباسية الكبيرة، فجاء العلاء بن مغيث الحضرمي من بلاد المغرب العربي وعبر بلاد الأندلس، ثم قام بثورة ينادي فيها بدعوة العباسيين، ويرفع الراية السوداء التي أرسلها له الخليفة أبو جعفر المنصور.

لم يتوان عبد الرحمن الداخل، فقامت لذلك حرب كبيرة جدا بين العلاء بن مغيث الحضرمي وعبد الرحمن بن معاوية، وكعادته في قمع الثورات انتصر عليه عبد الرحمن بن معاوية، ووصلت الأنباء إلى أبي جعفر المنصور، وكان في الحج بأن عبد الرحمن الداخل قد هزم جيش العلاء الحضرمي هزيمة منكرة، وأن العلاء بن مغيث الحضرمي قد قُتل.

وهنا قال أبو جعفر المنصور قتلنا هذا البائس - يعني العلاء بن مغيث الحضرمي - يريد أنه قتله بتكليفه إياه بحرب عبد الرحمن بن معاوية، ثم قال ما لنا في هذا الفتى من مطمع (يعني عبد الرحمن بن معاوية)، الحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر ومنذ هذه اللحظه لم تفكر الدوله العباسيه فى إستعاده الأندلس ثانيه بل إن أبو جعفر المنصور هو من لقب عبدالرحمن الداخل بصقر قريش

إعاده بناء الأندلس ووصولها إلى أقوى فتره على مر العصور

حين استتب الأمر لعبد الرحمن الداخل في أرض الأندلس، وبعد أن انتهى نسبيا من أمر الثورات بدأ يفكر فيما بعد ذلك، فكان أن اهتم بالأمور الداخلية للبلاد اهتماما كبيرا، فعمل على ما يليأولا بدأ بإنشاء جيش قويوفي بنائه لجيشه الجديد عمل على ما يلياعتمد في تكوينة جيشه على العناصر التاليةأ - اعتمد في الأساس على عنصر المولّدين، وهم الذين نشأوا - كما ذكرنا - نتيجة انصهار وانخراط الفاتحين بالسكان الأصليين من أهل الأندلس، وكانوا يمثلون غالبية بلاد الأندلس.

ب - اعتمد على كل الفصائل والقبائل الموجودة في بلاد الأندلس، فضم إليه كل الفصائل المضرية سواء أكانت من بني أمية أو من غير بني أمية، وضم إليه كل فصائل البربر، كما كان يضم إليه رءوس القوم ويتألفهم فيكونون عوامل مؤثرة في أقوامهم، بل إنه ضم إليه اليمنيين مع علمه بأن أبا الصباح اليحصبي كان قد أضمر له مكيدة، الأمر الذي جعله يصبر عليه حتى تمكن من الأمور تماما ثم تخلص منه - كما ذكرنا - بعد إحدى عشرة سنة كاملة من توليه الحكم في البلاد.

ج - كذلك اعتمد على عنصر الصقالبة، وهم أطفال نصارى كان قد اشتراهم عبد الرحمن الداخل من أوروبا، ثم قام بتربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية عسكرية صحيحة.

وبرغم قدوم عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس وحيدا، فقد وصل تعداد الجيش الإسلامي في عهده إلى مائة ألف فارس غير الرجّالة، مشكّل من كل هذه العناصر السابقة، والتي ظلت عماد الجيش الإسلامي في الأندلس لدى أتباع وخلفاء وأمراء بني أمية من بعده.

أنشأ رحمه الله دورا للأسلحة، فأنشأ مصانعا للسيوف وأخرى للمنجنيق، وكان من أشهر هذه المصانع مصانع طليطلة ومصانع برديل.

أنشأ أيضا أسطولا بحريا قويا، بالإضافة إلى إنشاء أكثر من ميناء كان منها ميناء طرطوشة وألمرية وأشبيليّة وبرشلونة وغيرها من الموانئ.

كان رحمه الله يقسم ميزانية الدولة السنوية إلى ثلاثة أقسام قسم ينفقه بكامله على الجيش، والقسم الثاني لأمور الدولة العامة من مؤن ومعمار ومرتبات ومشاريع وغير ذلك، والقسم الثالث كان يدخره لنوائب الزمان غير المتوقعة.

ثانيا أولى العلم والجانب الديني اهتماما بالغاأعطى عبد الرحمن الداخل العلم والجانب الديني المكانة اللائقة بهما، فعمل على الآتي

- نشْر العلم وتوقير العلماء.

- اهتم بالقضاء وبالحسبة.

- اهتم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- كان من أعظم أعماله في الناحية الدينية بناء مسجد قرطبة الكبير، والذي أنفق على بنائه ثمانين ألفا من الدنانير الذهبية، وقد تنافس الخلفاء من بعده على زيادة حجمه حتى تعاقب على اكتماله في شكله الأخير ثمان خلفاء من بني أميّة.

ثالثا العناية الكبيرة بالجانب الحضاري الماديويبرز ذلك في الجوانب التالية

- اهتمامه الكبير بالإنشاء والتعمير، وتشييد الحصون والقلاع والقناطر، وربطه أول الأندلس بآخرها.

- إنشائه أول دار لسك النقود الإسلامية في الأندلس.

- إنشائه الرصافة، وهي من أكبر الحدائق في الإسلام، وقد أنشأها على غرار الرصافة التي كانت بالشام، والتي أسسها جده هشام بن عبد الملك رحمه الله وقد أتى لها بالنباتات العجيبة من كل بلاد العالم، والتي إن كانت تنجح زراعتها فإنها ما تلبث أن تنتشر في كل بلاد الأندلس.

رابعا حماية حدود دولته من أطماع الأعداءبالإضافة إلى إعداده جيشا قويا- كما وضحنا سابقا- وتأمينا لحدود دولته الجديدة قام عبد الرحمن الداخل بخوض مرحلتين مهمتينالمرحلة الأولى كان عبد الرحمن الداخل يعلم أن الخطر الحقيقي إنما يكمن في دولتي ليون في الشمال الغربي، وفرنسا في الشمال الشرقي من بلاد الأندلس، فقام بتنظيم الثغور في الشمال، ووضع جيوشا ثابتة على هذه الثغور المقابلة لهذه البلاد النصرانية، وأنشأ مجموعة من الثغور كما يلي
- الثغر الأعلى، وهو ثغر سراقسطة في الشمال الشرقي في مواجهة لفرنسا.

- الثغر الأوسط، ويبدأ من مدينة سالم ويمتد حتى طليطلة.

- الثغر الأدنى، وهو في الشمال الغربي في مواجهة مملكة ليون النصرانية.

المرحلة الثانية كان رحمه الله قد تعلم من آبائه وأجداده عادة عظيمة جدا، وهي عادة الجهاد المستمر وبصورة منتظمه كل عام، فقد اشتهرت الصوائف في عهده، حيث كان المسلمون يخرجون للجهاد في الصيف، وبصورة منتظمة وذلك حين يذوب الجليد، وكان يتناوب عليهم فيها كبار قواد الجيش، وأيضا كان يُخرج الجيوش الإسلامية إلى الشمال كل عام بهدف الإرباك الدائم للعدو، وهو ما يسمونه الآن في العلوم العسكريه بالهجوم الإجهاضي المسبق.

تقسيم عصور الآمراء الأمويين


الفترة الأولى واستمرت مائة عام كاملة، من سنة ثمان وثلاثين ومائة وحتى سنة ثمان وثلاثين ومائتين من الهجرة، وتعتبر هذه الفترة هي فترة القوة والمجد والحضارة، وكان فيها هيمنة للدولة الإسلامية على ما حولها من مناطق.

الفترة الثانية وتعد فترة ضعف، وقد استمرت اثنين وستين عاما، من سنة ثمان وثلاثين ومائتين وحتى سنة ثلاثمائة من الهجرة.

الفترة الثالثة وهي الأخيرة وهي ما بعد سنة ثلاثمائة

الفتره الأولى وقد حكم بداها عبدالرحمن الداخل ومن بعده إبنه الأصغر هشام وقد كان فى إختيار عبدالرحمن الداخل للإبنه الأصغر هشام منفعه كبيره للمسلمين حيث كان هشام هذا من أحكم وأعدل من أخوه سليمان
ثم أتى بعد هشام إبنه الحكم بن هشام ولكنه لم يكن على شاكله أبيه وجده بل كان قاسيا وغير حكيما فكان يردع الثورات بالقوه ويحرق مساكن الثوار وكان من بينها ثوره الربط وهم قوم يعيشون بجوار قرطبه فأحرق مساكنهم وطردهم من الأندلس فأستقروا فى جزيره كريت فى عرض البحر المن التعليم المتوسط وكونوا دوله مستقله وكان من نتائج هذه القسوه أن لم يصبح المسلمين صف صحيح أنهم لم ينقسموا لكنهم ضعفوا حتى أن برشلونه سقطت فى يد القوط وكونت بذلك أول إماره فى الشمال الشرقى من الأندلس وتدعى أرجون
قبل ان يتوفى الحكم إختار من بين أولاده عبدالرحمن الأوسط وقد سمى بذلك لوقوعه بين عبدالرحمن الداخل وعبدالرحمن الناصر وقد كان قائدا بارعا فقد كانت له صولات وجولات فى الشمال مع المامالك النصرانيه
وكان مهتما بالعلم فكان فى وقته العالم عباس بن فرناس أو من حاول الطيران لكنه راح ضحيه تجربته هذه
ومن أهم مميزات عبد الرحمن الأوسط أن عصره هذا لم يعرف عاده التسول كما فى باقى بلاد المسلمين وأضيئت الطرقات فى ذلك الزمن البعيد حين كانت أوربا تعيش فى الظلام الدامس والجهل المضنى
وقد كانت من إنجازاته وقف غزوات النورمانالنورمان هم أهل إسكندنافيا، وهي بلاد تضم الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد، وقد كانت هذه البلاد تعيش في همجية مطلقة، فكانوا يعيشون على ما يسمى بحرب العصابات، فقاموا بغزوات عرفت باسم غزوات الفايكنج، وهي غزوات إغارة على أماكن متفرقة من بلاد العالم، ليس من هم لها إلا جمع المال وهدْم الديار.

في عهد عبد الرحمن الأوسط وفي سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة هجمت هذه القبائل على أشبيلية من طريق البحر في أربع وخمسين سفينة فدمروا أشبيلية تماما، ونهبوا ثرواتها، وهتكوا أعراض نسائها، ثم تركوها إلى شذونة وألمرية ومرسيه وغيرها من البلاد فأشاعوا الرعب وعم الفزع، وهذه هي طبيعة الحروب المادية بصفة عامة، وشتّان بين المسلمين في فتحهم للبلاد وبين غيرهم في معاركهم.

ما كان من عبد الرحمن الأوسط رحمه الله إلا أن جهز جيشه وأعد عدته، ولأكثر من مائة يوم كاملة دارت بينه وبينهم معارك ضارية، أغرقت خلالها خمس وثلاثين سفينة للفايكنج، ومنّ الله على المسلمين بالنصر، وعاد النورمان إلى بلادهم خاسئين.

بعدها عمل عبدالرحمن الأوسط على تفادي تلك الأخطاء التي كانت سببا في دخول الفايكنج إلى بلاده فقام بما يليأولا رأى أن أشبيلية تقع على نهر الوادي الكبير الذي يصب في المحيط الأطلنطي، ومن السهولة جدا أن تدخل سفن الفايكنج أو غيرها من المحيط الأطلنطي إلى أشبيلية، فقام بإنشاء سور ضخم حول أشبيلية، وحصّنها تحصينا ظلت بعده من أحصن حصون الأندلس بصفة عامة.

ثانيا لم يكتف بذلك بل قام أيضا بإنشاء أسطولين قويين جدا، أحدهما في الأطلسي والآخر في البحر الأبيض المن التعليم المتوسط، وذلك حتى يدافع عن كل سواحل الأندلس، فكانت هذه الأساطيل تجوب البحار وتصل إلى أعلى حدود الأندلس في الشمال عند مملكة ليون، وتصل في البحر الأبيض المن التعليم المتوسط حتى إيطاليا.

وكان من نتيجة ذلك أنه فتح جزر البليار للمرة الثانية، كنا قد ذكرنا أن الذي فتحها للمرة الأولى كان موسى بن نصير رحمه الله وذلك قبل فتح الأندلس سنة إحدى وتسعين من الهجرة، ثم سقطت في أيدي النصارى في عهد الولاة الثاني حين انحدر حال المسلمين آنذاك، وهنا وفي سنة أربع وثلاثين ومائتين من الهجرة تم فتحها ثانية.

كذلك كان من نتيجة هزيمة الفايكنج في هذه الموقعة قدوم سفارة من الدانمارك محملة بالهدايا تطلب ود المسلمين، وتطلب المعاهدة معهم، وهكذا فالبعض من البشر لا تردعه إلا القوة ولا تصده إلا لغة الأقوياء




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©