موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
بسم الله الرحمن الرحيم

تقويم ألفاظ الأبناء
مبارك عامر بقنه

اللفظة العذبة الرقيقة المهذبة لها أثر بالغ في جذب الأفئدة، وتقوية العلاقة، وإزالة حواجز الرهبة والخوف، وزيادة أواصر المحبة. وانتقاء أطيب الكلمات والعبارات هو سلوك إيماني يمتثله الصالحون في أقوالهم كما قال الله – تعالى-: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [الحج: 24]، فجعل الكلام الطيب نوعاً من الهداية التي يسعى إليها العبد الصالح؛ بل وحث إلى الخطاب الحسن مع الناس كما قال - تعالى -: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]. فاللفظة الطيبة صفة لازمة من صفات المسلم الصالح، وهي من الأسس التربوية التي يتربى عليها العبد منذ نعومة أظافره؛ فرقي المؤمن ليس فقط في فكره وتصور 2014اته وقيمه وسلوكه وأخلاقه بل وكذلك في بيانه ومنطقه، فلا يتلفظ بساقط القول وسوقيّ العبارة ورديء الكلمة؛ بل ينتقي أجود وأطيب الكلام فيرسله عذباً رقراقاً سلسلاً تستمتع به النفوس وتروق به الأفئدة.

ولا يختص استخدام اللفظ الحسن بالبالغ؛ بل المسلم مطالب بتربية أبنائه على اللفظ الكريم، وتهذيب لسان أطفاله حتى تستقيم على القول الطيب. وخصوصًا في هذا الزمن الحرج يتحتم على المربي تلقين الابن القِيم والضوابط الأساسية التي ينبغي أن يمتثلها في حياته، فمما يعلم أن الطفل يعيش في أحرج أطوار عمره، فهو يكافح من أجل الاعتماد على ذاته، ويتعلم طريقة ليكتشف بيئته الحديثة، وكيفية طرق الاتصال بالعالم من حوله، فهو في حاجة لمهارات متعددة تساعده على التعامل مع ما حوله بشرح طريقة طريقة صحيحة. ومن ذلك يتعلم طريقة الألفاظ والكلمات ليعبر بها عن حاجاته ورغباته ومشاعره. ومع نموه العمري يزداد نمو معجمه اللفظي وقدرته في كيفية استخدام الجمل والعبارات، فيعبر عن مشاعر الحب بعبارة حانية، وعن الغضب بعبارات قاسية جارحة.

وقبل أن يوجّه المربي الطفل إلى حسن القول وتهذيب الكلام ينبغي أن تكون ألفاظ المربي ألفاظاً كريمة حسنة بعيدة عن فحش الكلام ورذائله، ولا يكتفي بالتلقين، بل يجب أن يمارس ذلك عملياً في انتقاء العبارات والألفاظ التي يتلفظ بها خصوصاً أمام الطفل. فعندما يُخبَر الابنُ أن هذه ألفاظ لا تليق ويجب أن لا يتلفظ بها مرة أخرى يعني ذلك أن لا ينطق بها المربي. وإن حدث وسمع لفظة لا تليق عليه مواجهة جاهزة ذلك بالرفض، فلا يكون هناك تسامح أو تجاوز، فالقيم والمثل لا تؤخذ بتذبذب وتردد؛ بل بحزم وامتثال. والطفل يتأثر بالسلوك أكثر؛ فهو ينظر ويسمع ما حوله، وأول ما ينظر إلى سلوك والديه فيحذو حذوهم في القول والفعل، فلكي تجني ابنًا صالحاً سوياً فليكن سلوكك قويماً، فبسلوكك تمهد له الطريق ليسلك الطريق القويم. فأنت ـ غالباً ـ مرآة لابنك؛ فهو يعكس ما يراه فيك من سلوك. فالتربية بالمثال والقدوة تؤثر بدرجة عالية في الطفل؛ لأنه لا يملك القدرة على إدراك المفاهيم وإنما لديه القدرة الفائقة في حفظ الكلمات التي يسمعها وتطبيق ما يراه من سلوكيات.

والطفل ـ أحياناً ـ يتعلم طريقة كلمة سيئة من أحد الأقارب أو الجيران أو أي مصدر كان، ثم لا يلبث أن يردد هذه الكلمة دون وعي لمعناها. وهنا يتطلب منا الموقف أن نكون رفيقين مع الطفل عند سماع هذه الكلمة، وخصوصاً إذا كان الطفل صغيراً، فيحسن أن نتجاوز هذا الموقف ولا نعيره اهتماماً؛ لأننا عندما نصرخ في وجهه ونقول له: هذا عيب. ونعاقبه على ذلك، فإننا من غير شعور نعمل على ترسيخ هذه العبارة ونثبتها في ذاكرته؛ إذ يرى أن هذه الكلمة جذبت انتباه الوالدين لذلك سيستخدمها مرة أخرى لجذب الانتباه ولو بشرح طريقة طريقة سلبية. ولكن لو شعرت أن ابنك أصبح يكرر هذه الكلمة بكثرة وبشرح طريقة طريقة مزعجة عندها يجب أن تخبره أن هذه الكلمة بذيئة، وعليه أن لا يقولها مرة أخرى. ويجب أن يكون إخبارك له بشرح طريقة طريقة جادة يشعر أن هذه الكلمة مرفوضة. ومن الخطأ أننا نتعامل مع الخطأ الأولي كالخطأ المتكرر، والخطأ العفوي كالمقصود، فهذا ليس من العدل. إذ الطفل في أشد الحاجة إلى التعليم والتبيين، وتفكيك المعاني، وتبسيط المفاهيم، مع الإعادة والتكرار حتى نستيقن أن الطفل قد استوعب الأمر. فالطفل ينسى ويغفل، فالاستعجال في التغيير والتبديل أمر يتناقض مع طبيعته الطفولية.


موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©