موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
روايتي الثانية ..

زنزانة الألم / بقلمي حنان الروح .. سيمو

في ليلة من ليالي الشتاء القارسة , و حبات الثلج

تضرب النوافذ .. تتدحرج كبلورات لؤلؤ لتغور في أحياء القدس ؛

فترسم لوحةَ الهيبة و صمود أبنائها إلى أن يظهرهم الباري

و ينكَّس رأس العدو , و يتردد صدى النصر الأكيد .
في تلك الليلة كان الدفء و الفرح يعمان أرجاء ذاك المنزل

المتواضع في نهاية حي من أحياء
القدس.
نور طفيف ينبعث من بين زوايا منزلهم و الصغار

يحومون حول جدتهم الرؤوف , و وجوههم تصطبغ حمرة من

توهج نار الحطب المشتعل ، فتهد أ نفوسهم عن رجفة البرد

وتسكن قلوبهم بعذب حكايا الجدة المتيَّمة بأحفادها ,

و انسابت الجدة بعمق في ثنايا حكايتها ترويها بكل حب

لصغارها : صالح ، و غدير ، و ندى . بينما كان الوالدان يلاعبان صغيرهما محمود ،
و البسمة تتطاير من بين شفاهه ,

وهما يأملان في كل لحظة لو يدوم هذا الأمن

و تظل أجنحة السعادة ترفرف على كوخهم المتواضع .

مرت ساعات و لازال الجو مفعم بالحب ,

و الهدوء يلف المكان .

ندى : جدتي كم أحبك ، و أهوى قصصك الرائعة .

تأملتها الجدة بعينين تنبعان مودة ، و تهيم في نظرات الطفلة البريئة ، ثم قبلتها .

هبَّت عاصفة مفاجئة أفزعت الأطفال فالتصقوا ببعضهم مرتعبين ،


وانتفض محمود كطير جريح و بدأ في العويل !

الوالدة : اهد أ يابني . الوالد : لاتقلقوا .. إنها مجرد عاصفة !

ستهدأ بعد قليل ، و ارتسمت ابتسامته المعهودة مطمئنة للجميع .

ما إن هدأ الصغير حتى سمعوا صوتا أقوى هز أركان منزلهم .

فجأة إذ بباب المنزل يكسر ! من كسره ؟!

إنهم جنود الاحتلال . دخلو ا بجبروت و كبرياء و عيونهم كعيون الموتى لا تتغير !


حين دخلوا طارت الحياة من النوافذ , و ركض الصغار باتجاه والدهم يحتمون به ,

و الجدة و الأم تلفان الحجاب حوليهما ، و الوالد يواجه بكل شجاعة رجالاً

لايعرفون معنى الرحمة ! تقدم أحد الجنود للجدة حتى يخلع عنها حجابها

و يذيقها مرارة الإهانة و الذل , و هي تصرخ و تستغيث

فنهض الوالد مسرعا ليدافع عن أسرته , عن عرضه ، وعن بقايا كرامته المهدرة !

ليواجه العدو اللدو د بصدر مكشوف ،

فما كان من الجندي البغيض إلا أن بادره بإطلاق رصاصة تضج و تعلن الموت قبل

الوصول و أتبعها ذلك المتوحش برصاصة على الجدة المسكينة

التي لا حول لها و لاقوة , فسقطا غارقين في بحر دمائهم بكل ما تحمله المعاني

من ألم و شجون . لم يستطع الصغار رؤية المنظر الفظيع

فهرعوا يتشبثون بو الدتهم و هي ترجو

إبعاد فلذات أكبادها عن الخطر المترقب . تلفتت تنظر لزوجها الراقد في سيل من

الدماء، و تلفتت ثانية لتجد أبناءها في و جه العدو ثم تأملت حالها

و رأت كم هي ضعيفة و عاجزة عن فعل شيء , تبكي أولادها

أَم ْ ترثي زوجها و أمه ، أَم ْ تظل كأصنام منحوتة تترقب مصيرها باستسلام !!

لكنها أبت الرضوخ لليأس فهي ستدافع عن روحها مادامت تنبض و تتنفس الحياة !

أبناؤها عشقها , وشمس دنياها .. فكيف تحيا بدونهم ؟!

كان حالها يرثى له كظن من يراها لكنها في ذات الوقت تُجسِّد لوحة فنان مؤثرة ,

فيها صور 2014ة الأم الرائعة المدافعة عن شرفها بكل ما تستطيع

و المستظلة بعفافها ؛ فمهما كان لن يرى هؤلاء الحثالة حتى ظفر قدمها .

مرت دقائق بل لحيظات حين تقدم أحد أولئك الحمقى

و هي تبتعد و مازال يتقدم بظله الكريه و نظرته الخبيثه ..

صرخت بأجمع صوتها حتى شعرت بأنه نفد لكن لامجيب !

اقترب أكثر و نزع الحجاب عن رأسها .. في تلك اللحظات تمنت الموت ألف مرة

على أن تتعرض لهذا الموقف . فُجعت لحالها , جثت على ركبتيها وبكت ..

نزفت شهيقا بصوتها المبحوح , رثت نفسها مع أن روحها لاتزال بين جنبيها

و تأبى المغادرة ! وجّه بندقيته صوب رأسها , فزع الصغار و صاحوا

لكن ركلات الذئاب اللاهثة ألجمتهم ! اقترب منها ورفع ذقنها إليه ,

تأملها بمكر وهو يحدق في المخلوقة اللطيفة وقد أسَرته عيناها البراقة ,

نظر إليها و قال بخبث : أتحبين الحياة ؟ لم ينتظر منها جوابا

بل صمم على تنفيذ مايدور في رأسه لكن فجأة و دون مقدمات تفجر الدم من رأسه

و سقط يتشظى تحت حلمه القذر ! فتحت الأم عينيها على وسعها مندهشة






لترى بطلها المنقذ الذي فلق رأس عدوها بتحفة ضخمة وحين رأته خانتها دمعاتها !

موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©