موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه القصة التي بين أيديكم تتكون من عدة فصول و ها أنا أقدم لكم الفصل الأول منها
و أرجو منكم أن تنتقدوها و أن تمتعكم و تحوز على إعجابكم و سأكمل الباقي في الأيام القادمة أن شاء الله تعالى ( إذا حازة على إعجابكم)
و أرجو أن تقبلوا مني هذه المشاركة و أن تعذروني على التقصير أن وجد و لكم جزيل الشكر



نهاية أحلام
(1)
( في غرفة الانتظار )

جلس صالح على أحد الكراسي المصفوفة في تلك الغرفة الطويلة و هو يحملق في جدرانها كانت أنفاسه مضطربة ثمة مشاعر مبهمة تخالج كيانه.. أطلق تنهدات طويلة ارتسمت له الذكريات على الحائط و كأنه يشاهدها عبر شاشة كبيرة...
قد كان في نفس المكان منذ خمسة و عشرين سنة. لكن في تلك السنوات كان ينتظر مولودا أما الآن فالحال يختلف.
كان يسير على قدميه المتعبتين في هذه الغرفة الطويلة يتخبط ذات الشمال و ذات اليمين لا يعرف و جهته تمتلكه الخواطر تصارعه الظنون أنفاسه مضطربة.
كان الهدوء يعم تلك الغرفة قبل بضع ساعات حتى قطع هذا الهدوء صوت صدى صرخات تنبعث من أعماق الغرفة المجاورة التي كانت زوجته سارة تصارع الموت فيها – فهي في حالة ولادة متعسرة
بصوت مضطرب صرخ صالح (( يا رب ساعد سارة يا رب ))
وعاد السكون إلى المكان مرة أخرى لكن هذه المرة كان يختلف فبعد أن سمع صالح صرخات زوجته المتألمة أصبح يهمس بكلمات غير مسموعة يطلب من العلي القدير أن يساعد زوجته مضت ساعات و صالح على هذا الحال فلم يطق الانتظار فانطلق مسرعا نحو باب الغرفة و أمسك مقبض الباب بيديه المرتعشتين و هو يتمتم
(( لم أعد أحتمل البقاء هنا أنتظر سوف أذهب لأرى ما يحدث))
كالبرق أتجه ناحية غرفة الولادة أرد الدخول لكن الممرضة منعته في تلك اللحظة سمع صرخات تنبعث من داخل الغرفة كانت صرخات مختلفة عن التي سمعها أول مرة، كانت صرخات المولود رفع صالح يديه إلى السماء و قال بصوت ممزوج بالبكاء (( الحمد لله الحمد لله ))
بعد بضع دقائق خرجت الممرضة من غرفة الولادة مع امرأة عجوز كانت المرأة سعيدة تهتف (( مبروك.. مبروك يا أبني حمد لله على سلامة زوجتك لقد أنجبت لك طفلة جميلة تترب في عزك أن شاء الله تعالى يا بني ))
ألتقط صالح أنفاسه كانت السعادة تملئه لكن القلق يجتاح نفسه أمسك بوالدته
(( كيف هي سارة يا أمي هل هي بخير))
(( نعم يا بني إنها بخير لكن متعبة قليلا هذا لأنها الولادة الأولى لها و ستكون بخير أن شاء الله تعالى بعد أيام))
بعد ساعة خرجت الدكتورة التي قامت بتوليد سارة فتلقها صالح (( هل زوجتي بخير هل أستطيع أن أرها .....)
بعد صمت تجيبه و هي حائرة ما لذي تقوله له (( إن زوجتك متعبة قليلا و لا تستطيع أن تراها الآن ))
كان يبدو على الدكتورة التوتر (( سوف تراها بعد ساعتين تقريبا لكنك تستطيع أن ترى طفلتك الجميلة بعد دقائق – تترب في عزك أن شاء الله تعالى و حمد لله على سلامه ))
ثم غابت الدكتورة عن بصر صالح تاركته في حيرته و قلقه تتقاذفه الأفكار هنا وهناك يحس بشيء يخنقه كما أنه رأى في عين الدكتورة أن هناك شيئا تخفيه عنه..
وقف حائرا (( لماذا لا أستطيع أن أرى زوجتي بما أنها بخير لماذا؟؟ ماذا يخفون عني هل أصابها مكروه لا سامح الله أم أنها ظنون فقط تجتاح نفسي، أن شاء الله تكون مجرد أوهام أوهام..))
((صالح.. صالح يا بني ماذا بك؟))
قطع تفكيره القلق صوت والدته أم أحمد و هي تناديه.. أقبل صالح على والدته التي كانت مسرورة لولادة حفيدتها الحديثة .
قال في قلق (( أمي هل سارة بخير؟ أخبريني بصدق يا أمي..))
بصوت ممزوج بالحيرة أجابته(( نعم يا بني سارة متعبة من الولادة فقط فقد كانت متعسرة أن شاء الله تقوم بالسلامة و تربيا أبنتكما ))
(( لكن يا أمي الدكتورة يبدو عليها القلق و الإطراب، هل حدث شيء داخل غرفة الولادة؟؟))
قطعت حيرتهما الدكتورة سحاب (( أستاذ صالح من فضلك أريد التحدث معك في المكتب لو سمحت))
لبا طلبها مسرعا و كانت تخالجه مشاعر مبهمة في ذلك الوقت و الخوف الذي بدء يتسلل داخله و في المكتب الذي كان مرتبا ببساطه مجموعة أوراق على الطاولة و كرسي و خلف تلك الطاولة الكرسي الذي كانت تجلس عليه سحاب و يوجد أيضا سرير للكشف و كانت الصور 2014 المعلقة على الحائط تضم أطفالا صغار مكتوب عليها بعض الإرشادات.
(( تفضل يا أستاذ صالح ))
جلس صالح على الكرسي ينتظر بقلق ما سوف تقوله الدكتورة . دارت في خلده أفكار كثيرة
(( ماذا هناك يا دكتورة هل سارة بخير ؟ و هل الطفلة بخير؟....))
(( يا أستاذ صالح طفلتك بخير و هي في صحة جيدة... لكن.....
هنا ساد السكون و ارتسمت معالم الخوف و القلق على صالح. قطع ذلك السكون صوت سحاب (( أن حالة زوجتك متدهورة فجسمها لم يحتمل الألم و قد أصيب بحالة تسمم ما بعد الولادة فقد كانت تحتاج إلى عملية قيصرية لكنها رفضت بشدة... و جاهدت كثيرا لتلد و بعد الولادة انهارت قوتها و أخشى أن تصاب ببعض المضاعفات و لأنها تعاني من أنيميا حادة لذا أخشى عليها من المضاعفات و هي الآن في العناية و الاهتمام المركزة فهي تحتاج إلى الراحة أتمنى أن تتعدى مرحلة الخطر خلال الساعات القادمة أن شاء الله ))





و ما أن أكملت كلماتها الأخيرة دق الباب دخلت الممرضة
((دكتورة... دكتورة المريضة التي في غرفة العناية و الاهتمام تدهورت صحتها يريد منك الدكتور هشام الحضور في الحال..))
وقف صالح و كأنه أصيب بصاعق (( هل هي زوجتي، هل هي زوجتي؟))
قالها و هو قلق
((تمالك نفسك يا أستاذ صالح نعم هي زوجتك ادعي لها بالنجاة هيا تعالى معي))
و في غرفة العناية و الاهتمام المركزة دخلت الممرضة بسرعة و معها الدكتورة و أوقفت الممرضة الأخرى صالح (( ممنوع الدخول))
أخذا يتوسل لهم بأن يدعوه يدخل و هو يدعو الله في قلبه أن تنجو زوجته
((أرجوكم دعوني أدخل أرجوكم)) تعالت توسلاته لهم و بعد لحظات فتح الباب يقف الدكتور هشام مع الدكتورة سحاب أمام صالح و ما ان رائهما حتى أمسك بيد الدكتور هشام وهو يصيح (( أرجوك يا دكتور أسمح لي بالدخول أرجوك..))
((تمالك نفسك يا أستاذ صالح سوف أسمح لك بالدخول لكن بشرط ألا ترهق المريضة فهي تطلب رائيتك... تفضل لتراها و لكن لا ترهقها بالكلام فهي في حالة لا تسمح لها بالإرهاق..))
دخل صالح إلى سارة و هو يحمل في طيات قلبه حزنا و يحيط به الخوف تتقاذفه الألم وقف صالح بقرب السرير و أمسك بيدها و انحنى عليها يقبل جبينها، فتحت سارة عينيها.
(( صالح.. صالح )) نادته بصوتها المتعب
أقترب صالح أكثر و كأنه يريد أن يضمها إلى صدره لكنها كانت محاطة بالأجهزة فلم يتمكن من احتضانها.
((نعم يا سارة ها أنا بقربك معك)) محولا تمالك نفسه حتى لا تسقط دموعه التي كانت حبيسة عينيه و يخفي خلف صوته نغمات الحزن...
((عزيزي صالح هل طفلتنا بخير.. سأسميها أحلام يا صالح هل لديك مانع...)
(( لا يا عزيزتي إنه اسم جميل جدا..)
((هل رأيتها يا صالح هل هي جميلة..))
ماذا يقول لها؟ أنه كان قلقا عليها أم لم يرى طفلته حائرا ماذا يقول؟...
((ماذا بك يا صالح لم ترها؟ لماذا...لماذا؟؟...
((آه يا عزيزتي لم أرها لأنها لم تطلب رائيتي و لكن سوف أذهب إليها بأقرب فرصة))... يحاول رسم الابتسامة على شفتيه الذشركة ابلة
((حسنا يا صالح أحب طفلتنا كثيرا و أعتني بها..)) قالت هذه الكلمات و هي تلهث من التعب أمسك صالح بيدها ((سوف نربيها معا أن شاء الله تعالى لا تقولي مثل هذا الكلام))
((صالح أني أحس بأني سوف أفارق هذه الحياة لذلك...) لم تستطع إكمال كلماتها صوت من تلك الأجهزة أخذ يتعالى يعلن أن قوتها انهارت أسرعت الممرضة و كذلك الدكتور هشام وصالح في حيرة
((ماذا حدث سارة تماسكي لا تتركيني.)).....
أبعدوه عنها بقوة حاول الدكتور هشام مساعدتها لكن أنفاسها خمدت نبضات قلبه توقفت فارقت الروح الجسد المتعب تاركته ملقى على ذلك السرير بين أيدي الممرضات و الأطباء يحاولون إرجاع الحياة فيه لكن لا فائدة رحلت الروح مودعة ذلك الجسد .....
أحس صالح بأن شيئا ما قد انطفأ في داخله...

يتبع


موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©