موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة
السلام عليكم

مما راق لي قصة عن الشاعر المشهور الاصعي

حكى الأصمعي قال : خرجت في طلب الأعاجيب من الأحاديث ، فلاحت لي بلدة بيضاء كأنها الغمامة، فدخلتها فإذا هي خراب وليس فيها ديار ولا أنيس ، فبينما أنا أدور في نواحيها إذ سمعت كلاماً فطار قلبي، فأنصتّ ، فإذا به كلام موحش ، فسللت سيفي ودخلت ذلك المكان، فإذا أنا برجل جالس، وبين يديه صنم وفي يده قضيب
وهو يبكي ويقول

أما ومسيـح الله لو كنـت عاشقـاً . . . لمت كما ماتت ، وقد ضمني لحدي
وكم أتسلـى بالحديـث وبالمنـى . . . وبالعبرات السائـلات على خـدي
وإني وإن لم يأتني الموت سرعـةً . . . لأمسي على جهد وأضحي على جهد

فقال الأصمعي : فلما سمعت ذلك منه هجمت عليه، فلم يشعر بي إلا أن قلت له: السلام عليك





فرفع رأسه وقال: وعليك السلام، من أين أنت ومن جاء بك إلى هذا المكان ؟
فقلت: الله جاء بي
فقال: صدقت وهو الذي أفردني في هذا المكان
فقلت له: ما بالك تشير إلى هذا الصنم الذي بين يديك
فقال لي: إن حديثي عجيب وأمري غريب
فقلت له: حدثني به ولا تخف منه شيئاً
فقال لي: اعلم أننا كنا قوماً من بني تميم وكنا على دين المسيح وكان دعاؤنا مستجاباً، وكانت هذه الصنمة ابنة عمي وكنت أنا وإياها . فلما كبرت حجبها عمي عني ، فكنت أحبها سراً
فبينما أنا ذات ليلة وأنا عندها إذ سمعت عمي يدق الباب ، فأدخلتني سرداباً وقامت هي ففتحت الباب ودخل عمي فقال لها: أين عبد المسيح ؟
فقالت: إني لم أره
فقال لها: إني سمعت كلامه عندك
فقالت: لم تسمع شيئاً وإنما خيل لك
فقال لها: والله إن لم تصدقيني ، وإلا دعوت عليك إن كنت كاذبة فيمسخك الله حجراً
فقالت له: إذا كنت كاذبةً
فرفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم يا رب الأولين والآخرين إن كنت تعلم طريقة أن ابنتي هذه كاذبة في قولها فامسخها حجراً ، فمسخها الله حجراً ، ولي أربعون سنة في هذا المكان ، وأنا أتقوت من نبت الأرض وأشرب من هذه الأنهار وأتسلى بالنظر إلى هذه الصنمة إلى أن يحكم الله بالموت
ثم بكى وأنشد يقول

وحق الذي أبكى وأضحك والذي . . . أمات وأحيا والذي خلق الخلقـا
لئن قلت إن الحب قد يقتل الفتى . . . وإن الفتى بعد التفرق لا يبقـى
لقد قلت حقاً واسأل العبرة التـي . . . تسيل وسيل الدمع مني لا يرقـا

فقال الأصمعي: ثم قام ذلك الشاب وتوارى عني بجدار من تلك الجدر ، ونزع المسوح التي كانت عليه ولم يبق عليه إلا ما يواري سوأته فتأملته ، فإذا عيناه تدور في أم رأسه
فقلت في نفسي: هذا أراد أن يطلعني على نحول جسده ثم أقبل علي ، وهو عريان وقال لي : يا فتى إنني قائل ثلاث أبيات ، وكان مني ما كان ، فإذا أنا مت فكفني أنا وإياها في هذه الجبة وادفنا في هذا الجون وضمنا بالتراب واكتب على قبرنا هذه الأبيات

من لم يكن يحسب أن الهوى . . . يقتل ، فلينظر إلى مضجعي
لم يبق لي حـولٌ ولا قـوةٌ . . . إلا خيال الشمس في موضعي
أشكو إلى الرحمن جهد البلا . . . إشارة بالطـرف والإصبـع

الأصمعي: هذا وأنا أنظر إليه وأسمع شعره وأتعجب منه ومن أمر الصنمة
وإذا به وقع على الأرض مستلقياً على قفاه وشهق شهقةً فارقت روحه جسده
فقال الأصمعي: فكفنتهما ودفنتهما في ذلك الجون، وكتبت على قبرهما تلك الأبيات، وتركتهما وانصرفت وأنا متعجب غاية العجب
==================================
كم هو جميل هذا الحب
وكم هو عظيم الوفاء للحبيب


اتمنى تكون عجبتكم ^_^


موضوع مقدم من منتديات ديزاد
منتديات ديزاد باتنة




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©