شرح مفصل طريقة دراسة و تحليل النص الادبي للسنة الثالثة من التعليم الثانوي

أصبح النص الأدبي هاجس التلاميذ ، و بخاصة إذا كان نصا شعريا ، و مرد ذلك كله إلى عدم الاطلاع على طريقة و خطوات تحليل النص شعره و نثره ، و قبل ذلك يجب معرفة الهدف من دراسة النص الأدبي ، و يتلخص في الوقوف على إبداعات الأديب في نصه وما تجلى فيه من جماليات جعلت القارئ ينفعل بها ويتأثر مثلما انفعل بها الأديب من قبل وتأثر ؛ انفعالاً وتأثراً يجعلانه مشدوداً إلى ما في النص من سمات فنية ترقى بالأدب , ومن قيم موضوعية تسمو بالإنسان إلى مراقي التقدم والكمال.

قبل تحليل النص :

ينبغي على التلميذ معرفة :

*- الأديب :
فالأدب يفسر الأديب وحياة الأديب تفسر الأدب فبعض النصوص الخالدة لا نستطيع فهمها إلا بمعرفة قائليها ولا نستطيع أن نعلل بعض الظواهر الأدبية إلا بذلك .

*- المناسبة :
وهي السبب المباشر لإنشاء النص , فالقصيدة كالبركان يعتمل بالتوتر تحت سطح الأرض وساعة انفجاره تأتي متأخرة عن ساعة تكوينه , وهناك فئة من النقاد ترى إبعاد النص عن مناسبته , وعن صاحبه لكي يحلل النص دون النظر إلى الظروف المحيطة به وهذا صحيح ، ولكن المناسبة كالضوء الذي يساعدنا على رؤية ما تحت النص .

*- الزمان والمكان :
فمعرفة الزمان مهمة لمعرفة تطور الأجناس ، والظواهر الأدبية ولمعرفة فضل من تقدم ومزية من تأخر ، ومعرفة المكان تساعد على وصف الظواهر الأدبية وتفسيرها ، فأدب الصحراء يختلف عن أدب المدينة ، وأدب الريف يمتاز عن أدبي المدينة والصحراء ، أو باختصار يجب معرفة العصر الأدبي للنص : جاهلي، إسلامي ، عباسي ، حديث ..

*- قراءة النص :

و هي خطوة غاية في الأهمية ، و لكن يهملها الكثيرون ، إذ نجد التلميذ يكتفي بقراءة سطحية للنص ثم يبدأ في الإجابة عن الأسئلة ، بل إن بعضهم يقرأ السؤال ثم يبحث عن الإجابة ، و الصواب أن يخلص إلى قراءة النص قراءة صحيحة واعية ، فيفهمه و يحس به و يقف على مضمونه .

تحليل النص:

وهنا يتناول الشكل والمضمون كل على حدة , دون أن ينسى أنهما مرتبطان بلا انفصال ، و هذا يحيلنا إلى الحديث عن :

عناصر النص الأدبي :


اللغة : يظهر الرسام عواطفه من خلال اللوحة ، والأديب رسام يرسم بالكلمات واللغة هي المعدن الذي يصهر من خلاله أوانيه،فاللغة إناء يصب فيه سائل هو (المضمون ) والأديب يقدم هذا المشروب أياً كان طعمه من خلال هذا الإناء ، فقد يكون متيناً ، جميلاً ، رديئاً ، قبيحاً .. واللغة هي المفردات والتراكيب .

الأسلوب : و تدرس فيه عدة جوانب : الوضوح: ويقصد به حسن اختيار الكلمات والجمل والأفكار الواضحة والمعبرة عن المعنى بلا تكلف ولا غموض، ومراعاة التلاؤم والتناسب في مطابقة الأسلوب لمستوى إدراك القارئ أو المتلقي .

قوة الأسلوب: ويقصد به فصاحة الكلمات،وجزالة التراكيب،وتماسك الجمل،وترابط العبارات، وصحة القواعد النحوية والصرفية والبلاغية.

جمال الأسلوب: ويقصد به تآلف وانسجام كل عناصر النص الأدبي في نسيج واحد متلاحم ومتماسك،تلمس فيه رقة الألفاظ،وتسلسل الأفكار،وتحس بعذوبة التصوير، ووحدة الموضوع والجو النفسي.

الأفكار :وهي عنصر هام وأساسي من عناصر النص الأدبي، تنبع من نظرة المبدع إلى الحياة والكون، وتفسيره لمظاهر الطبيعة والحياة والإنسان،وتبين أفكار النص اتجاه تفكير المبدع ومدى عمقه. ولابد أن تتسم أفكار النص بالآتي:
أ- الطلاقة: وتعنى كثرة الأفكار وتسلسها وتنوعها ما بين أفكار رئيسة،وأخرى
فرعية.
ب- الأصالة: ونعني بها جدة الأفكار المطروحة ، وطرافتها، وإيجاد علاقات
جديدة تربط بينها.
الجمال: ويعنى به الدقة في اختيار ألفاظ الفكرة، وصياغتها بأسلوب جميل . وموجز

المعاني :والمعاني قوام كل ألوان الأدب،وعماد النص الأدبي،حتى تكاد تكون أهم عناصره،فهي تحمل كل عناصر النص الأدبي المعني على ظهرها،وهنا تظهر ثقافة المبدع،وقراءاته التي يوظفها في نصه، فهو لا يستقي معانيه من أحد، بل إنه كالنهر الذي تص ب فيه روافد متعددة من ثقافات وعلوم وفنون- يختلط بعضها
ببعض- ولا يظهر في النهاية إلا ماء النهر الذي امتزجت فيه الروافد، لتصنع ثقافة جديدة يتميز بها المبدع الذي يعرف كيف تُؤدى المعاني الجميلة الرقيقة، فيلجأ إلى التصريح -إذا اقتضى الأمر ذلك- ويكني ويلمح و يضمن للإيحاء ببعض المعاني مراعياً مقتضى الحال في بلاغته وإبداعه.

الخيال :
يحتل الخيال مكانة متميزة بين عناصر النص الأدبي، فهو ضرورة من ضروراته لإعادة صياغة وبناء الواقع في عالم الأدب،وهو القوة التي تختزل خبرات المبدع وقراءاته وثقافته وموهبته الفطرية،وتأتي خصوبة الخيال على أول قائمة المواهب الفطرية للمبدع، فعن طريقه يقف المبدع على أرض الواقع، ويستلهم منها، ثم يتحرر من سلطان الواقع ويعيد تنظيم الأشياء بإدراك عميق، تتشكل فيه اللغة في أثوابٍ جديدة وتصورات مبتكرة، ثم ينطلق بخياله حراً إلى آفاق واسعة.

الصورة البيانية :
ارتبطت الصورة بالنص الأدبي منذ ولادة الشعر العربي القديم بشبه الجزيرة مادة اللغة العربية،فالصورة قديمة في الأدب العربي قدم الشعر،ويدلنا على ذلك أشعار الجاهليين أمثال امرئ القيس،وعنترة بن شداد .... وقد اتفق القدماء والمحدثون على أهمية الصورة البلاغية في تجسيد ما هو تجريدي، وإعطائه شكلاً حسياً يكون أبلغ من مجرد نقله بصورته الواقعية حيث يقربه من طبيعة النفس الإنسانية في تفهمها للمفردات الكونية، فيؤدي ذلك ما لا تؤديه اللغة العادية في عرض الحقائق مجردة أحيانا .

العاطفة:
يتميز النص الأدبي بأنه مرآة صادقة تعكس ما يجيش بصدر المبدع من مشاعر وأحاسيس، وما يعتمل في ذهنه من انفعالات وأفكار، وما يحسه من عاطفة تسيطر عليه، ويفوح أريجها في كل تعبير أو صورة أو معنى أو لفظة تلمسها عاطفة المبدع، وتمتد إليها يده ليتوج بها نصه.
و لابد وأن يجتهد المبدع للوصول إلى المرحلة التي تتلون ألفاظه وعباراته وصوره بلون عاطفته وتتشكل بشكل دوافع نفسه التي أحسها وعبر عنها بصدق.

الإيقاع الموسيقي:
تصنع الموسيقى المنبعثة من النص أثراً جمالياً يتمثل في توازي الحركات الصوتية والدلالية وحركات المعنى في إيقاع موسيقي جذاب ينبه القارئ ويشد انتباهه ويمتعه بهذا الجمال




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©