الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فقد روى البخاري معلقاً بصيغة التمريض في كتاب كامل الوضوء باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر قال: ويذكر عن جابر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع ، فرمي رجل بسهم فنزفه الدم ، فركع وسجد ، ومضى في صلاته.

الحديث أخرجه أحمد طـ الرسالة 23/51 حديث 14704 مطولاً ولفظه بتمامه :
عن جابر بن عبد الله، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، فأصيبت امرأة من المشركين، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا ، وجاء زوجها وكان غائبا، فحلف أن لا ينتهي حتى يهريق دما في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فخرج يتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا، فقال: " من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه ؟ " فانتدب رجل من المهاجرين، ورجل من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول الله، قال: " فكونوا بفم الشعب "، قال: وكانوا نزلوا إلى شعب من الوادي، فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب، قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل أحب إليك أن أكفيكه ؟ أوله أو آخره ؟ قال: اكفني أوله، فاضطجع المهاجري فنام، وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل، فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم، فرماه بسهم، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، وثبت قائما، ثم رماه بسهم آخر، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، وثبت قائما، ثم عاد له بثالث، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، ثم ركع وسجد، ثم أهب صاحبه، فقال: اجلس فقد أوتيت، فوثب، فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذروا به فهرب، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء، قال: سبحان الله، ألا أهببتني قال: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها، فلما تابع الرمي ركعت فأريتك، وايم الله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني.

وكذلك رواه أحمد في 23/152 حديث 14865 و"أبو داود" 198 و"ابن خزيمة" 36 والدارقطني 1/223- 224، والحاكم 1/156-157، والبيهقي 1/140 و9/150 وغيرهم من طرق عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني صدقة بن يسار ، عن عقيل بن جابر ، فذكره.

وفي هذا الحديث علتان:
الأولى: تفرد محمد بن إسحاق به وهو وإن كان صدوقاً في نفسه إلا أن الأئمة توقفوا في قبول ما تفرد به في أحاديث الأحكام دون المغازي فأمرها أيسر.

فهذا الحديث ومع أنه من أحاديث المغازي إلا أن بعضهم رتب عليه حكماً من الأحكام ألا وهو ترك الوضوء من خروج الدم الكثير فعاد الأمر إلى اعتباره من أحاديث الأحكام والسنن أيضاً.

قال عبد الله بن أحمد، وسأله رجل عن محمد بن إسحاق، فقال: كان أبي يتتبع حديثه وكتبه كثيرًا بالعلو والنزول، ويخرجه في ((المسند)) وما رأيته أنفي حديثه قط، قيل له: يحتج به ؟ قال: لم يكن يحتج به في السنن. ((مادة التاريخ بغداد)) 1/230.

وقال أيوب بن إسحاق بن سافري: سألت أحمد بن حنبل، فقلت: يا أبا عبد الله، ابن إسحاق إذا تفرد بحديث تقبله ؟ قال: لا والله، إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا، قال: وأما علي بن المديني فكان يثني عليه ويقدمه. ((مادة التاريخ بغداد)) 1/230.

وقال عباس بن محمد الدوري: سمعت أحمد بن حنبل، وذكر محمد بن إسحاق، فقال: أما في المغازي وأشباهه فيكتب، وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا، ومد يده وضم أصابعه. ((الجرح والتعديل)) 7/(1087).

وعن محمد بن هارون الفلاس المخرمي قال سألت يحيى بن معين عن محمد بن إسحاق فقال ما أحب ان احتج به في الفرائض. (الجرح والتعديل) 7/193.

الثانية: عقيل بن جابر مجهول لم يرو عنه من الثقات إلا صدقة بن يسار*.

وللحديث شاهد عند البيهقي في دلائل النبوة 3/378:
وفي سنده الواقدي وهو متروك الحديث فلا عبرة به.

ومن كان عنده فائدة متصلة فلا يبخل بها.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©