[مقتطف] ينبغي إكرام العالم لا إهانته (الخطيب البغدادي)
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا مقتطف من كتاب كامل (آداب الراوي والسامع للخطيب البغدادي) فيه الإشارة إلي إكرام المشايخ وعدم إهانتهم
قال رحمه الله:
باب إعزاز المحدث نفسه وترفعه عن مضيه إلى منزل من يريد السماع منه:
حدثني أبو الحسن مكي بن إبراهيم الشيرازي ، أنا عبد الرحمن بن عمر المصري ، أنا أحمد بن سلمة بن الضحاك ، نا محمد بن ميمون بن كامل الزيات ، نا يحيى بن عبد الله بن بكير ، نا مالك بن أنس ، قال : سمعت الزهري ، يقول : « هوان بالعلم ، وذلة أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم »
أنا أبو نصر منصور بن الحسن بن محمد بن أحمد المفسر إملاء بنيسابور قال : سمعت أبا الطيب محمد بن أحمد بن حمدون يقول : سمعت مسددا ، يعني ابن قطن يقول : سمعت أبي يقول : « كنت عند سليمان بن حرب إذ أقبل طاهر بن عبدالله بن طاهر والمطرقة بين يديه ، فلما جلس أقبل عليه سليمان فقبض على لحيته ، فقال : سبحان الله يستخف بشيخ مثلي قال : وما ذاك يا أبا أيوب ؟ قال : » بعثت إلي أن تعال فحدثني ، العالم يأتي أو يؤتى ؟ قال : « لا أعود يا أبا أيوب ، قال : لا تعودن لشيء من هذا ، إن أردت الحديث فهذا مجلسي »
أنا أبو بكر البرقاني ، أنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أنا عبد الله بن محمد بن سيار ، قال : سمعت ابن عرعرة ، يقول : « كان طاهر بن عبد الله ببغداد ، فطمع في أن يسمع من أبي عبيد ، وطمع أن يأتيه في منزله فلم يفعل أبو عبيد حتى كان هذا يأتيه ، فقدم علي بن المديني وعباس العنبري ، فأرادا أن يسمعا غريب الحديث ، فكان يحمل كل يوم كتاب كامله ويأتيهما في منزلهما فيحدثهما فيه » قال أبو بكر : إنما امتنع أبو عبيد من المضي إلى منزل طاهر توقيرا للعلم ، ومضى إلى منزل ابن المديني ، وعباس تواضعا وتدينا ، ولا وكف عليه في ذلك ، إذ كانا من أهل الفضل والمنزلة العالية في العلم ، وقد فعل سفيان الثوري مع إبراهيم بن أدهم مثل هذا
أنا محمد بن عبد الله بن أبان الهيتي ، نا رضوان بن أحمد بن غزوان الرقي ، قال : قال لي ليث بن يونس : حدثني يوسف ، يعني ابن موسى المروروذي نا ابن خبيق ، نا عبد الله بن عبد الرحمن ، قال : « بعث إبراهيم بن أدهم إلى سفيان يجيء يحدثه ، فقيل لإبراهيم : » تبعث إليه حتى يحدثك ؟ قال : « أردت أن أعلم تواضعه ، قال : فجاء فحدثه »
حدثني أبو القاسم الأزهري ، أنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، نا مرزوق بن أحمد السقطي ، قال : حدثني محمد بن محمد الباغندي ، قال : سمعت عثمان بن أبي شيبة ، يقول : « لا تذهب الأيام والليالي حتى يجيء المحدث يدق أبواب الناس يقول : » تريدون محدثا يحدثكم ؟ فيقولون له : لا «
أنا عبد الله بن علي بن حمويه الهمذاني ، بها ، أنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي ، قال : أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه ، ثم أنشدني أبو سعد الحسين بن عثمان الشيرازي قال : أنشدنا علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه :
يقولون لي فيك انقباض وإنما # رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم # ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما # بدا مطمع صيرته لي سلما
إذا قيل هذا منهل (1) قلت قد أرى # ولكن نفس الحر تحتمل الظما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي (2) # لأخدم من لاقيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة # إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم # ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أذلوه فهان ودنسوا # محياه بالأطماع حتى تجهما
__________
(1) المَنْهل من المياه : كُلُّ ما يَطَؤه الطريق، وما كان على غير الطَّريق لا يُدْعَى مَنْهَلا، فيُقال : مَنْهَل بَني فُلان : أي مَشْرَبُهم ومَوْضع نَهَلهم.
(2) المهجة : الروح
المصدر: المكتبة الشاملة
https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.n...93518507_n.png
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©