المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اميرة لؤلؤة وملك الغابة



walid
01-03-2014, بتوقيت غرينيتش 07:50 PM
كان يا ما كان في سالف العصروالزمان مملكة سعيدة يحكمها ملك عادل كان له من الأولاد أربعة صبيان وفتاة واحدةوكانت هذه الفتاة هي الأقرب إلى قلب والدها الملك.كان اسم الأميرة الصغيرة لؤلؤةكانت تتصف بالعناد وهي الصفة الوحيدة التي تمنى والدها أن تتخلص منها أميرته ولاتكبر معها،خصوصا أن العناد صفة تؤدي دائما بصاحبها إلى أمور غير محمودة عقباها.


إلا أن الأميرة لؤلؤة لصغر سنها لم تكن تتخيل بان أي مكروه سيلحق بها طالماهي في كنف ملك البلاد الذي يملك قوة ملك الغابة الذي سمعت عنه بالقصص التي ترويهالها مربيتها قبل النوم..

الأميرة لؤلؤة عرفت عن ملك الغابة انه يجلس بعرينهولا يتحرك منه إلا إذا سمع نجدة من حيوان ضعيف من وحوش الغابة ،هكذا تصورت الأميرةالصغيرة ملك الغابة ..

ظنت انه كوالدها ملك البلاد فلطالما استغاث بهالضعفاء من أبناء شعبه لحمايتهم ونصرتهم .

وفي يوم من أيام المملكة السعيدةأعلن الملك عن بدء الاحتفال السنوي الذي يقام في كل عام إيذانا ببدء رحلة الصيدالسنوية التي يقوم بها الملك وأبناؤه الصبيان و خيرة الصيادين في المملكة.

احتفال هذا العام مختلف أيضا لان اصغر أبناء الملك من الصبيان الأمير مرجانسينضم للرحلة أول مرة خاصة وانه بلغ من العمر عشرة أعوام.

كان الأمير مرجانهو أكثر الإخوة المقربين لقلب أخته الصغيرة لؤلؤة .

في صباح اليوم التاليمن الاحتفال الكبير الذي زين أرجاء البلاد بالسعادة بدأ الملك وحاشيته من الأمراءوالوزراء والصيادين والجنود التأهب للرحلة.

في هذه الأثناء كانت الأميرةلؤلؤة تلتصق برداء والدها الملك وتترجاه باكية ان يصطحبها معه خاصة وان أخيها مرجانسيرافقهم في هذه الرحلة.

ابتسم الملك ضاحكا وقُبلها على جبينها قائلا : أعدكبان اصطاد لك أنا ومرجان غزالا صغيرا يكون صديقا جديدا لك.

وافهمها بان رحلةالصيد تقتصر على الرجال دون النساء لما فيها من خشونة ومشقة وتعب .

اصطحبتهاالمربية التحضيرية برفق بأمر من الملك إلى داخل القصر و ظلت الأميرة تبكي متشبثة بذيل رداءوالدها الملك إلا أن أصابعها الطرية لم تقوى على التمسك بالثوب لفترات طويلة.

ومضى الركب برحلته …..

ظلت الأميرة الصغيرة تبكي و تبكي..مما أثارحنق والدتها عليها و أمرت المربية التحضيرية على الفور أن تذهب بها إلى غرفتها عقابا لها علىعنادها وعدم انصياعها للأوامر..

ظلت الأميرة بغرفتها وحيدة تتنهد وتراقبموكب الملك وهو يمضي من نافذة غرفتها..

فجأة توقفت الأميرة لؤلؤة عن البكاءوطرأت على بالها فكرة بان تلحق بالموكب خاصة وأنهم لم يبتعدوا كثيرا، بان تقتفيآثار حوافر الخيول التي تجر عربة الملك وخيول الحاشية.

وبالفعل استطاعت أنتتسلل من غرفتها دون أن تلحظها والدتها الملكة أو مربيتها أو احد من الخدم إلىإسطبل الخيول واستطاعت أن تمتطي فرسها لؤلؤ وتتسلل خارج أسوار القصر دون أن يلحظهااحد من الحراسلا ن البوابات ما زالت مفتوحة.

مضت الأميرة لؤلؤةعلى ظهر فرسها مقتفية آثار الحوافر التي كانت واضحة وضوح الشمس البازغة في سماءالبلاد.. وظلت تسير متتبعة الآثار إلى أن اعتراها التعب الشديد من حرارة الجوفجذبها صوت خرير المياه النابعة من النهر المنساب على مدخل الغابة فنزلت من على ظهرجوادها وشربت بكفيها الصغيرين ما روى عطشها وغسلت وجهها الصغير بماء النهر الباردلتهُمد الاحمرار الذي علا خديها الناعمين …

استلقت تحت ظلال شجرة كبيرة وعلىنغمات زقزقة العصافير وتضارب أوراق الشجر ونسمات الهواء الباردة الممتزجة برائحةالورود و الأعشاب العطرية راحت الأميرة في سبات عميق مستسلمة للنوم غافلة عن مهمتهاباللحاق بآثار حوافر خيول موكب الملك حتى لا تضل الطريق …

فتحت الأميرةالصغيرة عيناها على السماء الزرقاء فلم تجدها ، لقد وجدت بساطا اسودا كبير يزدانبالنجوم اللامعة المتلألئة كتلألؤ دموعها التي راحت تنهمر من عينيها من شدة خوفهامن سكون المكان وظلمته..

بدأت تشعر بالبرد الشديد.

و تتساءل عن سببوجودها في هدا المكان الموحش وحيدة ؟لم يخفف من انقباض قلبها الصغير سوىوجود فرسها لؤلؤ بالقرب منهاظلت تبكي إلى أن اغرورقت عيناها بالدموعفأثقلت جفنيها الصغيرين واستسلمت للنوم مرة أخرى تحت حوافر لؤلؤ ….

نسجتالسماء خيوط الصباح الأولى ، وداعبت أشعة الشمس وجنات وجهها.

استيقظتالأميرة الصغيرة وألقت تحية الصباح على جوادها لؤلؤ وامتطته عازمة على تتبع حوافرخيول الموكب الملكي الماضي في رحلة الصيد..

انقطع خط سير الموكب واختفى لانهناك العديد من الحيوانات التي مرت وطبعت أثارها فوق الحوافر.

في هذهاللحظة دب الرعب من جديد بقلب الأميرة الصغيرة...

لم تجد أي طريقة سوىالصياح بعلو صوتها وراحت تنادي على والدها ومرجان وبقية إخوتها … أبي ......مرجانفي هذه الأثناء كان موكب الملك لا يبعد عن مكان الأميرة الصغيرة سوى بضعةأمتار لان الملك والحاشية كانوا يأخذون قسطا من الراحة عند ضفاف النهر وكان الأميرمرجان يجلس على حواف ضفته فجأة سمع صوت مرتجف ضعيف متقطع ينادي مرجان ! ! !

نهض من مكانه وراح يسترق السمع جيدا فسمع الصوت مرة أخرى ركض باتجاه والدهالملك أبي أبي لقد سمعت صوت لؤلؤة تناديني ، ضحك الملك وكل افراد الحاشية على مرجان، ربت الملك على كتف صغيره مرجان وقال له : ياعزيزي انا اعلم انك مشتاق للؤلؤة ولكنهل يعقل ان تصل لؤلؤة للمكان وأوضح له أنهم بالغابة وانهم بعيدون عن القصر كثيراولؤلؤة الصغيرة لا تتعدى تحركاتها غرف القصر وان طالت رحلتها تكون قد وصلت إلىالإسطبل لتطمئن على فرسها لؤلؤ .

اقتنع مرجان بكلام والده ورجع إلى ضفةالنهر حيث كان يجلس ..

ولكن الصوت كان صوت الأميرة لؤلؤة..... كم هي مسكينةلؤلؤة...

خاب رجاؤها و ضعف صوتها ولم يسمعها احد ظلت تنادي إلى أن استجابلندائها على غير ما كانت تتمنى دب ضخم كبير.

بدأ الجواد لؤلؤ يتراجع إلىالوراء و تعثر بحجرة أسقطت الأميرة الصغيرة من على ظهره فمد الدب يده ليلتقط جسدهاالصغير بمخالبه.....

انقض الجواد لؤلؤ بكل بسالة على الدب حتى يشغله عنالتقاط أميرته فغرس الدب أنيابه الحادة بظهر ه محدثا جروحا عميقة بها.

إلاأن الجواد استبسل بالدفاع عن اميرته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة ولكن بعد أن أرغم الدبعلى التراجع.

ومات الجواد لؤلؤ أمام أعين الأميرة وسط حالة من الهلع اعترتالأميرة الصغيرة بفقدانها لجوادها .

تساءلت الأميرة لؤلؤة عن مكان وجود ملكالغابة؟ وصارت تركض تبحث كامل عن بيت ملك الغابة حتى يحميها من الوحوش المفترسة ويرجعهاإلى بيتها استمرت بالركض بحث كاملا عن بيت ملك الغابة ثلاثة أيام حتى انهار جسدها الصغيرمن التعب وسقطت على الأرض بعد ان خارت قواها وتجمعت حولها الغزلان والأرانبوالسناجب تبكي على حالها .

وفجأة انفضت الحيوانات من حولها ما ان صدر صوتزئير ضخم ابتسمت الصغيرة ونهضت لأنها عرفت ان هذا صوت ملك الغابة تقدم نحوها الملكالضخم ..

انحنت أمامه تحية وإجلالا لمكانتهوقالت له :" أين أنتأيها الملك لقد بحث كاملت عنك كثيراتعجب ( الأسد ) ملك الغابة وقال لها بحث كاملتيعني انا ؟لماذا أيتها الصغيرة ؟راحت تسرد له حكايتها وشرح كيف أن الدب المفترس قتلجوادها لؤلؤ وكاد ان يلتهمها .

اقترب منها الأسد ( ملك الغابة ) وقال لهاأن الدب كان غبيا وأحمقاقاطعته الأميرة الصغيرة : لقد كان شريرا أيها الملكلابد ان يلقى العقابرد عليها ملك الغابة : فعلا كان شريرا لأنه أراد أنيلتهم فريستي دون اذنيوكشر عن أنيابه لينقض عليها ويفترسهاصعقتالاميرة وصارت تصرخ مسكها بمخالبه ، انهارت الأميرة و شعرت بوخز انيابه في كتفها ....

وصاحت : لا لا لا اريد ان أموتنهضت من نومها تنصبب عرقا وإذهي تجد نفسها في غرفتها الجميلة وعلى سريرها الدائري حولها الملك ولكن ليس ملكالغابة!! وإنما والدها ملك البلاد ووالدتها وإخوتها ومن بينهم مرجان ومربيتها وكافةالحاشية يصطفون حولها ...

وصفق الجميع فرحين باستفاقة الأميرة لؤلؤة مننومها الطويل ..

احتضنتها والدتها وهي تبكي ....

حاولت الأميرةالصغيرة النهوض ولكنها لم تقوى ..

التفتت نحو والدها وسألته من أنقذني منأنياب ملك الغابة ؟؟؟ تعجب الملك ونظر إلى الأطباء اخبره احدهم انه تأثير الحمى يامولاي .

نظرت إلى كتفها الصغير ووجدته متورم واحمر وقالت لامها هل ترينأنها آثار أنياب الأسد التي انغرست بكتفي ...

اقترب منها الملك وقبلها وقاللها أنها الإبرة يا عزيزتي أي أسد هذا الذي يجرؤ على إيذاء حبيبتي الصغيرة .

لم تفهم الأميرة لؤلؤة شيئا ونظرت إلى أخيها مرجان لعله يشرح لها ما يدورحولها ....

اقترب مرجان مبتسما وبيده يمسك الغزال الصغير الذي اصطاده معوالده الملك أثناء رحلتهما وقال لها هدا صديقنا الجديد جاء ليطمئن على حالك .

وقال لها : لقد وقعت فريسة للحمى بنفس اليوم الذي خرجنا فيه للرحلة و اشتدعليك المرض واستمر معك أسابيع عندها قررت أمنا الملكة إبلاغنا بحالتك الصحية وعلىالفور قرر ملك البلاد قطع الرحلة لعيون لؤلؤته الصغيرة لقد كان خائفا عليك .. وفيطريق عودتنا وجدنا غزالا صغيرا اصطاده الملك ليهديك إياه ، وضعناه بالإسطبل ليناممع لؤلؤ جوادكفرحت الأميرة بوجود لؤلؤ و أيقنت أنها عاشت كابوسا طويلاومرهقا أثقل رأسها الصغير..............

أطلبت من والدها أن يحملها إلىالإسطبل لتطمئن على صديقها الوفي لؤلؤ ..

قالت الأميرة لؤلؤة وهي بين ذراعيوالدها لن اعصي لك أمرا ولن أعاندك ابدآ..

وهنا ضحك الملك ضحكة كبيرة ملأتالمكان وحمد الله كثيرا على سلامة ابنته الحبيبة والفرحة عمت المكان ..

وأمرالملك بإقامة احتفال كبير بمناسبة شفاء أميرته الصغيرة لؤلؤة ….

هبطت عشرُ إوزات بيضاء في بحيرة ماء صغيرة صافية تقع في قلب غابة جميلة من أشجار الأرْز والصنوبر والبلّوط، فقررن البقاء حتى نهاية الصيف فالمكان جميل وهادئ والطعام متوفر في مياه البحيرة وعلى شواطئها وبين الأشجار، لكنّ الإوزة (زيزي) كانت كثيرة الشكوى والتبرُّم فهي تؤكد أنها لم تشبع يوماً واحداً مع أنها كانت كما تزعم قد بحث كاملت عن الطعام بجدّ في كل مكان لكنها في الحقيقة كانت تمضي معظم ساعات النهار نائمة قربَ الشاطئ، وقد أخفت رجلها اليسرى في ريش بطنها، حالمةً بوجبة من القواقع والديدان والضفادع الصغيرة. في صباح أحد الأيام استيقظت الإوزّات مذعوراتٍ على هدير حافلة تخترق الغابة، وتتقدم نحو البحيرة متمايلةً على الطريق الترابي وقد أطلّت من النوافذ وجوهٌ صغيرة باسمة، أسرعت الإوزات بالهرب والاختباء واضطرت إحداهن للعودة بسرعة وجرّ زيزي الكسولة نحو أشجار الغابة، توقّفت الحافلة قرب الشاطئ ونزل منها بسرعة ثلاثون طفلاً انتشروا هنا وهناك يركضون ويصرخون ويقفزون، ثمّ صمتوا حين نزل المعلّم المشرف وأمرهم بالهدوء والاصطفاف أمامه، راح يوزّع عليهم مهام إقامة المعسكر الصغير، وسرعان ما ارتفعت الأعمدة وانتصبت الخيام ودُقّتْ الأوتادُ وشُدّت الحبال ثم رفرفتْ الأعلام.

وبعد استراحة قصيرة عقد المتعلمين الصغار حلقات الغناء والرقص ثم تناولوا طعامهم واستراحوا في الخيام وبين ظلال الأشجار، تسلّلت زيزي مستطلعة وكم كانت فرحتها كبيرة حين لمحت بقايا تفاحة، فانقضّت عليها وابتلعتها دُفعة واحدة وأتبعتها بقطعة خبز وحين انتصف النهار كان بطن زيزي قد امتلأ تماماً.
في اليوم التالي قررت الإوزات مغادرة المكان والبحث كامل عن مكان أكثر هدوءاً وأماناً لكنّ زيزي رفضت الفكرة فهي تريد البقاء بعد أن ملّت من الطيران والبحث كامل بمشقة عن الطعام ورفضت بعناد كلّ النصائح التي قدّمتها صديقاتها وبعد أن يئسن من إقناعها اندفعن إلى الفضاء بأجنحتهن التي لمعت كالأشرعة الصغيرة في أشعة الشمس وطُفن دورة كاملة حول البحيرة، ثم اندفعن يمخُرْن الفضاء الواسع نحو الجنوب..

بقيت زيزي وحيدةً، شعرت بالحزن قليلاً وسُرعان ما نسيت وراحت تبحث كامل عن بقايا الطعام حول الخيام وتجرأت مرّة ودخلتْ خيمة مليئة بالخبز والخضار والفواكه فأخذت تنقر من هذا الطعام وذاك بنهم وسرعة، ولم تتوقف إلاّ حين سمعت صُراخ المتعلمين الصغار وقد أحاطوا بها من كل جانب وهم يصرخون بفرح إوزّة.. إوزّة... حاولت الهرب وزعقت وفتحت منقارها ورفرفت بأجنحتها، لكنها وجدت نفسها أخيراً قد رُبطت بمَرَسة إلى جذع شجرة وهدأ ضجيجها تماماً حين انهال عليها الطعام اللذيذ من أيدي المتعلمين الصغار كما قدموا إليها صحناً مليئاً بالماء العذب فكادت ترقص من الفرح واكتشفت زيزي أنّ الطعام يزداد كلّما قفزت وصفقت بجناحيها ورقصت فيضحكُ المتعلمين الصغار ويزداد سخاؤهم... قالت زيزي في نفسها: (هذه هي الحياة حقاً.. نومٌ وراحةٌ وطعام لذيذ دون جهد أو تعب... اللعنةُ على الضفادع والديدان والقواقع وطعمها الكريه).

تتالت الأيام سهلةً سعيدةً على زيزي وقد امتلأت لحماً وشحماً... ولكنْ في عصر أحد الأيام لمحَتْ زيزي المتعلمين الصغارَ وهم يحزمون أمتعتهم ويقوّضون خيامَهم ثم اقترب منها طفل وأطلق سراحها... لم تفهم زيزي ما يجري ولكن حين أنشد المتعلمين الصغار أغنية الوداع وركبوا الحافلة ثم لوّحوا لها بأيديهم أدركتْ أنهم راحلون.. تحرّكتْ الحافلةُ وزيزي مذهولةٌ لا تصدّق ما يجري فركضَتْ خلفَ الحافلة وهي تصرخ كواك... كواك... كواك... ولكنّ الحافلة واصلت سيرها حتى الطريق المعبّد ثم اختفت في منعطف جبلي بعيد... وقفت زيزي تنتظر ساعاتٍ حتى خيم الظلام... وكانت تقول لنفسها.. سيعودون... سيعودون حتماً... إنهم أصدقائي لن يتركوني هكذا بلا طعام...

ونامت تلك الليلةَ قربَ الطريق تحلم بعودة المتعلمين الصغار حاملين إليها صحوناً مليئة بالبسكويت والفستق والشوكولا... لكنها استيقظتْ عند الفجر على نسمات باردة أرعشت قلبها فجرّت جسدها السمينَ نحو البحيرة، بدا لها المكان موحشاً وعند الظهيرة قرص شامل الجوع بطنها فأخذت تبحث كامل عما خلّفه المتعلمين الصغار فلم تعثر على شيء لأن العصافير والنملات النشيطات قد نظَّفت المكان تماماً، فدفعها الجوع أخيراً لمطاردة الضفادع والبحث كامل عن الديدان والقواقع وبعد جهد كبير عثرت على قوقعة اختبأ فيها حلزون مسكين فابتلعتها بصعوبة وقرف وشعرت كأنّ حجراً كبيراً يرقدُ في بطنها، وهكذا نامت زيزي تلك الليلة وحيدة جائعة، وأيقظَها فجأةً في الصباحِ هديرُ محرك سيارة قادمة من بعيد، فركضت زيزي فرحةً نحو الطريق وهي تصرخ كواك... كواك... ولكنها تجمّدتْ فجأة حينَ لمحتْ سيّارة صغيرة قادمة نحوها... توقفت السيارةُ وامتدتْ من نافذتها فُوّهة بندقية ثم أومض برقٌ وأعقبه دويٌّ مفزع، انخلعَ قلب زيزي من الرعب حين رأت ريشات تتطاير من جناحها الأيسر وأحسّت بسائل ساخن يقطر منه فاندفعت تقفزة بكل قوتِها نحو الغابة وهي تصرخ مذعورة... زيزي تركض ورصاص الصيادين يلاحقها... حاولَتْ الطيرانَ لكنّ جناحها المحطّم فَقَدَ القدرة على الحركة، وأخيراً توقفت يائسة لاهثة خلف إحدى الأشجار والرصاصُ يحاصرها... نظرت بلهفة إلى السماء فشاهدت سرباً من الإوز يعبرُ الفضاء بحريّة وشموخ فتمنّتْ زيزي من أعماقها أن تكون طائرة معه تعانق بجناحيها أجنحة الرياح.



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى