المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلامة سعيد رمضان البوطي



walid
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 03:32 PM
محمد سعيد رمضان البوطي: سيرة عالم في مساندة ظالم!



http://ahrarpress.com/Uploadedimage/originalImg/30_03_13_06_24_405_270_013641926812649.jpg
محمد سعيد رمضان البوطي


السبت*30 مارس 2014 06:25 م
أحرار برس
لا يشكل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي لقي حتفه فيما قيل أنه تفجير انتحاري استهدف درسه الديني في مسجد الإيمان بدمشق مساء الخميس الحادي والعشرين من آذار/مارس الجاري، ظاهرة جديدة في علاقة بعض علماء الدين بالسلطة، ولا هو نموذج مقترح جديد لما اصطلح على تسميته في المادة التاريخ الإسلامي بـ (شيوخ السلاطين)... فقد قال سعيد بن المسيب قبل قرون: (إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه) لكن ما هو جديد حقاً هو هذا النمط الإجرامي غير المسبوق من (السلاطين) الذين استطاعوا من خلال اجتذاب علامة كبير للوقوف بجانب جرائمهم طيلة عامين من عمر الثورة السورية، أن يُـفقدوا الشيخ جلَّ جمهوره الغفير الذي كانت تغص به دروس مفصلةه الدينية، والكثير من مظاهر احترامه لدى علماء الدين في مناطق عدة من العالم الإسلامي.. فيما تم إحراق كتبه في مدينة دير الزور في جمعة (أحفاد خالد) بمادة التاريخ 22/7/2014 كنوع من التعبير العميق عن الاحتجاج لمواقفه المعادية لثورة شعب خرج يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر!

لقد كانت الموبقات (المصورة) التي يرتكبها نظام الأسد، والتي ترقى في أبسط قواعد الشرع الإسلامي إلى جرائم كبرى تصل إلى حد الشرك بالله، تحتاج لألف شيخ من (شيوخ السلاطين) كي يغسل عارها، بدءاً من صور إجبار المواطنين على السجود لصورة بشار الأسد، وليس انتهاء بالقصف الصريح لبيوت الله وتمزيق المصاحف وتدنيسها، وتهديم مآذن عمرها عشرات السنين هي منارات لذكر الله بقذائف ومدافع ودبابات، في وقت لم يكن هناك من شك أن ما يسمى بـ (المعارضة المسلحة) لم تكن تملك أيا منها في السنة الأولى من عمر الثورة... لكن الشيخ البوطي تجرأ على تبريرها، و(اجتهد) في التهرب من إدانتها... ناهيك عن الجريمة الأعظم ألا وهي قتل النساء والأطفال، والتميثل بجثث آلاف الأبرياء في عشرات الفيديوهات المصورة، التي ثبتت صحة نسبتها لعناصر جيش الأسد، وهي الجريمة التي قال فيها الرسول الكريم في الحديث الشريف: (لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرء مسلم).. لكن الشيخ البوطي اعتبر أن هؤلاء الذين يقتلون ويخرجون من الجوامع للتظاهر ليسوا مسلمين، وقال بأن: " جباههم لا تعرف السجود"، كما أفتى لاحقا بأن كل من يقتل من المتظاهرين مصيره النار!

إلا أن أكثر التصريحات الصادرة عن الشيخ البوطي إثارة للجدل في تسجيل مصور من منبر الجامع الأموي، هو تشبيهه من يقاتل دفاعا عن نظام الأسد بأصحاب رسول الله، داعيا لهم أن يؤيدهم الله بالتوفيق والسداد، قائلا: "والله لا يفصل بين هؤلاء الأبطال ومرتبة أصحاب رسول الله إلا أن يتقوا حق الله في أنفسهم". وهو تصريح يذكر بتصريح شهير صدر عنه عقب مقتل باسل الأسد ابن الديكتاتور حافظ الأسد في حادث سير عام 1994 حيث قال بصوت متهدج: "إنني أراه من هنا في الجنة جنباً إلى جنب مع الصديقين والأنبياء" وقد عُرف عمن رآه الشيخ البوطي إلى جانب الصديقيين والنبيين أنه أمر بسجن فارس دمشق عدنان قصار لأن فرسه سبقت فرسه ومازال مسجوناً حتى مادة التاريخ كتاب كاملة هذه السطور!
وُلد محمد سعيد رمضان البوطي الذي ينتمي لأصول كردية في قرية "جليكا" التابعة لجزيرة ابن عمر المعروفة بجزيرة بوطان عام 1929، والتي تقع على ضفاف نهر دجلة عند نقطة التلاقي بين حدود سوريا والعراق وتركيا. هاجر مع والده ملا رمضان البوطي إلى دمشق في عام 1933، وكان عمره آنذاك أربع سنوات، ليلتحق بعدها بمدرسة من التعليم الابتدائية في منطقة سوق ساروجة. لم يتم سن الثالثة عشرة من العمر حتى فجع بوفاة والدته، فتزوج والده من امرأة من أسرة تركية، فألمّ باللغة التركية بالإضافة إلى اللغة الكردية ومادة اللغة العربية. وبعد انقضاء المرحلة المن التعليم الابتدائية التحق بجامع منجك عند الشيخ حسن حبنكة الميداني. وفي تلك الفترة ارتقى منبر الخطابة ولم يكن قد تجاوز بعد 17 من عمره.

ورغم أن أستاذه العالم الدمشقي الجليل حسن حنبكة الميداني الذي كانت له أياد بيضاء على التعليم الديني بالشام، اشتهر بمعارضته لدستور حافظ الأسد الذي فصله على مقاسه وأقر بالقوة عام 1972 وتذكر المصادر مراجعته للأسد الأب في مناقشات جريئة... إلا أن أتباع البوطي استشهدوا بأن أستاذه منع من أرادوا أن يتظاهروا انطلاقاً من جامعه، وأنه عندما أتت المخابرات لاعتقاله رفض أن تطلق رصاصة ضدهم، وهو ما رده عليه علماء دين عاشوا تلك المرحلة بتفاصيلها ومنهم الشيخ أبو الهدى اليعقوبي الذي كتب في مقال (إلى أي منهج ينتسب البوطي) يوضح سر هذا الموقف في سبيين:
(السبب الأول أنه كان وضع منهاجا للتحرك وهذا ما يفعله السياسي المحنك، وكذلك كان الشيخ حسن رحمه الله، يبدأ بتقديم الطلبات ثم بالمفاوضات وخلال ذلك يقدم أوراق الضغط الواحدة تلو الأخرى ولا ينتقل إلى وسيلة إلا بعد استنفاذ التي قبلها. والسبب الثاني: أن الشيخ لم يكن يريد تحركا تقوده الجماهير وإنما تحركا يقوده العلماء، وهذا ما سعينا إليه، فهو لا يريد أن يقاد وإنما أن يقود. وكان العلامة البوطي أمل الأمة في قيادة هذه الثورة، وتجنيب الناس هذه المعاناة. واللبيب هو الذي ينظر في أحوال الناس فإذا رأى الاستعداد تحفز للثورة، والشيخ لم ير الاستعداد في ذلك الوقت، ولكن الناس اليوم على أتم الاستعداد لنصرة الدين وتحرير البلاد من الطواغيت، وهم ينادون: على الجنة رايحين شهداء بالملايين). (1)

عام 1954 استكمل البوطي دراسته الجامعية في الأزهر. بعد أن أتمّ دراسته في معهد التوجيه الإسلامي عند الشيخ حسن حبنكة. عاد بعدها لدمشق حاملاً الإجازة في الالشريعة الاسلامية من كلية الالشريعة الاسلامية بالأزهر عام 1955. ثم حصل على دبلوم التربية من كلية اللغة مادة اللغة العربية في الأزهر عام 1956 ثم على الدكتوراه في أصول الالشريعة الاسلامية الإسلامية بالأزهر عام 1956 وعام 1960 عين مُعيداً في كلية الالشريعة الاسلامية بجامعة دمشق، ثم مدرساً في كلية الالشريعة الاسلامية بجامعة دمشق بعد حصوله على الدكتوراه، ثم وكيلاً لها، ثم عميداً لها. بخلاف علاقته المميزة مع حافظ الأسد الذي شبهه ذات مرة بعمر بن الخطاب، بدت علاقة البوطي بابنه بشار مضطربة، وقبل اندلاع الثورة بسنتين، سمح نظام بشار الأسد بالتطاول على البوطي وتسفيهه وشتمه في الصحف الرسمية على خلفية انتقاده لمسلسل (ما ملكت أيمانكم) للمخرج نجدت أنزور، الذي رأى فيه تشويها للحركة الدينية النسائية في دمشق، وقد طالب البوطي بوقف المسلسل مهددا بما أسماه (عقاب رباني)، لكنّ القائمين على وزارة الإعلام رفضوا مطلبه رافعين الشعار الذي طالما داسوه تحت أرجلهم: حرية الإعلام!آخر تصريح مؤيد أدلى به البوطي كان في 16 مارس (آذار) أي قبيل خمسة أيام من مقتله، إذ وصف الثورة السورية بـ (الحرب العالمية التي يستخدم لها إخوة، بل تستخدم لها أقاليم من شتى الأطراف، ويستخدم لها جيوش من الأخلاط والأمشاج المرتزقة الذين صنعتهم أميركا والذين يسمون (القاعدة) وذيولها، ويستقدم لها أطنان الأسلحة وتقذف من شتى الأنحاء إلى سوريا التي وصفها رسول الله بأنها قلب داخل الشام).

لف الغموض حادث مقتل البوطي مع عشرات ممن قيل إنهم (حضور درسه الديني) في مسجد الإيمان بدمشق، وفيما نفى الجيش الحر وجبهة النصرة وكافة قوى الثورة استهدافه، واستنكر رئيس الائتلاف الوطني أحمد معاذ الخطيب مقتله، فإن نظام الأسد اتهم من أسماهم (القوى الظلامية) بمقتله.. وقد شُيّع جثمان البوطي يوم السبت 23 مارس 2014 من منزله في دمشق، وصُلّي عليه في المسجد الأموي، ثم دُفن بجانب قبر صلاح الدين الأيوبي المحاذي لقلعة دمشق قُرب المسجد الأموي. بحضور نجله والمفتي أحمد بدر حسون وممثلين عن إيران وحزب الله، وغياب بشار الأسد عن التشييع والصلاة!

أربعة وثمانون عاماً عاشها البوطي، أنتج خلالها أكثر من ستين كتاب كاملاً، وشارك في عشرات المؤتمرات الإسلامية باعبتاره مرجعاً من مراجع العالم الإسلامي، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في دورتها الثامنة عام 1425 هـ ليكون "شخصية العالم الإسلامي" إلا أن معاداته لثورة شعب كان يعرف جيداً تحت أي ظرف أمني واستبدادي يعيش، وكان يدرك بلا شك أن ما أخرجه هو الظلم... جعلته يجسد صورة مفتي السلطان الأكثر ضراوة واستفزازاً لمشاعر الناس، من المفتي حسون المعيّن رسمياً، الذي يعرف الكثير من السوريين فساده وجهله الفاضح بالدين.. ولهذا هجاه الكثير من رجال الدين حتى بعد وفاته.. فكتب الشيخ محمد بن صالح المنجد مجموعة تغريدات على تويتر، تحت عنوان: (مقتل البوطي: عِبر وعظات) أكد فيها بداية أنه لا يجوز التفجير في المساجد وفيه عامة المسلمين للتوصل إلى قتل مجرم مهما كان إجرامه؛ لكنه أشار إلى أشهر تجاوزات البوطي بالقول:
(تولي الظالمين إجرام ويصل إلى الكفر (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، مظاهرة المجرمين حرام، وتكون مظاهرتهم بأشكال المعاونة من الانضمام إليهم وتقوية موقفهم والإفتاء لهم وتصحيح نمذجي مفصل مسلكهم والحث على الالتحاق بهم ومن أشنعها القتال معهم. ومن أسوأ الناس من أضله الله على علم (آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) يستعملون ماعندهم من العلم في الشرّ. وقد طعن في إسلام المجاهدين المظلومين الذين هبّوا يدافعون عن دينهم وقال عن المتظاهرين المسلمين : تأملت في معظمهم ووجدت أنهم لا يعرفون شيئاً اسمه صلاة ، والقسم الأكبر لم يعرف جبينه السجود أبداً" (ستُكتب شهادتهم ويُسألون) .ويصف المستضعفين المتظاهرين بأنهم حثالة ملاحدة يتمردون على الله كل جمعة.) (2)

وبعيداً عن رأي علماء الدين.. تبقى سيرة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي عنواناً لغوص رجل الدين في وحول السياسة، في زمن كان يبدد لبس المواقف وزيف الشعارت، لينجلي الحق وتظهر قيم الباطل الذي استعبَدَ السوريين وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا... فكأن ما قيل عن علاقة الشيخ بالسلطان ينطبق اليوم على هذا الختام المضطرب لسيرة عالم حافلة: (إنك لن تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه)..


https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى