المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة شرح مفصل حديث وجهت وجهى للذى فطر السماوات .. رقم 5



walid
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 01:34 PM
[COLOR=Black][FONT=Arial (Arabic)][SIZE=5][COLOR=#191970] واهدني لأحسن الأخلاق[CENTER][SIZE=5]كتبه د ياسر برهامي
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد،
قول النبي صلى الله عليه وسلم: [FONT=Arial])وجهتوجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك،ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلاأنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لايصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك،أنا بك واليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، استغفركوأتوب إليك).

نواصل الكلام عن قوله صلى الله عليه وسلم (واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت).
الأخلاق منها وهبي جبلي، يفطر عليه الإنسان حسب ما كان قبيحا أو حسنا، ومنها ما هو كسبي عملي يسعى الإنسان إليه بجهده ويتخلق به، وكلا النوعين بيد الله،وهما من عطائه ورزقه،ورزق الإنسان في الأخلاق أهم وأخطر بكثير من رزقه في الجاه الدنيوي، والنوع الأول الجبلي قابل للتأثير عليه والتغيير وإن كان الأثر فيما يخالف ما جُبل عليه الإنسان ليس كقوته فيما يوافق، فالإنسان المجبول على الكرم ستجد النفقة عليه سهلة جدا، أما المجبول على البخل، هل له أن يتغير؟ نعم، من الممكن أن يتغير وإن كان لن يصبح كالذي جُبل على الكرم لكن سيتغير، وإن العبد لن يجد وسيلة لتحسين خلقه أعظم ولا أهم ولا أكبر أثرا - بل في الحقيقة لا وسيلة غيرها - اللهم إلا اللجوء إلى الله، فتغيير الأخلاق أصعب شيء على الإنسان، وهنا يأتي الارتباط بين الجزء الأول من الدعاء الذي كله عن قضية التوحيد والإيمان، وبين قضية الخُلق، لأن الخُلق هو جزء من الإيمان في الحقيقة.
ولهذا كان هذا الدعاء العظيم (واهدني لأحسن الأخلاق...) و دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها)، فتزكية العبد لنفسه لن تثمر ثمرتها إلا أن يُزكيه الله، والعبد مأمور أن يتزكى (قد أفلح من تزكى)، فتزكيته عز وجل خير تزكية، وتزكية المرء لنفسه ليس لها قيمة إذا لم يزكها الله عز وجل.
فصل مختصر في أحسن الأخلاق: أحسن الأخلاق هي أخلاق الرسل وهي صفات الرجولة (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) فلم يقل "إلا ذكورا" بل قال رجالا، فالرجولة صفات، فنذكر بها أنفسنا باختصار.
بني هذا الأمر على الصدق مع الله والناس، وترك الكذب بالكلية والصبر واحتمال الأذى من الخلق، وعندما ننظر إلى صدق الأنبياء، نجد صدقا مع الله و مع الناس وفي العمل وهذا شيء أساسي، فمن المستحيل أن يُعرف عن نبي أنه كذب أبدا.
و أما صفة الصبر واحتمال الأذى، فتأمل صبر يوسف عليه السلام واحتمال الأذى الذي تعرض إليه من إخوته، الذين باعوه وفرقوا بينه وبين أبيه وهو يحتاج إلى أبيه أشد الحاجة، وهو كريم بن كريم بن كريم بن كريم،وفعلوا كل هذا فيه وظلوا حاقدين عليه إلى أن كبروا وكبر هو، ومع ذلك سامحهم سيدنا يوسف،فسبحان الله!، أرأيت إلى أي مدى يصل احتمال الأذى، فلنصبرولنحتمل الأذى من الناس نولنحلم عليهم، ولعلنا نتأمل ونأخذ القدوة من حلم يعقوب عليه السلام على أبنائه حين حرموه من ابنه قرة عينه.
إن من أحسن الأخلاق احتمال الأذى من الخلق وكظم الغيظ وكف الأذى عن الناس باللسان واليد والقلب وعدم الانتقام للنفس، إلا أن تنتهك حرمات الله عز وجل، فينتقم العبد لله عز وجل لا لنفسه.
ومن مكارم الأخلاق الأناة والتمهل والعفة عن المحارم وعما في أيدي الناس، فيتعفف العبد بأن يبتعد عما حرم الله ويبتعد عما في أيدي الناس وعن سؤالهم.
ومنها اجتناب القبائح والفواحش وهي الكلمات الظاهرة الفاحشة خاصة بما يتعلق بالعورات، فالإنسان الخلوق هو الذي يتجنب الفواحش في القول والعمل وفي الأموال والأعراض، كما قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في طوافه "اللهم قِني شُح نفسي" ويقول "إذا وقيت شح نفسي لم أسرق ولم أزني "، لأن كل ذلك من عدم العفة.
ومنها الحياء والكرم والجود والسخاء، والحياء أن يستحي من الله ومن الناس فهذا من حسن الخلق،وترك البخل والغيبة والنميمة وخيانة الأعين وهي تطلعها إلى ما لا يحل خلسة.
ومنها الشجاعة وعزة النفس، والبذل في الحق والقوة فيه، والتضحية، والاستعداد لبذل المحبوب الغالي على النفس وإخراجه ومفارقته عند أمر الله بذلك.
ومنها الوفاء بالعقود والوعود والأمانات، للأهل والأصدقاء والأقرباء، والبر، والصلة والإحسان إلى الخلق، والعدل والتوسط في شيم النفس، فالجود وسط بين التبذير والبخل، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والحياء وسط بين الوقاحة والعجز والمهانة والخور، والحلم وسط بين الغضب وذل النفس وسقوطها، والتواضع والعزة المحمودة وسط بين الكبر والهوان، والقناعة وسط بين الحرص والتنافس على الدنيا، والصبر وسط بين الجزع والهلع وبين القسوة والغلظة وتحجر الطبع والفظاظة، والرحمة وسط بين القسوة والضعف. فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت.
ومن الأخلاق الحسنة الإيثار بالدنيا، كما وصف الله تعالى الأنصار: (ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة)، وهذا الإيثار بالدنيا من علامات غنى النفس بالله عز وجل، وإنما يؤثر الإنسان على نفسه لأجل أن ما عنده من الله يكفيه، ويحصل غنى القلب وغني النفس بالله سبحانه وتعالى والعبودية له، و كلما اكتملت العُبودية كلما اكتمل الغنى بالله عز وجل فلم يشعر الإنسان بالحاجة إلى الدنيا فعند ذلك يجود بها بل ويُؤثر بها، قال الله تعالى: (ويُطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا).
ومن الأخلاق الحسنة مقابلة الإساءة بالإحسان وسرعة العفو والصفح وقبول المعذرة، قال سبحانه وتعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن)، وقال أيضا (ادفع بالتي هي أحسن السيئة)، وقال عز وجل عن المؤمنين:(ويدرؤون بالحسنة السيئة)، فإن كان بينك وبين أحد خصومة، فأساء إليك، فانظر كيف تعامله إذا كنت تريد أن تعرف منزلتك من حسن الخُلق وهل هُديت إلى أحسن الأخلاق؟ ، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان فأنه يدل على كمال حُسن الخُلق.
وكذا سرعة العفو والصفح وقبول المعذرة، هناك من تجده بطيء العفو وربما لا يعفو، و لا يسهل عليه أبدا أن يعفو ويصفح، وإذا جاءه أحد معتذراُ أذله وأهانه وأذاقه كأس الهوان الأمر الذي يمنع الناس من أن يعتذروا إليه، وتأمل كيف أن يوسف عليه السلام بادر إلى العفو والصفح وأحسن إلى من أساء إليه من إخوته.
وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس إيذاءا له عليه الصلاة والسلام، وكان يهجوه في أشعاره،وتأخر إسلامه إلى عام الفتح،حيث أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى فتح مكة، فلما أتى مسلما تذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع منه فكان يُعرض عنه بعض الإعراض، فشكا أبو سفيان إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ذلك، فقال له:ائته من قبل وجهه، وقل له تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين، فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن مردودا منه، فأتاه من قبل وجهه وقال: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين،و كان بعد ذلك لا يحجبه وكان يقول: عسى أن يجعل الله منه خلفا لحمزة، وكان بالفعل من شُجعان الفرسان وممن ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حُنين.
ومن الأخلاق الحسنة المروءة في اللسان و المال و الجاه.
والمروءة في اللسان بحلاوة المنطقولينه،فليس من المروءة أنيتكلم الإنسان كلاماحسنا في حد ذاته ولكن بأسلوب غليظ،، فالكلام يكون بالرفق واللين في الطريقة ويكون نوع الكلام نفسه حلوا طيبا.
والمروءة في الخُلق بسعته وانشراح الصدر في معاملة الخلقَ، بمعنى: أن يكون الإنسان ذا صدر واسع يحتمل الناس، فتجد بعض الناس عنده ضيق، لا يحتمل أحدا؛ فبمجرد أن يكلمه أحد في شيء لا يعجبه يضيق به، فمن عنده مروءة في الخلق يكون عنده انشراح وسعة صدر في معاملة الناس ، وهذا إنما يحصل بانشراح الصدر بالإسلام وبالإيمان.
والمروءة في المال ببذله في المواقع المحمودة شرعا كصلة الرحم والإحسان إلى الجار والإحسان إلى الملهوف والصدقة والنفقة في سبيل الله فيُبادر بالنفقة ولا يكون بخيلا بالمال.
والمروءة في الجاه: ببذله للمحتاج إليه، فلو أنالإنسان عنده منزلة وكلمته مسموعة عند الناس وأتاه أحد الأشخاص يطلب وساطته، وهو محتاج لهذه الوساطة فيبذلها ويشفع شفاعة حسنة ويُعين بجاهه من يحتاج إليه من المسلمين.
[SIZE=5]ومن الأخلاق الحسنة القُرب من الخلق بحيثُ يجدونه في أزماتهم ومشاكلهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل مؤمن هين لين قريب سهل) فالناس تشعر بأنه قريب منها وليس بعيد جدا لا يشعر بهم، لا يعنيه الشعور بآلام الناس ومشاكلهم وأزماتهم، فقد كانت الوليدة (الأمة أي الجارية) من ولائد المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيثُ شاء[B][FONT=Arial]

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى