المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقاصد سورة البقرة للشيخ عبد المالك رمضاني [ موضوع متجدد ]



Chakira
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 01:20 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما تعلمون - إن شاء الله رب العالمين - أن نسخ الكتب ونشرها فائدة عظيمة، خاصة إذا كان ما تنشره فيه فوائد لا يستغني عنها طالب العلم ، فالمؤلف له أجر التأليف وأنت لك أجر الكتاب كاملة والنسخ.

* قال إبراهيم بن هانئ: قلت لأحمد بن حنبل : أيّ شيء أحبّ إليك ، أجلس بالليل أنسخُ ، أو أصلّي تطوّعا ؟ فقال رحمه الله : " إذا كنتَ تنسخُ ، فأنت تعلمُ به أمرَ دينك ، فهو أحبّ إليّ " . رواه الخطيب في " الفقيه و المتفقه (1/104) [ طبعة دار ابن الجوزي 1428 بتحقيق عادل العزّازي ] ، و إسناده صحيح كما قال محقّق الكتاب كامل . نقلا من مقدمة الأخ أبي حاتم في نسخه لكتاب كامل من كل سورة فائدة*
وقال الإمام المنذري : في كتاب كامله الترغيب والترهيب الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخه والترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكتاب كامل مقاصد سورة البقرة كتاب كامل فيه فوائد أغلى من الذهب، وكتاب كامل يسافر من أجله ويشترى ولو بأغلى من الذهب، عند من حبب لله إليه العلم.
والآن مع الكتاب كامل فغفر الله لمؤلفه وكاتبه وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.

--------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فقد كان أصل هذا البحث مختصرا في كتاب كاملي :" من كل سورة فائدة "، ثم رأيت -بعد اقتراح بعض طلبة العلم- أن أفرده بالكتاب كاملة وأن أضيف إليه ما يناسبه، فطال البحث حتى كان هذا الذي بين يدي القارئ.
وعلم مقاصد السور علم شريف، لأنه يجلي الموضاعات العامة والقواعد المهمة التي تركز عليها السورة، ولا أحد يدعي أنه أحاط بها علما، ولكن الدلالة على بعضها تدل على عظم شأن هذا الكتاب كامل الكريم وتُحبِّبه إلى النفوس، وتدرب قارئه على تدبره،
ومن ثم يقوى عمله به، ذلك هو الهدف المنشود، ثم تدفعه الشفقة على الأمة إلى دلالتها على ما في كتاب كامل الله من هدى ونور، وأول ما ينبغي تبليغه وشد العناية إليه في الدعوة إلى الله عز وجل هو التركيز على المقاصد التي ركز عليها ربنا في كتاب كامله عز وجل، لأن الاقتداء بالقرآن يورث رحمة الله بالعبد؛ قال الله عز وجل:{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)} [الأنعام : 155].
أسأل الله أن ينفع به؛ إنه جواد كريم.
المدينة في ذي القعدة 1427 هـ.
أسباب النصر المجملة في السورة التي لا تستطيعها البطلة
قال الله تعالى في مطلع سورة البقر:{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} [البقرة : 1 ، 2]، وقال في خاتمتهاحاكيا دعاء المؤمنين أنهم قالوا:{أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)} [البقرة : 286]. مطلع السورة حديث عن المتقين وخاتمتها حديث عن النصر المبين، وبين التقوى والنصر كما بين السبب والمسبَّب، لأن المتقين هم أهل النصر، فكأنه قيل بتقوى الله تنصرون أيها المؤمنون! وهذا مقصد شريف ومعرفته ضرورية؛ لأن العدوان على أهل الحق واقع؛ فقد أخبرنا الله عز وجل في السورة نفسها بأن لنا أعداء لا يبرحون ساحة العدوان حنى نترك ديننا، فقال:{ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }[البقرة : 217]، وبين في آية أخرى من السورة نفسها أن وصولهم إلى هذا الهدف الخبيث لا يرضيهم إلا بأن نتبع ملتهم بعد أن نترك ملتنا،
فقال:{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة : 120]، وحري بالمؤمنين - وهم يواجهون أعداءً بهذه الشراسة - أن يعنوا بتفحص كتاب كامل الله؛ لأنه يصف لهم الواقع الذي ماله من دافع، ثم يقدم لهم العلاج الناجع لأنه:{ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت : 42]، ولشرف هذا المقصد كان له نظائر كثيرة في كتاب كامل الله، منها قوله تعالى:{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }[البقرة : 194]، وقوله:{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل : 128]، وقوله:{ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }[الجاثية : 19]، وقوله:{وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }[فصلت : 18]، وقوله:{فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } [هود : 49]، وقوله:{ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }[الأعراف : 128]، وقوله:{ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } [طه : 132]، وقوله:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }[آل عمران : 120]، وقوله:{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ]
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }[الحج : 40]، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، ، وقوله:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]،وقوله:{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160]، وقوله:{بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران: 150]، وقوله:{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، وقوله:{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 103]،وقوله:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56]، وقوله:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)} [الصافات: 171 - 173]، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38]، وقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]، انظر كلام
ابن القيم عليه في " الضوء المنير في التفسير"(1/144).
وقد قص الله علينا في كتاب كامله قصص من طلب الجهاد قبل بلوغ النصاب المطلوب من التقوى، فلما جاءه الأمر به عجز عنه، أذكر منه نموذج مقترحين:
الأول: قوله في سورة النساء (77): { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}، فقد وضح من هذا السياق الكريم أن الله عز وجل أمر المسلمين الذين تمنوا الجهاد بالإعراض عنه إلى أن يطهروا أنفسهم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ليبلغوا بهما درجة المتقين، فلما استعجلوا كان منهم التقصير ما قصه عنهم.
الثاني: سبب نزول سورة الصف، روى أحمد (5/452) والترمذي (3309) بإسناد صحيح عن عبد الله بن سلام قال :« تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ فلم يقم أحد منا، فأرسل إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فجمعنا، فقرأ علينا هذه السورة يعنى سورة الصف كلها »، قال ابن كثير في " تفسيره":" وحملوا - أي الجمهور - الآية على أنها نزلت حين تمنوا فَرضِيَّة الجهاد عليهم، فلما فُرض نكل عنه بعضهم، كقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } الآية، ثم ذكر أن ابن عباس قال:" كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض رائع الجهاد يقولون: لَوَدِدْنَا أن الله -عز وجل- دلنا على أحب الأعمال إليه، فنعملَ به. فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمانٌ به لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به. فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين، وشق عليهم أمره، فقال الله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ } ؟. وهذا اختيار ابن جرير (4) .
كلُّ هذه الآيات وتلك تدل بوضوح على أنّ النّصرَ مقرونٌ بالتّقوى، وأن ذلك شرط فيه، مع ذلك يأتي
المتعجّلون مُغمَضي الأعين عنها باحثينَ عن النّصر في غير سبيلها ، وهم يعلمون أنّه لا يجوز التّحاكمُ لغير الله في صغير ولا كبير ، ولا اللاستدراك عليه بقليل ولا كثير، كما لا يجوز إلغاء ما شرَطَه الله في كتاب كامله أو على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، فكيف إذا اجتمعت هذه النّصوص كلّها عند من حبّب الله إليهم طاعته و طاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم و ملأ قلوبهم اليقينُ بأنّ الله يعلمُ وهم لايعلمون ؟! فكم من عاجزٍ عن تربية النّاس على التّقوى، مستعجلٍ بالحديث الطّويل والعريض عن الجهادِ و النّصرِ، كانت نهايتُه نهايةُ من قيل فيه: من استعجل الشّيءَ قبل أوانه، عُوقب بحرمانه، ولقد ذكرت شواهد لهذا المقصد في كتاب كاملي " السبيل إلى العز والتمكين " فمن شاء رجع إليه، وعلى الرغم مما جاء فيه من أدلة وشواهد كثيرة جدا، وعلى الرغم من موافقة العقل السليم لها من غير تلكُّؤٍ، فلا يزال المنهج الحركي يغالبها ويحاول أن يصل إلى النصر غير عابئ بها ولا آخذ بأسبابها، بل يعاندها معاندة البليد غير المصدق، والأمر لله !!



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى