المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات الفلسفية شعبة العلوم التجريبية والمادة الرياضيات الجزء الثان



loulou ange
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 09:24 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الإشكالية الثالثة : فلسفة العلوم

المشكلة الأولى : في فلسفة المادة الرياضيات


أ - مقالة المقارنة :

المقالة الأولى : مقالة مقارنة بين المادة الرياضيات الكلاسيكية والمادة الرياضيات المعاصرة

طرح المشكلة :تعتبر المادة الرياضيات مفاهيم عقلية مجردة بعيدة عن المحسوس مرت بعدة منعرجات أهمها الثورة العلمية على المفاهيم الكلاسيكية في القرن 19 الأمر الذي جعل هناك اختلاف بين المادة الرياضيات الكلاسيكية والمادة الرياضيات المعاصرة وهذا ما يجعلنا نتساءل عن العلاقة بين هما،ماهي العلاقة بين المادة الرياضيات الكلاسيكية والمادة الرياضيات المعاصرة؟

محاولة حل المشكلة :
1 ــ أوجه التشابه :
ــ كلاهما يعتمد على مبادئ عقلية بعيدة عن المحسوس
ــ كل منهما ساهم في تطوير العلم
ــ كل منهما يعتمد على البرهنة

2 ــ أوجه الاختلاف :
ــ المادة الرياضيات الكلاسيكية تعتمد على المبادئ الثلاث هي البديهيات والمسلمات والتعريفات أما المادة الرياضيات المعاصرة فتعتمد على لأوليات

ــ موضوع المادة الرياضيات الكلاسيكية هو الحكم المتصل والمنفصل أما المادة الرياضيات المعاصرة تميزت بظهور هندسات جديدة لاإقليدية (ريمان و لوباتشفسكي)
ــ المفاهيم عند الكلاسيكيين هي مفاهيم فطرية أما المفاهيم الرياضية عند المحدثين فهي تستند إلى فعالية العقل في بناء الموضوعات الرياضية
ــ المنهج في المادة الرياضيات الكلاسيكية قائم على التحليل والتركيب أما المنهج في المادة الرياضيات المعاصرة هو منهج أكسيومي (فرض رائعي استنتاجي)

3 ــ مواطن التداخل :
ــ تعتبر المادة الرياضيات الكلاسيكية أرضية مهدت لوجود المادة الرياضيات المعاصرة بدليل الإرتباط الوثيق بينهما والعلاقة الموجودة بينهما هي تكامل

خاتمة وحل المشكلة:
المادة الرياضيات المعاصرة لا تهدم المادة الرياضيات الكلاسيكية بل تختلف عنها من جهة العقلانية التي تستند إليها.

2 - المقالات الجدلية :

المقالة الجدلية الأولى : حول أصل المادة الرياضيات بين العقلي و التجريبي

نص السؤال :
السؤال المشكل: إذا كان العقليون يرجعون المفاهيم الرياضية إلى العقل و التجريبيون إلى التجربة . فكيف يمكن تهذيب هذا التناقض ؟


طرح المشكلة : لقد أولع الإنسان منذ الزمن الغابر على طلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ فانقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ، نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ، ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر؟ فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ أي الفريقين على صواب ؟

محاولة حل المشكلة :

1 - الأطروحة : إن المفاهيم الرياضية ، فيما يرى الموقف العقلي أو المثالي ، نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :
أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي و يقول في هذا الصدد " الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز "
ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله و ما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . و ديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظرتيه المعرفية مؤسسا لمذهب العقلي .
ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان

النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لايمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية و إلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .

2 - نقيض الأطروحة :إن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون و التجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار و المبادئ ، و أن كل معرفة عقلية هي صدى لإدركاتنا الحسية عن هذا الواقع و على هذا الأساس ، تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، و أنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء و ليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات و التجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " و أدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي :
أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون و الأصم لا يعرف ما الصوت . أما ميل يرى أن المعاني الرياضية كانت " مجرد نسخ " جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية حيث يقول : " إن النقاط و الخطوط و الدوائر التي عرفها في التجربة ". و لهذا ، فإن المادة الرياضيات تعتبر عند ميل و غيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة
ب : توجد شواهد أخرى تؤيد موقف التجربين منها أصحاب علم النفس و أصحاب علم المادة التاريخ . فالطفل في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء و أن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، و أكثر من ذلك فلقد استعان عبر المادة التاريخ عن العد بالحصى و بالعيدان و بأصابع اليدين و الرجلين و غيرهما و هذا ما يدل على النشأة الحسية و التجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال و البدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي و كأنها صفة ملابسة للشيء المدرك . و أكد الدارسين لمادة التاريخ العلم أن المادة الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم و تقدير مساحات الحقول و الحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع و الطرح و القسمة و الضرب و هذا ما نجده عند الفراعنة و البابليين .

النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية محسوسة و تجريبية فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات العقلية التجريدية و إلا كيف يمكننا أن نفسر المطلقية في المادة الرياضيات " المادة الرياضيات تكون صحيحة متى ابتعدت عن الواقع " و تأثيرها على جميع العلوم إلى درجة أصبحت معيار كل العلوم .
3 - التركيب : المفاهيم الرياضية وليدة العقل و التجربة معا
نجد أن المهذبين المتعارضين في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية قد فصلوا تماما بين العقل و التجربة ، رغم أن مادة التاريخ المادة الرياضيات يبين لنا أن المعاني الرياضية لا يمكن اعتبارها أشياء محسوسة كلها ، و لا مفاهيم معقولة خالصة ، بل يمكن أن يتكاملا معا لتفسر نشأة المعاني الرياضية ، لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت و أصبحت مفاهيم استنتاجية مجردة ، بل تعبر عن أعلى مراتب التجريد ، باستعمال الصفر ، الأعداد الخيالية ، و المركبة ، و المنحنيات التي لا مماس لها ...لهذا قال " بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد " .

حل المشكلة : و عليه يمكن القول :
إن المادة الرياضيات هي عالم العقل و التجريد ، و ليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المعاني الرياضية ، و في الكشف عن العلاقات ، و توظيفاتها ، و هي حرية لا يحدها سوى أمر واحد هو الوقوع في التناقض . و هذا ما يؤدي إلى الخطأ أو فساد النسق الاستدلالي .

المقالة الجدلية الثانية : بين المادة الرياضيات الكلاسكية و المادة الرياضيات المعاصرة
نص السؤال :
هل معيار الحقيقة في المادة الرياضيات يكمن في البداهة والوضوح أم في أتساق النتائج مع المقدمات؟
طرح المشكلة :
توصف المعرفة الرياضية بالصناعة الصحيحة واليقينية في منطلقاتها ونتائجها، لكن التساؤل عن معيار اليقين في المادة الرياضيات كشف انه ليس معيارا واحدا في المادة الرياضيات الإقليدية والمادة الرياضيات المعاصرة، ذلك أن المادة الرياضيات الإقليدية تعتقد جازمة ببداهة ووضوح مبادئها وترى فيها النموذج مقترح الوحيد في الصدق المطلق، أما الرياضيي المعاصر فلا تهمه المبادئ ذاتها لأنها تشكل مقدمات في النسق الرياضي ، بقدر ما يهمه النسق الرياضي في مجمله أي أن عدم تناقض المقدمات مع النتائج هو معيار اليقين في المادة الرياضيات. وفي ذلك نطرح السؤال التالي:
هل معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في بداهة ووضوح مبادئها أم يتمثل في اتساق نتائجها مع مقدماتها؟

محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الاولى : معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في بداهة ووضوح مبادئها أسست المادة الرياضيات الكلاسيكية مادة التاريخيا قبل عصر النهضة بقرون عديدة قبل الميلاد على يد فيلسوف ورياضي يوناني مشهور اسمه إقليدس (306ق.م/253ق.م)، إذ سيطرت مادة الرياضياته الكلاسيكية على العقل البشري إلى غاية القرن التاسع عشر الميلادي، حتى ضن العلماء أنها المادة الرياضيات الوحيدة التي تمتاز نتائجها بالصحة والمطلقية.
اعتمدت المادة الرياضيات الكلاسيكية على مجموعة من المبادئ أو المنطلقات التي لا يمكن للرياضيي التراجع في البرهنة عليها إلى ما لا نهاية، فهي قضايا أولية وبديهية لا يمكن استخلاصها من غيرها،وهي مبادئ لا تحتاج إلى برهان على صحتها لأنها واضحة بذاتها من جهة و لأنها ضرورية لقيام المعرفة الرياضية من جهة أخرى، يستخدمها الرياضي في حل كل قضاياه الرياضية المختلفة، فما هي هذه الميادئ؟
التعريفات الرياضية definitions mathematiquales
هي أولى القضايا التي يلجأ إليها الرياضي من اجل بناء معنى رياضي وإعطائه تمييزا يختلف عن غيره من المعاني الرياضية الأخرى، ومن أهم التعريفات الإقليدية الرياضية، نجد تعريف المثلث بأنه شكل هندسي له ثلاثة أضلاع متقاطعة مثنى مثنى مجموع زواياه تساوى 180درجة. والنقطة هي شكل هندسي ليس لها أبعاد، أو هي حاصل التقاء خطين. والخط المستقيم هو امتداد بدون عرض.
البديهيات les axiomes
هي قضايا واضحة بذاتها،صحيحة وصادقة بذاتها لا تحتاج إلى دليل على صحتها برأي الكلاسيكيين، أي لا يمكن للعقل إثباتها أي تفرض رائع نفسها على العقل بوضوحها لأنها تستند إلى تماسك مبادئ العقل مع ذاته، فهي قضايا قبلية نشأت في العقل قبل التجربة الحسية، فهي قضايا حدسية يدركها العقل مباشرة دون برهان أو استدلال، كما أنها قضايا تحليلية موضوعها لا يضيف علما جديدا إلى محمولها، ومنها بديهيات إقليدس التي تقول:
إن الكل اكبر من الجزء والجزء اصغر من الكل.
الكميتان المساويتان لكمية ثالثة متساويتان.
وبين نقطتين لا يمكن رسم إلا مستقيما واحدا.
وإذا أضيفت كميات متساوية إلى أخرى متساوية تكون النتائج متساوية.
المصادرات les postulats
تسمى أحيانا بالأوليات وأحيانا بالموضوعات .وأحيانا بالمسلمات لان الرياضي هو الذي يضعها فهي إذن قضايا لا نستطيع البرهنة على صحتها وليست واضحة بذاتها، أي فيها تسليم بالعجز، ولذلك نلجأ إلى التسليم بصحتها. ومن مصادرات إقليدس نجد:
مثلا من نقطة خارج مستقيم لا نستطيع رسم إلا مستقيما واحدا مواز للمستقيم الأول.
المستقيمان المتوازيان مهما امتدا لا يلتقيان.
المكان سطح مستوي درجة انحنائه يساوي صفر وله ثلاثة إبعاد هي الطول والعرض والارتفاع.
مجموع زوايا المثلث تساوى قائمتين.
وتسمى هذه المبادئ في مجموعها بالمبادئ الرياضية الكلاسيكية أو بمبادئ النسق الاكسيوماتيكى نسبة إلى كلمة أكسيوم والتي تعنى في مادة اللغة العربية البديهية. وهو نسق قائم على التمييز بين هذه المبادئ الثلاثة.

نقد :
إن الهندسة الكلاسيكية التي كانت حتى القرن 19 مأخوذة كحقيقة رياضية مطلقة، أصبحت تظهر كحالة خاصة من حالات الهندسة وما كان ثابتا ومطلقا أصبح متغيرا ونسبيا،وفي هذا المعنى يقول بوليغان bouligand (( إن كثرة الأنظمة في الهندسة لدليل على إن المادة الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة.)). فماهي هذه الأنظمة التي نزعت من المادة الرياضيات الكلاسيكية صفة اليقين المطلق؟

الأطروحة الثانية: معيار اليقين في المادة الرياضيات يتمثل في اتساق النتائج مع المقدمات :قد حاول الرياضيون في مختلف العصور أن يناقشوا مبادئ الهندسة الإقليدية، ولم يتمكنوا منها إلا في العصر الحديث، وهي أطروحة ترى أن معيار الصدق في المادة الرياضيات لا يتمثل في وضوح المبادئ و بداهتها ولكن يتمثل في مدى انسجام وتسلسل منطقي بين الافتراضات أو المنطلقات وبين النتائج المترتبة عنها، وهي أطروحة حديثة تتعرض بالنقد والتشكيك في مبادئ ونتائج المادة الرياضيات الكلاسيكية. أطروحة مثلها الفرنسي روبير بلا نشي والروسي لوبا تشيفسكي و الألماني ريمان. فما هي هذه الانتقادات والشكوك؟


انتقد الفرنسي روبير بلا نشى في كتاب كامله(الأكسيوماتيكا) المبادئ الثلاثة للمادة الرياضيات الكلاسيكية:
• التعريفات الإقليدية ووصفها بأنها تعريفات لغوية لا علاقة لها بالحقيقة الرياضية فهي تعريفات نجدها في المعاجم اللغوية فهي بذلك لاتهم إلا اللغة.
• هي تعريفات وصفية حسية تصف المكان الهندسي كما هو موجود حسيا في ارض الواقع وهى بذلك تعريفات تشبه إلى حد بعيد التعريفات في العلوم الطبيعية.
• هي تعريفات لا نستطيع الحكم عليها بأنها صحيحة أو خاطئة فإذا اعتبرناها نظرية وجب البرهنة عليها، وإذا لم نقدر على ذلك وجب اعتبارها مصادرة، وهذا معناه أن التعريفات الإقليدية في حقيقتها عبارة عن مصادرات.
• انتقد بلا نشى أيضا بديهية إقليدس (الكل اكبر من الجزء) معتبرا أنها بديهية خاطئة وليست صحيحة، إذ ثبت أنها صحيحة فقط في المجموعات المنتهية.
• انتقد بلا نشى البديهية أيضا معتبرا أنها صحيحة وصادقة ولا تحتاج إلى برهان في المنطق القديم لكن في المادة الرياضيات المعاصرة البديهيات قضايا يجب البرهنة على صحتها وإذا لم نتمكن من ذلك وجب اعتبارها مسلمة أي مصادرة.
• أما المصادرات فباعتبارها مسلمات أو موضوعات لا نستطيع البرهنة عليها ففيها تسليم بالعجز، من هنا يعتبر بلانشى إن أنسب مبدأ للمادة الرياضيات هو مبدأ المصادرات أي المسلمات أو الفرض رائعيات.
• من هنا فأن هندسة إقليدس لم تعد توصف بالكمال المطلق، ولا تمثل اليقين الفكري الذي لا يمكن نقضه، لقد أصبحت واحدة من عدد غير محدود من الهندسات الممكنة التي لكل منها مسلماتها الخاصة بها.
• من هذا المنطلق ظهرت في القرن التاسع عشر أفكارا رياضية هندسية جديدة تختلف عن مادة الرياضيات إقليدس وسميت بنظرية النسق الاكسيوماتيكى أو بالهندسات اللاإقليدية ، وتجلى ذلك بوضوح من خلال أعمال العالمين الرياضيين لوبا تشيفسكي الروسي وريمان الألماني.
في سنة أولى830م شكك العالم الرياضي الروسي لوباتشيفسكى(Lobatchevski(1793-1857م في مصادرات إقليدس السابق ذكرها وتمكن من الاهتداء إلى الأساس الذي بنيت عليه، وهو المكان الحسي المستوى، وهكذا تصور مكانا أخر يختلف عنه وهو المكان المقعر أي الكرة من الداخل، وفى هذه الحالة تمكن من الحصول على هندسة تختلف عن هندسة إقليدس، أي من خلال هذا المكان أعلن لوباتشيفسكى انه بإمكاننا أن نرسم متوازيات كثيرة من نقطة خارج مستقيم، والمثلث تصير مجموع زواياه اقل من 180 درجة.
وفي سنة أولى854م شكك ا الألماني ريمان 1826-1866م Riemann هو الأخر في مصادرات إقليدس وتمكن من نقضها على أساس أخر، فتصور المكان محدودبا أي الكرة من الخارج واستنتج بناءا على ذلك هندسة جديدة ترى انه لا يمكن رسم أي مواز من نقطة خارج مستقيم، وكل مستقيم منتهى لأنه دائري وجميع المستقيمات تتقاطع في نقطتين فقط والمثلث مجموع زواياه أكثر من 180درجة.

النقد :
إذا كانت المادة الرياضيات المعاصرة قد أسقطت فكرة البداهة والوضوح والكمال واليقين والمطلقية في المادة الرياضيات الكلاسيكية، وإذا كان الرياضي المعاصر حر في اختيار مقدمات برهانه فهذا لا يعني أن يتعسف في اختياره ووضعها بل يجب أن يخضع في وضعها إلى شروط منطقية صارمة تنسجم فيها هذه المقدمات مع نتائجها انسجاما منطقيا ضروريا.
التركيب : من خلال ما سبق عرضه نلاحظ أن تعدد الأنساق الرياضية لا يقضي على يقين كل واحد منها، فكل هندسة صادقة صدقا نسقيا إذا أخذت داخل النسق الذي تنتمي إليه وفي هذا المعنى يقول الفرنسي روبير بلا نشى " أما بالنسبة للأنساق في حد ذاتها فلم يعد الأمر يتعلق بصحتها أو بفسادها اللهم إلا بالمعنى المنطقي للانسجام أو التناقض الداخلي، والمبادئ التي تحكمها ليست سوى فرض رائعيات بالمعنى الرياضي لهذا المصطلح."

حل المشكلة :
من خلال ما سبق نستنتج ما يلي:
• إن المادة الرياضيات الإقليدية لم تعد توصف بالكمال والمطلقية، ولم تعد تمثل اليقين الرياضي الوحيد الذي لا يمكن نقضه، بل غدت واحدة من عدد غير محدود من الهندسات الممكنة التي لكل منها مسلماتها الخاصة بها. ولذلك فأن تعدد الأنساق الرياضية هو دليل على خصوبة الفكر في المجال الرياضي وليس التعدد عيبا ينقص من قيمتها أو يقينها.
• كما أن المعرفة الرياضية لا تكتسي الصفة اليقينية المطلقة إلا في سياق منطلقاتها ونتائجها، وهذه الصفة تجعل من حقائقها الرياضية حقائق نسقية.
• كما أن البرهنة في المادة الرياضيات انطلقت من منطق استنتاجي يعتقد في صدق مبادئه ومقدماته إلى منطق فرض رائعي يفترض صدق مبادئه ومقدماته.





https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى