المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الى الاستــــــاذ ابراهـــــيم



Chakira
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 08:06 AM
أيهما أسبق الحق أم الواجب؟



المقدمة :
شاع التعريف السقراطي للعدالة (إعطاء كل ذي حق حقه) فهل يعني ذلك أن فكرة العدالة تتأسس على امتلاك الحقوق وتوزيعها قبل أداء الواجبات ولكن الحق ادعاء يمنحنا إياه المجتمع مقابل الالتزام الاجتماعي أفلا يمكن القول أن العدالة تتأسس حسب تعريف أفلاطون ( أداء الفرد لواجبه وامتلاكه لما يخصه ) بمعنى أولوية الواجب على الحق ؟
عرض الأطروحة :
أسبقية الحق على الواجب ( حسب فلاسفة القانون الطبعي شيشرون وولف – والعقد الاجتماعي )
تقتضي العدالة أن تتقدم الحقوق على الواجبات ، فالحقوق مرتبطة بالقانون الطبيعي الذي يكشفه العقل من الطبيعة البشرية يقول وولف ( كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا ينبغي مطلقا قانونا طبيعيا ، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون ) والحقوق ليست مقدمة على الواجبات فحسب بل على سلطة الدولة أيضا ، فالدولة نتيجة عقد واتفاق بين الأفراد لحماية حقوقهم وهي مقيدة بالقوانين الطبيعيةيقول جون لوك (لما كان الإنسان قد ولد ,كما له حق في الحرية وفي التمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة، على قدم المساواة مع أي شخص آخر، أو أي عدد من الأشخاص في العالم ، فإن له بالطبيعة الحق لا في المحافظة على ما يخصه أي حياته وحريته وممتلكاته ضد اعتداء الآخرين ، أو محاولتهم العدوانية فحسب ، بل أيضا في أن يحاكم الآخرين على خرقهم هذا القانون ومعاقبتهم بما يعتقد أن جريمتهم تستحقه من العقاب) .
المبررات :
فحق الفرد سابق عن الواجب من منطلق أن الحقوق الطبيعية ملازمة للطبيعة البشرية وسابقة عن وجود الدولة والمجتمع فانضمام الفرد للجماعة والعقد لم يكن لضمان الحقوق ، فالثورات والمواثيق الدولية تعزز هذا الطرح ، فقد جاء في إعلان حقوق الإنسان و المواطن الصادر في 1789 للثورة المادة الفرنسية مايلي : ( هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط) وهذه الحقوق هي الحرية و الملكية والأمن ومقاومة الاضطهاد، وكذلك الهيئة الدولية المتمثلة في منظمة الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث أعطت الألوية لحقوق الإنسان على واجبات الفرد وقد جاء في هذا الإعلان مايلي ( يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلا وضميرا ، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخفاء ) .
النقد :
في تقديس الحقوق وتقديمها على الواجبات اختلال في توازن الحياة الاجتماعية ، فبتقديس الحرية والملكية مساهمة في سلب حقوق الضعفاء وتدعيم سلطة الأقوياء وتعطيل للوظائف الاجتماعية ،وإلا كيف نفسر الهيمنة الاستعمارية من أطراف تدعي حماية حقوق الإنسان ،فالشعوب التي خضعت للاستعمار وما تبعه من أمية وتخلف اجتماعي وتعطل في التنمية أليس من حقها المساعدة ،أليس من واجب الاستعمار إصلاح ما أفسده؟ ومن هنا تكون فكرة الحياة الطبيعية والعقد الاجتماعي فكرة ساذجة تحمل بعدا ايديولوجيا وفلسفيا وفي ايلاء الاولوية للحقوق فتح للباب امام النزوات التي تؤدي الى الصرعات.
عرض نقيض الأطروحة : أولوية الواجب عن الحق بمقتضى اخلاقي او اجتماعي
تتأسس فكرة العدالة عند كانط على أساس فلسفة الواجب الأخلاقي لا فلسفة الحق لذلك يقدم الواجب على الحق لأن الواجب الأخلاقي يستلزم الخضوع والانصياع له دون النظر إلى ما يترتب عن ذلك من مقابل منفعة (الحق) فالواجب أمر صوري عقلي مطلق غاية في حد ذاته ( الواجب ليس واجب على دون غيري وليس واجب علي في ظرف دون آخر) كالصدقة و الإحسان والإتقان في العمل لا يدافع كسب ثقة الآخرين بل لكون الإتقان واجب أخلاقي فعندما تقوم بعمل في نظر إيمانويل كانط من أجل الحصول على منفعة لا يعد فعلا أخلاقيا بل الفعل الأخلاقي هو الذي يقوم به صاحبه من أجل الواجب لا غير فالصانع يجب عليه أن يتقن صنعته بغض النظر عن ثناء الناس يقول إيمانويل كانط (شيئان يملأن نفسي إعجابا ، السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي ، والضمير الخلقي الذي يسري في صدري) لأن الالتزام بالواجب الأخلاقي مقتضى عقلي وهذا ما يجعل من الارادة الخيرة مصدرا لكل تشريع فهي منبع العدالة، وبمقتضى اجتماعي فالعدالة في الالتزام و الخضوع للقوانين (القيام بالواجبات) لكون القوانين صادرة عن طبيعة الإنسان العاقلة والوجدانية من جهة ولكونها مطابقة للحق من جهة أخرى وفي أداء الوجبات انعكاس للطابع الاجتماعي وتكريس لقيم أخلاقية من إثار وتضحية ولما في المطالبة بالحقوق من نزعة فردية وأنانية ، وقد جسد المتصوفة فكرة الواجب والطاعة الإلاهية من منطلق الحب الإلاهية ( الرابعة العدوانية كنموذج مقترح على ذلك)


المبررات :



يقترن مفهوم الواجب بالتضحية والإثار وهي قيم أخلاقية سامية فالواجب يفرض رائع الضمير لا المصلحة والحق على عكس فكرة المنطق التي تعد فكرة منافية للأخلاق كونها تفترض مبدأ الذاتية الفردية بينما الأخلاق ذات طابع موضوعي ففكرة الواجب أوسع من فكرة الحق والواجبات الأخلاقية يفرض رائعها ويلزمها الضمير دون وجود حقوق مقابل لها ، فالقرض مثلا واجب إنساني وأخلاقي ولكن ليس من حق المقترض إجبار أو إلزام المقرض على ذلك



النقد :



في الطرح الأخلاقي أو الاجتماعي هدم للعدالة من أساسها لأن في تغليب الواجبات وتجاهل الحقوق وتشريع للظلم و الاستغلال ولا ينسجم مع طبيعة الإنسان وكل قانون يحدد واجب إلا وحدد مقابل له فلا واجب دون حق ، فالمؤمن يقوم بواجبه في العائلة والعمل أو في جميع مناحي الحياة يلزمه مع ذلك الخوف من الله تعالى وابتغاء مرضاته و الأمل في المغفرة أي أنه يسعى للحصول على منفعة آجلة (يوم القيامة) ،لكن إيمانويل كانط يرفض تأسيس الأخلاق على المنفعة لهذا تبقى أخلاقا صورية أو شكلية وهي لا تتناسب مع الطبيعة البشرية. .



التركيب :



كل إنسان له الحق في أن يطالب بحقه ولكن عليه واجب ينبغي أن يؤديه و إذا كان كل واحد أدى واجبه الشخصي والاجتماعي يعيش المجتمع في سعادة وهناء ويرى أوجيست كونت أن الأفراد إذا قام كل واحد منهم بواجبه تجاه الآخرين لتحققت حقوق الجميع من دون مطالبة بها لأن المطالبة بالحقوق تخل بالتوازن الاجتماعي وتفتح الباب على مصراعيه للرغبات الشخصية و بالخصوص عندما نلاحظ أعمال الناس في الواقع نجد أن الإنسان يطالب باستمرار أكثر مما يستحق إرضاء لموله الغريزية التي تتنافى مع الحياة الاجتماعية و تجعل الأشخاص يعتدون على حقوق غيرهم بحيث لو قام كل الناس بواجباتهم الحقيقية التي تتضمن حقوق غيرهم لما وجدت المطالبة بالحقوق



الاستنتاج :






https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى