المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات رائعة ومحتملة 100/100إنشاء الله



romaissa
11-08-2013, بتوقيت غرينيتش 08:01 AM
آسبقية الحق عن الوآجب

طرح المشكلة :
اهتم الفلاسفة منذ فجر المادة التاريخ بمشكلة العدالة،حيث كان تطبيقها على أرض الواقع مطلبا أساسيا للفلاسفة و علماء القانون والأخلاق.وإذا اقتضت العدالة جهاز حقوق و واجبات فقد اختلف المفكرون حول أسبقية كل منهما على الأخر. حيث ظهر الى الوجود عناد فكري تمثل في أن طائفة من المفكرين ترى أن الحق أولى من الواجب في حين رأت طائفة أخرى أن الواجب أسبق، و هذا ما طرح مشروعية التساؤل حول تطبيق العدالة بربطها بجهاز الحقوق و الواجبات.فهل يمكن اعتبار العدالة الحقة هي تلك التي يسبق فيها الحق الواجب أم هي تلك التي يتقدم فيها الواجب على الحق؟؟

محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة يرى كثير من الفلاسفة و من بينهم سقراط، جون لوك، وولف أن العدالة الحقيقية هي تلك التي تقتضي تقدم الحق على الواجب.حيث أن سقراط عندما سؤل عن العدالة قال" العدالة هي إعطاء كل ذي حق حقه" و قد فهم من هذا التعريف أن سقراط يربط العدالة بالحقوق دون الحديث عن الواجبات، أما فلاسفة "القانون الطبيعي" فإنهم يعتقدون أن العدالة تقتضي تقدم الحقوق على الواجبات و ذلك أن الحق هو معطى طبيعي (مثل حق الغذاء، التناسل،حق الحرية........) فهي حقوق معطاة بالطبيعة اذ أن كل مولود يتمتع بها بمجرد أن يولد، دون ان يطالب بها.يقول 'وولف' " كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحقوق التي يتمتع بها بمجرد ان يولد من غير أن يطالب بها" حق الفرد سابق لواجب الدولة و هذا من منطلق أن القانون الطبيعي سابق لنشأة الدولة. العدالة المطلقة تقتضي احترام الطبيعة البشرية في إقرارها بالحقوق الملازمة لكينونتها البشرية التي تضمنها القوانين الطبيعية.كما أن الحقوق الطبيعية ملازمة للوجود الإنساني فهي سابقة لكل واجب لأن الوجود يتوقف عليها (كالحق في الحرية و الملكية و حق محاكمة المعتدي وحق معاقبته.
_ان القوانين الطبيعية تتضمن حقوقا طبيعية بينما الواجبات ميزة القوانين الوضعية.و بما أن القوانين الطبيعية سبقت القوانين الوضعية باعتبار المجتمعالطبيعي يسبق المجتمع السياسي (الدولة) إذا فالحقوق تسبق الواجبات ويقول 'جون لوك' " لما كان الإنسان قد ولد وله الحق الكامل في الحرية و التمتع بجميع حقوق قانون الطبيعة فان له بالطبيعة الحق لا في المحافظة على ما يخصه أي حياته و حريته و ممتلكاته فحسب بل في أن يحاكم الآخرين في خرقهم لهذا القانون".
الحجج و البراهين
_ان حقوق الإنسان أولى في القانون الوضعي، بدليل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي استمدت فلسفتها القانونية من فلاسفة القانون الطبيعي،إذ أن المادة (3) من إعلان حقوق الإنسان الصادر سنة أولى789 تنص على :
_هدف كل جماعة سياسية(دولة) هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية و هي الحرية، و الملكية،و الأمن، و مقاومة الاضطهاد,
كما أن أول إعلان أمريكي في الحقوق يؤكد على الحق في الحياة و الحرية و التملك و الأمن وقد ورد هذا في كتاب كامل "ضمانات الحرية في الدستور الأمريكي ".
_جاء في المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : "لكل شخص الحق في حرية التفكير و الدين و الضمير و يشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنها بالتعليم و الممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء كان ذلك سرا أو جهرا، منفردا او جماعة."
النقد:ان مجتمع القانون مجتمع كسول، فالحق يجب أن يقابله واجب كما أن الاقرار بحق الملكية هو تكريس لهيمنة الأقوياء على الضعفاء ، وهذا يتنافى مع العدالة. فطغيان الحقوق على الواجبات يؤدي إلى تناقضات و اضطرابات، كما أنه ينهك مقدرات الدولة (الخيرات

عرض نقيض الأطروحة:العدالة الحقيقية هي التي تسبق الواجب على الحق، ونجد هذا مثلا في الفكر الفلسفي اليوناني القديم على يد ' أفلاطون' عندما سؤل عن العدالة فقال: "العدل هو أداء الفرد لواجبه و امتلاكه لما يخصه" و بذلك فهم بأن أفلاطون يربط العدل بتقديم أداء الواجبات على امتلاك الحقوق. وفي الفلسفة الحديثة و خصوصا المثالية نجد 'كانط' خير ممثل لهذا الاتجاه حيث يعتقد أن الأولوية للواجب على حساب الحق، لأن الأخلاق تقوم على فكرة الواجب لذاته.
_الواجب يقتضي القيام بالعمل لذات الواجب و ليس لما يترتب عليه من حقوق.
_الواجب أمر مطلق صوري منزه عن الأغراض و النتائج و المنافع و لذلك فأولوية الواجب تعد مقتضى عقليا .
'أوجست كونت': أولوية الواجب مقتضى وضعي، فالواجب قاعدة تفرض رائعها العاطفة و العقل و بذلك فان فكرة الحق يجب أن واجب يقتضي القيام بالعمل لذات الواجب و ليس لما يترتب عليه من حقوق.
_الواجب أمر مطلق صوري منزه عن الأغراض و النتائج و المنافع و لذلك فأولوية الواجب تعد مقتضى عقليا .
'أوجست كونت': أولوية الواجب مقتضى وضعي، فالواجب قاعدة تفرض رائعها العاطفة و العقل و بذلك فان فكرة الحق يجب أن تختفي من القاموس السياسي.وان الأخلاق عند علماء الاجتماع ذات طابع اجتماعي فهي نابعة من الواجب كإلزام خارجي 'دوركايم'.المجتمع بعاداته و تقاليده يغرسها في الأفراد و يفرض رائعها عليهم.وان حق الفرد هو نتيجة لواجبات الآخرين نحوه، و لو أن كل فرد قام بواجبه لما وجدنا من يطالب بحقه 'أوجست كونت' و لذلك فالمطلوب هو القيام بالواجب و ليس المطالبة بالحق.
_لا يجوز المطالبة بالحق دون القيام بالواجب، فالواجب سابق لاقرار الحق، وهذا يبرز أولوية الواجبات على الحقوق.
_القوانين الوضعية تطلب من الناس القيام بأعمال (واجبات)مقابل أجور(حقوق) فالواجبات أسبق.
النقد:ان هذه الأطروحة التي تقدم الواجب على الحق تؤدي في النهاية الى تسلط المجتمعات، فمن غير المعقول اقامة عدالة على الواجبات دون الحقوق، فلا يتقبل الناس عدالة تغيب فيها الحقوق، اذ يرهق المجتمع كاهل أفراده بجملة من الواجبات و هذا يؤدي الى حصول التذمر و قد تحدث اضطرابات و ثورات من أجل الحصول على الحقوق (الاستغلال).
التركيب:العدالة تقوم على التوفيق بين الواجبات والحقوق.ان العبرة ليست بأسبقية أحدهما على الأخر و إنما بإحداث اتزان و توازن بينهما، فبقدر ما يقوم الفرد بواجبات بقدر ما ينال حقوقا في مقابلها تتماشى مع طبيعة هذه الواجبات.
_كما أن القوانين الوضعية الحالية بواجبات مقابل حقوق معينة، واذا كان الحق ادعاءا تم تبريره بواسطة المجتمع فالواجب يعد بمثابة الالتزام ،يلزم الفرد ذاته به في مقابل التمتع بالحق الذي يحدده المجتمع، وكل هذا يهدف الى الصالح العام و من ثم تحقيق العدالة الاجتماعية.

حل الإشكاليةنخلص إلى أن العبرة في العدالة ليست بأسبقية الحق أو العكس و إنما بإحداث نوع من الاتزان المعقول بين ما يقوم به الفرد منواجبات و بين ما يتمتع به من حقوق، سواءا حدد الحق قبل الواجب أم حدد الواجب أولا ثم في مقابله حدد الحق ، فالعبرة في إحداث نوع من المساواة دون تغليب أحدهما على الأخر.



:هل الشعور كافٍ لمعرفة كل حياتنا النفسية ؟ جدلية .
i – طرح المشكلة :ان التعقيد الذي تتميز به الحياة النفسية ، جعلها تحظى باهتمام علماء النفس القدامى والمعاصرون ، فحاولوا دراستها وتفسير الكثير من مظاهرها . فاعتقد البعض منهم ان الشعور هو الاداة الوحيدة التي تمكننا من معرفة الحياة النفسية ، فهل يمكن التسليم بهذا الرأي ؟ او بمعنى آخر : هل معرفتنا لحياتنا النفسية متوقفة على الشعور بها ؟
ii – محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الاطروحة :يذهب انصارعلم النفس التقليدي من فلاسفة وعلماء ، الى الاعتقاد بأن الشعور هو أساس كل معرفة نفسية ، فيكفي ان يحلل المرء شعوره ليتعرف بشكلٍ واضح على كل ما يحدث في ذاته من احوال نفسية او ما يقوم به من افعال ، فالشعور والنفس مترادفان ، ومن ثـمّ فكل نشاط نفسي شعوري ، وما لا نشعر به فهو ليس من انفسنا ، ولعل من ابرز المدافعين عن هذا الموقف الفيلسوفان الفرنسيان " ديكارت " الذي يرى أنه : « لا توجد حياة أخرى خارج النفس الا الحياة الفيزيولوجية » ، وكذلك " مين دو بيران " الذي يؤكد على أنه : « لا توجد واقعة يمكن القول عنها انها معلومة دون الشعور بها » . وهـذا كله يعني ان الشعور هو اساس الحياة النفسية ، وهو الاداة الوحيدة لمعرفتها ، ولا وجود لما يسمى بـ " اللاشعور " .
1-ب- الحجة :ويعتمد انصار هذا الموقف على حجة مستمدة من " كوجيتو ديكارت " القائل : « أنا أفكر ، إذن أنا موجود » ، وهذا يعني ان الفكر دليل الوجود ، وان النفس البشرية لا تنقطع عن التفكير الا اذا انعم وجودها ، وان كل ما يحدث في الذات قابل للمعرفة ، والشعور قابل للمعرفة فهو موجود ، اما اللاشعور فهو غير قابل للمعرفة ومن ثـمّ فهو غير موجود .
اذن لا وجود لحياة نفسية لا نشعر بها ، فلا نستطيع ان نقول عن الانسان السّوي انه يشعر ببعض الاحوال ولا يشعر بأخرى مادامت الديمومة والاستمرار من خصائص الشعور .
ثـم إن القول بوجود نشاط نفسي لا نشعر به معناه وجود اللاشعور ، وهذا يتناقض مع حقيقة النفس القائمة على الشعور بها ، فلا يمكن الجمع بين النقيضين الشعور واللاشعـور في نفسٍ واحدة ، بحيث لا يمكن تصور عقل لا يعقل ونفس لا تشعر .
وأخيرا ، لو كان اللاشعور موجودا لكان قابلا للملاحظة ، لكننا لا نستطيع ملاحظته داخليا عن طريق الشعور ، لأننا لا نشعر به ، ولا ملاحظته خارجيا لأنه نفسي ، وماهو نفسي باطني وذاتي . وهذا يعني ان اللاشعور غير موجود ، وماهو موجود نقيضه وهو الشعور .
1-جـ- النقد :ولكن الملاحظة ليست دليلا على وجود الاشياء ، حيث يمكن ان نستدل على وجود الشئ من خلال آثاره ، فلا أحد يستطيع ملاحظة الجاذبية او التيار الكهربائي ، ورغم ذلك فاثارهما تجعلنا لا ننكر وجودهما .
ثم ان التسليم بأن الشعورهو اساس الحياة النفسية وهو الاداة الوحيدة لمعرفتها ، معناه جعل جزء من السلوك الانساني مبهما ومجهول الاسباب ، وفي ذلك تعطيل لمبدأ السببية ، الذي هو اساس العلوم .
2-أ- عرض نقيض الاطروحة : بخلاف ما سبق ، يذهب الكثير من انصار علم النفس المعاصر ، ان الشعور وحده ليس كافٍ لمعرفة كل خبايا النفس ومكنوناتها ، كون الحياة النفسية ليست شعورية فقط ، لذلك فالانسان لا يستطيع – في جميع الاحوال – ان يعي ويدرك اسباب سلوكه . ولقد دافع عن ذلك طبيب الاعصاب النمساوي ومؤسس مدرسة التحليل النفسي " سيغموند فرويد " الذي يرى أن : « اللاشعور فرض رائعية لازمة ومشروعة .. مع وجود الادلة التي تثبت وجود اللاشعور » . فالشعور ليس هـو النفس كلها ، بل هناك جزء هام لا نتفطن – عادة – الى وجوده رغم تأثيره المباشر على سلوكاتنا وأفكارنا وانفعالاتنا ..
2-ب- الحجة :وما يؤكد ذلك ، أن معطيات الشعور ناقصة ولا يمكنه أن يعطي لنا معرفة كافية لكل ما يجري في حياتنا النفسية ، بحيث لا نستطيع من خلاله ان نعرف الكثير من أسباب المظاهرالسلوكية كالاحلام والنسيان وهفوات اللسان وزلات الاقلام .. فتلك المظاهر اللاشعورية لا يمكن معرفتها بمنهج الاستبطان ( التأمل الباطني ) القائم على الشعور ، بل نستدل على وجودها من خلال اثارها على السلوك . كما أثبت الطب النفسي أن الكثير من الامراض والعقد والاضطرابات النفسية يمكن علاجها بالرجوع الى الخبرات والاحداث ( كالصدمات والرغبات والغرائز .. ) المكبوتة في اللاشعور.
2جـ - النقد :لكن مدرسة التحليل النفسي قد أبانت فعالية اللاشعور في الحياة النفسية ، لكن اللاشعور يبقى مجرد فرض رائعية قد تصلح لتفسير بعض السلوكات ، غير أن المدرسة النفسية جعلتها حقيقة مؤكدة ، مما جعلها تحول مركز الثقل في الحياة النفسية من الشعور الى اللاشعور ، الامر الذي يجعل الانسان اشبه بالحيوان مسيّر بجملة من الغرائز والميول المكبوتة في اللاشعور.
3- التركيب :وهكذا يتجلى بوضوح ، أن الحياة النفسية كيان معقد يتداخل فيه ماهو شعوري بما هو لاشعوري ، أي انها بنية مركبة من الشعور واللاشعور ، فالشعور يمكننا من فهم الجانب الواعي من الحياة النفسية ، واللاشعور يمكننا من فهم الجانب اللاواعي منها .
Iii– حل المشكلة :وهكذا يتضح ، أن الانسان يعيش حياة نفسية ذات جانبين : جانب شعوري يُمكِننا ادراكه والاطلاع عليه من خلال الشعور ، وجانب لاشعوري لا يمكن الكشف عنه الا من خلال التحليل النفسي ، مما يجعلنا نقول أن الشعور وحده غير كافٍ لمعرفة كل ما يجري في حيتنا النفسية .



هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟
طرح الإشكالية:
يختلف الباحثون في تصورهم لمعيار الحقيقة ومن أبرز المعايير التي اشتهرت في هذا الصدد معيار التطابق ومعيار الوضوح ومعيار النفع ومعيار الذات البشرية وانتشر القول في القرون الوسطى مع المدرسين ومحتواه أن الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع فالتفكير يكون صحيحا عندما يكون نسخة من الواقع والوفاء للنسخة بالنسبة للنموذج مقترح هو الذي يحدد الحقيقة إلا أن هذا التصور ليس دقيقا وليس واضحا كل الوضوح فهو يثير المشاكل أكثر مما يحلها ولذلك نكتفي بالبحث في المقاييس الأساسيين الوضوح أو البداهة والنفع أو النجاح فبالنسبة للعقليين يعتقدون أن معيار الحقيقة هو الوضوح أو البداهة في حين يرى البرغماتيون بأن مقياس الحقيقة هو النفع أو النجاح وعليه يمكننا طرح التساؤل التالي: هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟
محاولة حل الإشكالية:
عرض منطوق المذهب الأول:الحقيقة تقاس باعتبار الوضوح ومن ممثلي هذا الطرح ديكارت،سبينوزا.
الحجة:يرى أصحاب هذا الطرح أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدوا ضرورية واضحة بذاتها،كقولك الكل أكبر من الجزء أو إن الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين حيث كان ديكارت لا يقبل مطلقا أي شيء على أنه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه كذالك ويعتقد بأنه يجب على الإنسان أن يتجنب الشرع والتشبث بالآراء السابقة وعليه أن يأخذ من أحكامه ما يمثله الفعل بوضوح تام وتمييز كامل بحيث لا يدع مجال للشك فيه وانتهى ديكارت إلى قضيته المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود" فوجدها واضحة أمام جميع افتراضات صحيحة كل الصحة بالضرورة وهي تزيد صحة كلما نطق بها وأمعن النظر فيها ويقول لاحظت أنه لا شيء في قولي أنا أفكر إذن أنا موجود يضمن لي أني أقول الحقيقة إلا كوني أراه بكثير من الوضوح أن الوجوب واجب التفكير فحكمت بأني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحة كلها ويقول "إني أشك ولكن مالا أستطيع الشك فيه هو أني أشك وأن الشك تفكير" ويساند هذا الطرح سبينوزا الذي يرى أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن الحقيقة فهل كما يقول أنه يمكن أن يكون شيء أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيار الحقيقة؟ فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات كذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب والفكرة لا تكون صادقة إلا إذا كانت مطلقة تفرض رائع نفسها على الجميع فالفكرة الصحيحة هي التي لا تتناقض مع مبادئ العقل الفطرية.
النقد:إن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح يجعلنا نلجئ إلى معيار ذاتي للحقيقة قد نحسب بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح لكن قد يحدث أن يقف أحدنا بعد ذلك على خطأ وقد يحدث لأحدنا أن يرى بديهيا ما يتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية. فالوضوح في هذه الحالة ليس محك الصواب وإنما توافق القضية المطروحة لميول الفرد وآرائه هو الذي يجعلها صحيحة وواضحة إنه مقياس ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية والدليل على ذلك أن الكثير من الآراء تجلت صحتها وهي واضحة فترة من الزمن وقد أثبت التفكير بطلانها ولقد آمن الناس مدة طويلة بأن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة تدور حولها سائر الكواكب ثم دحضت الأبحاث الدقيقة مثل هذا الاعتقاد الخاطئ بل أن البديهيات الرياضية قد ثبت اليوم أن الكثير منها يقوم على افتراضات ولو كان الشعور بالوضوح كافيا ليحمل العقول كلها على الأخذ بالقضايا الواضحة فلماذا تقابل الحقائق الجديدة في بداهة الأمر بغضب شديد كما هو الشأن بالنسبة لغاليلي الذي أعلن بأن الأرض ليست ثابتة وباستور الذي قام بمحاربة فكرة التولد العفوي إن الأفكار الواضحة في غالب الأحيان كما يقول أحد الفلاسفة "أفكار ميتة"إذن يمكن اعتبار الوضوح مقياس للحقيقة لكن هناك مقاييس أخرى.
عرض منطوق المذهب الثاني:الذي يرى أن الحقيقة تقاس باعتبار المنفعة ومن ممثلي هذا الطرح "بيرس،أوليام جيمس،جون ديوان".
الحجة:يرى أصحاب المذهب البرغماتي أن الحكم الصادق يحمل أن يكون صادقا متى دلت التجربة على أنه مقيد نظريا وعمليا وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتمييز صدق الأحكام من باطلها حيث يقول بيرس "إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج"أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في ذاتها، إن تصورنا لموضوع ما هو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر ويرى بيرس أن معيار الحقيقة هو المنفعة فالفكرة الصادقة هي التي تفيدني من الناحية العملية والفكرة الكاذبة هي التي تحقق لي نفعا، ويرى ويليام جيمس أن النتائج أو الأفكار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو مقياس صوابها وإذا أردنا أن نحصل على فكرة واضحة لموضوع ما علينا إلا ننظر إلى الآثار العملية التي نعتقد أنه قادر على أن يؤدي إليها والنتائج التي ننتظرها منه ورد الفعل الضار الذي ينجم عنه والذي يجب أن نتخذ الحيطة بإزائه ومعنى هذا أن الحق لا يوجد أبدا منفصل عن الفعل أو السلوك فنحن لا نفكر في الخلاء وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقائق مطلقة بل هناك مجموعة متنوعة ومختلفة ومتعددة من الحقائق التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته ويقول وليام جيمس"إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي وأن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة وما هو صالح لأفكارنا ومفيد لنا بأي حال من الأحوال فهو حقيقي "ويضيف "الحق ليس إلا التفكير الملائم للغاية كم أن الصواب ليس إلا الفعل الملائم للسلوك"أي أن معيار الحقيقة هو النجاح كما يضرب جيمس مثالا فيقول "يمكنك أن تعتبر العدد27 مكعب العدد03 أو حاصل ضرب9×3 أو حاصل جمع 26 +1 أو باقي طرح 73 من 100 أو بطرق لا نهاية لها وكلها صادقة"ويرى جون ديوان أن الفكرة مشروع عمل والحقيقة تعرف من خلال نتائجها والأفكار الحقيقية أدوات ناجحة لمواجهة مشكلات الحياة،فالفكرة الدينية حقيقة إذا كانت تحقق للنفس الإنسانية منفعة كالطمأنينة والسعادة والفكرة الاقتصادية حقيقة إذا كانت تحقق الرفاهية المادية فالأشياء تكون حقيقة حسب المنفعة التي تستهدفها وتحققها إذن معيار الحقيقة حسب البرغماتية هو الغايات والنتائج وليس المبادئ والأولويات فالعمل يقاس بنتائجه وهكذا تعرف البرغماتية الحقيقة وتحولها من حقيقة الفكر إلى حقيقة العمل.
النقد:إن معيار الحقيقة إلى النجاح ( المنفعة ) ليس أكثر تجديدا من القول بمعيار الوضوح لأن القول بمعيار النجاح قول سلبي عن الحقيقة وليس قولا إيجابيا،ذلك أن أنصار البرغماتية إنطلقوا من أن القضايا التي لها آثار عملية قضايا حقيقية أو صحيحة لكن ما يعاب عليهم أنهم أخلطوا بين المجال النظري والمجال العملي بدليل أن هناك أفكار نافعة ولكنها غير مطبقة وهناك أفكار غير نافعة ولكنها مطبقة ثم إن مقياس الحقيقة لا يمكن أن يكون المنفعة كما يقر البرغماتيون لأن الحقيقة التي تؤكدها نتائجها ومنافعها هي قبل كل شيء مسألة ذاتية متقلبة من فرد لآخر ومتعارضة بين هذا أو ذاك ما دامت المصالح متعارضة. فكيف يبني العلم ما يؤسس على مبادئ ؟ ثم أن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هي منفعة الفرد خاص الذي يفكر أم منفعة الجماعة ومن هي هذه الجماعة وما هي حدودها؟ وفي حالة عدم دقة المفهوم تتضارب المنافع وتتناقض ثم إن هذا المذهب يرفض الحقيقة المطلقة.
التجاوز:إن معيار الحقيقة لا يمكن حصره في الميدان الذي يرتضيه أنصار الوضوح أو تأسيسه على أساس المنفعة كما زعمت البرغماتية فمعيار الحقيقة هو الوضوح والمنفعة وإن كلا المعيارين نسبي ومحدود ومعرض للتغيير وهناك من تجاوز هذا الطرح وهم أصحاب المذهب الوجودي الذين يقرون بأن مجال الحقيقة الأول هو الإنسان المشخص في هذا الوجود الحسي كما يرى سارتر وليس الوجود المجرد كما ترى الفلسفات الكلاسيكية وحقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته لأنه في بداية الأمر لا يمتلك ماهيته فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره ولكنه أيضا محكوم عليه بأن يموت والحقيقة الأولى إلي يجب التركيز عليها هي ممارسة هذه التجربة التي تجمع بين الحياة والموت وما ينتج عنهما من محن القلق والآلام وثقل المسؤولية.
الخاتمة :إن معيار الحقيقة يبقى في النهاية معيار نسبي منزه من كل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ( الوضوح ) أو إطار نفعي مادي إنه في كلمة وجيزة الموضوعية العالية الثابتة مع العلم أن الحقيقة أنواع كالحقيقة الرياضية التي يرتد معيارها الموضوعي إلى إثباط الحقائق الجزئية من المقدمات الأولية والحقيقة العلمية أو الفيزيائية التي يعود معيارها إلى التجربة.:


مقالة فلسفية - اللغة والفكر

اللغة والفكرمقالة جدلية حول العلاقة بين الإنسان على التفكير وقدرته على التعبير

المقدمة :
طرح الإشكالية
يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟

التحليل:
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة(الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لايوجد توازن بين لا يملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال << ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني >> ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسي بركسون الذي قال << الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية >>وبهذه المقارنة أن اللغة لايستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما . النقد
هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .

عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الواحدي ) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ماتملكه من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال << الألفاظ حصون المعاني وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولايمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة>>
النقد
هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لاكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .

التركيب : الفصل في المشكلة

تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا << نحن لانفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة >>

الخاتمة: حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل .



https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/482113_236967293114455_1193518507_n.png (http://www.dzbatna.com)
©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى (http://www.dzbatna.com)©

استعمل مربع البحث في الاسفل لمزيد من المواضيع


سريع للبحث عن مواضيع في المنتدى